ترجمة وتحرير إسلام خالد
ستيف ماكوري هو أحد أشهر المصورين المعاصرين وأكثرهم تميزًا، يعمل منذ أكثر من 30 عامًا، ظهرت صوره على أغلفة مجلات كناشيونال جيوجرافيك ونشر العديد من الألبومات وقام بعدد كبير من المعارض حول العالم، ولد بضواحي مدينة فيلادلفيا بولاية بينسيلفانيا ودرس ستيف السينما بجامعة بينسيلفانيا ليعمل بعدها كمصور بصحيفة محلية، وبعد عدة سنوات من العمل الحر حزم ماكوري أمتعته التي كانت لا تزيد على الملابس وأفلام التصوير والكاميرا ليقوم بأول زيارة له للهند.
وبعد عدة شهور من التجول بشبه القارة وجد ماكوري نفسه يعبر الحدود مع باكستان، وهناك قابل مجموعة من اللاجئين الأفغان الذين هربوه عبر الحدود ليدخل أفغانستان في ظل منع القوات الروسية الصحفيين الأجانب من دخول البلاد، ارتدى الملابس المحلية البالية وأطال لحيته وبعد شهور قضاها مع المجاهدين أخرج ماكوري للعالم أول صور للصراع هناك.
أم وابنتها وراء نافذة سيارة – 1993 – الهند
من أشهر أعماله صورة الفتاة الأفغانية التي ظهرت على غلاف مجلة ناشونال جيوجرافيك في 19 يونيو 1985، وحاز ماكوري على العديد من الجوائز المقدرة كالميدالية الذهبية لجائرة روبرت كابا والجائزة الوطنية للمصورين الصحفيين وحاز أيضًا على الجائزة الأولى للمسابقة العالمية للتصوير الصحفي أربع مرات.
حوار مع المصور ستيف ماكوري لمجلة The Talks والذي كان بعنوان (ستيف ماكوري: “كإعادة النغمة مرارًا”)
- سيد ماكوري، هل من المهم بالنسبة لك أن تقص الحكاية وراء صورك؟
لا، أعتقد أنه من الأفضل تركها للتفسيرات المختلفة، ولتخيل الناس لحكاية الصورة ومحاولة اكتشاف المعنى ورائها، فبعض الصور بها قدر من الغموض وبعضها بلا معنى واضح! لكن أنت من تجد لها معنى، وتفهمها بطريقتك وتتخيل قصتها وتبني تصورك لها، وفي بعض الأحيان يكون تصورك أفضل من الحقيقة، ففد تمثل لك الصورة شيئًا بعيدًا عن حقيقتها، في النهاية، المهم هو انطباعك أنت عنها.
فتى صغير أثناء احتفال – 1999 – اليمن
- ما الذي تتمنى أن توصله صورك؟
أجد شاعرية في البحث عما يجمع بيننا، أعتقد أن أفضل الصور هي التي تؤثر بنا ولا نستطيع نسيانها، فصور هنرى كارتير بريسون على سبيل المثال لا تزال حية لليوم لأنها تتحدث عنا وعن علاقتنا بالعالم المحيط بنا، هل تعرف المصور أندري كيرتيس؟ إنه مصور مجري عظيم قام في السبعينيات بعمل كتاب عن النوم، وقد ألهمني كثيرًا واعتقدت أنه كان عملًا رائعًا.
- ما المميز بهذه الصور والذي جعلها تؤثر بك إلى الآن؟
أنا أهتم كثيرًا بتصرفات وسلوك الناس، أود أن أنجز كتاب عن أنشطة مشتركة بيننا كاللعب والعمل والاحتفالات وآخر عن المتحابين، أردت أن أقوم بعمل نسختي الخاصة من فكرة كتاب كيرتس وهذا ما كان وراء إنجاز كتابي “عن القراءة”، والذي يحتوي صورًا التقطت حول العالم من الهند وأفغانستان واليمن والكويت وتيبت وإيطاليا وكوبا لهذا الجزء البسيط من حياتنا، فنحن جميعًا نحب القراءة، الغني منا والفقير والشباب والعجائز وباختلاف ثقافاتنا.
