في الواقع، إن الحكومة الإيرانية ليست بنيانا سياسيا متراص اللبنات، إذ أنها تقوم بالأساس على نظام لامركزي، في حين يتصدر المرشد الأعلى، علي خامنئي، قمة هرم السلطة الإيرانية. لكن هذا لا ينفي أن بقية أقطاب القوة في إيران يتمتعون بنفوذ كبير بخصوص الشأن الخارجي والداخلي لإيران.
ونظرا للاختلافات القائمة بين مختلف الأطياف السياسية الإيرانية، فإن الاقتتال الداخلي حول قضايا معينة، يمكن أن تتجاوز حدته، في العديد من الأحيان، حدة الصراعات التي تخوضها إيران مع الديمقراطيات الغربية.
في معظم الوقت، تجد هذه الخلافات أرضية خصبة للنشوب خلال المناسبات الوطنية والدولية، وخير مثال على ذلك، الجدل الذي عم البلاد على خلفية مفاوضات “مجموعة خمسة زائد واحد” حول الملف النووي، التي سبقت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في إيران.
ومن ناحية أخرى، من المقرر أن تعقد الانتخابات الرئاسية القادمة الإيرانية في أيار/مايو، ولن تنطلق الحملة الرئاسية للمرشحين بصفة رسمية، سوى قبل أسابيع معدودة من موعد الانتخابات. وفي الأصل إن هذا التأخير يوعز بالأساس لعدم استكمال قائمة المرشحين، إلا قبل فترة وجيزة من بداية الحملة وموعد الاقتراع.
حثت الخطابات التصعيدية من قبل واشنطن الحرس الثوري على إجراء تدريبات متقدمة، وتطوير واختبار الصواريخ الباليستية، علاوة على أنها دفعتهم لزيادة دعمهم للحوثيين في اليمن، مع وضع برامج من أجل شن حروب رقمية
على الرغم من اقتراب موعد الانتخابات، فلم يتم الإعلان عن قائمة المرشحين الرسمية بعد. وفي الوقت ذاته لم يتحقق مجلس صيانة الدستور؛ وهو هيئة مكونة من القضاة والفقهاء ورجال الدين، من ملفات المترشحين. والجدير بالذكر أنه، خلال الفترة الفاصلة بين الترشح والانتخابات، ستبدأ المناورات السياسية في المنابر الإيرانية.
ومن المثير للاهتمام، أن الرئيس المعتدل والمؤيد للحوار، حسن روحاني، قد دخل مرة أخرى في السباق الرئاسي، وأعاد ترشيح نفسه لولاية أخرى، علما وأن حظوظه هذه المرة متوقفة، إلى حد كبير، على تقييم الإيرانيين لأدائه طيلة السنوات الماضية، وللفوائد التي درتها عليهم المفاوضات مع الغرب، والصفقة النووية التي تلت ذلك.
وفي هذا الإطار، يبدو أن المعطيات الدبلوماسية الجديدة، ستصعّب على روحاني وفريقه مهمة التفريط في الاتفاق النووي، الذي رفع عن إيران العقوبات الاقتصادية، فضلا عن أن الخطابات المتداولة حول الانسحاب من دائرة الحوار لن تجدي نفعا.
لعدة أشهر، ظل روحاني متشبثا برأيه حيال المفاوضات مع الغرب، حيث أفاد أنه كان من الأفضل لإيران أن تبقى على عهدها مع الولايات المتحدة الأمريكية في إطار الاتفاق النووي. فمن وجهة نظر روحاني، سمح هذا الاتفاق لإيران بإعادة الاندماج في المجتمع الدولي، والعمل أكثر على بناء اقتصادها، وتجنب المواجهات العسكرية.
في الوقت الراهن، وفي خضم السباق الانتخابي المحتدم، يؤمن التيار المتشدد في إيران، الذي يطمح للفوز في الانتخابات، بأن السياسة التي توختها طهران في ظل حكومة روحاني، لم تكن لها نتائج ملموسة على أرض الواقع. في المقابل، وعلى الرغم من قوة حجتهم، وعدم ارتقاء التقدم الاقتصادي الإيراني لسقف توقعات الإيرانيين، فإن روحاني لا يزال المرشح الأنسب.
