ترجمة وتحرير نون بوست
من المقرر أن تنطلق الانتخابات الرئاسية الإيرانية في أيار/مايو، ومن الأن إلى حين حلول موعد الاقتراع، سيتم دراسة ملفات المرشحين لخلافة حسن روحاني. في الفترة الأخيرة، وفي ظل احتدام المنافسة بين مختلف الأطراف السياسية، ظهر منافس جديد لروحاني في مختلف المنابر الإعلامية، وهو عزت الله ضرغامي.
في الواقع، حصل هذا المرشح الرئاسي على بكالوريوس الهندسة المدنية، ودرجة الماجستير في الإدارة الصناعية. فضلا عن ذلك، فقد شغل ضرغامي منصب مدير إذاعة جمهورية إيران.
ولد عزت الله ضرغامي سنة 1959، وعاش حياة حافلة بالإنجازات والنجاحات، حيث تم تعيينه من قبل المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، ليترأس هيئة الإذاعة والتلفزيون منذ سنة 2004 وحتى سنة 2014. ومن المعروف عن ضرغامي أنه كان عضوا في جماعة الطلاب المسلمين التابعين لخط الإمام، وشارك في عملية الاستيلاء على السفارة الأمريكية في طهران في سنة 1979.
وفي هذا السياق، أدلى ضرغامي بالتفاصيل المتعلقة بحيثيات الانقلاب، في مقابلة مع وكالة فارس للأنباء، بتاريخ 3 تشرين الثاني/نوفمبر سنة 2015.
من المرجح أن أولئك الذين أوردوا اسم ضرغامي ضمن قائمة المرشحين، يسعون إلى اعتماد سياسة المناورة أثناء الانتخابات، وليسوا مهتمين حقيقة بتقديمه للشعب الإيراني كمرشح
ونظرا لأن ضرغامي قد انضم إلى الحرس الثوري الإسلامي خلال الحرب الإيرانية العراقية، في الفترة الواقعة بين1980 و1988، فقد نقل أبرز أحداث تجربته التي خاضها خلال الصراع الدموي. وفي هذا الصدد، قال ضرغامي “كنت أقضي شطرا مهما من وقتي أثناء تواجدي ضمن الحرس الثوري الإيراني، في مجال الصناعة العسكرية، وفي إنتاج الصواريخ العسكرية اللازمة على الجبهة. أما في الوقت الحالي، تعتبر مجموعة “مصانع الشهيد حسن باقري”، التي بدأت من الصفر، أهم المؤسسات المتخصصة في الصناعة العسكرية في البلاد”.
وبعد قضاء مدة لا بأس بها في صفوف الحرس الثوري الإيراني، شغل ضرغامي منصبا في وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، وفي وقت لاحق، ترأس إذاعة جمهورية إيران الإسلامية. علاوة على ذلك، عُين ضرغامي بمنصب كبير مستشاري وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي، ونائبا عن علاقات المحافظات والانتخابات البرلمانية التابعة لوزارة الثقافة، وعضوا في مجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، بالإضافة إلى أنه شغل منصب نائب وزير الدفاع.
ومن المثير للاهتمام، أن إذاعة جمهورية إيران قد شهدت أثناء قيادة ضرغامي لهيئة الإذاعة والتلفزيون، توسيعا في نطاق نشاطها؛ لتضيف هذه المؤسسة الإعلامية المزيد من المحطات التلفزيونية والإذاعية إلى رصيدها، بما في ذلك المحطات الناطقة بلغات أجنبية، مثل قناة “بريس تي في” الناطقة باللغة الإنجليزية، وشبكة “هيسبان تي في” الإخبارية الناطقة باللغة الإسبانية. ومع ذلك، انخفضت نسبة مشاهدة القنوات التابعة لهذه الهيئة الإعلامية، خلال تلك الفترة، لأن المشاهدين في إيران كانوا يقبلون أكثر على مشاهدة القنوات الفضائية الأجنبية.
