الحقيقة أن كل فرد فينا ليس بمعصوم من الخطأ، وإنما نُقارِب ما أستطعنا ويعتدل أحدنا بالآخر حتى نصل إلى الكمال. وإن ذلك كما يسري على الأفراد، فإنه يسري على الجماعات والفرق والأحزاب أيضاً، فلا تجتمع في جماعةٍ أو فرقةٍ أو حزباً صفات الكمال، وإنما علينا أن نُقارِب ويعتدل بعضنا بالآخر، فذلك وحده طريق الفوز والصلاح والكمال.
لأجلِ ذلك أقول لشباب جماعة الإخوان المسلمين،،
أن لبعضِ شبابِ الثورة مآخذ حقيقية على جماعة الإخوان المسلمين، ولهم في ذلك حق. فقد أخفقت الجماعة وجانبها الصواب مرات عديدة، فوالت من هو ليس أهلاً للموالاة، وأساء بعض القادة القول والفعل في أوقاتٍ كان الشباب فيها أحوج ما يكونوا إلى القول الحسن والفعل الراجح من الجماعة. فكانت خيبة ظن هؤلاء الشباب في الجماعة عظيمة بقدر ظنهم الخير فيها. فأعذروا هؤلاء الشباب على ميراث الكراهية الذي أورثتهم إياه تلك المواقف السابقة التي لا تنكرونها أنتم.
وأذكركم بأن المسئولية الكبرى إنما تقع عليكم، فذلك شأن من أراد حمل هم هذه الأمة إبتغاءً لمرضاة الله. وأذكركم أيضاً أن هؤلاء الشباب هم أنفسهم من وقفوا في الصفوف الأولى من الثورة
وأظهروا لكم ولله من أنفسهم ما يسُر. وسيتكرر ذلك إن ظنوا بكم خيراً مرة أخرى، فأصبروا على ما ترونه وتسمعوه من إخوانكم غداً، وأخلصوا النية لله وأتقوه وأحسنوا، أحسن الله لكم ولهم.
ولأجل ذلك أيضاً أقول للشباب الذي مازال يُكنُ البغضاء لأفراد جماعة الإخوان،،
أتفهم تماماً مآخذكم على الإخوان المسلمين، وأتفهم غضبكم منهم، فقد شاركت في تلك المواقع التي لم يشاركوا فيها رسمياً وأغضبني إنحياز الجماعة بعض الأوقات إلى صف الظالمين من الفلول والمجلس العسكري، غير أني أذكر أيضاً أني لم أراكم تشاركوني النزول ضد نفس الظالمين طوال 7 أشهر كاملة نال فيها الشهادة أضعاف أضعاف من نالوها جانبنا إبان فترة المجلس العسكري، وكان ما لمسته من أسباب عدم نزولكم يماثل كثيراً أسباب عدم نزول الإخوان أمام المجلس العسكري. ولا أخفيكم أن ذلك أغضبني، غير أني إخترت ألّا ألتفت إلى ما مضى فأخسر ما هو آت.
وأذكركم ونفسي، أن لدماء الشهداء -كل الشهداء- علينا حقوق، أولها ألا نضيعها في خلاف بيننا وإتهام فنفشل. وثانيها أن نحارب العدو الحقيقي الذي سقط شهدائنا أمامه، فإما أن ننتصر لهم أو نلقى ربنا على ما لاقوه عليه. وكما ذكرتهم بمآثركم فإني أذكركم أيضاً بمآثرهم يوم موقعة الجمل؛ حين وقف شباب الإخوان وأنتم صفاً واحداً ولقي بعضهم وبعضكم الله وهو راضٍ عن الآخر فربحوا. فلا تسيئوا إلى هؤلاء وهم يذوقون الموت من 7 أشهر وإن رأيتم من يسبهم فلا تشاركوهم وآثروا الصمت تكونوا مع الفائزين، عفا الله عنهم وعنكم.