تداولت وسائل الإعلام الإسرائيلية، في 24 كانون الثاني/يناير، تحذيرات أمنية تستهدف المواطنين الإسرائيليين الذين يقضون عطلاتهم في سيناء، بهدف حثّهم على مغادرتها على الفور.
في الواقع، أفادت مجموعة من التقارير أن الاستخبارات الإسرائيلية كشفت عن تهديدات ملموسة وخطيرة، تمس المواطنين الإسرائيليين الموجودين بسيناء، عملت على إثرها على رفع الخطر إلى أعلى مستوى، وعلى الرغم من ذلك، شهدت شواطئ مدينة إيلات القريبة من مدينة نويبع، بعد مرور أقل من ساعة على صدور التحذيرات، توافدا لمجموعة جديدة من الشباب الإسرائيليين، يدردشون باللغة العبرية، حيث كانوا في أتم الاسترخاء والاستمتاع.
أفاد هارون أفتسون، أحد الشباب المصطافين هناك، أنها “المرة الأولى التي آتي فيها إلى سيناء، ولكن أصدقائي يأتون كثيرا… تنعم سيناء بشواطئها الكبيرة، وبحب جميع الإسرائيليين، فهم يلقون فيها راحتهم ويتمتعون فيها بحرية ورفاه لا يجدونه في إسرائيل”
في هذا الصدد، أفاد هارون أفتسون، أحد الشباب المصطافين هناك، أنها “المرة الأولى التي آتي فيها إلى سيناء، ولكن أصدقائي يأتون كثيرا… تنعم سيناء بشواطئها الكبيرة، وبحب جميع الإسرائيليين، فهم يلقون فيها راحتهم ويتمتعون فيها بحرية ورفاه لا يجدونه في إسرائيل”. وأضاف أفتسون أن “الناس يأتون إلى سيناء لأنهم يجدون فيها الاختلاف والتجديد الذي يطمحون إليه، والهدوء الذي يبحثون عنه. بالنسبة لي، أعتبرها مدينة السلام والهدوء، وأعشق تلألؤ نجوم الليل في سمائها”.
وعندما سئل هارون عن المخاطر التي حذرت منها المخابرات الإسرائيلية، أجاب، وهو يتمعن في المناظر الطبيعية التي منّ الله بها على شواطئ سيناء، قائلا: “أشعر بالأمان كثيرا هنا. في النهاية، إسرائيل تعد مكانا خطرا أيضا، لذلك لا أشعر بوجود فرق كبير”.
من جهته، عزز إسحاق كوهين، وهو شاب إسرائيلي يزور سيناء للمرة الأولى، وجهة نظر هارون قائلا إن “هذا المكان يعتبر أكثر هدوءا من إسرائيل. فهنا، يمكننا الاسترخاء أكثر، بتكلفة أقل”.
علاوة على ذلك، قدم إسحاق لمحة صريحة عن عقلية العديد من الإسرائيليين، الذين اختاروا تجاهل تحذيرات الحكومة، والقدوم إلى سيناء، إذ قال: “سأخبر أصدقائي عن سيناء عند عودتي، وأشجعهم على زيارتها. فمدينة سيناء، أصبحت معروفة جدا اليوم في إسرائيل وتشهد إقبالا كبيرا من أبناء جيلي”.
رسخت سيناء اسمها وسحرها في قلوب الكثير من الإسرائيليين منذ فترة طويلة. فقد بدأت قضيتها بعد استيلاء الجيش الإسرائيلي عليها سنة 1967، في حرب الأيام الست
في الحقيقة، رسخت سيناء اسمها وسحرها في قلوب الكثير من الإسرائيليين منذ فترة طويلة. فقد بدأت قضيتها بعد استيلاء الجيش الإسرائيلي عليها سنة 1967، في حرب الأيام الست، واحتلاله لها على مدى 15 سنة.
في تلك الفترة، توجه الإسرائيليون إلى المناطق التي كانت تحمل اسم “نفيوت” (نويبع بالعربية)، و”دي زهاف” (ذهب بالعربية)، والتي أصبحت بمثابة الجنة بالنسبة لهم يجدون فيها الحرية والهدوء الذي يبحثون عنه، بعيدا عن الأعراف الاجتماعية والأخلاقية الموجودة في المجتمع الإسرائيلي التقليدي.
وقد استعادت مصر سيطرتها الكاملة على سيناء في ثمانينات القرن الماضي. واليوم عادت لاستقبال أعداد كبيرة من الإسرائيليين، على الشريط الساحلي الممتد جنوبا، من الحدود الإسرائيلية إلى منتجع ذهب، في مخيمات على الشواطئ، مدعومة بالمرافق الأساسية، وتسهيلات للشباب الباحثين عن الراحة والاسترخاء، بعيدا عن السياسة والمجتمع الإسرائيلي.
والجدير بالذكر أن الشباب الإسرائيلي اعتاد على الأجواء التي تميز شبه جزيرة سيناء وشواطئها، ورائحة الهواء الممزوجة بأصوات القيثار والموسيقى، وأصبحت جزءا من ثقافتهم.
لقد ارتفع إقبال المواطنين الإسرائيليين على سيناء وشواطئ نويبع ورأس شيطان، لدرجة جعلت الحكومة المصرية تجلس في المقعد الخلفي
لقد ارتفع إقبال المواطنين الإسرائيليين على سيناء وشواطئ نويبع ورأس شيطان، لدرجة جعلت الحكومة المصرية تجلس في المقعد الخلفي، وتثبت وجودها فقط في نقاط التفتيش العسكرية، ودوريات الشرطة المتمركزة على الطريق السريع جنوب طابا، لتذكير المواطنين الإسرائيليين بقلق الدولة المستمر، وسعيها لضمان الأمن في المنطقة.
