في الواقع، تبقى جميع الاحتمالات واردة بشأن السياسة المالية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذ من الممكن أن تؤدي سياسة الإدارة الأمريكية إلى تحقيق معجزة اقتصادية. وفي الوقت نفسه، لا يمكن استبعاد فرضية وقوع أزمة مالية حادة. وفي هذا السياق، سنعرض السيناريوهات المحتملة بشأن السياسة المالية لترامب والتي من شأنها أن تؤثر على العالم بأسره.
في الحقيقة، لم يتوقع أحد أن يشهد العالم في سنة 2008، أزمة مالية عالمية خطيرة شبيهة بأزمة الثلاثينات، التي فاقت في حدتها توقعات الخبراء الماليين الذين عجزوا عن تقدير خطورتها. ومن بين الخبراء الماليين الذين لم يتمكنوا من التنبؤ بعمق الأزمة وانعكاساتها الوخيمة، الخبير الاقتصادي السابق لدى البنك الألماني، نوربرت فالتر، الذي حاول فيما بعد تقديم تصوراته المحتملة للوضع الاقتصادي العالمي في ظل المعطيات الاقتصادية المتوفرة في ذلك الوقت.
وإثر تسع سنوات، شهد العالم حدثا مفاجئا، وهو تولي دونالد ترامب مقاليد الحكم في البيت الأبيض. وفي الأثناء، أثبت ترامب أنه مختلف تماما عن أسلافه البالغ عددهم 44. وتتجلى مظاهر الاختلاف بين ترامب وبقية الرؤساء الأمريكيين في العديد من الجوانب، إذ أن الرئيس الجديد يتميز بقراراته العشوائية ومخالفته لكل الاتفاقيات الدولية. وقد شملت قراراته المستهجنة ثوابت النظام الليبرالي العالمي، بالإضافة إلى أن سياسته الفوضوية لم تستثن المبادئ الديمقراطية؛ كالفصل بين السلطات، وحرية الصحافة. في المقابل، لا يزال الغموض يشوب عواقب هذه السياسة العشوائية على الولايات المتحدة والعالم أجمع.
في هذا الإطار، لسائل أن يسأل عن السبل المناسبة لتجنب الوقوع في مستنقع الأزمة المالية مجددا. ومن هذا المنطلق، قام المحلل الأمريكي في مجال الإحصاءات، نيت سيلفر، بوضع 14 سيناريو محتمل بشأن السياسة المالية للإدارة الأمريكية الجديدة.
ووفقا لسيلفر فإن كل الاحتمالات واردة، حيث من الممكن أن تنجح الإدارة الأمريكية الجديدة في كسب الرهان ومجابهة التحديات الاقتصادية، أو قد تفشل تماما في تحقيق ما تصبو إليه.
وفي الوقت ذاته، قدم سيلفر النتائج المحتملة في صورة تحقق أي من السيناريوهات على أرض الواقع، وذلك على عدة مستويات، من بينها التشغيل والتجارة العالمية ومعدلات الفائدة والأسواق العالمية.
ملاحظة: يعتبر السيناريو الأول والثاني والثالث بمثابة وصف للوضع الراهن. وفي الواقع، يمكن أن يستمر ترامب في اعتماد الخيارات الاقتصادية نفسها، ولكن قد يؤثر ذلك على الشعب الأمريكي.
صورة للرسام بامبي بلندن
السيناريو الأول: المواصلة بنفس التوجهات، على الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية تعيش حالة انقسام.
منذ وصوله للبيت الأبيض، يحاول ترامب بذل قصارى جهده من أجل تحقيق وعوده الانتخابية، في حين تتوقع وسائل الإعلام عجزه عن تحقيق أهدافه. على الرغم من ذلك، من المرجح أن يتمكن ترامب من تنفيذ جزء من وعوده التي التزم بها أمام الشعب الأمريكي، مما قد يزيد من حظوظ فوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة سنة 2020.