في الحقيقة، يعتبر روحاني الشخص الأفضل ليشغل منصب رئاسة البلاد، إذ أن منافسيه لا يتمتعون بالقدر ذاته من الشعبية والمخزون السياسي والاجتماعي حتى يديروا الدولة. ومن المرجح أن يتغير ذلك، في حال استمر التوتر الإيراني الأمريكي على نفس الوتيرة. ومن هذا المنطلق، أصبح من الجلي أن مفتاح مستقبل إيران وروحاني في عهدة ترامب، والقرارات التي ستصدر عن الإدارة الأمريكية الجديدة.
صعود التوافق الأمريكي الإيراني وانهياره
تمكنت طهران، في عهد الرئيس الإصلاحي، محمد خاتمي، بين سنة 1997 و2005، من الانفتاح نوعا ما على واشنطن، في مبادرة هي الأولى من نوعها بعد الثورة الإيرانية.
وعلى خلفية هذا التوافق، دعمت طهران المراحل الأولى من الحملة العسكرية الأمريكية في أفغانستان، في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر. علاوة على ذلك، ساعدت الحكومة الإيرانية في عملية صياغة المسار الانتقالي السلس للسلطة في كابول، من خلال لعب دور حاسم في اتفاق “بون” سنة 2001، مما دفع التحالف الشمالي لتقديم تنازلات، والحرص على إرساء نظام سياسي جديد، يستند إلى انتخابات ديمقراطية.
فرضت الإدارة الأمريكية عقوبات جديدة على بعض الوحدات الإيرانية، المتورطة في برنامج الصواريخ الباليستية. بعيدا عن كون هذه العقوبات تجسد استمرار سياسة واشنطن التقليدية تجاه إيران
في المقابل، وإثر خطاب إدارة جورج دبليو بوش، التي وصفت من خلاله إيران ومجموعة من الدول الأخرى بأنها “محور الشر”، انهار التوافق الذي كان بين طهران والولايات المتحدة الأمريكية.
وقد تلا ذلك الخطاب، تزمت الموقف الإيراني من الجهود الأمريكية في أفغانستان، واعتماد سياسة وقائية ضد الولايات المتحدة، ليتراجع الدور الذي كانت تضطلع به في الحوار الأفغاني. وفي الوقت ذاته، أطلقت السلطات الإيرانية سراح زعيم الحرب الأفغاني، سيء السمعة، قلب الدين حكمتيار، مؤسس الحزب الإسلامي في أفغانستان. وقبل الإقدام على مثل هذه الخطوة، دخلت طهران وواشنطن في حوار حول إمكانية تسليمه إلى الحكومة الجديدة في كابول.
خلال عقد ونصف تقريبا من الجهود الأمريكية المبذولة في العراق، أدت المواقف الصارمة، المتخذة من قبل البيت الأبيض في العراق، إلى استفزاز إيران. وتجدر الإشارة إلى أن المصالح الإيرانية في العراق لا تمت بصلة للمصالح الأمريكية؛ إذ أن إيران تركز أساسا على الأمن القومي داخل البلاد، في حين وضعت الولايات المتحدة نصب عينيها أهداف أخرى، لا علاقة لها بإيران.
ونظرا لهذا المعطى، لا يمكن إلقاء اللوم على الولايات المتحدة بسبب أمور اضطلعت بها إيران في المنطقة، لكن من المعروف في تلك الحقبة، أن الحرس الثوري لم يتوان عن استفزاز القوات الأمريكية المتمركزة في العراق، في كل فرصة تتسنى له.
وفي هذا السياق، ترى الحكومة الإيرانية أن الخطاب والسياسة الأمريكية التصعيدية، أصبحت تشكل خطرا على مصالحها، مما سيدفعها إلى تعزيز تواجد الميليشيات المنتشرة في المنطقة، وتحفيزها بالإمدادات العسكرية اللازمة لاستهداف القوات الأمريكية، إذا ما تطلب الأمر ذلك. عموما، لطالما اتسم الوضع بين الدولتين، قبل ظهور تنظيم الدولة، بمثل هذه التجاذبات، فكلما صعّدت واشنطن في سياستها المعادية لإيران، زادت عدوانية الحرس الثوري.
