يُعدّ الاقتصاد من الملفات المهمة في العراق في ظل الموارد الكبيرة والمتنوعة التي يمتلكها، بدءًا من النفط والثروات المعدنية، وانتهاءً بموقعه الجغرافي الذي يتوسّط عدة عقد مواصلات في العالم، فضلًا عن الثروة البشرية والأعمار الشابة في المجتمع.
رغم ذلك، لا يزال الاقتصاد العراقي يعاني من رتابة وتخلف يفوّتان فرصًا استثمارية هائلة في البلاد، بسبب اعتمادها على النفط بأكثر من 90% من الموازنة العامة، فما هو واقع الاقتصاد العراقي اليوم؟ وكيف تدير الحكومة شؤون البلاد المالية؟
انتعاش ظاهري بعد جائحة كورونا
منذ انحسار جائحة كورونا ابتداءً من منتصف عام 2022، يعيش الاقتصاد العراقي انتعاشة بواقع نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 8.7%، نتيجة ارتفاع إنتاج النفط وتعافي القطاعات غير النفطية، بحسب تقرير “المرصد الاقتصادي للعراق” الصادر عن البنك الدولي.
يذكر التقرير أنه ما لم يبدأ العراق في تنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة وتنويع أنشطة البلاد الاقتصادية بشكل فعّال، فإن اعتماده على النفط يجعله عرضة لخطر تقلبات أسعار السلع الأولية وانخفاض الطلب العالمي.
يخلص التقرير أيضًا إلى أنه بعد نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2.8% عام 2021، تسارعت وتيرة نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 10.5% في النصف الأول من عام 2022، وقد حققت الصادرات النفطية القياسية -بالتزامن مع الارتفاع الكبير في أسعار النفط- عائدات نفطية غير مسبوقة للحكومة العراقية، ودفعت احتياطيات النقد الأجنبي إلى أعلى مستوياتها في أكثر من عقدَين.
كما يضيف التقرير أن استمرار أسعار النفط المرتفعة سيدعم الآفاق الاقتصادية للعراق في الفترة المقبلة، لكن من المتوقع أن يتراجع ذلك تدريجيًّا على المدى المتوسط، حيث سيشكّل تزايد تباطؤ الطلب العالمي قيودًا على إنتاج النفط، نتيجة التحوّل العالمي نحو عالم خالٍ من الكربون.
يسلط القسم الخاص في تقرير “المرصد الاقتصادي للعراق” الضوء على كيف يتسبّب تغيُّر المناخ في زيادة أوجُه الضعف الاقتصادي الحالية في العراق، مشيرًا إلى أن الواقع المتشابك بين التنمية والمناخ في العراق يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة، وهو ما يتطلب جهودًا واسعة للتكيف مع تغيُّر المناخ، مع التركيز على العلاقة المتداخلة بين المياه والزراعة والفقر.
ومن شأن تطبيق تدابير التخفيف من تغير المناخ أن يساعد في سدّ الفجوات القائمة بين جانبَي العرض والطلب، مع الحد من الانبعاثات الكربونية في سلسلة القيمة للطاقة في العراق، ويوضّح التقرير أن الإصلاحات المالية والهيكلية لا تزال مهمة لاحتواء التداعيات الكبيرة التي ينطوي عليها التحوّل إلى اقتصاد منخفض الكربون، وقادر على الصمود على الاقتصاد الكلي والمالية العامة للعراق.
تعليقًا على ذلك، قال جان كريستوف كاريت، المدير الإقليمي لدائرة المشرق بالبنك الدولي: “تزداد مواطن الضعف الاجتماعية والاقتصادية في العراق تفاقمًا من جراء اشتداد صدمات تغيُّر المناخ، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة شح المياه، وتزايد تكرار الظواهر المناخية بالغة الشدة”.
أبرز القطاعات المساهمة في الاقتصاد
النفط
يشكّل النفط ما نسبته أكثر من 90% من حجم الموازنة العام و82% من حجم الناتج المحلي لعام 2022، ويمثل هذا الحجم من واردات النفط فرصة كبيرة لأي دولة لتحقيق النمو الاقتصادي، لكن الحقيقة أن الاقتصاد العراقي يراوح مكانه منذ 20 عامًا، والسبب كيفية إنفاق هذه الواردات كما يوضّح ذلك تقسيم النفقات في الموازنة العامة للعام 2023.
تبلغ قيمة النفقات في موازنة العام الماضي 198 تريليونًا و910 مليارات دينار (153 مليار دولار)، وتشمل استثمارات بقيمة 49 تريليونًا و350 مليار دينار (37.9 مليار دولار)، يفترض أنها ذهبت لمشاريع البنى التحتية.