يتوقع الخبير الاقتصادي لدى “البنك التجاري الألماني”، يورغ كرامر، أن يتسبب ترامب في اندلاع حرب تجارية، في حال استمر في إلغاء المزيد من الاتفاقيات التجارية
من جانب آخر، يتوقع الخبير الاقتصادي لدى “البنك التجاري الألماني”، يورغ كرامر، أن يتسبب ترامب في اندلاع حرب تجارية، في حال استمر في إلغاء المزيد من الاتفاقيات التجارية. وبالتالي، فإن الإدارة الأمريكية ستفشل في تحقيق النمو الاقتصادي الذي ترنو إليه. وفي هذا السياق، قال كرامر إنه “لا توجد المزيد من الموارد التي يمكن لترامب استغلالها، بهدف خفض الضرائب وتحقيق المزيد من الاستثمارات في البنية التحتية”.
كما أضاف الخبير الاقتصادي أن “الاقتصاد الأمريكي يشهد نسق نمو بطيء للغاية، إذ لا تتجاوز نسبته 2 بالمائة. وفي هذه الحالة، لا يمكن تحقيق الطفرة الاقتصادية المرجوة، خاصة وأن الأسهم الأمريكية تشهد ارتفاعا ملحوظا”.
السيناريو الثاني: سقوط ترامب
غالط المتابعون والمعارضون ترامب خلال حملته الانتخابية، حين أوهموه بأن التكهنات بقرب سقوطه لا يمكن أن تتحقق. لذلك، اعتمد ترامب استراتيجيات خاطئة أدت إلى استفحال المشاكل الاقتصادية.
وفي هذه الحالة، فإن ثقة الناخب الأمريكي ستهتز، مثلما حصل قبل سنتين من نهاية ولاية الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش. بالتالي، فإن ترامب لن يتمكن من تحقيق أي من أهدافه. وفي حال حدوث هذا السيناريو، فإن احتمال سقوطه أو انسحابه من الساحة السياسية سيكون واردا.
في هذا الصدد، يتوقع الخبير الاقتصادي لدى بنك “بارنبارغ”، هولغر شميدنغ، حدوث هذا السيناريو، حيث توقع هذا الخبير حالة من عدم الاستقرار في الأسواق المالية. وفي هذا الإطار، قال شميدنغ إنّ “هذا السيناريو لن تكون له تداعيات سلبية كبيرة في حال نجح الكونغرس الأمريكي في تحقيق الإصلاحات المرجوة”.
السيناريو الثالث: نجاح ترامب في تحقيق وعوده الاقتصادية
يتوقع المحلل الأمريكي في مجال الإحصاءات، نيت سيلفر نجاح ترامب في تحقيق وعوده الانتخابية. وفي هذا الإطار، صرح سيلفر أن “ترامب قد ينجح في تحقيق ما يصبو إليه من أهداف”. وفي هذه الحالة، فإن وسائل الإعلام لن تلاحق الرئيس الأمريكي مثل المعتاد. وبالتالي، فإن زملاءه داخل الحزب سيصطفون خلفه، وسيدعمون كل قراراته بدلا من معارضته. وبذلك، سيتمكن ترامب من إلجام أصوات كل معارضيه.
وفي هذا الصدد، قال شميدلنغ: “قد يستغل ترامب سياسته الحمائية في مواجهة البرلمان”. في المقابل، قد تكون لهذه الإصلاحات الاقتصادية التي من المقرر العمل بها في الولايات المتحدة انعكاسات إيجابية طفيفة على القارة الأوروبية.
ملاحظة: السيناريوهات التالية، من السيناريو الرابع إلى السابع، مرتبطة بتغيير ترامب لتوجهاته الاقتصادية في حال فشل خياراته الحالية.
السيناريو الرابع: ترامب يعدل من خياراته
قرر ترامب، بعد مرور أشهر على اتخاذه لقرارات عشوائية، تجنب تكرار نفس الأخطاء وبالتالي العدول عن سياسته الهجومية. لذلك، سيفقد المستشار الأمني لدونالد ترامب، ستيف بانون، كل تأثيره ونفوذه وسيصبح الرئيس الأمريكي كغيره من زملائه في الحزب الجمهوري. وفي هذه الحالة، سيترشح ترامب للانتخابات الرئاسية القادمة باعتباره مرشحا عاديا.
في هذا الإطار، يقول الخبير الاقتصادي لدى “بنك المبادرة الألماني”، ستيفان بيلماير إن “هذا السيناريو قد يؤدي إلى تحقيق النمو المرجوّ”.
