في نوفمبر عام 2004، فازت الأديبة الفرنسية “ماري نيميه”، بواحدة من أرفع الجوائز الفرنسية التي تُمنح للروايات، ‹‹جائزة مديسيس››، عن روايتها التي نُشرت في شهر أغسطس من العام نفسه عن دار نشر جاليمار، “ملكة الصمت”.
وفي عام 2007، نشرت الروائية اللبنانية “رينيه الحايك” روايتها وتاسع أعمالها الأدبية المنشورة “صلاة من أجل العائلة” عن المركز الثقافي العربي، لتترشح الرواية لاحقا في عام 2009، للقائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية ‹‹البوكر››.
ويُمكن القول أن هاتان الروايتان اللتان نحن بصدد الحديث عنهما، يندرجتا تحت أدب التطهر –إن كان يوجد في الأدب ما يُعرف بهذا التصنيف- في محاولة جادة من الأديبتين للصفح الجميل.
الروائية الفرنسية “ماري نيميه” تحمل نسخة من روايتها “ملكة الصمت”
لكن صفح “نيميه” يختلف كليةً عن “الحايك”، فالروائية الفرنسية، قررت أن تتخلّى عن الصمت والافتتان الطفوليّ بمهارات الأب، والرداء البطوليّ الذي ألبسته له، لتُجيب على السؤال الذي تركه لها أبيها الروائي الفرنسي الشهير “روجيه نيمييه” -والذي قضى في حادث سيارة وهو في أوج مجده الأدبي، وهي لا تزال في سن الخامسة- على أحد كروت المعايدة حين قال؛ ماذا تقول ملكة الصمت؟.
ليتجسد لنا أثناء القراءة، ما سبق وأن علّق به الكاتب والأديب الفرنسي أنجلو رينالدي على هذه الرواية والتي يرى البعض أنها تنتمي لأدب السيَّر الذاتية؛ عندما قال: ‹‹حين نسمع “ماري” وهي تروي قصتها، نشعر وكأننا نستقبل اعترافاً من مسافر بالقطار يشعر بالحاجة لأن يبوح لك بشيء جاثم على صدره لأنه يعرف بأنه لن يلتقي بك ثانية على الاطلاق››، لتكون الرواية محاولة صفح، من بطلة الرواية عن أبيها!
الروائية اللبنانية “رينيه الحايك”
أما الروائية اللبنانية “رينيه الحايك”، فقد انتهجت في روايتها نفس الخط الذي استخدمه الروائي المدهش “خوان خوسيه مياس” بصورة تبدو غرائبية، في روايته المثيرة للدهشة “هكذا كانت الوحدة”، حين كتب على لسان امرأة، ما يعتريها من هواجس وما يطرأ على تفكيرها من رغبات مجنونة، تجعلها تريد أن تهدم حياتها وتبدأ من جديد، إبان مرورها بأزمة منتصف العمر، بل وتفوّق “مياس” على نفسه عندما تطرّق إلى التفتيش في مذكرات “مرسدِس” أم بطلة الرواية، ليُضفّر في بناء سردي متوازِ حياتهما معًا، ليُبيّن مدى الاختلاف الذي وصل بهن لأن يكُنّ نسخ “نيجاتيف” عن بعضهن البعض، لتترك لنا “الحايك” الرَاوية، تسرد حياة أمها “روز” منذ تيتّمت في الثامنة وحتى يوم وفاتها، لتستعترض لنا بالتوازي، حياتها هي الأخرى من خلال تركيزها على العلاقة المعقّدة جدًا التي جمعت بين الأم والابنة، لنكتشف أن هذه الكتابة التي تنضح ألمًا وجلدًا خفيًّا للذات، ما هي إلا صلاة تتلوها البطلة، من أجل أن تصفح عن نفسها!
ملكة الصمت الصغيرة وإشكالية السؤال
غلاف النسخة الأصلية باللغة الفرنسية لرواية “ملكة الصمت”
عانت “ماري” من ذكريات مشوشة، اكتشفت لاحقا أنها قد صنعتها بمخيلة طفلة، ترى كمعظم الأطفال في أبيها الراحِل كل صفات الفرسان، حيث شبّت هذه الطفلة وهي تعاني من اليُتم ومن افتقادها الشديد لأي صور مع أبيها أو ذكريات خاصة بينهما.
تحكي الأديبة الفرنسية في هذه الرواية، عن علاقتها المعقدة بأبيها، وتأثيره الخفيّ فيها، حتى بعد موته
حيث تحكي الأديبة الفرنسية في هذه الرواية، عن علاقتها المعقدة بأبيها، وتأثيره الخفيّ فيها، حتى بعد موته، فعلى سبيل المثال؛ فشلت “ماري” في أن تجتاز اختبار قيادة السيارة لأربع مرات متتالية بسبب فشلها في الضغط على مكابح السيارة في الوقت المحدد، تلك الضغطة المتأخرة على المكابح التي سبق وأن أودت بحياة أبيها.
