ترجمة حفصة جودة
بعد أن فر هذا الرجل السوري وأسرته من الحرب في سوريا عام 2016، انتهى الأمر بترحيله على يد وكالة حماية الحدود الأوروبية بدلًا من منحه اللجوء، لتواجه أسرته الصغيرة صدمةً قويةً على يد المسؤولين في اليونان.
في يوم الأربعاء، فقد الرجل قضيته التاريخية ضد وكالة الحدود الأوروبية “فرونتكس” التي استأجرت طائرة في 2016 لنقله من اليونان إلى مخيم للاجئين في تركيا.
تحدث الرجل عن هول الاستعانة بمهربي البشر للوصول إلى اليونان، ثم ترحيله إلى تركيا وبعدها الانتقال إلى العراق حيث يعيش الآن، وكيف أثرت أحداث السنوات السبعة الماضية على أسرته بشكل كبير.
قال الرجل إن الحياة في العراق صعبة للغاية على أطفاله، وأضاف “ألاحظ أن ابنتي تنسى ما تتعلمه في المدرسة، لا أعلم إن كان ذلك بسبب ما حدث، لكنه أمر سيئ”.
كان الرجل يعيش حياة جيدة في سوريا قبل الحرب، فقد امتلك 3 متاجر وشركة صغيرة لتصنيع الملابس في حلب، وقال إنه خاطر بتلك الرحلة إلى أوروبا أملًا في مستقبل أفضل لأطفاله.
دفعت الأسرة 13 ألف دولار للمهربين، وكانوا يتوقعون الوصول إلى إيطاليا بعد أن سمعوا بأن اليونان ليست المكان الأفضل لطلب اللجوء، لكن القارب بدلًا من ذلك، رسا على شاطئ ميلوس حيث أُخذوا إلى ليروس قرب السواحل التركية ثم إلى كوس حيث أُخذوا إلى مبنى في المطار وهناك تواصل معهم حرس الحدود وطلبوا منهم أن يتبعوهم.
يقول الرجل: “رأيت أشخاصًا يرتدون زيًا موحدًا يحمل اسم “فرونتكس”، لكن في ذلك الوقت لم أكن أعلم ما هي فرونتكس”، فصله الحراس عن زوجته وأطفاله الذين كانت أعمارهم آنذاك عامًا وعامين و5 أعوام و6 أعوام.
بعدها أرسلوهم على متن طائرة دون أي معلومات عن المكان الذي سيذهبون إليه، وطلبوا منهم عدم التحدث مع أي من الـ25 مسؤول الذين كانوا يحرسونهم على متن الطائرة، وفقًا لمحاميه، قال الرجل أيضًا إنهم فصلوه وزوجته عن بعضهم البعض وفصلوهم عن أطفالهم المرعوبين.
ترحيل الأسرة بعد 11 يومًا فقط من وصولهم اليونان دون تطبيق الإجراءات القانونية وفقًا للقانون الدولي للجوء، كان تصرفًا غير قانوني
يقول الرجل: “كنت مرعوبًا وخائفًا، لم أستطع أن أرى زوجتى وأبنائي، وكنت أتساءل إلى أين يأخذونهم، عندما حاولت أن أسأل الآخرين على الطائرة عما يحدث، أخبروني ألا أتحدث مع أي أحد”.
ويضيف “عندما حاولت فتح هاتفي لأرى إن كان باستطاعتي استخدام خدمات الإنترنت أخبروني أنني لا أستطيع ذلك، أما طفلي ذو العام الواحد – الذي يحتاج إلى رضاعة – فقد فصلوه عن والدته حتى أُصيب بحالة هستيرية”.
تقول محامية الرجل ليزا ماري كومب التي تعمل في شركة “Prakken d’Oliveira” ومقرها أمستردام، إن ترحيل الأسرة بعد 11 يومًا فقط من وصولهم اليونان دون تطبيق الإجراءات القانونية وفقًا للقانون الدولي للجوء، كان تصرفًا غير قانوني.
وأضافت “إن فرونتكس انتهكت حقوق الأطفال أيضًا بفصل الأبناء عن والديهم في أثناء الرحلة”.
بعد 3 سنوات من محاولة الحصول على ملفات القضية من فرونتكس، أكدت المحامية أن وكالة الحدود استأجرت طائرة لإرسال الأسرة إلى تركيا، حيث وضعوهم في مخيم العثمانية للاجئين.
يقول فليب شولر أحد محاميه الآخرين: “شعر عميلي بخداع واحتيال السلطات في اليونان، فقد أعتقد أنهم سيأخذونه إلى البر الرئيسي، لكن الأمر انتهى به في مركز احتجاز بتركيا”.
في يوم الأربعاء، رفضت محكمة العدل الأوروبية دعوى الرجل، مشيرة إلى أن فرونتكس ليست مسؤولة عن عمليات اللجوء، وردًا على الحكم قالت فرونتكس إنها لا تستطيع تقييم مزايا قرارات الإعادة، لكنها ستواصل وضع المزيد من الحراسة لضمان احترام حقوق جميع الناس.
كانت قضية الرجل مدعومة من المجلس الهولندي للاجئين، وهذه النتيجة تعد سابقة في جميع قضايا “الإعادة” في اليونان وأجزاء أخرى من البحر المتوسط.
في بداية هذا العام، طالبت سلطات الاتحاد الأوروبي اليونان بإجراء تحقيق مستقل في مقاطع الفيديو التي كشفت دون شك عن الطرد القسري لطالبي اللجوء من أراضيها.
قال الرجل السوري إنه كان مصدومًا عندما هبط من الطائرة ورأى الأعلام التركية، وقد أخذوا الأسرة إلى مخيم للاجئين حيث جلسوا في بيت متنقل بنوافذ مكسورة ودون رعاية طبية للأطفال رغم أن أحدهم مريض بالربو.
يقول الرجل: “كان وضعًا مروعًا وأطفالي مرضى، كانت هناك عيادة صغيرة مكونة من غرفة واحدة صغيرة، وعندما تفاقم الوضع الصحي لطفلي لم يقدموا لنا سوى أقراص لصداع الرأس”.
ما زاد الوضع سوءًا، خوف الأسرة من الترحيل من تركيا لأن الأوراق التي كانت معاهم في فترة العبور الأولى لم تعد صالحة، لذا فقد لجأوا مرة أخرى للمهربين واختاروا هذه المرة الذهاب إلى العراق.
يقول الرجل: “استمرت الرحلة 3 أيام للوصول إلى الحدود العراقية، من ضمنها 4 ساعات عبر الجبال وسط الثلج والجو الجليدي مع طفل رضيع وأطفال صغار”.
أما عن وضعه الآن فيقول الرجل: “الحياة صعبة للغاية، لقد تركت بلادي أملًا في الحصول على مستقبل أفضل لأولادي، لكن هذا المستقبل ليس في العراق، يجب أن تدفع فرونتكس ثمن أخطائها، تحديدًا حتى لا يتكرر ما حدث معي لأشخاص آخرين”.
المصدر: الغارديان