السيناريو الخامس: ترامب يسلم السلطة
كان الرئيس الأمريكي الأسبق، كالفين كوليدج، الذي حكم الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة الممتدة بين سنة 1923و1929، غير قادر جسديا وعقليا على القيام بمهامه كرئيس للبلاد. وقد يحدث نفس الأمر مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، البالغ من العمر 70 سنة. حينها، من المتوقع أن يسلم ترامب مهامه اليومية إلى نائبه مايك بنس ويكتفي بالقيام بمهامه التمثيلية. والجدير بالذكر أنه من الممكن أن يحظى ترامب بشعبية واسعة في حال تخليه عن السلطة.
في الحقيقة، قد يزيد هذا السيناريو من شعبية ترامب على المستوى الاقتصادي. وفي هذا الصدد، يقول شميدلنغ إن “هذا السيناريو قد يدفع بالكونغرس الأمريكي إلى الإعلان عن جملة من الإصلاحات، وقد يتم حتى الإعلان عن إصلاحات مالية، دون تدخل الرئيس الأمريكي”.
السيناريو السادس: ترامب يحظى بشعبية واسعة
وضع دافيد فرام، الصحفي ومحرر خطابات الرئيس الأمريكي السابق، جورج وولكر بوش، السيناريو الآتي المتمثل في تنامي المواقف المتشددة من الهجرة والتجارة، وزيادة النفقات في مجالات البنية التحتية والخدمات الاجتماعية، فضلا عن الهجمات المتواصلة على وسائل الإعلام والقضاء والشركات.
وعلى الرغم من أن ترامب يتبع كل السياسات المذكورة أعلاه، إلا أنه يحظى بدعم الديمقراطيين، وبعض الديمقراطيين المحافظين، وجزءا من الصحفيين الأمر الذي يؤكد أن السياسة التي يتبعها ترامب ناجحة. وبالتالي، فإن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تصبح شيئا فشيئا دولة ديمقراطية ليبرالية.
وفي هذا السياق، قال شميدلنغ “إن التجارة العالمية ستشهد نكسة. بالإضافة إلى ذلك، ستشهد دول أخرى -مثل ألمانيا- تراجعا اقتصاديا… أما بعد الازدهار الاقتصادي النسبي، سيشهد الاقتصاد الأمريكي تضخما وسيكون النمو بطيئا. لذلك، ستشهد الأسواق المالية عدة إصلاحات”.
السيناريو السابع: ترامب يصبح غاضبا
بعد أن يخفق الرئيس الأمريكي في تحقيق أهدافه، سيفقد أعصابه وسيقوم بتغيير جذري لكل من سياساته، ومستشاريه وحتى حلفائه.
في الواقع، هاجم ترامب منافسيه خلال الانتخابات التمهيدية. ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض، كان الرئيس الأمريكي الجديد في الحقيقة عاجزا سياسيا عن ممارسة مهامه على غرار الرئيس الأسبق جيمي كارتر.
بيلماير: “على الرغم من أن نتائج هذا السيناريو ستكون إيجابية على المدى القصير، إلا أنها أنها ستكون سلبية على المدى الطويل. وفي هذه الحالة، سيتضرر المستثمرون الأجانب، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تكون شريكا فعالا، وقد تبحث عن شركاء آخرين”
وفي هذا السياق، قال بيلماير: “على الرغم من أن نتائج هذا السيناريو ستكون إيجابية على المدى القصير، إلا أنها أنها ستكون سلبية على المدى الطويل. وفي هذه الحالة، سيتضرر المستثمرون الأجانب، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تكون شريكا فعالا، وقد تبحث عن شركاء آخرين”.
ملاحظة: السيناريوهات القادمة، من السيناريو الثامن إلى العاشر، مرتبطة بفشل ترامب في تحقيق أهدافه، أو فقدان شعبيته.
السيناريو الثامن: ترامب يصبح رمزا للفضائح
قد يحدث ذلك بسبب مشاريعه التجارية، أو بسبب طريقته الفظة والمهينة في معاملة النساء. ويعلق الصحفي والمحلل الأمريكي نايت سيلفر على هذا الأمر بالقول إن “الولايات المتحدة لم تشهد على الأرجح رئيسا من هذا النوع، إذ أنه يتمتع بقدرة هائلة على إثارة الفضائح، ولهذا فإنه من الوارد جدا أن تتحول فترة ترامب إلى مسلسل فضائح، ما من شأنه أن يمثل فرصة للسيطرة عليه وكبح جماحه.