فالأب الذي لا تذكره والذي لم يترك لها إلا ‹‹ذكريات قليلة، وبعض الكنوز تتمثل في ساعة وقلم وريشة مائلة وكارت بريدي كتب عليه بحروف بارزة: ماذا تقول ملكة الصمت؟››، وضعها بسؤاله هذا في مأزق حقيقي، فإما أن تُجيب عليه وتفقد لقبها كملكة للصمت، وإما أن تظل صامتة للأبد فتتجاهل بذلك سؤال أبيها فتفقد حبّه لها –كما يُفكّر الأطفال-.
و كحال الأطفال الذين يريدون أن يفتنوا ذويهم، تفتق ذهن “ماري”عن مخرج لهذه الإشكالية، في محاولة للحيلولة بين التجاهل المهين وفقدان اللقب. وقررت أن تقول بالكتابة؛ ‹‹أليس الروائي هو الذي يروي حكايات في صمت؟ أليس هو الذي يتحدث وهو صامت؟!››. لتكتب “ماري” في استفاضة عبر فصول هذه الرواية ردًا لأبيها وتحتفظ بلقبها كملكة للصمت.
“ماري” التي مرّت بمرحلة اكتئاب دفعتها لمحاولة الانتحار بإلقاء نفسها -بعد تناول بعض الأقراص- في نهر السين، اكتشفت أنها نفذت بالحرف ما سبق وأن قاله أبوها –ولم تكن على علم به- على سبيل الدعابة السمجة بعد مولدها مباشرة، في رسالة لأحد أصدقائه: ‹‹وضعت أمس نادين بنتاً، وللحال أغرقتُها في نهر السين كي لا أسمع شيئاً عنها في ما بعد››.. لتُصبح هذه المعلومة الصادمة، القشة التي أجبرتها على البحث عن مخرج لإشكالية فخ السؤال: ماذا تقول ملكة الصمت؟!. علّها تتخلص من ميراث الفضول الذي أورثها حسرة وغضب.
لتبدأ في رحلة التقصى عن أبيها وعلاقته بأمها، ورغبتة في إنجاب أطفال، وأراؤه اليمينية السياسية المتطرفة، وتعترف بما تركه اليُتم عليها وتأثُر مسيرتها الأدبية باسم أبيها المشهور، لتتعرى أمام قارئ تودّ لو أنه عابر ولن يتذكر ما تقول هنا بـ : ‹‹أليس من الأفضل أن يكون لنا أب ميت عوضًا عن أب يهدد بخطفك، بانتزاعك من أم تعبدها، من أب يبقر الأرائك ويحاول أن يخنق زوجته ليعود في اليوم التالي حاملاً إليها باقة كبيرة من الورود أو يصوب مسدساً على صدغ ابنه الصغير أو يحاول الانتحار؟! ››.
الحسرة التي تركها الوالد الشبح
الأديب الفرنسي “روجيه نيميه” والد الروائية “ماري نيميه”
تدوّن “ماري” في هذه الرواية رحلة البحث عن أجوبة، فتُفتش في ذاكرتها وذاكرة شقيقها “مارتان” عن ذلك الأب الشبح الذي كان يغيب كثيرًا ولم تكن له أي صورة معهما، واكتشفا موته مصادفة، لمّا رأوا صورة جسده ملطخ بالدماء ومسجى بجوار امرأة جميلة جدا، جانب سيارة مهشمة، في واجهة أحد الجرائد المعروضة في مكتبة وهما يتنزهان مع جدهما لأمها ويأكلان الأيس كريم. لتُخبرهما الأم أن “بابا” رحل، ليعتقد الإبن أنه رحل كما يرحل دائما وسيعود يوما ما.
كما لجأت في أثناء محاولتها للتحرر من قيد أسطورة الأب الزائفة، للتفتيش عن مقالات كُتبت وقت وفاته، فربما تكتمل بها قطع الأحجية التي تُكوّن الصورة الغائمة.
‹‹في الشتاء الذي أتممت فيه العاشرة، وجدت عن غير قصد نسخة صفراء من وصية والدي. أوصى الموقع أن تذهب غالبية كتبه علاوة على مجموعة أسلحته إلى بعض الأصدقاء. وأن سيارته الحمراء ستكون من نصيب امرأة نسيت اسمها، وأن يرث ابنه مارتان المجموعة الكاملة لأكسندر دوماس وسبعة عشر مجلدًا من قاموس لاروس القرن التاسع عشر بالإضافة إلى الحقوق الأدبية الخاصة ببعض أعماله. أما أنا، فكان نصيبي الحسرة››.