في الآونة الأخيرة، أظهر كل من البرلمان الإيراني والكونغرس الأمريكي إعراضهما عن إنجاح سير المفاوضات النووية، حيث أصبحا عائقا في طريق إنجاح هذه الصفقة. وفي هذا الإطار، وقع السيناتور توم كوتون وحوالي 47 عضوا جمهوريا، على رسالة مثيرة للجدل، موجهة للقادة الإيرانيين، ينذرون من خلالها الجمهورية الإسلامية بإمكانية إلغاء الكونغرس والإدارة الأمريكية القادمة للاتفاق النووي، الذي صادق عليه باراك أوباما.
منذ تولي ترامب لمنصبه، أخذت الإدارة الأمريكية تتبنى مواقف متشددة ومعادية لإيران، على المستويين؛ السياسي والدبلوماسي
علاوة على موقف الجمهوريين من إيران، والتهديد بإلغاء الاتفاق النووي، وفرض المزيد من العقوبات، يبدو أن مهمة روحاني بإقناع الإيرانيين بالحيلولة دون إفشال الاتفاق قد باتت أكثر صعوبة من ذي قبل.
مزايا طهران-ترامب
منذ تولي ترامب لمنصبه، أخذت الإدارة الأمريكية تتبنى مواقف متشددة ومعادية لإيران، على المستويين؛ السياسي والدبلوماسي. ولعل ما يؤكد هذا، تغريدات الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب على “تويتر”، التي أورد من خلالها أن “إيران تلعب بالنار، ولا تدرك مدى اللطف الذي كان يتعامل به الرئيس باراك أوباما معها. لكن معي سيختلف الوضع”.
وفي السياق ذاته، أفاد الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، أن الإيرانيين “قد تلقوا الرسالة، وسيستمرون في تلقي العديد من الرسائل التحذيرية الأخرى”، وأن الإدارة الأمريكية الحالية ستكون أكثر صرامة من إدارة أوباما.
وفي وقت لاحق، حذر مستشار الأمن القومي، مايكل فلين، إيران من أن واشنطن لن تكون راضية عن “طقوس” عقد اجتماعات مجلس الأمن للأمم المتحدة، حيث أفاد أن “أيام غض الطرف عن تجاوزات إيران، وسلوكها العدائي تجاه الولايات المتحدة والمجتمع الدولي قد انتهت وولت”.
خلافا لذلك، وفي خضم هذه التصريحات النارية، الصادرة عن البيت الأبيض، لا يوجد أي مؤشر يوضح الأبعاد التي ستميز السياسة الأمريكية، أو الاتجاه الذي ستسلكه. (لم تنتهج الإدارة الأمريكية، في الوقت الحالي، سوى سياسة فرض العقوبات على الكيانات المشاركة في برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وهذا لا يمكن أن يعد بمثابة التحول الكبير، مقارنة بالوعود التي قطعها مستشارو ترامب).
من جهة أخرى، اعتقدت الحكومة الإيرانية أنها قادرة على العمل مع ترامب، أكثر من العمل مع منافسته، وزيرة الخارجية الأمريكية سابقا هيلاري كلينتون، إذ يُنظر لترامب على أنه قيادي عملي، لديه ميول نحو شؤون المال والأعمال، أراد زعزعة الوضع الراهن في واشنطن، حيث يقود هذا الأخير قاعدة التغيير لعقود من السياسة الخارجية الأمريكية.
فضلا عن ذلك، مدح خامنئي ترامب خلال حملته الانتخابية، حيث صرح أنه المرشح الذي سيحقق رغبة الناخبين في التغيير.
في المقابل، بدت هيلاري كلينتون أكثر عدوانية تجاه إيران، فخلال سباقها الأول إلى البيت الأبيض، سنة 2008، هددت علنا “بضرب وتحطيم” إيران، إن هاجمت إسرائيل، باستخدام الأسلحة النووية. وحتى عند مساندتها للاتفاق النووي مع إيران، وعدت بانتهاج أسلوب أكثر قسوة تجاه طهران.
