المغرب.. صرخات المنكوبين لا صدى لها في البلاط

مع مرور 3 أيام على الزلزال ما زالت فرق الإنقاذ المغربية تبحث عن أصوات الحياة تحت الأنقاض بينما انقطعت صرخات استغاثة عشرات العالقين تحت ركام منازلهم وتعالت مطالب آلاف المنكوبين الذين يبيتون في العراء على سفوح الجبال بالاستجابة لمعاناتهم.
وأودى الزلزال الذي ضرب إقليم “الحوز” في المغرب بحياة 2497 شخصًا وأدى إلى إصابة نحو 2476 شخصًا بجروح بحسب آخر إحصائية نشرتها وزارة الداخلية المغربية.
وخلّف الزلزال البالغ قوته 7 درجات على مقياس ريختر دمارًا واسعًا في مناطق الحوز ومراكش وورزازات وأزيلال وشيشاوة وتارودان وسوّى قرى كاملة بالأرض.
وتعيش القرى المتأثرة من الزلزال المعاناة بأقسى درجاتها كون المؤدية إليها غير مؤهلة ووعرة بشكل يصعب الوصول إليها ما يؤخر من بدء عمليات الإنقاذ فيها ومد يد العون للأهالي المنكوبين، بحسب السلطات.
الطريق غير المعبدة (و لي أحيانا غير موجودة ) لمجموعة من الدواوير سبب في تأخر المساعدات خلات هذه المناطق معزولة شكون السبب ؟؟
الله يكون فعون المتضررين و الله ياخد حقهم .#زلزال_المغرب pic.twitter.com/y4Fe3IUZlD— سناء🇲🇦 (@SanaeMaghfour) September 11, 2023
وفيما يقول لسان حال المتضررين “شهدنا أهوال يوم القيامة”، تؤكد مشاهد والمقاطع المصورة التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي السخط الشعبي من عدم أداء السلطات المغربية دورها على الوجه المأمول.
وكان الديوان الملكي المغربي، قد أعلن تنكيس الأعلام والحداد لمدة 3 أيام تكريمًا لأرواح الضحايا الذين قضوا بالزلزال، دون الإعلان عن حالة الطوارئ حتى الآن.
وشددت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أهمية إيصال المساعدات إلى المغرب اليوم أو اليومين المقبلين مؤكدةً أنها بحاجة إلى كمية مساعدات هائلة.
غياب السلطات يعمّق معاناة المنكوبين
“السلطة لم تأت إلينا ولم تلقي نظرة، لماذا؟ نحن من أين؟ ألسنا مغاربة؟”.. يتسائل أب مكلوم القلب فُجع بفقدان أولاده جراء تأخر السلطات عن إنقاذهم، ويضيف والدموع تغلبه “كان يجب أن تتصرف السلطة وتحضر الكلاب المدربة والرافعات، هم يمتلكون الإمكانيات ليس لديهم نقص فنحن في عصر التقدم، عيب وعار على المسؤولين”.
في ختام حديثه لمراسل قناة “LE7 TV” المغربية، يعبّر الأب عن مشاعر الخذلان التي تعتريه “لا أحد يأتي إليك ويسألك ماذا ينقصك، ليس لدي أب ولا عائلة والآن أصبحت مقطوعًا من شجرة بعدما فقدت أبنائي، ماذا أفعل؟ هذه إرادة الله”.
#المغرب_يستغيث
الله المستعان ماذا يحدث في #المغرب لماذا نظام المخزن يرفض مساعدة شعبه ويرفض تدخل الدول لمساعدتهم الوضع كارثي في ظل غياب تام للدولة..⚡ ⚡#زلزال_المغرب #زلزال_مراكش #زلزال_في_المغرب #زلزال_الحوز pic.twitter.com/1EgvAgE7lX
— إلياس أمير (@Tahmouh_) September 10, 2023
تبرر الحكومة المغربية غياب فرق الإنقاذ عن القرى الجبلية النائية المتضررة بكارثة الزلزال بوعورة الطرق الواصلة إليها إذ نقلت صحيفة وول ستريت جورنال” الأميركية عن أحد المسؤولين في وزارة الداخلية الذي رفض الكشف عن اسمه أنه “لا يزال يتعذر الوصول إلى بعض القرى القريبة من مركز الزلزال”.
بوسائل بدائية عمل الناجون من الزلزال على إخراج أحبائهم الذين تسمع أنين أصواتهم أو تفوح رائحة جثثهم من تحت الأنقاض برفقة متطوعين من المدن الأخرى وسط غياب الفرق المتخصصة.
يؤكد أحد المتضررين من الزلزال في منطقة أمزميز أن الأهالي تولّوا عمليات الإنقاذ قائلًا: “نحن نعاني هنا منذ الأمس لم نتلق أي إغاثة، نحن نقوم بالحفر بأيدينا فقط، قاموا فقط بإحضار رافعتين”، ويضيف بلهجة غاضبة “لا وجود للسلطات المعنية جاء أفراد من الجيش إلى هنا وغادروا”.