تبدأ “ماري” في وضع القطع الناقصة بجوار بعضها البعض لترى الصورة الكاملة التي رفضت أن تراها من قبل. فالكاتب العظيم -والذي يبدو وأنه قد سبق أقرانه وتفوق عليهم، وقرر بناءً على نصيحة الكاتب “جاك شاردون” الذي كان يكبره في العمر، أن يتوقف عن الكتابة وهو في التاسعة والعشرين، لأن غزارة أفكاره ونُضجها لا يلائم هذه الفترة الزمنية-. كان سِكّيرا تزوج أمها مجبرًا عندما حملت منه بطفل ما لبث أن مات سريعا بعد الولادة بسبب مرض وراثي انتقل إليه من الأب. وكان عنيفا يعتدي على أمها بالضرب والخنق وكارها لفكرة إنجاب أبناء ويرى أنهم مصدرًا للإزعاج. لتتحطم بذلك الأسطورة التي نسجتها “ماري” وعاشت داخلها لسنوات طويلة جدا وهي أنها وأخيها “ثمرتا حب كبير” وأن أبيها لا شك يُحبها حبًا جمًا حتى لو لم يترك لها أي شيء ولم يتذكرها أبدًا.
صلاة من أجل “روز” صاحبة القلب المشعث
غلاف رواية “صلاة من أجل العائلة”
منذ المشاهد الأولى، في رواية “صلاة من أجل العائلة”، يبدو لنا توق البطلة –التي لم يُذكر اسمها- إلى الانفصال عن صورٍ محفورة في الرأس، والهرب من أصوات مسموعة تحتل الذاكرة، صور وأصوات عالقة، لأحب الناس على قلب الرَاوية، أمها “روز”.
فتتحدث “رينيه” باستفاضة عبر صفحات الراوية عن “روز” الكادحة التي لم تعش طفولتها أبدًا، وما أن تزوجت من رجل يُحبها ويقدّرها، حتى خُطف، تاركًا لها ثلاثة أفواه مفتوحة وقلبًا داميا مُشعثا. فيبدو لوهلة أن الكاتبة معنية بالكتابة النسوية عن المقهورات الكادحات سيئات الحظ.. إلا أن خط الرواية وأسلوب السرد الذي يغلب عليه محاولات تطهر “الرَاوية”، يُبعدنا عن الكتابة النسوية ويجرّنا نحو خط السيرة الذاتية التي صادف أنها عن امرأة كادحة، مغلوبة على أمرها.
الحرب قامت هنا
صورة من لبنان إبان الحرب الأهلية اللبنانية
في الأدب اللبناني –إن صحّ هذا التعبير-، تطل الحرب برأسها، كاشفة عن وجهها القبيح حتى دون أن يتطرق لها الأدباء، الأمر الذي يبدو أنه يحدث دون الانتباه له. فَذِكر الاجتياح، والقصف وحوادث الخطف والسحل والتنكيل وكل هذه البشاعات التي حدثت في هذه البقعة التي تبدو وكأن أهلها لم تكفيهم فظائع الاحتلال، فتَحَارَبوا خمسة عشر سنة -ثم تركوا السلاح لأنهم تعبوا ويريدون أن يرتاحوا قبل أن يُعاودوا الكرة مرة أخرى، كما قال الروائي ربيع جابر على لسان “مارون” بطل راواية الاعترافات-، يحدث عفويًا، ودون قصد حتي في الروايات التي لا تُؤرخ لويلات الحرب.
“في الحرب لا يتصرف الناس كما خلقهم ربنا. يجن الخلق و يفلت الميزان. ساعتها لا يكون الشعر وحده أو الثوب مشعثاً بل يتشعث القلب || رضوى عاشور”
وهذا ما فعلته الحرب بقلب “روز” أُم الرَاوية. فالحرب التي لم تقتل أحد الأبناء أو توّرثه ندبة بشعة، أو طَرَف مبتور، امتدت للزوج العزيز وتركته في عِداد المخطوفين. لتظل “روز” وحتى آخر أيامها ورغم القلب المشعث، واثقة من عودته سليمًا معافى. ثقتها هذه التي لم تمنعها لحظة عن الخروج واللّف للسؤال عنه. الأمر الذي جعلها ترفض استصدار شهادة ملكية لقطعة الأرض التي منحتها الدولة لأهالي المخطوفين.
“لو أنّ أمّي باعت هذه الأرض واشترت شقّتها، أُفكّر. لم ترد أن ترث أبي ‹‹نرثه وهو حيّ. ما هذا الكلام الأخوَت الذي يقوله عبدو؟ نسي أنه الآن كبير العائلة. يتصل من السعودية ليقول لي هذا الكلام؟››. يبكيها قوله طويلا.
تحكي وحدها فيما تعمل في البيت، أفاجئها تخاطب أبي بصوت هامس. تسكت من إن تلمحني. وقت طويل سوف ينقضي قبل أن يهدأ خاطرها.”