ففي سنة 2014، لقي ثلاثة سياح كوريون وسائق حافلة حتفهم، إثر انفجار قنبلة في الحافلة التي كانت تقلهم، في الوقت الذي كانوا ينتظرون فيه عبور الحدود الإسرائيلية في طابا. وقد تبنى تنظيم الدولة هذا الهجوم، مما أثار حالة من التمرد في المنطقة في السنوات الأخيرة.
في سنة 2004، وتحديدا في 7 تشرين الأول/أكتوبر، استهدفت القنابل كلا من منتجع رأس شيطان وفندق الهيلتون، وأسفرت عن مقتل 12 إسرائيليا. ولحسن حظهم، تمكن المصطافون الإسرائيليون الذين كانوا متواجدين في المخيم المجاور لمكان الحادث من النجاة بأعجوبة، دون وقوع إصابات.
وتجدر الإشارة إلى أن السنوات التي تلت هجمات سنة 2004، والتي أعلن عناصر تنظيم القاعدة مسؤوليتهم عنها، أثرت على العديد من المخيمات، وعلى الحركة السياحية في شبه الجزيرة.
كما تفاقم الوضع في أعقاب الثورة المصرية سنة 2011، مما اضطر بالعديد من المخيمات إلى إغلاق أبوابها، بسبب حالة عدم الاستقرار، والمخاوف التي كانت تكتسح المنطقة. وقد زاد الوضع تعمقا إثر الانقلاب العسكري الذي وقع بعد مرور سنتين، على الرغم من كل ذلك، عادت الحركة إلى المنطقة في الأشهر الأخيرة، وتلقى الزوار ترحيبا حارا من البدو، أصحاب المخيمات الشاطئية، الذين تعودوا منذ عقود على استضافة السياح.
في هذا السياق، أفاد أحمد سليمان، صاحب مخيم “فيروز” في نويبع، الذي يديره رفقة عائلته منذ 35 سنة، لموقع المونيتور، أن “المخيم كان يشهد إقبالا كثيفا للسياح الإسرائيليين، ولكن الثورة كانت السبب الرئيسي وراء عزوف البعض منهم عن القدوم، خوفا من الإرهاب والمشاكل الأمنية الأخرى”. وأضاف سليمان أن “السياح أصبحوا اليوم في مأمن، إذ نرى ذلك من خلال إقبالهم مرة أخرى إلينا”.
كما أكد سليمان أن “الوضع أصبح واضحا اليوم، والسياح أصبحوا على يقين أن سيناء آمنة جدا، ولا يستطيعون إنكار مدى سحرها وجمالها”. وأردف أيضا: “أتوقع أن أرى المزيد من الإسرائيليين الوافدين إلى هنا هذه السنة. نحن نخطط لإقامة حفل كبير على الشاطئ في آذار/ مارس القادم، بحضور العديد من السياح الإسرائيليين، الذي بدؤوا بالحجز إذ أن هذه الانتعاشة مفيدة جدا لكل أصحاب الأعمال في المنطقة، بما في ذلك المحلات التجارية والمطاعم”.
عودة الإسرائيليين بدأت من يوليو/تموز سنة 2016، فقد سجلت نويبع توافد ما بين 2000 و3000 آلاف إسرائيلي. في المقابل، سجلت المدينة خلال عيد العرش، توافد ما يربو عن 7500 سائحا إسرائيليا
من جهته، قدم برنار موير، المسؤول البنكي السابق في القاهرة، وصاحب مخيم “عالية كامب” في نويبع، نظرته الخاصة حول الأشياء التي تجذب الإسرائيليين الشباب للقدوم إلى سيناء حيث قال إن “عودة الإسرائيليين بدأت من يوليو/تموز سنة 2016، فقد سجلت نويبع توافد ما بين 2000 و3000 آلاف إسرائيلي. في المقابل، سجلت المدينة خلال عيد العرش، توافد ما يربو عن 7500 سائحا إسرائيليا، وهذا يعتبر استثنائيا، ويثبت حب الإسرائيليين لسيناء وجمالها، والطاقة الإيجابية التي يشعرون بها داخلها”.
لكن، لم تكن فرصة السفر والاسترخاء ممتعة ومتوفرة فقط للشباب، بل أيضا لأعداد كبيرة من “المحاربين القدامى”، الذين لم يزوروا سيناء، بلدهم، منذ عقود.
في هذا الصدد، عبر الجنود القدامى عن فرحتهم بعبورهم الحدود للمرة الأولى منذ عقود، من بينهم راني أرون، الذي عاد في الأشهر الأخيرة لقضاء عطلة بين الأصدقاء في مخيم “بيغ دون”.
وقد أفاد أرون أن “سيناء ونويبع لهما مكانة خاصة جدا في قلوبنا، نحب فيهما المناخ الجميل والشعب والأشياء البسيطة، وهذا ما نجده هنا”. وأضاف أرون قائلا: “سنعود قريبا لمواصلة الاكتشاف وتجربة رياضة الغوص، التي تمتاز بها ذهب. لا يمكنني معرفة قرارات كل الإسرائيليين حول العودة إلى سيناء، ولكن بالنسبة لي، حتما سأعود، لأن الناس هنا جعلونني أشعر أنني في أمان”.
المصدر: المونيتور