وعلى ضوء هذه المعطيات، لم يتم استثناء عزت الله ضرغامي من دائرة الجدل السياسي في إيران. ففي آذار/مارس سنة 2012، تم إدراج اسمه بالإضافة إلى 16 مسؤولا إيرانيا، ضمن قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي. وفي الأثناء، استند الاتحاد الأوروبي في مزاعمه إلى نشاط ضرغامي السياسي الذي يثبت تورطه في “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”، تتعلق أساسا بتغطية الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها في سنة 2009.
وعلى خلفية تضمين أسمائهم في قائمة الاتحاد الأوروبي السوداء، مُنع كل من ضرغامي وغيره من المسؤولين الإيرانيين المستهدفين من دخول الاتحاد الأوروبي، علاوة على تجميد أصولهم وحساباتهم في الخارج.
من غير المألوف للساسة أن يفصحوا عن نواياهم الحقيقية بخصوص الترشح للانتخابات حتى آخر لحظة
وفي هذا الصدد، وجه حسن روحاني العديد من الانتقادات للنهج الذي يتبعه ضرغامي في إدارة إذاعة جمهورية إيران، في إحدى المقابلات التي أجراها مع مجلة “شلشيراغ”، التي نشرت الحوار مباشرة بعد انتخابات الرئاسية لسنة 2013، والذي قال فيه إن “شريحة كبيرة من الشباب الإيراني قد قاطعت مشاهدة هذه القنوات، منذ أن تفطنوا إلى افتقارها لقيم الصدق والنزاهة. يجدر بالإعلام مراعاة احتياجات الشعب، وعلى رأسها حاجتهم الماسة إلى محتوى إعلامي وإخباري شفاف. فمن غير المعقول أن تغطي القنوات التابعة لهذه المؤسسة الشأن الخارجي أكثر من الشأن الداخلي لإيران، فبينما تمتلئ شوارع إيران بالمحتجين على تأخر الأجور، تعرض القنوات لحظة ولادة صغير الباندا في حديقة في الصين. وبالتالي، من الطبيعي أن تتولد فكرة سلبية في أذهان الإيرانيين بشأن هذه الهيئة”.
وإثر نهاية فترة ولايته كرئيس لهيئة الإذاعة والتلفزيون، لم يتقلد ضرغامي منصبا آخر في الدولة، بل بقي، على حد قوله، يتابع مواقع الإنترنت، وخاصة الإنستغرام.
وفي مقابلة له مع وكالة “تسنيم” للأنباء، في تشرين الثاني/نوفمبر سنة 2015، أورد ضرغامي “بعد تنحي عن منصب إدارة إذاعة جمهورية إيران، تلقيت العديد من العروض من مختلف المنظمات، لكنني رفضتها لأنني أردت أن أثبت للجميع أنني لا أتقلد سوى مناصب رسمية”.
في المقابل، يبدو أن ضرغامي، من خلال الإدلاء بمثل هذا التصريح، كان ينفي ضمنيا إمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة. وفي الواقع، في 4 تشرين الأول/أكتوبر، أقر ضرغامي في مقابلة مع وكالة “تسنيم” للأنباء، أنه “لا يخطط في الوقت الراهن للدخول في السباق الرئاسي لسنة 2017، ويؤمن بدلا من ذلك بأن واجبه يقتضي دعم القوى الثورية”.
وفقا للممارسات المعهودة من قبل السياسيين الإيرانيين، فإنه من غير المألوف للساسة أن يفصحوا عن نواياهم الحقيقية بخصوص الترشح للانتخابات حتى آخر لحظة. ومن هذا المنطلق، يتم الإشارة إلى عزت الله ضرغامي في وسائل الإعلام الإيرانية على أنه مرشح محتمل في الانتخابات.
