دأبت السلطات المصرية بعد الانقلاب على القول: “لا يوجد في مصر أي معتقلون سياسيون، وإنما كلها حالات توقيف في قضايا جنائية”، حتى صدرت تصريحات الرئيس المعين عدلي منصور الأخيرة التي قال فيها: “ناشدت السيد المستشار النائب العام هشام بركات في النظر في إجراء مراجعة لحالات المعتقلين، والحالات قيد التحقيق، وبصفة خاصة طلاب الجامعات، علي أن يتم عقب التحقيقات الإفراج عن من لم يثبت ارتكابه، أي جرائم أو أفعال يجرمها القانون”.
غير أن المتحدث باسم الرئاسة السفير إيهاب بدوي خرج بسرعة ل”يوضح” تصريح عدلي منصور ويجعله متطابقا مع ما تدعيه السلطات المصرية دائما فقال: “الرئيس منصور يقصد في خطابه بالمعتقل: الشخص المحتجز منذ لحظة إلقاء القبض عليه من الشرطة حتى عرضه على سلطات التحقيق، وفقاً للإجراءات القانونية”، مكررا العبارة التقليدية: “ليس هناك معتقلون في مصر بالمعنى الوارد في قانون الطوارئ، حيث لا يوجد بالسجون أي معتقل إداري (بدون تهمة جنائية محددة)”.
وفي المقابل قال عمرو علي الدين عضو “هيئة الدفاع عن ضحايا الانقلاب” المعارضة لخارطة الطريق التي فرضها الجنرال عبد الفتاح السيسي: “نحن إزاء خطاب من أعل رأس بسلطة الانقلاب يعترف على الهواء مباشرة بوجود حالات اعتقال سياسي”، وتابع في تصريح هاتفي لمراسل الأناضول “تبرير المتحدث باسم الرئاسة فيه خطأ قانوني فالشخص منذ لحظة القبض عليه وحتى عرضه علي النيابة يسمى محتجز، أما المعتقل فهو من يخضع للحبس ويتم التمديد له دون سقف محدد، وبدون قضية حقيقية، كما حدث مع كل معارضي الانقلاب حتى اليوم”.
وأما المتحدث باسم “حركة طلاب ضد الإنقلاب” بجامعة الأزهر شرقي القاهرة محمود الأزهري فقد اعتبر تصريحات عدلي منصور التي خصت الطلاب بالذكر “نوعا من المغازلة المرفوضة، هدفها تهدئة الأجواء مع طلاب الجامعات، وتخفيف حدة الحراك الطلابي المتصاعد ضد بطش قوات الاتقلاب”.
وأشار الأزهري إلى أن “السر في تلك المغازلة هو ماشاهدته لحراك طلابي قوي في الذكرى الثالثه لثورة 25 يناير (السبت)، وطوال النصف الأول من العام الدراسي الحالي، فضلا عن مقاطعة الشباب وعلى رأسهم طلاب الجامعات للإستفتاء على الدستور (منتصف الشهر الجاري)، لعدم اعترافهم به من الأساس”ـ كما أضاف قائلا: “لاشك أن الانقلاب واهم إن تخيل أن حراكنا المتصاعد يقتصر فقط على الإفراج عن المعتقلين.. متناسين القصاص لدماء المئات من زملائنا الشهداء والمصابين، والتي سالت من أجل المطالبة بالحرية وعودة مصر المخطوفة من أحضان الانقلاب العسكري..”.
ومن جانبه، اتفق مجدي قرقر القيادي بـ”التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب”، مع الأزهري وعلي الدين، قائلا “من حق المعتقلين أن يتم الإفراج عنهم، والحصول علي حقوقهم التي اغتصبها هذا الانقلاب”، مضيفا: “إن تجاوب رئيس هذا الانقلاب، مع هذا الحق، للتهدئة، فمن يأتي بحقوق الشهداء والمصابين الذين قضوا برصاص وخرطوش وقنابل الانقلاب؟!”.
وحسب صحيفة دايلي نيوز الأمريكية فإن عدد المعتقلين منذ الانقلاب العسكري بلغ 21 ألف و317 شخص. ونسبت الصحيفة هذا الإحصاء إلى موقع ويكي ثورة المتخصص في توثيق الثورة المصرية، الذي وثق إعتقال 2590 شخصية قيادية من الإخوان المسلمين فقط، ووثق كذلك عمليات اعتقال يومية استهدفت القواعد المعارضة للانقلاب.
وفي حين تواترت التصريحات على مدى الشهور الأخيرة على لسان مسئولين مصريين مؤكدة عدم وجود معتقلين سياسيين في السجون المصرية حاليا، من بينها تصريحات المستشار الإعلامي لرئاسة الجمهورية أحمد المسلماني، الذي قال في مؤتمر صحفي في 6 يوليو/ تموز الماضي “إن من تم القبض عليهم خلال الأيام القليلة الماضية، تم في إطار القانون، والتقاضي الطبيعي”، كما قال اللواء علي عبد المولى ممثل وزارة الداخلية في لجنة عمرو موسى لكتابة الدستور أنه “لا يوجد معتقل سياسي أو جنائي واحد في مصر، ويمكن الرجوع إلى النيابة العامة للتأكذ من ذلك”.
وأما النائب العام المصري هشام بركات المعين ما بعد الانقلاب، فقد أكد في 30 اكتوبر / تشرين أول الماضي، أنه “لا يوجد معتقل سياسي واحد في مصر، وجميع المقبوض عليهم متهمون في جرائم جنائية، يعاقب عليها قانون العقوبات، وجميعهم صادر بحقهم أوامر ضبط وإحضار”.