#المغرب_يستغيث
أول مرة في حياتي اسمع بدولة في وقت الكارثة..تترك شعبها تحت الأنقاض وتغادر
جزائرين من الغربة وصلوا للمساعدة والمخزن في داخل المغرب لم يصل الى شعبه الله المستعان على نظام المغرب
⚡ ⚡#المخزن_يقتل_شعبه#زلزال_المغرب #زلزال_مراكش #زلزال_في_المغرب #زلزال_الحوز pic.twitter.com/cKZcqABr6m— إلياس أمير (@Tahmouh_) September 10, 2023
يصف متضرر آخر من ذات المنطقة حالة العجز الذي خيمت على محاولات الإنقاذ: “لا توجد رافعات حتى أصحاب الرافعة تعبوا من العمل، وإلى الآن لم تأتِ فرق الدفاع المدني والناس تستغيث تحت الأنقاض”.
وما يزيد من السخط الشعبي تجاه الحكومة أنّ الأخيرة تمنع عائلات ضحايا الزلزال من دفن جثث أقربائهم وترفض منح تصاريح دفن مهددة المخالفين بعدم إعطائها شهادة وفاة للمتوفي، يقول أحد المتطوعين القادمين من مدينة مراكش إلى قرية “تنزرت” التي دُمرّت بالكامل: “جئنا لإخراج الجثث ودفنها لكن منعونا من الدفن فبدأت رائحة الموت تنبعث من كل مكان”.
تجلى تقاعس السلطات أيضًا بتأخر الحكومة عن التحرك وإدلاء تصريحات تطمئن المنكوبين حتى أن الملك محمد السادس لم يدلِ إلى الآن أي بيان حول الكارثة.
السلطات المغربية ترفض المساعدات
في الوقت الذي تعاني المغرب من آثار كارثة الزلزال التي وصفت بأنها الأقوى منذ قرن في البلاد وتتصاعد نداءات استغاثة المتضررين الذين فقدوا كل مقومات الحياة، ونقص الإمكانيات المتوفرة لديها مقارنة بحجم الأضرار، ترفض الحكومة مساعدات بعض الدول المقدمة بهدف الاستجابة للزلزال.
وأعلنت المملكة المغربية، أمس الأحد، موافقتها على تلّقي المساعدات من الإمارات وقطر وإسبانيا وبريطانيا، معربةً عن شكرها لهذه الدول على إرسال فرق إنقاذ وفرق طبية عاجلة لدعم جهود مواجهة آثار الزلزال.
جاء ذلك في بيان وزارة الداخلية الذي ذكرت فيه أيضًا أن السلطات المغربية أجرت تقييمًا دقيقًا للاحتياجات في الميدان، آخذة بعين الاعتبار أن عدم التنسيق في مثل هذه الحالات سيؤدي إلى نتائج عكسية، وأنه “على أساس ذلك، استجابت السلطات المغربية، في هذه المرحلة بالذات، لعروض الدعم التي قدمتها الدول الصديقة”.
وكانت قد قدمت دولٍ عدة عروض مساعدة للمملكة المغربية في إطار الاستجابة لمتضرري الزلزال، أبرز هذه الدول فرنسا التي تحكم علاقاتها مع المغرب حالة من التوتر، إذ أبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جاهزية بلاده لتقديم المساعدة لكنّه لم يتلقَ أي ردٍ من نظيره المغربي.
من جهته، أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مؤتمر صحفي عقده في ختام قمة قادة دول مجموعة العشرين بالعاصمة الهندية نيودلهي، الأحد، عن استعداد بلاده لمساعدة المغرب بكل إمكانياتها لتجاوز محنة الزلزال.
كما أعلن وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة أن بلاده جهزت فريقًا طبيًا مكونًا من 40 فردًا، للتوجه إلى المغرب في حال تلقي طلب مساعدة لمتضرري الزلزال خاصة وأن تركيا لديها تجارب سابقة في التعامل مع الزلزال كان آخرها قبل 7 شهور عندما هزت الأرض في عدة ولايات جنوبي البلاد.
كما تقدمت الجزائر بمخطط مساعدات لوجستية ومادية طارئة للمملكة المغربية يضم مختصين في عمليات البحث تحت الأنقاض، وفريق طبي، بالإضافة إلى مساعدات إنسانية للإسعافات الأولية وخيام.
أثار رفض المغرب لهذه المساعدات تساؤلات عدة حول سببه وسط غياب التصريحات التوضيحية من الحكومة، في حين بررت النائبة في البرلمان فاطمة خير سبب عدم قبول بلادها مساعدات دول معينة بـ” أن المغرب يرفض المساعدات المسيسة”، مؤكدةً أن هناك توظيفًا سياسيًا لملف المساعدات كالذي تقوم به فرنسا”.
ويفرض السؤال عن مدى إمكانيات المملكة المغربية للتصدي لهذه الكارثة نفسه، فبينما يشكك الخبراء بقدرات فرق الإنقاذ ونقص الخبرة لديهم بالإضافة إلى عدم تطور الأدوات، يقول وزير العدل عبد اللطيف وهبي إن المؤهلات “الأدوات المتطورة لإغاثة المنكوبين متوفرة والمشكلة هي كيفية إيصالها لمناطق الزلزال”.