ترجمة وتحرير نون بوست
من المقرر أن تنطلق، يوم الثلاثاء، المراجعة القضائية الهادفة إلى وقف عملية تصدير الأسلحة البريطانية إلى المملكة العربية السعودية، نظرا لأن هذه الأسلحة قد تستخدم في عمليات قتل غير قانونية تستهدف المدنيين في اليمن، الأمر الذي يعتبر انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان.
وفي الأثناء، يدعي القائمون على الحملة المناهضة لتجارة الأسلحة، أن الغارات الجوية العشوائية التي تشنها المملكة العربية السعودية على اليمن، تعد بمثابة دليل على أن الأسلحة البريطانية قد تستعمل في ضربات عسكرية غير قانونية، التي تعتبر اختراقا واضحا للقانون الإنساني الدولي.
منذ بداية الحرب في اليمن، في مارس/آذار 2015، واجهت عمليات بيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج، مراقبة مكثفة ودقيقة. وفي الوقت ذاته، وجهت أصابع الاتهام للمملكة العربية السعودية على خلفية اضطلاعها في قتل الآلاف من المدنيين، والتسبب بكارثة إنسانية في واحدة من أكثر الدول فقرا في المنطقة.
أوصت لجنتان من ضمن اللجان البرلمانية المختارة للتنمية الدولية، بتعليق تراخيص تصدير الأسلحة للمملكة العربية السعودية، إلى أن يتم الانتهاء من التحقيق الدولي المستقل
في الواقع، تعتبر المملكة العربية السعودية أهم عميل للمملكة المتحدة في مجال تجارة الأسلحة. فمع بداية الحرب في اليمن، منح وزراء الحكومة البريطانية تراخيص لتصدير الطائرات والذخائر، وغيرها من المعدات، للمملكة العربية السعودية بقيمة تجاوزت سقف 3.3 مليار جنيه إسترليني.
وفي المقابل، يمنع قانون تجارة الأسلحة، الذي يتعامل بموجبه الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية، منح تراخيص تصدير الأسلحة، إذا كانت تمثل “خطرا واضحا” على الدول الأخرى أوفي حال تم استعمالها في عمليات من شأنها أن تتجاوز القانون الإنساني الدولي.
عموما، يشرف وزير الدولة لشؤون التجارة الدولية، ليام فوكس، على منح تراخيص الأسلحة بالتشاور مع وزارة الخارجية، ووزارة الدفاع، ووزارة التنمية الدولية.
وفي هذا السياق، صرحت المتحدثة باسم وزارة التجارة الدولية لصحيفة الغارديان أن “المملكة المتحدة تلعب دورا قياديا، في العمل على إيجاد حل سياسي للصراع الدائر في اليمن، ومعالجة الأزمة الإنسانية”.
وأضافت المتحدثة باسم وزارة التجارة الدولية أن “المملكة المتحدة تعتمد أكثر أنظمة الرقابة صرامة في العالم في مجال الصادرات. في الحقيقة، إن الصادرات الدفاعية للمملكة العربية السعودية تخضع للمراجعة المستمرة والدقيقة. لن ندلي بالمزيد من التصريحات حول هذه القضية، نظرا للإجراءات القانونية الحالية”.
ومن ناحية أخرى، كانت صفقة الأسلحة التي أبرمتها المملكة العربية السعودية، موضع انتقاد حاد ومتواصل من قبل العديد من المصادر، من بينها وزراء في الحكومة البريطانية وممثلو اللجان البرلمانية المختارة للتنمية الدولية.
في السنة الماضية، أوصت لجنتان من ضمن اللجان البرلمانية المختارة للتنمية الدولية، بتعليق تراخيص تصدير الأسلحة للمملكة العربية السعودية، إلى أن يتم الانتهاء من التحقيق الدولي المستقل، الذي فتح على خلفية المزاعم المتعلقة بانتهاك القانون الدولي من قبل السعودية. وفي الأثناء، اكتشفت اللجنتان أن التحقيقات التي أجرتها الحكومة لمعرفة استعمالات الأسلحة البريطانية، لم تكن ذات مصداقية.
ومن جهة أخرى، نشرت لجنة الشؤون الخارجية، التي رفضت التوقيع على توصية اللجنة المذكورة آنفا، تقريرها الخاص، وقالت فيه إنه “لن يتم النظر في أي قرار يتعلق بشأن صادرات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، إلا أن يتم معرفة ما ستفضي إليه قضية هذا الأسبوع”. علاوة على ذلك، دعت لجنة الشؤون الخارجية إلى إجراء تحقيق مستقل، تقوده الأمم المتحدة، حول المزاعم التي تدعي أن المملكة العربية السعودية قد خرقت القانون الإنساني الدولي.
وجهت أصابع الاتهام للمملكة العربية السعودية على خلفية اضطلاعها في قتل الآلاف من المدنيين، والتسبب بكارثة إنسانية في واحدة من أكثر الدول فقرا في المنطقة
خلافا لذلك، صرحت الحكومة البريطانية أنها لن تتمكن من التحقيق في الادعاءات الفردية، وفي الوقت ذاته سمحت لوزارة الدفاع بالاستماع إلى الادعاءات المقدمة حول هذه القضية، بهدف “بلورة نظرة شاملة حول موقف المملكة العربية السعودية”، تجاه قانون الحرب الذي “يحظر الاستهداف العشوائي للمدنيين، أو البنية التحتية المدنية”.
في الحقيقة، وحسب تقديرات الأمم المتحدة، تسبب الصراع في اليمن، في العامين الماضيين في مقتل ما لا يقل عن 4619 مدنيا، وتشريد حوالي 19 مليونا آخرين، الذين يعانون من ويلات الحرب وفي أمس الحاجة إلى المساعدة الإنسانية.
ومن المثير للاهتمام أنه قد ظهرت مزاعم أفادت أن كلا الطرفين؛ البريطاني والسعودي، متورط في جرائم حرب. فضلا عن ذلك، وصف تقرير مسرب للأمم المتحدة، في الشهر المنصرم، الاستهداف الذي لحق بالمدنيين، بأنه كان على نطاق “واسع وممنهج”، وأن التفجيرات لم تستثن المرافق الصحية والمدارس، وحفلات الزفاف ومخيمات النازحين.
في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، امتنعت الولايات المتحدة عن تصدير بعض الذخائر، التي تتميز بدقة التوجيه والتصويب، إلى المملكة العربية السعودية، في ظل تنامي مخاوفها من أن يتم إساءة استعمالها في اليمن.
المصدر: الغارديان