ترجمة وتحرير نون بوست وقد كتب المقال الأصلي كل من ديفيد وينر ومايكل آرنولد
غادر بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في أول زيارة له للبيت الأبيض للقاء الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، وقد وضع نصب عينيه جملة من المسائل أهمها التقليص من الدعم المالي والعسكري الإيراني الموجه لحلفائها في المنطقة، الذين يستهدفون إسرائيل. علاوة على ذلك، فإن نتنياهو عازم على مناقشة جملة من القضايا المثيرة للجدل وعلى رأسها حزب الله.
وفي إطار هذه الزيارة، صرح وزير الاستخبارات الإسرائيلية، يسرائيل كاتس، أن نتنياهو سيحث الولايات المتحدة على إنشاء حاجز بين الجماعات الشيعية في لبنان وإيران من خلال فرض عقوبات صارمة من شأنها أن تجعل طهران تفكر مرتين قبل أن تقدم لهم أي نوع من الدعم. وبالتالي، فإن هذا التصريح يحيل إلى الحد من نشاط الجناح العسكري التابع لحزب الله في لبنان، الذي يعتبر من قبل الديمقراطيات الليبرالية منظمة إرهابية إذ تضطلع هذه المجموعة بوظيفة حزب سياسي متجذر في المجتمع والحكومة اللبنانية.
في إحدى المقابلات الصحفية، قال كاتس إن “حزب الله يستمد قوته من إيران وهو صامد بفضل الأموال التي تضخها طهران والأسلحة المتطورة التي تزودهم بها”. وأضاف كاتس أن “العقوبات المسلطة على إيران يجب أن تشل حركة حزب الله وتكون في شكل تهديد محدق بمصالحها إن لم تتوقف عما تفعله”.
في الوقت الراهن، لا تزال السلطات الإسرائيلية تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديدا محدقا بوجودها. في المقابل، سيكون من الصعب على نتنياهو أن يفعل أي شيء حيال هذا الأمر لأن الظروف والأطر الزمنية والمكانية ليست ملائمة لنقضه
صفحة جديدة
تتمثل أهم أولويات نتنياهو من خلال أول زيارة إلى واشنطن، خلال الأسبوع المقبل، في فتح صفحة جديدة مع البيت الأبيض بعد جفاء دام ثمانية سنوات. وعلى الرغم من توتر العلاقة بحليفها التاريخي، إلا أن الدعم العسكري والمالي لإسرائيل تواصل حتى في ظل إدارة باراك أوباما، نظرا لأن أبرز أوجه الاختلاف بين كل من أوباما ونتنياهو كانت أساسا حول السياسة المتبعة مع الفلسطينيين. وتجدر الإشارة إلى أن فتور العلاقة بين الإدارة الأمريكية ونتنياهو، وفقا لإحدى الخطابات التي ألقيت في الكونغرس، كان أساسا بسبب الاتفاق النووي الشامل مع إيران، الذي كبح جماح تنفيذ البرنامج النووي لعقد من الزمن بيد أنه لم يمنعها من تخصيب اليورانيوم.
في الوقت الراهن، لا تزال السلطات الإسرائيلية تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديدا محدقا بوجودها. في المقابل، سيكون من الصعب على نتنياهو أن يفعل أي شيء حيال هذا الأمر لأن الظروف والأطر الزمنية والمكانية ليست ملائمة لنقضه، لذلك سيعمل على تركيز جهوده على هوامش هذا الاتفاق من بينها الحد من إنتاج الصواريخ، والحد من نفوذ إيران في المنطقة، الذي انجر عنه تحالف طهران مع الأسد وتدخلها في الحرب الأهلية السورية.
وبينما تتوخى الإدارة الأمريكية الجديدة خطابا عدائيا تجاه إيران، فإن الإسرائيليين يرون أن الفرصة قد حانت للعودة بالزمن إلى الوراء لاستدعاء حقبة كانت فيها واشنطن تعتبر طهران أحد أهم “محاور الشر”. وتجدر الإشارة إلى أن فرض إدارة ترامب جملة من العقوبات على إيران على خلفية تجربة الصواريخ الباليستية فضلا عن تصنيف الحرس الثوري الإيراني من بين المنظمات الإرهابية يعدّ من أوجه السياسة الأمريكية الجديدة.
وفي السياق نفسه، قال كاتس في إحدى المقابلات في تل أبيب، إنهم “يستشرفون عقد تحالف جديد في القريب العاجل مع الولايات المتحدة الأمريكية على خلفية الملفّ الإيراني”. كما أورد كاتس قائلا، “لقد أيقن الرئيس الأمريكي الجديد أن إيران تعتبر من بين كبار الدول الراعية للإرهاب في العالم”.
