فجر يحيى السنوار القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، المفاجأة المدوية بعد نجاحه الكبير في انتخابات حركة حماس الداخلية التي انطلقت شهر يناير الماضي، وتربعه على عرش قيادة الحركة وانتخابه رئيسًا لمكتبها السياسي في قطاع غزة.
وبعد أسبوعين من الانتخابات الداخلية، حقق القيادي السنوار تقدمًا كبيرًا على كبار قيادات حركة حماس التاريخيين الذين يتم انتخابهم من القطاع والضفة الغربية والسجون والخارج، وأصبح مؤهلاً ليكون ضمن أعضاء المكتب السياسي المنتخبين ولمجلس الشورى.
وبحسب مصادر فلسطينية مطلعة، فإن الجناح العسكري لحركة حماس ضغط باتجاه السنوار ليكون المسؤول عن قطاع غزة لاعتبارات أمنية وتهديدات الجيش الإسرائيلي بشن عدوان محتمل على قطاع غزة.
لماذا انتخبت حماس السنوار؟
ويحظى الأسير المحرر يحيى السنوار بقبول كبير في أوساط القيادتين العسكرية والسياسية لحركة حماس، حيث إنه المسؤول عن التنسيق بين الجانبين وكان له دور كبير في ذلك خلال المواجهة العسكرية الأخيرة في قطاع غزة، وكان لاعبًا مهمًا ومؤثرًا في تحديد موقف الحركة من أي اقتراحات كانت تعرض للتهدئة وكان يدعم دائمًا مطالب ومواقف القيادة العسكرية بضرورة تنفيذ المطالب الفلسطينية.
وانتهت أول أمس انتخابات حركة حماس في قطاع غزة، بانتخاب السنوار مسؤولاً لها وعضو المكتب السياسي خليل الحية نائبًا له، بعد أسبوعين من الانتخابات بعيدًا عن إعلان أسماء المرشحين، وكذلك بصمت وسرية تامة.
ويؤكد اختيار السنوار لهذا المنصب، وفق ما قاله محللون ومراقبون بأن كتائب القسام هي التي تمتلك القرار المؤثر في حركة حماس، في حين يبقى المستوى السياسي في الواجهة أكثر اعتدالاً لإقامة العلاقة مع الإقليم والمجتمع الدولي.
واعتبروا أن تسلم السنوار لقيادة قطاع غزة يعني إعادة خارطة الحركة في القطاع وميل ميزان القوة لجهة الجناح العسكري عز الدين القسام وامتداداته الدولية، في حين يشكل القطاع الكتلة الأهم والأقوى والأكبر الوازنة في الحركة لتحديد توجهاتها العسكرية والسياسية مستقبلاً.، وتولى السنوار زمام قيادة المجلس العسكري لكتائب القسام ويسعى بكل جهد لإتمام صفقة تبادل جديدة.
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي المقرب من حركة حماس إبراهيم المدهون: “من الطبيعي ضخ دماء جديدة في المكتب السياسي للحركة مع كل دورة انتخابية”، ويرى المدهون، أن ضخ دماء جديدة قد يؤثر في بعض سياسات الحركة وستمنحها حيوية في كثير من الملفات أبرزها ملف المصالحة الفلسطينية وملف العلاقة مع الدول وخصوصًا إيران وتركيا ومصر.
وقال: “أعتقد أن التوجه الجديد سيفتح علاقات أعمق مع الجانب المصري وسيكون أكثر مرونة ووضوح في الكثير من الملفات، سيكون هناك تعزيز لصياغة الاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي وستكون قادرة على اتخاذ قرارات جريئة مع الاحتلال سواء في اتجاه المواجهة أو التهدئة”، وتابع: “ما يميز انتخابات حماس أنها تخضع لقواعد وأسس قانونية وفيها مؤسسات قوية وأهمها مؤسسة التنظيم والدعوة والجناح العسكري والأجهزة الأمنية والأذرع الإعلامية”.
وتنشر “نون بوست” تشكيلة مكتب حماس السياسي في قطاع غزة بعد الانتخابات.
– تعيين إسماعيل هنية رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس وخالد مشعل رئيسًا لمجلس الشورى.
