تُعد مهنة التحكيم من أصعب وأعقد المهن في عالم كرة القدم، بسبب ما يتعرض له أصحاب الصافرات من ضغوطات وإساءات، قد تصل إلى حد إهانتهم والتشكيك في نزاهتهم، سواءً من قبل الجماهير واللاعبين أو حتى من قبل المدربين والإداريين، الذين يرون في الحكام الحلقة الأضعف والهدف الأسهل لتوجيه سهام النقد، وتعليق هزائم فرقهم على شماعة الأخطاء التحكيمية، التي تؤخذ – على الغالب – مأخذ الأخطاء البشرية التقديرية، ولكنها قد تتجاوز ذلك في بعض الأحيان، لتتحول إلى مهازل حقيقية، وفضائح يصعب نسيانها وغض الطرف عنها.
وفي تقريرنا التالي نرصد لكم 10 من أشهر الأخطاء القاتلة التي ارتكبها قضاة الملاعب، والتي كان لها دورٌ هامٌ في تغيير وجهة عددٍ من أبرز البطولات والألقاب الكبرى في تاريخ المستديرة:
10- الإنذارات الـ3 في كأس العالم 2006
الكرواتي سيمونيتش تلقى 3 بطاقات صفراء قبل أن يُطرد
خلال إحدى مباريات المرحلة الثالثة والأخيرة من دور المجموعات في مونديال ألمانيا 2006 والتي جمعت بين منتخبي أستراليا وكرواتيا، وضع الحكم الإنجليزي غراهام بول نفسه في موقفٍ لا يُحسد عليه، عندما أشهر بطاقتين صفراوين في وجه اللاعب الكرواتي جوزيب سيمونيتش، دون أن يشهر البطاقة الحمراء في وجهه، ليتابع المدافع الكرواتي المباراة وسط دهشة جميع الحاضرين، التي ازدادت إثر تلقي اللاعب إنذارًا ثالثًا طُرد على إثره من المباراة، ليغدو سيمونيتش اللاعب الوحيد الذي يتلقى 3 بطاقات صفراء خلال مباراة واحدة في تاريخ كرة القدم!
9- يد هنري في الملحق المؤهل لكأس العالم 2010
لمسة يد تيري هنري خلال مباراة فرنسا وأيرلندا
كانت الأجواء مشحونةً بشدةٍ خلال مباراة إياب الملحق الأوروبي المؤهل إلى مونديال 2010، حيث استطاع منتخب جمهورية أيرلندا إنهاء المباراة بالتقدم على نظيره الفرنسي بهدفٍ، كان كفيلًا بمعادلة الكفة والذهاب بالمباراة إلى وقتين إضافيين، وفي الدقيقة 113 وخلال إحدى الهجمات الفرنسية، يقوم النجم الفرنسي تيري هنري بسند الكرة مستخدمًا يده اليسرى بشكلٍ واضح، قبل أن يرسل تمريرةً عرضيةً تسفر عن هدفٍ ثمينٍ للديوك، وسط احتجاجاتٍ كبيرةٍ من لاعبي وجماهير أيرلندا، لم تجد آذانًا صاغيةً لدى الحكم السويدي مارتن هانسن، الذي أصبح عدوًا للأمة الأيرلندية، بعدما اعتُبر مسؤولًا عن حرمان منتخبها من بلوغ نهايات المونديال العالمي.
8- الهدف الشبح في نصف نهائي الشامبيونز ليغ 2005
هدف لاعب ليفربول لويس غارسيا في مرمى تشيلسي
هناك العديد من الأهداف يستخدم في تسميتها مصطلح “الهدف الشبح”، للدلالة على وضوح زيفها وعدم شرعيتها، أشهرها على الإطلاق، هدف لاعب ليفربول لويس غارسيا في مرمى تشيلسي، خلال إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2005 في ملعب الأنفيلد، حيث احتسب الحكم السلوفاكي لوبوس ميشيل هدف المباراة الوحيد، رغم أنه بدا واضحًا للجميع عدم تجاوز الكرة خط المرمى، لينجح ليفربول في إقصاء مواطنه تشيلسي والصعود إلى نهائي البطولة، حيث فاز على ميلان الإيطالي وتوج بلقب الشامبيونز ليغ.
