ذهب الرئيس التركي عبد الله غل في حديثه عن العلاقات التركية الفرنسية إلى القول بأن القهوة التي يشربها الفرنسيون على فطورهم هذه الأيام منبعها العثمانيين، إذ وصلت إلى فرنسا في القرن السابع عشر. وذلك خلال كلمة ألقاها في حفل عشاء على شرف الرئيس الفرنسي “فرانسوا أولاند” في قصر تشانكايا الرئاسي بالعاصمة التركية أنقرة مساء أمس.
ويرى محللون أن لهذه الزيارة أبعادا كثيرة منها ما هو مرتبط بالشأن التركي مثل مسألة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ومنها ما هو مرتبط بالشأن الإقليمي وما يمكن تحقيقه عبر الاستفادة من النفوذ التركي في كل من ليبيا وسوريا لحلحلة التوترات المتصاعدة في ليبيا وللمساهمة في جهود البحث عن حلول سياسية في سوريا.
إحياء العلاقات:
عبد الله غل وصف زيارة نظيره الفرنسي فرانسوا أولاند بالتاريخية، مشيرا إلى أن هذه أول زيارة لرئيس فرنسي لأنقرة منذ 22 عاما، معربا عن أمله في توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين ووصولها إلى أعلى مستوياتها في مختلف المجالات وذلك بعد سنوات من شبه الجمود الذي أصاب هذه العلاقات نطور في السنوات الأخيرة إلى تصريحات استفزازية بين رئيس الوزراء التركي أردوغان والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي.
وكانت هدية رجب طيب أردوغان لساركوزي في مارس آذار 2011 قد أثارت ضجة إعلامية كبيرة، حيث تمثلت الهدية في رسالة كتبها السلطان العثماني سليمان القانوني عام 1526، ردا على رسالة استغاثة بعث بها فرنسيس الأول ملك فرنسا عندما وقع أسيرا لدى الإسبانين يطلب العون من الدولة العثمانية لفك أسره وهو ما وقع بالفعل.
وفيما يدل على رغبة متبادلة بين البلدين لتجاوز تلك التوترات قال الرئيس التركي أنه اتفق مع نظيره على رفع حجم التبادل التجاري بين تركيا وفرنسا من 15 مليار دولار حاليا إلى 27 مليار دولار خلال السنوات المقبلة، في حين قال الرئيس الفرنسي أن الدولتين وقعتا اتفاقية تعاون استراتيجي، وأن وزيري خارجية البلدين، سيتابعان الاتفاقية وسيضمان مجال الدفاع إليها من خلال اتصالاتهما ولقاءاتهما المستقبلية.
الاتحاد الأوروبي:
تعتبر فرنسا من أكثر الدول الأوروبية معارضة لإنضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وفي مؤتمر صحفي مشترك أقيم يوم أمس، قال عبد الله غل: “أن أنقرة تنتظر من الجانب الأوروبي؛ الوفاء بالعهد، وإتاحة الفرصة لاستكمال المفاوضات بنجاح”، في حين قال أولاند أنه لا يوجد موعد محدد لمنح العضوية لتركيا، موضحاً أن موقف فرنسا سيكون مرتبطاً باستفتاء شعبي في بلاده، بهذا الخصوص.
وحول الإبادة الجماعية بحق أرمن منطقة الأناضول، في ظل حروب 1915، إبان الحكم العثماني، والتي تشير لها فرنسا دائما وتطالب باعتراف تركيا بارتكابها بمجازر إبادة في تلك الفترة في حق الأرمن، اشار الرئيس التركي إلى “ضرورة التوجه نحو تأسيس الصداقة عوضاً عن نقل آلام الماضي للأجيال الجديدة”، مشيرا إلى إمكانية مشاركة دولة ثالثة إضافة إلى تركيا وأرمينيا، لحل هذه القضية بشكل جماعي”.