– يحيى السنوار (خانيونس) – صلاح البردويل (خانيونس) – جواد أبو شمالة (خانيونس) – مروان عيسى (الوسطى) – أبو أسامة الكرد (الوسطى) – عطا الله أبو السبح (رفح) – إسماعيل برهوم (رفح) – أبو فكري السراج (غزة) – خليل الحية (غزة) – روحي مشتهى (غزة) – محمود الزهار (غزة) – أبو عبيدة الجماصي (غزة) – سهيل الهندي (الشمال) – فتحي حماد (الشمال) – ياسر حرب (الشمال).
من هو يحيى السنوار؟
السنوار من مواليد عام 1962 في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، استقرت عائلته فيها بعد أن هُجرت من مدينة المجدل شمالًا عام 1948، أنهى تعليمه في المدينة قبل أن يلتحق بالجامعة الإسلامية التي حصل منها على درجة البكالوريس في اللغة العربية، وكان رئيسًا لمجلس الطلبة فيها.
أسس السنوار جهاز الأمن والدعوة (مجد)، التابع لحركة الإخوان المسلمين في قطاع غزة عام 1985، وبدأ حينها بإعداد ملفات أمنية، وأجرى تحقيقًا مع عدد من العملاء، اعتقل للمرة الأولى في العام 1982، ثم أفرج عنه قبل أن يعتقل بعد ذلك بأسابيع قليلة، ويحاكم لمدة ستة أشهر “إداريًا” في سجن الفارعة، بتهمة مشاركته في النشاط الإسلامي وبناء الجامعة الإسلامية، والتقى في السجن حينها بالشهيد صلاح شحادة مؤسس كتائب القسام فيما بعد.
أعاد الاحتلال اعتقاله إداريًا في تاريخ 20-1-1988، ثم جرى نقله للتحقيق وحكم عليه بالسجن أربع مرات مدى الحياة، حيث قضى فترات طويلة في العزل الانفرادي قبل أن يفرج عنه في صفقة “جلعاد شاليط” في عام 2011.
السنوار وأسرى محررون آخرون في الحركة، استطاعوا فرض أنفسهم داخل حركة حماس، ونالوا نصيبًا كبيرًا في قيادة مؤسساتها، فتم تعيين توفيق أبو نعيم مديرًا لقوى الأمن الداخلي، كما انتخب روحي مشتهى عضوًا في المكتب السياسي لحماس (وهما شخصيتان قريبتان منه ومن الأسرى المحررين الذين قضوا سنوات طويلة بالسجون معًا).
يعتبر مراقبون السنوار أنه من “الصقور” داخل الحركة، إذ إنه يعد من الشخصيات القريبة جدًا من القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف
ويعتبر مراقبون السنوار أنه من “الصقور” داخل الحركة، إذ إنه يعد من الشخصيات القريبة جدًا من القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، كما كانت تربطه علاقة جيدة بالقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، بحكم أنهما درسا سويًا قبل أن يفترقا سياسيًا.
وللسنوار شقيق اسمه “محمد” وهو أحد أعضاء المجلس العسكري لكتائب القسام، والذي تتهمه إسرائيل بالمشاركة في عملية خطف الجندي شاليط، ولا زال من أبرز المطلوبين للاحتلال، كما أنه قائد القسام في منطقتي خانيونس ورفح.، وبعد إطلاق سراحه بأشهر أصبح السنوار ممثلاً لكتائب القسام داخل المكتب السياسي لحماس، ينقل رؤى الكتائب ومواقفها للقيادة السياسية، ليكون أشبه بـ”منسق” بينهما.
عينت حماس السنوار في يوليو/ تموز 2015 مسؤولاً عن ملف الأسرى الإسرائيليين لديها، وقيادة أي مفاوضات تتعلق بشأنهم مع الاحتلال، ويعرف عن السنوار أنه لا يظهر للعلن إلا نادرًا جدًا، في بداية شهر أيلول/ سبتمبر 2015، أعلنت الخارجية الأمريكية إدراجه على القائمة السوداء لـ”الإرهابيين الدوليين” إلى جانب روحي مشتهى ومحمد الضيف.