ترجمة وتحرير نون بوست
قدمت مرشحة حزب الجبهة الوطنية المتطرف “مارين لوبان”، 144 مقترحا من برنامجها الانتخابي لخوض غمار السباق نحو قصر الإليزيه. وتجدر الإشارة إلى أن برنامجها الانتخابي يرتكز أساسا على نقطتين مهمتين؛ إما الخروج من منطقة اليورو، أو التقليص من عدد المهاجرين القادمين سنويا لفرنسا.
وفي الواقع، اشتد التنافس بين الأحزاب الفرنسية، قبيل إعطاء “الضوء الأخضر” لإعلان بداية الانتخابات الرئاسية الفرنسية، المزمع إجراؤها هذه السنة. وبالنسبة لمرشحة اليمين المتطرف “مارين لوبان”، فقد أزاحت اللثام عن 144 مقترحا من برنامجها الانتخابي، خلال مؤتمر نظم يوم 4 شباط/فبراير، في قصر المؤتمرات بمدينة ليون.
برنامج اقتصادي “أملس”
يحتوي برنامج “مارين لوبان” على عدة مقترحات، تتداخل مع بعضها البعض، فالمقترح رقم “12” يدعو إلى “إعادة تركيز أسس جديدة للأمن، دون المس بحرية الفرد”، بينما يدعو المقترح “121” إلى “بناء حاملة طائرات عسكرية ثانية، وإطلاق اسم “ريشيليو” عليها؛ وهو الكاردينال الفرنسي الشهير، الذي تحافظ “لوبان” على صورة جدارية له في مقر حملتها الانتخابية.
غيرت “لوبان” من برنامجها الاقتصادي، لإرضاء المتقاعدين؛ حيث أن هذه الطبقة من الشعب الفرنسي تشكل نسبة هامة من الناخبين
ومن جهتها، غيرت “لوبان” من برنامجها الاقتصادي، لإرضاء المتقاعدين؛ حيث أن هذه الطبقة من الشعب الفرنسي تشكل نسبة هامة من الناخبين، الذين يدلون بأصواتهم خلال أية مناسبة انتخابية. في المقابل، لا يحظى حزب الجبهة الشعبية غالبا بأصوات هذه الطبقة.
ومن جانب آخر، وخلال سنة 2012، تمحور برنامج الجبهة الاقتصادي حول مقترح واحد، وهو “الخروج من منطقة اليورو”. أما الآن، فقد ألغت “لوبان” كلمة “يورو” نهائيا من خطاباتها، إذ أصبحت تنادي “بإحياء التداول بالعملة الوطنية الفرنسية، الذي من شأنه أن يعزز القدرة التنافسية، وينعش اقتصاد فرنسا”.
كما يظهر على برنامج “لوبان” الاقتصادي عدة مستجدات، مقارنة بسنة 2012. فعلى سبيل المثال، دعت “لوبان” مؤخرا إلى أنه “بإمكان الآباء ادخار مبلغ لأطفالهم، يقدر بحوالي 100 ألف يورو كل خمس سنوات، عوضا عن 15 سنة، دون دفع ضرائب للدولة”. وفي نفس الموضوع، بإمكان هذا المقترح أن يقلل من شأن مقترح المرشح الليبرالي “فرانسوا فيون”، الذي دعا فقط إلى التخفيض في المدة الزمنية، دون أن يخوض في مسألة الضرائب.
إحدى الصور الدعائية “لمارين لوبان”، خلال المؤتمر المنعقد يوم 4 شباط/فبراير، في قصر المؤتمرات بمدينة ليون.
الدعو ة لإصلاح دستوري ضخم
لم تخف أمينة حزب الجبهة الوطنية المتطرف، والنائبة في البرلمان الأوروبي “مارين لوبان”، حماسها لفكرة إصلاح دستوري. وقد بينت النائبة خلال تصريح صحفي أجرته مع صحيفة “لوموند” يوم الخميس الماضي، أن الإصلاح الدستوري، سيرى النور مباشرة بعد الانتخابات التشريعية، المقرر إجراؤها خلال شهر حزيران/يونيو القادم، عن طريق استفتاء منظم. والجدير بالذكر أن “لوبان” تولي أهمية كبرى لهذا الاستفتاء؛ فهو بالنسبة لها عبارة عن “أولوية وطنية”.