بناء على هذه المستجدات، نشرت وكالة “نسيم” للأنباء في 13 أيلول/سبتمبر، قائمة تضم ثمانية أسماء للمرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية المقبلة، التي ستعقد في أيار/مايو سنة 2017، وقد كان اسم ضرغامي ضمن هذه الأسماء المذكورة، الذي وصف على أنه من أشرس خصوم روحاني في التيار المحافظ.
وفي 11 من تشرين الثاني/نوفمبر، أشار أحد الأعضاء الأصوليين في البرلمان، أحمد بور مختار، في مقابلة له مع موقع “انتخب”، إلى أن ضرغامي قد يكون مرشحا محتملا لرئاسة الدولة. ولعل هذا ما أكده عضو أصولي آخر، في 2 من آب/أغسطس، لموقع “تبناك”، إلا أنه أفاد بأنه على الرغم من أن ضرغامي قد يكون من بين المترشحين، إلا أن حظوظه في الفوز ليست وفيرة.
وفي خضم الجدل الذي أثاره ترشح ضرغامي من عدمه، نفى هذا السياسي الإيراني هذه الإمكانية، على الرغم من تصرفاته التي توحي بعكس ذلك. خلافا لذلك، وفي أيلول/سبتمبر، دفع هذا الجدل القائم مستشار روحاني الثقافي، حسام الدين آشنا، لكتابة تغريدة على “تويتر” مفادها “نصيحة ودية للسيد ضرغامي: من الأفضل لك أن تنتظر أربع سنوات أخرى، فعندها لن يكون الوقت قد فات”.
نظرا لأن ضرغامي قد انضم إلى الحرس الثوري الإسلامي خلال الحرب الإيرانية العراقية، في الفترة الواقعة بين1980 و1988، فقد نقل أبرز أحداث تجربته التي خاضها خلال الصراع الدموي
وفي المقابل، ذكر ضرغامي في إحدى تدويناته السياسية التي نشرها على “إنستغرام”، في 24 من كانون الأول/ديسمبر، أنه “بينما كان من السهل على روحاني أن ينال منصب الرئاسة في انتخابات سنة 2013، عندما كان في موضع قوة، فإنه الآن في موقف صعب، لأنه في هذه المرحلة سيضطلع بدور المدافع عن منصبه وليس المهاجم”.
وفي هذا الإطار، يعتقد مهدي رحيمي، المحرر السياسي بوكالة مهر للأنباء، المعروفة بتوجهها الأصولي، أنه من المرجح أن يكون ضرغامي من بين المرشحين الرئاسيين. وقال رحيمي متحدثا لموقع “المونيتور”، إنه “على الرغم من أن الوقت ما زال مبكرا على تأكيد ترشح ضرغامي، إلا أن هذا الشخص لديه فرص كبيرة لتوحيد صفوف الحركة الأصولية”.
وبعيدا عن معترك التقييم السياسي للمرشحين الرئاسيين، صرح أحد النشطاء السياسيين الأصوليين، والأمين العام لحزب الخضر في إيران، حسين كنعاني مُقدم، في مقابلة له مع “المونيتور” بأن “السيد ضرغامي هو أكثر من مجرد وجه إعلامي وثقافي، ونحن لسنا على يقين بمدى انتمائه للحركة الأصولية”.
وأضاف مقدم، “الأهم من ذلك، من المرجح أن أولئك الذين أوردوا اسم ضرغامي ضمن قائمة المرشحين، يسعون إلى اعتماد سياسة المناورة أثناء الانتخابات، وليسوا مهتمين حقيقة بتقديمه للشعب الإيراني كمرشح. وعلى أية حال، لم يتم حل أحجية المرشح الأصولي في الساحة السياسية الإيرانية، لكن من المؤكد أن المرشحينِ السابقينِ اللذينِ هزما على يد روحاني في الانتخابات السابقة، سيعودان من جديد إلى السباق الرئاسي”.
المصدر: المونيتور