لمزيدٍ من التعقيد، ولتوليد ازمات اخرى، والتي بدورها تدهور العراق بمختلف مناطقه، هو ما حدث اخيرا باعتقال القوات الحكومية رمزين من رموز الطائفة السنية في البلد وتحديدا في العاصمة العراقية بغداد، فقد قامت قوة أمنية وبعد صلاة الجمعة باعتقال الشيخين؛ محمود عبد العزيز العاني رئيس مجلس علماء العراق، وعضو المجمع الفقهي لكبار علماء ومفتي العراق، والشيخ عبد الستار عبد الجبار عضو المجمع الفقهي لكبار علماء العراق، بعد خروجهما من جامع ابي حنيفة النعمان في الاعظمية ببغداد .
و قبل ان تطلق الحكومة العراقية سراحهما بعد ساعات من الاعتقال كانت ردود الافعال حول هذا الحدث تتوالى وتؤكد على إن الاعتداء على رموز المكون السنّي أمر مقصود، تلجأ له الحكومة العراقية كل حين من أجل محاولة خلط الأوراق واثارة الفوضى على الساحة العراقية الملتهبة أصلاً والتي تشهد حربا مفتوحة على ارص الانبار، احداث تتطور بشكل مثير للقلق لدى عامة الناس وخاصتهم، ولاشك ان الحل لأزمة الانبار ومعاركها ولغيرها من ازمات العراق، لن يأتي بالاعتقال او التصعيد السياسي والعسكري تجاه مكون بعينه!، ولاشك ان اعتقال الشيخين لن يساعد في حل الازمة السياسية والعسكرية التي يشهدها البلد، بل ستساهم في تعقيدها وعلى مستويات شتى .
شيوخٌ وأئمة مساجد يعتقلون ويعذبون لقولهم احياناً، و لمنقولهم احياناً اخرى، وهذه المرة يأتي الاعتقال في صلاة الجمعة في ضل حكومة يتضح فشل نظامها السياسي يوما بعد اخر والتي تعتمد سياسة القمع والاعتقال تجاه خصومها السياسيين وائمة الدين الشرعيين غير مباليةٍ بعواقب فعلها، بأختصار؛ العراق وما يمر به منذ سنين، والذي تأزم اكثر خلال هذه الفترة يتضح المشهد المعقد ولو بصورة جزئية وفي ملامحه تجد ان هذا البلد قائم على حكومة تمن كثيراً على شعبها بأشياء خدمية تافهة، وتعتقل وتقمع من يحاول التغيير فيه او المطالبة أو الانتقاد على ما يجري من سياسة الظلم والتهميش الحاصل ف ارجاءه ه، وتمتد الاعتقالات من اعلى السلطة ممن مثلوا الشعب في الرئاسة والبرلمان، الى الأئمة والخطباء في الجوامع وساحات الاعتصام لتقول لهم فيما معناه؛ ما على المعارضين من سبيل فإما الاعتقال واما التهجير والاغتيال! وشعب في مناطق العراق لسان حاله يقول ليس لنا من الأمر شيء، إن حرمنا الحقوق بالاعتصام فبالثورة نستردها، وإن أعطيناها فمن غير كرم ولا منة هي حقوق على الحكومة توفيرها عاجلا ام آجل .
ابتلي العراقيين بساسة اذا جلسوا على عروشهم نسوا اهليهم، واعتبروا انفسهم قدِيسين، لا يجوز انتقادهم او التظاهر عليهم! فهم في آراءهم وحسب ما يتصورون كل الصواب، وفي مواقفهم الحكمة، وافعالهم واقوالهم ترفع الخلاف وتدير رحى الحق والعدل والإنسانيةّ! وهم بعيدين كل البعد هذه الاوصاف، فلم يستطع مكون كامل من الشعب وفي حراكه الشعبي والسلمي في محافظات ستة إقناع السلطة الحاكمة بتغيير بعض القوانين ولتنفيذ بعض المطالب، فلم تصلح هذه الحكومة دنيا ولم تطبق اوامر دين بحق شعب صبر وكافح كثيرا على مدار السنين .
يتخوف الكثير من المحللين والمتابعين من فتنة طائفية كبيرة، تنتهي بمعارك عشائرية وعسكرية طائفية بعد ان تدهورت الامور ومجرياتها في الانبار، في وقتٍ رسم فيه رجال العملية السياسية طريقا لهم للبقاء في السلطة غير مبالين بثمن هذا البقاء الزائل يوما من الايام، ويكون في الجانب الاخر رجال الحراك الشعبي ليضعوا طريقا لهم وللعراقيين الذين يتطلعون للتخلص الظلم والفساد المستشري في البلد، وعلى الجانبين ودون تحسب للكارثة اشعلت الحكومة العراقية الفتنة بقمع الحراك الشعبي، واعتقال ابرز الشيوخ والسياسيين من اهل السنة في العملية السياسية والحراك الشعبي لتشتعل بعدها ثورة لا يعرف امد اطفأها .