خلال عقد ونصف تقريبا من الجهود الأمريكية المبذولة في العراق، أدت المواقف الصارمة، المتخذة من قبل البيت الأبيض في العراق، إلى استفزاز إيران
هذه الصورة الإيجابية، أو على أقل تقدير، المحايدة بخصوص ترامب، بدأت تتغير، انطلاقا من حظر السفر الإداري، الذي جعل من إيران واحدة من بين سبع دول، يمنع مواطنوها الآن من الدخول للولايات المتحدة، وصولا إلى تصريحات مستشار الأمن القومي، مايكل فلين، الأخيرة، التي أورد فيها أن الولايات المتحدة “تضع إيران في قائمة اهتماماتها”، ومن المرجح أن تغذي هذه القرارات والتصريحات غضب إيران، وقد يهدم ذلك الانطباع الذي يفيد بأن العلاقات بين البلدين قد تحسنت.
في أعقاب هذا التصريح، فرضت الإدارة الأمريكية عقوبات جديدة على بعض الوحدات الإيرانية، المتورطة في برنامج الصواريخ الباليستية. بعيدا عن كون هذه العقوبات تجسد استمرار سياسة واشنطن التقليدية تجاه إيران، واليد الحديدية التي تطبق بها على هذه الدولة، فهي تمثل أيضا تواصلا لسياسة الماضي الفاشلة. والجدير بالذكر أن الحرس الثوري الإيراني قد استغل الفرصة، ليقوم بتدريبات عسكرية، ردا على خطابات ترامب التصعيدية، وعقوباته التي فرضها على إيران.
من الملفت للنظر أن دخول ترامب للبيت الأبيض، تزامن مع بلوغ العلاقات الإيرانية الأمريكية أحسن حالاتها خلال أربعة عقود، منذ سنة 1979. فلأول مرة ربطت الدولتين علاقات عمل رائعة، على الأقل في مجال استراتيجي مهم، فضلا عن أنهما قد فتحا باب التواصل بينهما.
يمكن لترامب أن يحافظ على هذا التقدم مع بقاء حكومة روحاني، ويجعله غير قابل للتقهقر، فليس لدى طهران الرغبة أو القدرة على توجيه تهديد أمني للولايات المتحدة. بل على العكس، فإن الجمهورية الإسلامية منزعجة من الولايات المتحدة، التي تخلت عن بعض التزاماتها تجاهها. وبهذا، عززت واشنطن الدعم الشعبي لإيران، عوضا عن تنكره لها، كما ساعدت في التفاف الشعب حول المحافظين، مما سيساعد المعتدلين والإصلاحيين، الذين يسعون إلى تحسين العلاقات مع الغرب وباقي المجتمع الدولي. وفي الأثناء، ستتيح المحافظة على قناة للتواصل مع إيران بالإضافة إلى الخطابات المعتدلة، الفرصة لواشنطن حتى تشق طريقها دون تعريض مصالحها للخطر.
وفي هذا السياق، وفي سنة 2016، قبض الحرس الثوري الإيراني على 10 بحارة أمريكيين، بالقرب من إحدى قواعدها في جزيرة “فارسي” بالخليج الفارسي- العربي. وفي ذلك الوقت، اتخذت الحادثة منحا خطيرا جدا، في حين اعتُبر البحارة رهائن، وكادت تتسبب في مواجهات عسكرية بين البلدين، علما وأن حدوث مواجهة عسكرية في الخليج، يعني إقدام الحرس الثوري على غلق مضيق هرمز، مما سيترتب عنه تداعيات اقتصادية على المصالح الأمريكية وأمن حلفائها.