وفي حديث آخر، دعت “لوبان” لإلغاء منصب “الوالي” نهائيا، وتخفيض عدد نواب البرلمان الفرنسي إلى 300 نائب و200 سيناتور. وأشارت أيضا إلى أهمية حماية “التراث التاريخي والثقافي الفرنسي”، ولم توضح بعد الأسباب التي دفعتها إلى التركيز على هذا المقترح بالذات.
أما بالنسبة للأجانب، فبرنامج “لوبان” الاقتصادي لا يبشر بخير، حيث أن النائبة المتطرفة، أكدت أن كل عقد عمل لأجنبي في فرنسا سيكون مكبلا بالضرائب.
وفي سياق آخر، اختفت تماما بعض المقترحات الانتخابية التابعة للجبهة الوطنية المتطرفة، والتي أعلن عنها الحزب سنة 2012. من بينها، إعادة إدراج قانون تطبيق حكم الإعدام في الدستور، إذ دعت “لوبان” سابقا إلى إعادة إحياء هذا القانون، عن طريق استفتاء شعبي موسع، فضلا عن الجدية في تطبيق عقوبة السجن المؤبد.
لا يمكن أن تمر قضية الهجرة والمهاجرين مرور الكرام على برنامج هذا الحزب اليميني المتطرف. وفي هذا السياق، اقترحت “لوبان” تخفيض عدد المهاجرين الذين يريدون دخول التراب الفرنسي، بصفة سنوية، من 40 ألفا إلى 10 آلاف مهاجر
كما لا يمكن أن تمر قضية الهجرة والمهاجرين مرور الكرام على برنامج هذا الحزب اليميني المتطرف. وفي هذا السياق، اقترحت “لوبان” تخفيض عدد المهاجرين الذين يريدون دخول التراب الفرنسي، بصفة سنوية، من 40 ألفا إلى 10 آلاف مهاجر. وقد وعدت “لوبان” بنفس الإجراء خلال سنة 2012، إذ تعهّدت بوقف “مد المهاجرين” نحو فرنسا؛ وبقبول فقط نحو 10 آلاف مهاجر سنويا.
ومن جهة أخرى، لم تخف “لوبان” تعاطفها مع “الحركي”، مؤكدة أنه “يجب على المجتمع المدني الاعتراف بجميل الحركيين وعائلاتهم”. ودعت في المقابل إلى “مقاطعة إحياء ذكرى 19 آذار/مارس من سنة 1962″؛ وهو تاريخ إبرام معاهدة “إيفيان” لاستقلال الجزائر عن فرنسا.
وتجدر الإشارة إلى أن “الحركيين” هم الجزائريون الذين قاتلوا في صفوف الجيش الفرنسي، إبان الثورة الجزائرية. وبإمكان دعوة متعاطفة معهم “كلوبان”، أن تعيد للأذهان ذلك الشعار الاستعماري “الجزائر الفرنسية”.
ومن جانب آخر، تبدو اقتراحات “لوبان” الانتخابية مجرد حبر على ورق، فإلى الآن لم يرق برنامجها الانتخابي للدعم الجماهيري المطلوب. وفي هذا السياق، أشار منسق برنامجها الانتخابي “جون ميسيا” إلى أن “البرنامج الانتخابي لسنة 2012 لم يحقق المطلوب من دعم الجماهير. أما هذه السنة، فنحن مطالبون بالتركيز على القضايا الأكثر حساسية، ونحن لسنا مثل أولئك الذين يسجلون برنامجهم على 300 صفحة، ويستخدمون أكثر من ثلاثة آلاف معلّقة انتخابية ودعائيّة”.
الجدير بالذكر أن الإحصاءات التقديرية تشير إلى ارتفاع أعداد المتعاطفين مع الجبهة الشعبية بحوالي 1.3 في المائة خلال سنة 2017، حيث أنه من المرجح أن تبلغ هذه النسبة 2.5 في المائة مع نهاية سنة 2022.
وقد تحدث العضو السابق في “الاتحاد من أجل حركة شعبية” الفرنسي، الذي أصبح أحد الناشطين في حملة “لوبان” الانتخابية “جيروم ريفيار”، قائلا “لن نضيّع الوقت في نشر الأكاذيب، لأننا لا نملك السلطة… ولن نمنح فرصة لجماهيرنا في أن يشكوا في برامجنا الانتخابية”. وعلى الرغم من أن هذه الكلمات لم تسجل في البرنامج، إلا أنها بمثابة “حجة للإقناع”، تستغلها “مارين لوبان” كلما سنحت لها الفرصة.
المصدر: لوموند