ترجمة حفصة جودة
لعدة سنوات؛ كانت قصص الفساد الكبيرة في الحكومة النيجيرية –على مستوى الاتحاد والولايات- تشغل صفحات وسائل الإعلام المحلية، أحد عوامل تأجيج الفساد –فضلاً عن إدراكه- التعتيم الكامل ومحدودية فرص الوصول إلى معلومات عن الإنفاق الحكومي، لكن هذا الأمر قد بدأ في التغيير مع قيام مجموعة من المنظمات بالتركيز على تحليل الحكومة من منظور الحقائق والبيانات بدلًا من الكلام والخطابات.
أحد هذه المنظمات “BudgIT”؛ وهي مؤسسة نيجيرية اجتماعية مدنية انشئت منذ 6 سنوات، وبدأت عمليات الاحتضان في مركز “Co-Creation Hub” أحد الشركات التنكنولوجية الرائدة في لاغوس. كانت ” BudgIT” في طليعة حملات الشفافية والمساءلة للحكومة، فقد ركزت على ضمان سهولة وصول النيجيريين إلى معلومات عن ميزانية الحكومة والإنفاق من خلال التقارير والرسومات البيانية المنشورة.
حاز عمل المنظمة على ثقة شبكة “أوميديار” –شركة استثمارية خيرية- ومؤسسة غيتس، وقرر كلاهما دعم المنظمة بمبلغ 3 مليون دولار في أواخر العام الماضي.
تحرض منظمات مثل شبكة أوميديار ومؤسسة غيتس على الاستثمار في إفريقيا للمساعدة على بناء القدرات لدعم التنمية المحلية والمؤسسات الديموقراطية، لفترة طويلة كانت هناك مخاوف من الجميع سواء المستثمرين الماليين أو المنظمات غير الحكومية لوجود نقص في الشفافية والبيانات في العديد من المؤسسات في إفريقيا –خاصة الحكومة- مما يؤدي إلى سوء اتخاذ القرارات.
حصلت نيجيريا- أكبر اقتصاد في إفريقيا- على المرتبة 136 من 176 دولة في مؤشر الفساد الذي أعدته منظمة الشفافية الدولية؛ وذلك بحصولها على درجة 28/100، يقول شانتال أويمانا –مدير إفريقيا لمنظمة الشفافية الدولية-: “يعاني الشعب النيجيري من الانحدار الاقتصادي، لذا فهم بحاجة للتأكد من أن الحكومة تستخدم جميع موادرها لصالح الخدمات العامة”، ولهذا السبب ظهرت منظمات مثل ” BudgIT”.
يقول أولوسيون أونيجبند –مؤسس مشارك لمنظمة ” BudgIT”- أن الأموال الجديدة سيتم تخصيصها لتعميق عمل المنظمة في 36 ولاية نيجيرية، وللقيام بذلك ستقوم بالتوسع في أحد مشاريعها ويُسمى ” Tracka” وهو أداة على الإنترنت تسمح للمواطنين بالتعاون مع المؤسسة ومتابعة المشاريع الانتاجية في مجتمعهم، ويضيف أونيجبند أن أقل من 20% من المشروعات المجتمعة الحاصلة على مخصصات في الميزانية قد تم تسليمها.
أما مؤسسة ” Orodata” –مؤسسة مدنية أخرى في لاغوس- فتقوم بالتركيز على تبسيط البيانات العامة، ومن الجدير بالذكر أنها طورت المتتبع ” IDP” (متتبع النازحين) وهو أداة على الإنترنت تقدم معلومات هامة عن مخيمات المشردين داخليًا في شمال شرق نيجيريا، هذه الأزمة الإنسانية التي طال مداها؛ أدت إلى توزيع مليون نيجيري –قامت جماعة بوكو حرام بتشريدهم- على مخيمات وملاجيء مزدحمة مع وجود القليل من الغذاء والكساء.
رسمت العديد من التقارير العام الماضي؛ صورة قاتمة لواقع المخيمات رغم جهود الإغاثة، يقول بلايز آبو –محلل البيانات في ” Orodata”- أن الهدف من متتبع النازحين المساعدة في توفير سياق له صلة بحجم المشكلة وكذلك تعزيز الشفافية حول عمليات الإغائة، ففي شهر ديسمبر؛ كشف مجلس الشيوخ النيجيري عن وجود احتيال في صندوق الإغاثة بمبلغ 8 مليون دولار، ويأمل آبو أن يساعد متتبع النازحين في القضاء على مثل هذه الحالات.
وبينما تعمل مؤسسات مثل ” BudgIT” و” Orodata” على مكافحة تقاليد التعتيم المؤسسي في الحكومة من الخارج، فهناك بعض الأبطال الذين يحاولون تحسين الشفافية من داخل الحكومة نفسها.
تعاني نيجيريا لمدة عام كامل من النمو السلبي عام 2016
منذ عام 2011؛ قام ييمي كال –رئيس مكتب الإحصاءات الوطني النيجيري (NBS)- بدفع الوكالة لتصبح أكثر كفاءة مع تحسين أبحاث واسعة النطاق يرافقها تقارير وعروض تفصيلية متتابعة، كُوفيء كال على عمله العام الماضي ليصبح أول شخص يحصل على هذا المنصب لدورتين متتاليتين، وحاليًا تقوم تقارير ” NBS” بتزويد الحكومة ببيانات ذات صلة تساعد على تشكيل سياسات الدولة ووضع اقتصاد نيجيريا في السياق مرة أخرى، فقد أعلنوا العام الماضي عن خروج نيجيريا من دائرة الركود الاقتصادي بعد أكثر من عقدين من الزمن.
وبالرغم من التجديدات في مكتب الإحصاءات الوطني، تظل شفافية المعلومات لعنة عقود من الثقافة التنظيمية في العديد من المكاتب الحكومية، وبالرغم من صدور قانون حرية المعلومات عام 2011؛ وهو القانون الذي يجعل السجلات والمعلومات العامة متاحة بحرية أكبر، إلا أن بعض المنظمات الناشئة مثل ” BudgIT” و” Orodata” ما زالا يكافحان في الكثير من الأحيان للحصول على معلومات أساسية من بعض الجهات الحكومية.
يقول أونيجبند: “معظم الأشخاص العاملون في المؤسسات المدنية؛ عالقون في عقلية عدم إتاحة المعلومات للجمهور، هذه العقلية من مخلفات العصر العسكري”.
المصدر: كوارتز