ويبلغ إجمالي إيرادات الموازنة 134 تريليونًا و5 مليارات دينار (103.4 مليارات دولار)، بناء على سعر برميل النفط 70 دولارًا، حيث تشكّل العائدات النفطية نسبة 90% من إيرادات البلاد.
تنعكس نسبة النفقات على طريقة تلقي معظم العراقيين لرواتبهم، كما تنعكس على طبيعة العمل في العراق، إذ يشكّل القطاع العام الخيار الأول لطالبي العمل في العراق، وهذا بدوره أثر على كثير من القطاعات الأخرى مثل التعليم والصحة، وحتى القطاع الخاص الذي أصبح بدوره ساحة لتفريغ الأموال القادمة من النفط، أي أن القطاع الخاص في العراق ليس منتجًا بذاته، إنما هو في أغلب مجالاته قطاع استهلاكي يعتمد على القدرة الشرائية للموظفين في القطاع العام، فيضعف مع ضعف قدرتهم وينتعش بوجود الرواتب.
كما أن أعداد الموظفين في القطاع العام في العراق يزداد سنويًّا بصورة ثابتة، كما أن هناك تفرّعًا لأنواع أخرى غير الموظفين الثابتين: فهناك موظفون على الملاك الدائم، وعقود سنوية، وموظفون بعقود يومية، ومحاضرون مجانيون في قطاع التعليم، وهناك المنتسبون في القوات الأمنية، حيث يتوزع هؤلاء الموظفون في مثلث هرمي رأسه إلى الأعلى، ويمكن أن يرتقي الموظفون في هذه الطبقات إلى الطبقة الأعلى، بعيدًا عن أي معايير اقتصادية، فمثلًا يصدر سنويًّا قرار بتثبيت الموظفين من ذوي العقود، ثم تحويل الأجور اليومية إلى عقود، وهكذا.
منذ عام 2004، بلغت زيادة بمقدار 3 أضعاف في عدد العاملين بالقطاع العام، وتدفع الحكومة رواتب تزيد بنسبة 400% عمّا كانت عليه قبل 15 عامًا، وهكذا أصبحت الحكومة وعائداتها النفطية المحركَين الرئيسيَّين للاقتصاد العراقي والمزوّد للشعب العراقي.
تسبّبت هذه السياسة في مركزية شديدة في إدارة الاقتصاد، وربط المستوى المعيشي بأداء الحكومة مباشرة، وهو ما أدّى إلى أمرَين:
– وجدت الحكومة نفسها مطالبة بزيادة عدد الموظفين في كل عام، في ظل انحسار القطاع الخاص الناتج عن سياساتها الاقتصادية.
– مطالب مستمرة بزيادة الموازنة العامة، وهو ما جعل الاقتراض بندًا ثابتًا منذ العام 2010، وصلت معه قسمة الديون إلى 114 مليار دولار.
طوال تلك السنين، بدأت الفجوة تتسع شيئًا فشيئًا، فكانت الطبقة السياسية في العراق تحاول تأخير اتّساعها من خلال الاقتراض لا أكثر، ومع إضافة الخسائر المهولة نتيجة الفساد في عدد الموظفين ومزاد العملة والمنافذ الحدودية والمنافذ الداخلية التي تقيمها الميليشيات ودخول “داعش” والفساد في المشاريع الخدمية، وصلت الدولة إلى الحد الذي أصبحت فيه خزانتها التشغيلية خاوية، وكان أول ما فعلته هو الاقتراض من الاحتياطي الوطني، ثم تخفيض سعر الصرف لتقليل الفجوة بين العجز والمصاريف.
رغم ارتفاع مستوى التضخم السنوي إلى 6.8%، إلا أن المطاعم تحافظ على ريادتها بين اهتمامات العراقيين
يقول الخبير الاقتصادي زياد داوود لوكالة “بلومبيرغ”: “كان التخفيض في قيمة العملة حتميًّا نظرًا إلى انخفاض أسعار النفط وضغوط الميزانية التي يواجهها العراق. تقول الحكومة إن هذا حدث لمرة واحدة ولن يتكرر، لكننا سنرى ما إذا كان الأمر كذلك. من المهم أيضًا مشاهدة الاستجابة الشعبية والزيادة الناتجة في تكاليف المعيشة وبرنامج التقشف الحكومي”.
في تقرير له، قال معهد كارنيغي للدراسات إن العراق يواجه خطرًا حقيقيًّا يهدده بالانهيار المالي إذا ظل الوضع على ما هو عليه، حيث على مدى الحكومات المتعاقبة نما حجم القطاع العام لدرجة أن العراق يحتاج إلى إنفاق أكثر من إجمالي إيراداته على المدفوعات الأساسية -رواتب القطاع العام والمعاشات التقاعدية والمساعدات الغذائية والرعاية الاجتماعية-، لإبقاء غالبية سكان العراق خارج العوز.