7- هدف لامبارد الملغي في كأس العالم 2010
هدف لامبارد الملغي من عدة زوايا
كانت النتيجة تشير إلى تقدم المنتخب الألماني على نظيره الإنجليزي بهدفين لهدف، خلال مباراة قمة دور الـ16 في مونديال جنوب إفريقيا عام 2010، عندما أطلق اللاعب الإنجليزي فرانك لامبارد تسديدةً بعيدة، ارتطمت بالعارضة وسقطت داخل مرمى الحارس الألماني مانويل نوير، ليرفع لاعبو إنجلترا أيديهم محتفلين بإحراز التعادل، ولكن الحكم الأورغواني خورخي لاريونا كان له رأي آخر، إذ رفض احتساب الهدف بدعوى عدم تجاوز الكرة خط المرمى، رغم أنها تجاوزته بأكثر من نصف متر! لتنتهي المباراة بفوز الألمان وخروج الإنجليز من المونديال، ويُفتح باب الجدل على مصراعيه عن ضرورة اعتماد تقنية خط المرمى.
6- عنف الحارس الألماني في نصف نهائي كأس العالم 1982
لحظة اعتداء الحارس الألماني على اللاعب الفرنسي
في الوقت الذي كان فيه المنتخب الفرنسي متقدمًا على نظيره الألماني بنتيجة 3-1، خلال مباراة نصف نهائي مونديال إسبانيا 1982، انفرد اللاعب الفرنسي باتريك باتيستون بالحارس الألماني هارالد شوماخر، وهم بتسجيل هدفٍ رابعٍ يحسم الأمور تمامًا، فإذا بالحارس الألماني يندفع من مرماه ويصدم المهاجم الفرنسي بعنفٍ شديد، أدى لفقدانه الوعي وتحطم أسنانه الأمامية، في واحدٍ من أشد المشاهد عنفًا في تاريخ المستديرة، وكي يكتمل المشهد المأساوي، رفض الحكم الهولندي تشارلز كورفر احتساب أي خطأ على الحارس الألماني، وسط صدمة اللاعبين الفرنسيين، التي استغلها الألمان خير استغلال، ليعودوا بالنتيجة ويفوزوا بركلات الترجيح، ويحرموا فرنسا من الصعود إلى أول نهائي عالمي في تاريخها.
5- ظلم تشيلسي في نصف نهائي الشامبيونز ليغ 2009
مرةً أخرى بعد عام 2005، يُحرم تشيلسي من بلوغ نهائي الشامبيونز ليغ نتيجة الأخطاء التحكيمية، التي شهدتها هذه المرة مباراة إياب نصف نهائي عام 2009، التي جمعته ببرشلونة في ملعب ستامفورد بريدج، حيث تمادى الحكم النرويجي توم رينينغ أوفريبو في ظلمه للفريق اللندني، برفضه احتساب ما لا يقل عن 3 ركلات جزاءٍ واضحةٍ لهم، فضلًا عن تغاضيه عن طرد أكثر من لاعبٍ من برشلونة، ليترك الفرصة سانحةً أمام الفريق الكاتالوني لإحراز هدف التعادل والتأهل إلى نهائي البطولة، وهو ما حصل فعلًا خلال دقائق المباراة الأخيرة، التي شهدت احتجاجات لاعبي وجماهير البلوز على مهزلة الحكم الأصلع، الذي اعتزل التحكيم على إثرها، بعد تلقيه تهديداتٍ بالقتل من بعض جماهير تشيلسي الغاضبة.
4- محاباة الكوريين في كأس العالم 2002
جانبٌ من احتجاجات لاعبي إسبانيا خلال مباراتهم أمام كوريا
شهد مونديال عام 2002 الذي استضافته اليابان وكوريا الجنوبية، صعود المنتخب الكوري المضيف إلى الدور نصف النهائي للمرة الأولى في تاريخ المنتخبات الآسيوية، ولكن هذا الإنجاز الفريد شابته مهازل تحكيمية مشهودة سهلت من مهمة الشمشون الكوري، أبرزها ما حصل خلال مباراة دور الـ16 التي جمعته بنظيره الإيطالي، حيث ألغى الحكم الإكوادوري ألديمار مورينو هدفًا إيطاليًا شرعيًا أحرزه داميانو توماسي، قبل أن يقوم بطرد نجم الآزوري فرانشيسكو توتي دون وجه حق.