صلاة لأجل التطهر و أملا في الصفح
لوحة “الصفح” للرسام ” كارل ويليام مير 1870-1938 “
خلال السرد الروائي في “صلاة من أجل العائلة”، يبدو أن بطلة الرواية، باتت تعرف الآن وبعد فوات السنين، كم كانت قاسية القلب على أمها التي خدمت في البيوت وهي بعد صغيرة لم تتجاوز الثمانية أعوام، بعد وفاة أبيها. وعاشت سنين عمرها راضية بالقليل المتاح وتخجل من أن تطلب أي شيء، وتسعى بشتى السُبُل لإرضاء أبنائها ومنحهم كل شيء، حتى التواري عن الأعين خوفًا من أن تُسبب لهم الفضيحة.
” – لا أريد الذهاب معك. ستشترين لي أشياء، كأنني في الخامسة أو في السبعين. أقولها محتجة على ذهابي للتسوق برفقتها.
– لا، أشتري ما تريدين. أشيري بإصبعك إلى المحل الذي سندخله ولن أعترض.
أدخلتها إلى محل أسمع رفاقي يحكون عنه. وَقَفت خارج غرفة القياس. لم تُعلق على ما أقيسه كما وعَدَت. تلحظ حيرتي، تقول ‹‹لا تحتاري، سنشتريها كلها، لا تحملي همًّا. كم سعرها؟››. تقول البائعة مئتان وأربعون ليرة. تخرج جرذانها القماش وتناولني الورقات المطويات بعناية. مجموعها 210 ليرات، أشدّ أمي من يدها حتى أؤلمها، أقول: لا أريد أن أبتاع أي شيء.
– اهدئي يا حبيبتي، يمكن أن تحسم لنا البائعة. سأسألها. تقترب من البائعة، ‹‹معي 210 ليرات، لا أحمل غيرها يا ابنتي، لم يعد معي حتى أجرة الطريق››. أسبقها للخارج، وتطفر الدموع في عيني. أُفكّر أنّ لا شيء سيُنسيني هذه المهانة. تناولني الكيس سعيدة لأحمله. أسبقها بسرعة كأنها فعلت بي أسوأ ما يُمكن تخيّله. حتى عندما تعثرت وهي تحاول اللحاق بي، لم ألتفت”.
وبالرغم من أن البطلة لم تعلن ندمها صراحةً، إلا أن خط السرد الذي انتهجته “الحايك” والصور التي أجادت في وصفها، والانتقال السلس ما بين الحديث عن ذكريات الأم -وكأنها تكتب سيرة أمها الذاتية- وبين حياتها الشخصية بعد الزواج من “أنطوان” والانتقال معه إلى أميركا، وبين ذكريات طفولتها وسنين صباها مع أمها و أبيها، أوضح ذلك بصورة لا تحتمل الشك، وجعل القارئ يصفح عن البطلة التي لم تُقدّر هذه الأم العظيمة حق قدرها، في وقت كانت فيه “روز” في أمس الحاجة لربتة على قلبها المفطور.
ملكة الصمت والصفح الجميل
غلاف النسخة العربية لرواية “ملكة الصمت”
في “ملكة الصمت” نرى “ماري” وقد قررت أن تصفح عن أبيها، بعد أن نبشت ماضيه واكتشفت أن الكوابيس التي عانت منها لسنوات، ما هي إلا مشاهد حقيقية وقعت في طفولتها البعيدة. قررت الروائية الفرنسية، أن تصفح عنه كي تستطيع أن تنجح في اختبار قيادة السيارة، وأن تبدأ مشروعها الأدبي العظيم دون أن تشعر بالذنب أو أنها تسرق كلمات أبيها التي تركها -بملء إرادته- كي يعود إليها بعد أن يُبعث من جديد. قررت “ماري” الصفح عن والدها لتتركه يرقد بسلام بعد مرور أكثر من أربعين عاما على وفاته، ولتستطيع أن تتذكره دائما على هذا النحو؛ ‹‹لم يكن والدي مخلوقا سهلا بالتأكيد، لكنه قط لم يمس شعرة من أبنائه››.
قررت “ماري” أن تصفح عنه لأنها ككاتبة، صارت تفهم ما يمر به الكُتاب من تبدّل في نزوات مزاجية، وما قد يصدر عنهم من كلمات مهينة وأفكار جنونية دون قصد أو رغبة حقيقية في إيذاء أحد. قررت “ماري” أن تصفح عنه، لتتحرر من ثقل الكوابيس الليلية، والخوف من أن تُخيّب آمال أبنائها أن أن تترك لهم الحسرة، ولكي تُصبح ملكة للكتابة بجانب الصمت، وتترك لنا عملا عظيما كهذا.