القطاع الخاص
عانى القطاع الخاص في العراق من تهميش كبير مع تعاقب الحكومات منذ عام 2003، إذ لم تنجح في وضعه على السكة الصحيحة، فضلًا عن غياب دوره في أهم المراحل التي مرّت بها البلاد.
توقفت مصانع وشركات أهلية بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وبات الاعتماد على الاستيراد الخارجي بشكل أساسي، فضلًا عن ضعف الاستثمار في البلاد، ما أسهم في الاعتماد الكلي على القطاع الحكومي، بحيث بات المواطن يفضّل القطاع العام الذي يضمن حقوقه في مرحلة ما بعد التقاعد، فضلًا عن الراتب الذي يقدّمه، بعكس القطاع الخاص الذي لم يشكّل جزءًا أساسيًّا من بناء عراق ما بعد عام 2003.
يعاني القطاع الخاص من عدة مشكلات، منها عرقلة الدولة له من خلال تعقيد الإجراءات وعدم توافر البيئة المثالية، الأمر الذي دفع غالبية رجال الأعمال إلى حزم أموالهم ونقلها إلى خارج البلاد للاستثمار والعمل.
بصورة عامة، يحاول القطاع الخاص في العراق النهوض إلا أن معوقات كثيرة تواجهه، وعزا مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أسباب ذلك إلى أنه “لا توجد سياسات متجانسة في بلادنا لبناء اقتصاد السوق وفق هياكل وتنظيمات مؤسسية”.
وأضاف أن “السوق هي مجرد عجلة تتحرك بقوة اقتصاد الحكومة وإنفاقها العام وثرواتها النفطية، حتى تستكمل دورة الأعمال الاستهلاكية حركتها في بلادنا، فالقطاع الخاص زبون اقتصاد الحكومة ويعتاش منها. وباستثناء دعم الأمن الغذائي للحبوب”.
مكملًا: “فإن سياسة دعم الاستثمار الزراعي ما زالت غامضة، والقطاع الزراعي الخاص الذي يضم قرابة 90% من النشاط الزراعي في البلاد ما زال يعتمد على البنية التحتية الزراعية الحكومية التي تشكّل 83% من تلك البنى الارتكازية الزراعية، وهي بأمسّ الحاجة إلى الاستثمار والتجديد بعدما باتت متهالكة، لذا لا تسهم السوق الزراعية اليوم سوى بـ 4% أو أقل من الناتج المحلي الإجمالي السنوي وتضم 21% من قوة العمل”.
وأشار صالح إلى أن “القطاع الصناعي الأهلي الذي يضم أكثر من 50 ألف وحدة مصنعية وفي صفوفه قرابة 750 ألف عامل صناعي، فهو الآخر ما زال قوة معطّلة ويعمل جزئيًّا ربما بأقل من 10% من نشاطاته وطاقاته التصميمية، يقابله قطاع عام صناعي هو الآخر عاطل بنسبة 80% ويضم أكثر من نصف مليون عامل”.
إلى جانب الزراعة، يعتبر قطاع المطاعم أحد أكثر المجالات الناشطة في القطاع الخاص، فهناك أكثر من 400 مطعم كبير ينتشر في العاصمة، وسط اكتظاظ ملفت بسبب حاجة الواقع التجاري إلى تحديث قطاعه السياحي بشكل عام، والمطاعم خصوصًا التي تمثل 65% من مجموع النشاط التجاري في البلاد.
تسجّل بيانات وزارة التخطيط ارتفاعًا في نشاط المطاعم بنسبة 0.6% شهريًّا عام 2022، فمنها ما يكون نشاطًا تجاريًّا اعتياديًّا أو بشكل استثماري لأكثر من 10 سنوات، خصوصًا مع افتتاح الوكالات التجارية الخليجية أو العالمية بنحو 30 وكالة متنوعة في بغداد، ورغم ارتفاع مستوى التضخم السنوي إلى 6.8% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، إلا أن المطاعم تحافظ على ريادتها بين اهتمامات العراقيين.
الزيادة الملحوظة في عدد المطاعم الحديثة في بغداد لا تخلو من الصعوبات بين تعقيدات الروتين الحكومي ومنح إجازات العمل، إضافة إلى مشكلات الطاقة وارتفاع أسعار السلع والخدمات بنسبة 0.4% شهريًّا، بينما تتباين أوضاع العاملين، فأوقات العمل تزيد عن 8 ساعات وبراتب شهري يتراوح بين 400 إلى 1500 دولار شهريًّا، مع غياب التعاقدات الوظيفية في الغالب، وعدم إدراج العاملين ضمن إطار قانون الضمان الاجتماعي المطبّق في القطاع الخاص.