على الرغم من اقتراب موعد الانتخابات، فلم يتم الإعلان عن قائمة المرشحين الرسمية بعد. وفي الوقت ذاته لم يتحقق مجلس صيانة الدستور؛ وهو هيئة مكونة من القضاة والفقهاء ورجال الدين، من ملفات المترشحين
وبدلا من ذلك، عمل وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، على تهدئة الوضع بسرعة، وضمن تحرير البحارة في وقت وجيز، وذلك بفضل قناة التواصل الدبلوماسية مع وزير خارجية إيران، جواد ظريف، الذي يعتبر من بين الوزراء الإيرانيين المعتدلين.
كل هذا ما كان ليحدث، لو أن واشنطن انتهجت سياسة الخطابات التصعيدية، التي كانت ستعمق فكرة أنه لا يمكن الوثوق بالولايات المتحدة.
عموما، حثت الخطابات التصعيدية من قبل واشنطن الحرس الثوري على إجراء تدريبات متقدمة، وتطوير واختبار الصواريخ الباليستية، علاوة على أنها دفعتهم لزيادة دعمهم للحوثيين في اليمن، مع وضع برامج من أجل شن حروب رقمية.
في الوقت نفسه، قوضت هذه الخطابات جهود الإصلاحيين والمعتدلين، الذين قضوا فترات طويلة في توجيه الولايات المتحدة نحو المسائل الأساسية، الأمر الذي تسبب لهم في العديد من الخلافات مع المحافظين.
لأربعة عقود من تاريخ الجمهورية الإسلامية، لم تقنع البروباغندا المعادية لأمريكا كل الشعب أن الولايات المتحدة بذاك السوء، فما زال العديد من الإيرانيين يطمحون إلى زيارة الولايات المتحدة، واستهلاك منتجاتها، والعيش حسب مقايس ثقافتها. ولكن كل هذا قد يتغير بسرعة، إن لعبت الولايات المتحدة دور “اليد الغليظة”، من خلال مواصلتها التصعيد في خطاباتها، والدفع نحو تغيير النظام.
ومن جانب آخر، أعلن بعض المتشددين رغبته في الترشح لرئاسة إيران، وحصلوا على موافقة مجلس صيانة الدستور. لذا من الممكن القول إن هؤلاء قد يقودون العلاقات الأمريكية الإيرانية إلى دوامة التوتر أكثر من ذي قبل، فالعديد من المتشددين يرفضون الاتفاق النووي الإيراني، ويرون أن الولايات المتحدة دولة غير مرغوب فيها. وفي الأثناء، سيعملون على احباط محاولات روحاني لتحسين العلاقات مع الدول العربية المجاورة، كما سيدعمون السلوك الفظ للجمهورية الإسلامية في الشرق الأوسط.
من المقرر أن تعقد الانتخابات الرئاسية القادمة الإيرانية في أيار/مايو، ولن تنطلق الحملة الرئاسية للمرشحين بصفة رسمية، سوى قبل أسابيع معدودة من موعد الانتخابات
في نهاية المطاف، سيترتب عن خطابات إدارة ترامب التصعيدية عكس ما تهدف له؛ إذ ستزيد من ميول إيران نحو الفصائل المتشددة، وستعطي للحرس الثوري المبررات الكافية لإجراء المزيد من التدريبات العسكرية الخطيرة، والاختبارات الصاروخية، والنشاطات الرقمية، ومساندة المجموعات الإرهابية في الشرق الأوسط. علاوة على ذلك، سيكون لهذه الخطابات دور في اضعاف الطرف المعتدل في إيران، وستغلق أيضا أبواب أي نوع من الالتزامات.
ومن المثير للاهتمام أن كل هذا قد حدث في أقل من أسبوع من دخول ترامب البيت الأبيض.
وعلى ضوء كل هذه المعطيات، على هذه الإدارة أن تتعلم من أخطاء إدارة بوش، وأن تتبنى سياسة ضبط النفس بشكل أكبر، ولا يعني هذا بالضرورة أن تتصرف بضعف، أو ترفض دعوة طهران للتخلي عن أنشطتها المشبوهة، بل على العكس، لا بد من أن تتخذ التدابير اللازمة ولكن من خلال القرارات الجادة والدبلوماسية، جنبا إلى جنب مع الاتحاد الأوروبي وباقي الشركاء الفاعلين.
المصدر: فورين أفيرز