ضجة كبيرة مثارة بشأن انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين المصرية على منصب النقيب و6 من أعضاء المجلس، على الرغم من اقتناع الجميع بحقيقة أن كل انتخابات للصحفيين، يتمخض الجبل فيها ليلد فأرًا، وتعودنا دائمًا أن تدور معارك وهمية بين مرشح للحكومة وآخر للمعارضة أو هكذا يبدو، وبمجرد وصول أي منهما للكرسي يتم تدجينه أو إرهابه، ويبقى هو والكرسي القابع عليه سواء!
صدام قلاش والنظام
مجددًا يعود الحديث عن الدور المأمول الذي تلعبه النقابة في الحياة العامة في وجود رؤيتين دائمًا ما تتصادمان بين من يقصرون دور بيت الصحفيين الأول على تقديم الخدمات والارتقاء بالمهنة، وأخرى لا ترى فى إعلان الموقف السياسي من القضايا الوطنية والذود عن الحريات العامة أي تعارض مع كون النقابة ليست حزبًا سياسيًا، وهو الموقف الذي عبر عنه النقيب الحالي يحيى قلاش، الذي فتح أبواب النقابة للمؤتمرات والندوات التي تناقش الشأن السياسي، باعتبار أن الدور التنويري هو أول مهام النقابة وصحفييها.
وهي الخطوة التي سببت صدامًا له مع النظام، لاتهامه بإيواء صحفيين متهمين في قضايا جنائية وهما الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا، وهي القضية التي انتهت بالحكم على النقيب واثنين من معاونيه جمال عبد الرحيم وخالد البلشي، بالسجن عامين مع الشغل وكفالة عشرة آلاف جنيه لوقف التنفيذ، قبل استئنافهما على الحكم المقرر نظره في 25 من شهر فبراير الحاليّ.
قلاش والبلشي وعبد الرحيم .. ثلاثي أرق النظام
دعم الإسلاميين
قلاش هو المرشح الوحيد الذي يأمل فيه شباب الصحفيين والتيار الثوري بالنقابة وكذلك الإسلاميون من أعضاء النقابة الذين سيدفعون بقوة لاستمرار قلاش نقيبًا للصحفيين، لا سيما أنه قاتل ومجلسه قدر المستطاع للدفاع عن حقوقهم المهنية والإنسانية، في ظل الدعوات العنصرية لوقف بدل التكنولوجيا الشهري لأعضاء الإخوان الذين يتقاضونه من النقابة مثل زملائهم، كما أنه رفض التنكيل بهم وفتح النقابة لأسرهم لعرض أزماتهم، وهو الأمر الذي لن يوفره ضياء رشوان أو عبد المحسن سلامة المنافسين لقلاش.
القباني .. مرشح ثوري من خلف قضبان العقرب
القباني مرشح العقرب
بعيدًا عن تلك الجدلية فإن أهم ما يهدد مجلس قلاش، حالة التنافر بين أعضاء مجلسه وعدم الفصل في أزمة انشقاق خمسة أعضاء عقب الأزمة الشهيرة مع الدولة، والذين رفضوا مطالبة النقابة لرئيس الجمهورية بالاعتذار، مما يجعل مستقبل المجلس غير مأمون العواقب، إذا ما فشل صحفيو المسار الثوري في الاستحواذ على مناصب داخل المجلس، وعلى رأسهم عمرو بدر رئيس تحرير موقع بوابة يناير والمرشح لمنصب العضوية، والذي كان أحد طرفي الأزمة الشهيرة لمجلس قلاش مع النظام، بالإضافة للزميل المعتقل بسجن العقرب الصحفي حسن القباني الذي أعلنت أسرته نيتها التقدم بأوراقه لخوض الانتخابات على عضوية مجلس النقابة، في إصرار منه أن يكون صوتًا مباشرًا لمعاناة الصحفيين المحبوسين الذين يذوقون ويلات الحبس جراء رأيهم أو ممارسة المهنة.
حيث يعاني القباني من الحبس الاحتياطي لأكثر من عامين بتهمة التخابر لصالح دولة أجنبية، والانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون، ونشر أخبار كاذبة بحسب اتهامات النيابة “المعلبة”، خصوصًا أن التجديد سيشمل أبرز 6 أعضاء من الداعمين لقلاش وهم جمال عبد الرحيم وخالد البلشي – المحكوم عليهما بالحبس معه -، وحنان فكرى وكارم محمود وأسامة داود وعلاء ثابت.
سلامة .. مرشح النظام
سلامة.. مرشح النظام
على الجانب الآخر من الصورة يأتي إعلان “مرشح النظام” وهو الوصف الدقيق للزميل عبد المحسن سلامة مدير تحرير جريدة الأهرام الحكومية، الذي أعلن أنه قرر الترشح على منصب نقيب الصحفيين انتصارًا لضميره ومهنته ولشباب الصحفيين، موضحًا أن يدرك تمامًا حجم المخاطر والتحديات التي تواجه المهنة والنقابة، ولكن اختار أن يخوض المعركة لإنقاذ المهنة والنقابة والشباب والمؤسسات من الضياع، متهمًا المجلس الحالي بالتقصير في مواجهة الأزمات التي تواجه المهنة والنقابة، وحينما سئل عن علاقته بالدولة، قال: “لازم يكون لي علاقة بالدولة أحنا مش في إسرائيل، ممكن يكون لي علاقة بالدولة لصالح الصحفيين وكرامتهم”.