بالنسبة إلى اقتصاد مثل الاقتصاد العراقي، يعتبر القطاع العام من أهم الأوراق اللازمة لإصلاح الاقتصاد، فالتغول الكبير للحكومة في إدارة ملف التشغيل واعتماد السكان بصورة رئيسية على الرواتب الحكومية المهددة في أي لحظة بالتوقف، يدقُّ جرس الإنذار لضرورة التحرك، خصوصًا في ظل الوفرة المالية التي يقدمها النفط الآن. لكن هناك معوقات كثيرة تحول دون التحول نحو القطاع الخاص أو إنعاشه:
- تدهور الوضع الأمني وعدم الاستقرار السياسي في البلد.
- انهيار البنية التحتية المادية في البلد وعدم كفاية إمدادات الطاقة والمياه.
- شحّ الموارد البشرية المؤهَّلة لا سيما العمالة الماهرة.
- سوء إدارة الملف الاقتصادي من لدن صنّاع القرار.
- الاستيراد المنفلت وعدم قدرة المنتج المحلي على المنافسة.
- عدم كفاية مصادر التمويل المتاحة وطول المدة اللازمة للحصول على قروض استثمارية.
- تعقيد الحلقات البيروقراطية وتفشّي ظاهرة الفساد المالي والإداري الذي ينتاب هيئات الاستثمار.
- الافتقار إلى سياسات واستراتيجيات تدعم القطاع الخاص، وتقادم وتعقيد الإطار القانوني والتنظيمي الذي صُمّم لاقتصاد مخطَّط مركزيًّا.
الفقر والبطالة
رغم الإمكانات الكبيرة التي يملكها العراق، يعاني البلد من أزمة بطالة حقيقية، فقد تجاوزت المعدلات نحو 40%، خاصة بين الشباب، ففي كل عام يتخرج أكثر من 180 ألف طالب من الجامعات والمعاهد الخاصة والعامة، مع فرص عمل نادرة فقط متاحة في القطاعَين العام أو الخاص.
أما معدلات الفقر، فالإحصائية الرسمية التي أعلنت عنها وزارة التخطيط لعام 2022 قدّرت عدد الفقراء بأكثر من 10 ملايين عراقي بنسبة تجاوزت 25%، وأن هذه النسبة ارتفعت مقارنة بعامَي 2019 و2020، حيث كانت لا تتجاوز 20% قبل جائحة كورونا على وجه التحديد.
كشفت وزارة التخطيط في العراق أن الفقر في البلاد يتزايد لأسباب اقتصادية متجذّرة تشمل السكن والصحة والتعليم ومستوى الدخل بالإضافة إلى الغذاء، وكذا العوامل الأمنية والسياسية والوضع الاجتماعي.
وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، إن هناك محافظات عراقية ارتفعت نسب الفقر فيها إلى حد كبير، حيث تصدّرت محافظة المثنى قائمة المحافظات الأكثر فقرًا بنسبة تخطت 50%، تليها محافظات القادسية وذي قار وميسان التي تتراوح نسب الفقر فيها ما بين 45 و48%، فيما تتراوح نسبة الفقر في بقية المحافظات ما بين 20 و37%.
خلاصة
يعتمد العراق بشكل كامل على الحكومة في إدارة الاقتصاد، والتي تعتمد بدورها على عوائد النفط بشكل ساحق، ويزداد العبء الاقتصادي على الحكومة كل عام، خاصة مع تأثر الاقتصاد بقرار سياسي يقضي بإدخال أعداد كبيرة من الموظفين، دون حاجة فعلية أو تأثير حقيقي على الناتج المحلي.
يعاني القطاع الخاص أيضًا من التهميش والإهمال، والمحصلة النهائية لهذا أن الكثير من قطاعات الشعب تجد نفسها بلا عمل بانتظار العمل الحكومي الذي يضمن راتبًا تقاعديًّا في المستقبل، كما أن المواطنين والمقبلين الجدد على سوق العمل يعانون من المحسوبية والفساد في القطاع الحكومي الرتيب.
ينذر هذا الوضع بمخاطر كبيرة قد تصيب الاقتصاد في حال تكرار أزمة مماثلة مثل أزمة كورونا التي انخفض معها شراء النفط بصورة كبيرة، ما أثّر بشكل كبير على الواردات العراقية منه، ودفع الحكومة إلى الاقتراض من رصيد البلاد من العملة الصعبة، ما وضع العراق تحت خطر الإفلاس فيما لو استمرت أزمة كورونا.