- السفر أمر أساسي بالنسبة لك كمصور فوتوجرافي، غادرت الولايات المتحدة لأول مرة للسفر إلى قارة آسيا في العشرينيات من عمرك، فما الذي حثك على القيام بهذه الرحلة؟
أتذكر أنني اطلعت على ألبوم للمصور النيوزيلاندي “بريان براك”، وكان عن منطقة مانسون في عام 1961، وقد آثار إعجابي، وفكرت حينها أن عليّ الذهاب إلى هناك ورؤية ذلك، فقد بدا لي الأمر دراميًا وساحرًا، وبعد تاريخ نشر ألبوم براك بعشرين عامًا، ذهبت أنا إلى الهند ورأيت هذه المشاهد بنفسي.
محطة قطار ديلهي القديمة – 1983 – الهند
- ماذا تتذكر عن زيارتك الأولى للهند؟
لقد كنت مذهولًا من أعداد البشر، وأتذكر أن الروائح كانت قوية جدًا، كان مشهد مذهل رؤية كل هؤلاء الناس بمكان واحد.
- هل كنت وحدك؟
لا، سافرت وقتها مع صديقتي كفريق أنا ألتقط الصور وكانت هي تكتب وتصور أيضًا.
- بالنظر لرأيك بعدم قص ما وراء كل صورة وتركها للخيال، هل الانسجام في العمل مع صحفي يمثل تحديًا بالنسبة لك؟
تختلف كثيرًا طريقة عمل الكاتب عن المصور، قد يتشاركان ملاحظاتهم ومن الممكن أن يشكل هذا أمرًا رائعًا، لكن في كثير من الأحيان تختلف طريقة ورتم العمل، إذا كنت تعمل لدى مجلة كما أعمل أنا لمجلة “ناشينول جيوجرافيك” على سبيل المثال فلا تملك التحكم سواء في التصميم أو في اختيار الكلمات، هذا يختلف عن العمل على كتابي فهنا أكون المتحكم في كل شيء بما فيها اختيار الكلمات، مؤخرًا عملت مع صديقي العزيز “بول ثيرو” وهو أحد الكتاب العظماء في عصرنا، وأخيرًا، أرى أن الكلمات والصور يكملون بعضهم.
- مؤخرًا وصفت نفسك بكونك حكاء بصري أكثر من مصور صحفي.
هذا صحيح، بعض الناس وبشكل متكرر يصفونني بمصور حروب، لكنني لم أكن أبدًا مصور حروب، أنا صورت بشرًا تحت تأثير ظروف الصراعات والحروب، وفي بعض المواقف كنا في موقع يعرضنا لإطلاق النار المباشر لكنني لم أكن يومًا مهتمًا بهذا أو بالصراعات المسلحة خصوصًا، دائمًا ما أهتم بالعنصر البشري وتأثير هذه الصراعات عليه كاللاجئين، أنا لا أريد أن أصنف، أرى من المهم أن تستمر بالتطور والتجربة وإعادة تصور نفسك، وإلا فسيكون الأمر أشبه بإعادة النغمة مرارًا وتكرارًا.
- مثل ماذا؟
أود أن أقوم بمشروع تصوير عن التعري وآخر بالأبيض والأسود وثالث عن العمارة، أنا أتقدم بالسن يمكنني القيام بمشروع عن هذا، أريد السفر حول العالم لعروض أزياء الكلاب، لمحمية فيلة وقرود لأصور الحيوانات وأنجز كتاب عن هذا، يبدو أمرًا ممتعًا، في النهاية نحن جميعًا لا نمتلك سوى فرصة واحدة فلماذا لا نستغلها ونجرب أشياءً جديدة فإذا لم نفعل فسيفوتنا الكثير، أود أن أكلف نفسي بمهمة وأحاول إنجازها وإذا لم أنجح فما الضرر.
- من الواضح أنك أصبحت تريد أن تصور لنفسك لا لمجلة
بالضبط أريد أن أصور ما أجده أنا مهمًا، لا ما يريده المحرر، كلنا عند نقطة ما نحتاج العمل لكسب المال لكنني لا أحتاج هذا الآن، لا أريد لشخص أن يقول لي ما عليّ فعله أريد أن أفعل ما أرجوه، أن أقوم بشيء لأنه يهمني ويثير فضولي، أنا سأحدد ما المهم وما يمثل لي قيمة، أريد فعل أشياء تلهمني وتثري حياتي وتأخذني في رحلة ستكون بالتأكيد مرضية.
المصدر: مجلة The Talks