كل ما يتعلق بلبنان
وقعت العديد من الاشتباكات بين حزب الله والجنود الإسرائيليين مرارا وتكرارا خلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان. وقد استغرقت إحدى المناوشات شهرا كاملا من المعارك في سنة 2006، أدى على إثرها القصف الإسرائيلي إلى تشريد حوالي مليون شخص وتدمير البنية التحتية.
تتمثل أهم أولويات نتنياهو من خلال أول زيارة إلى واشنطن، خلال الأسبوع المقبل، في فتح صفحة جديدة مع البيت الأبيض بعد جفاء دام ثمانية سنوات
منذ سنة 2006، دعّم حزب الله ترسانته بصواريخ ذات جودة عالية وفعالية كبيرة ستنفعه في حربه ضد إسرائيل. وفي هذا الصدد، أشار كاتس إلى أن “حجم التهديد الذي كان يفرضه حزب الله على إسرائيل قد تضاعف مما سيجعل إسرائيل تردّ بالمثل. وبالتالي، فإن لبنان سيكون مستهدفا. وتبعا لهذا المعطى، يجب أن تكون جميع الأطراف الدولية مهتمة بإضعاف حزب الله لأن ذلك سيكون بالضرورة لمصلحتها.”
وفي حين أنه من المحتمل أن تتفق كل من الولايات المتحدة وإسرائيل على هذا تحقيق هذا الهدف المشترك، إلا أن هناك عقبة واضحة تقف في طريق تحقيق ذلك. والجدير بالذكر أن هزيمة الأسد في الحرب الأهلية السورية من شأنها أن تقطع الصلة القائمة بين إيران ولبنان. بدلا من ذلك، سيوجه جيش الأسد، المدعوم من قبل إيران وحزب الله وروسيا، ضرباته إلى المعارضة المسلحة، التي أصبحت تتلقى المدد من القوى الغربية.
من جهته، قال كاتس إن إسرائيل ستمارس الضغط على إدارة ترامب للتوصل إلى اتفاق في سوريا من شأنه أن يفضي إلى استئصال إيران وحزب الله من البلاد. لكن كيف سينجح المخطط الإسرائيلي في ظل تضاؤل نفوذ الولايات المتحدة في سوريا وتتالي هزائم حلفائها وتكبد الكثير من الخسائر، في حين أن النفوذ الروسي في تقدم؟. في المقابل، أعرب ترامب عن إعجابه بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وتحدث عن تحالف محتمل بين موسكو وواشنطن لهزيمة تنظيم الدولة في سوريا.
الروس في حاجة ماسة إلى الولايات المتحدة
اعترف كاتس أن “روسيا قد أصبحت على مقربة من محور إيران لذلك يجدر على الأمريكيين إبقاء روسيا بعيدا عن إيران، لأن “الروس يحتاجون إلى مساعدة الأمريكيين في أماكن أخرى في جميع أنحاء العالم”. علاوة على ذلك، نشأت في الآونة الأخيرة نوع من العلاقة الدبلوماسية بين نتنياهو وبوتين للحد من مصادر الصراع في سوريا، والحفاظ على الأسلحة بعيدا عن أيدي حزب الله.
سيحث نتنياهو الولايات المتحدة على إنشاء حاجز بين الجماعات الشيعية في لبنان وإيران من خلال فرض عقوبات صارمة من شأنها أن تجعل طهران تفكر مرتين قبل أن تقدم لهم أي نوع من الدعم
ومن المرجح أيضا أن يناقش نتنياهو مع ترامب كيفية التعامل مع احتمال تمكن إيران من استكمال صنع قنبلة نووية في يوم من الأيام. وعلى ضوء هذه المسألة، أشار أحد كبار المسؤولين في وزارة نتنياهو، مايكل أورين، إلى أن إسرائيل تسعى إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية وصياغة خطة مشتركة بشأن الخطوات التي يجب اتخاذها عند انتهاء الاتفاق النووي الشامل ونفاد صلاحية معظم القيود المفروضة على صلاحيات إيران النووية. في المقابل، نفت إيران في عدة مناسبات تهمة تفيد بتضمًّن برنامجها النووي أهدافا أو عناصر عسكرية.
وأضاف أورين أن “إيران على وشك أن تحظى بفرصة قانونية ستسمح لها باستكمال تطوير برنامجها النووي”. كما أعرب أوروين عن القلق الذي يساوره إزاء فترة ما بعد انتهاء الاتفاق النووي، حيث قال إن “من بين النقاط التي سيناقشها نتنياهو مع ترامب والأسئلة التي ستطرح أثناء الاجتماع، هي كيفية حماية الإدارة الأمريكية لإسرائيل من العواقب التي ستنجر عن انتهاء الاتفاق”.
المصدر: بلومبيرغ