في مقابل سلامة وقلاش، قد يعتبر البعض من أعضاء النقابة أن ضياء رشوان نقيب الصحفيين السابق هو “مرشح الضرورة” في الفترة الحالية، مع تيقن الكثير منهم بأن مجلس قلاش لا يمكنه الاستمرار بأي حال من الأحوال
رجال مبارك
يستند سلامة إذًا إلى دعم الدولة ورجالها في النقابة، إضافة إلى شعبية كاسحة في الأهرام تفوق أضعاف الكتل التصويتية للمنافسين الآخرين رشوان وقلاش، فضلاً عن دعم رجال مبارك الكبار، والذين يعرفون جيدًا كيف تدار لعبة الانتخابات، بالإضافة لمحاولته استغلال أزمة قلاش مع الدولة كما صرح سابقًا محملاً مجلسه المسؤولية عن كل ما تعانيه النقابة حاليًا، كونه نحى جانب الاهتمام بقضايا الصحفيين مع صحفهم، لصالح الصدام مع النظام.
محاولة للاحتواء
إن كانت علاقة سلامة بالدولة هي إحدى نقاط القوة والدعم خلال الانتخابات، وهو ما ظهر جليًا في إعلان الصحفيين المقربين من السلطة تأييدهم له، حتى إن مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق، وضع خبرته وتاريخه في خدمة البرنامج الانتخابي لسلامة، بينما ظهر أحمد موسى الصحفي والإعلامي المثير للجد في الصفوف الأولى في أثناء عقد مدير تحرير الأهرام لمؤتمره الصحفي لتقديم نفسه مرشحًا للنقابة، في مقابل ذلك فإن هذا القرب من النظام قد يتحول إلى أهم نقاط الضعف في برنامجه، كونه أحد المحسوبين على نظام مبارك وبالتالي السيسي، مما يعني أن النقابة في عهده يمكن أن تصبح بلا شخصية أو قرار أو كما يقول صحفيو النقابة الآن “في جيب النظام”، وهو ما يزعج بعض أعضاء الجمعية العمومية وخاصة تيار الشباب، الذي لا يقبل بأقل من التعامل بندية مع جميع أجهزة الدولة، وهو ما يعارضه سلامة دائمًا.
ضياء رشوان يسعى لاستغلال خوف الصحفيين من سلامة
مرشح الضرورة
في مقابل سلامة وقلاش، قد يعتبر البعض من أعضاء النقابة أن ضياء رشوان نقيب الصحفيين السابق هو “مرشح الضرورة” في الفترة الحالية، مع تيقن الكثير منهم بأن مجلس قلاش لا يمكنه الاستمرار بأي حال من الأحوال، بعد أزمته من الدولة، وبالتالي يراهن جانب كبير على رشوان خوفًا من الهيمنة الكاملة للدولة على المجلس في حال نجاح سلامة.
يدعم رشوان في هذه الانتخابات نقطتان هامتان، الأولى قربه من أبناء المؤسسات الصحفية القومية، خصوصًا هؤلاء الرافضين لفكرة انتخاب عبد المحسن سلامة، وإعادة رشوان لمنصبه الذي فقده قبل عامين أمام يحيى قلاش، والثانية هي ما يحفظه الكثير من صحفيي الصحف الحزبية من جميل لرشوان بسبب معاركه مع نظامي مبارك ومرسي، ونجاحه في زيادة بدل الصحفيين من 460 جنيهًا إلى 1380، كما استغل قربه من النظام أيضًا في الإفراج عن الصحفيين الذين كان يقبض عليهم خلال مشاركتهم في الأحداث الميدانية، وهو ما لم يتحقق في عهد قلاش.
قلاش هو المرشح الوحيد الذي يأمل فيه شباب الصحفيين والتيار الثوري بالنقابة وكذلك الإسلاميون من أعضاء النقابة الذين سيدفعون بقوة لاستمرار قلاش نقيبًا للصحفيين
مما يعني أن رشوان – ورغم علاقته المعروفة بالنظام – قد يكون البديل المقبول لسلامة في حال تم إقصاء قلاش وهو أمر متوقع بنسبة كبيرة، وهمس به العديد من الصحفيين داخل أروقة النقابة ومن بينهم من أعلن نيته منح قلاش صوته، وبالتالي قد يصبح رشوان هو ورقة الصحفيين – أو جزء منهم يرغب في تهدئة الأمور مع الدولة – لإعادة علاقة الود مع أجهزة الدولة، التي باتت ترى في النقابة خصمًا عنيفًا يجب ترويضه بكل السبل، مما ينذر بصدام خطير تنعكس تبعاته أول ما تنعكس على الصحفيين أنفسهم.
تردد ومداهنة
نقطة الضعف لدى رشوان – الذي انتشرت أنباء غير مؤكدة عن نيته التراجع عن فكرة الترشح – هو رغبته الدائمة في الحلول الوسط عن المواجهة في أي قضية، وهي إن كانت تدعم موقفه في الأزمة الحالية بين النقابة ووزارة الداخلية، إلا أنها قد تكون سببًا في انصراف الكثير من الصحفيين عنه، في حال تم استحضار موقفه من أزمة النقابة مع رئيس نادي الزمالك المستشار المثير للجدل مرتضى منصور الذي تطاول على بعض الصحفيين على الهواء وأهان النقابة، ولم ينجح رشوان في مواجهته وفضل التصالح معه بدلاً من مطالبته بالاعتذار.
أما عن الأصوات المقاطعة، فلم تظهر حتى الآن أي قائمة تشير إلى عدد المقاطعين أو توجهاتهم وأسبابهم من المقاطعة.