وتكررت المهازل خلال مباراة الدور ربع النهائي بين كوريا وإسبانيا، حيث ألغى الحكم المصري جمال الغندور هدفين شرعيين للإسبان سجلهما باراخا ومورينتس، كان ثانيهما كفيلًا بإنهاء المباراة مباشرةً وفق قاعدة الهدف الذهبي التي كانت مطبقةً آنذاك، لتنتهي المباراة بالتعادل السلبي ويفوز الكوريون بركلات الترجيح وسط حسرة لاعبي وجماهير لاروخا.
3- يد مارادونا في كأس العالم 1986
الأرجنتيني دييغو مارادونا حاملًا كأس العالم عام 1986
“إنها يد الآلهة” هذا ما قاله النجم الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا في وصف هدفه الأول في مرمى المنتخب الإنجليزي، والذي جاء خلال مباراة الفريقين في ربع نهائي كأس العالم عام 1986 بالمكسيك، والتي قادها الحكم التونسي علي بن ناصر، الذي كان الوحيد في الملعب الذي لم يلحظ قبضة يد مارادونا اليسرى وهي ترتفع وتضرب الكرة نحو المرمى في الدقيقة 51! وبعدها بـ5 دقائق أحرز مارادونا هدفًا ثانيًا بطريقة إعجازية بعد مراوغته 6 لاعبين إنجليز، ليقود الأرجنتين لعبور الحاجز الإنجليزي الصعب، ومن ثم إحراز كأس العالم للمرة الثانية في تاريخها.
2- هدف اللقب في نهائي كأس العالم 1966
هدف إنجلترا الثالث في نهائي مونديال 1966
رغم أن الفضل في تأسيس لعبة كرة القدم الحديثة يُعزى إلى الإنجليز، إلا أن إنجازات منتخبهم الكروية محدودة جدًا، وتقتصر على إحراز لقب كأس العالم مرةً يتيمةً، وذلك في النسخة التي استضافتها بلادهم عام 1966، والتي شهدت مباراتها النهائية التي جمعتهم بالألمان، احتساب هدفٍ غير شرعيٍ لأصحاب الضيافة، حيث كانت النتيجة تشير إلى التعادل بنتيجة 2-2 عند الدقيقة 11 من الوقت الإضافي الأول، حين احتسب الحكم السويسري غوتفريد دانتيست هدفًا ثالثًا للإنجليز، من كرة جيف هيرست التي ارتطمت بالعارضة وهبطت فوق خط المرمى دون أن تتجاوزه، لتبقى تلك اللقطة خالدةً في تاريخ الساحرة المستديرة، بصفتها أهدت الإنجليز لقبهم الوحيد في تاريخهم الكروي.
1- إيطاليا الفاشية في كأس العالم 1934
منتخب إيطاليا متوجًا بكأس العالم 1934
يعلم الجميع أن إيطاليا تمتلك في سجلاتها 4 ألقابٍ في كأس العالم، ولكن ما لا يعلمه الكثيرون أن الفضل في إحراز أول تلك الألقاب يعود للزعيم الإيطالي الفاشي بينيتو موسوليني! فقد شهدت مباريات النسخة الثانية من بطولة كأس العالم التي استضافتها إيطاليا، عددًا من المهازل التحكيمية الفاضحة، التي كان عنوانها خضوع الحكام لإرادة موسوليني بإهداء اللقب لبلاده، والذي ظهر جليًا خلال مباراة إيطاليا وإسبانيا ضمن ربع نهائي البطولة، حيث تغاضى الحكم السويسري رينيه مارسيت عن عنف لاعبي الآزوري، الذي أدى لإصابة معظم لاعبي إسبانيا، فضلًا عن إلغائه هدفين إسبانيين صحيحين، لتنتهي المباراة بالتعادل 1-1، وتعاد بعد أيامٍ عملًا بقوانين البطولة آنذاك، ويفوز الطليان بعد تكرار المهازل التحكيمية، التي كانت حاضرةً كذلك خلال نهائي البطولة أمام تشيكوسلوفاكيا، والذي أداره الحكم السويدي إيفان إيجلاند، الذي خضع لإرادة الزعيم الفاشي موسوليني، وأهدى إيطاليا أول ألقابها في كأس العالم.