يعتقد الخبير شميدلنغ أن حدوث هذه الفرضية سوف يحمل معه آمالا ومخاطر على حد سواء؛ إذ أن الضعف الذي من الممكن أن ينعكس على ترامب بسبب هذه الفضائح قد يجعله أقل تصميما على فرض أجندته الحمائية، وإجراءاته التي ستعرقل حرية التجارة. لكن، يبقى من الصعب التكهن بالطريقة التي سيتصرف بها ترامب، في حال وجد نفسه في هذا المأزق.
السيناريو التاسع: فشل وعود ترامب في خلق فرص العمل
تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بخلق 25 مليون موطن شغل جديد خلال 10 سنوات. وبالطبع، يعتقد الجميع أنه لن يتمكن حتى من الاقتراب من تحقيق هذا الرقم، خاصة في ظل توجهاته نحو السياسات الاقتصادية الحمائية، التي لن تؤدي إلا لمزيد من تأزم الوضع وركود الاقتصاد.
أما بالنسبة لخبراء الاقتصاد، أمثال هولغر شميدلنغ، فإن هذا السيناريو يمثل كابوسا حقيقيا “إذ سيؤدي لتزايد أعداد الأمريكيين الذين يعيشون تحت خط الفقر، وانهيار حاد في أسعار الأسهم، وسيؤثر ذلك سلبا على ثقة المستثمرين في السندات الحكومية على ضفتي المحيط الأطلسي. حينها، سيفرض ترامب المزيد من التدخلات الحمائية، التي ستجعل ألمانيا والدول الأخرى الغربية الشريكة مع الولايات المتحدة عرضة لتأثيرات سلبية تفوق ما سيتعرض له الاقتصاد الأمريكي”.
السيناريو العاشر: الأمريكيون يلتفون حول ترامب
عندما يواجه الأمريكيون خطر تهديد مشترك، فإن رئيس البلاد يصبح متمتعا بشعبية جارفة، وقد حصلت هذه الظاهرة بالفعل بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر الإرهابية، ولهذا فإن حدثا من هذا النوع مثل الهجمات الإرهابية قد يفيد ترامب كثيرا، إلا أن التأثيرات طويلة المدى لهذا الأمر لا يمكن توقعها.
فالشعب الأمريكي سئم من الحروب المتواصلة منذ سنة 2001، خاصة بسبب فشل حرب العراق الثانية، ورأى كيف أن تدخلا عسكريا يحظى بالدعم الشعبي، قد يتحول في لمح البصر إلى مستنقع يسبب أزمة سياسية للرئيس.
من جهتهم، قد يسارع المستثمرون أيضا للفرار إلى وجهات آمنة لبعض الوقت؛ مثل السندات الحكومية الأمريكية. في هذا السياق، أشار شميدلنغ إلى أن “الحروب محدودة النطاق مثل حرب العراق، أو الهجمات الإرهابية المعزولة، لا تؤدي في العادة لردود فعل حادة في الأوساط الاقتصادية وأسواق المال. ولكن الدخول في صراع أكبر على غرار الحرب مع الصين يمكن أن يسبب ضربة موجعة لكل من الأسواق العالمية والاقتصاد”.
ملاحظة: في المجموعة الرابعة من السيناريوهات؛ السيناريوهان الحادي عشر والثاني عشر؛ يقود ترامب الولايات المتحدة مباشرة إلى قلب أزمة خانقة.
السيناريو الحادي عشر: أمريكا تتحول إلى دولة دكتاتورية
خلال سنة 2013، قال ستيف بانون، مستشار ترامب الحالي، إنه يطمح إلى تحطيم كل القواعد وتدمير المنظومة السياسية القائمة. ويعتبر نيت سيلفر أنه في حال كان د ترامب يفكر بنفس هذه الطريقة، فإنه سوف يتصرف بسرعة خلال الفترة المقبلة حتى يسبق خصومه وينفذ مخططاته.
لكن الإجابة حول سؤال “هل ينوي ترامب فعلا القيام بذلك؟” ليست مؤكدة، إلا أن كل المؤشرات في الوقت الحالي تشير إلى أن الرئيس ترامب يمثل تهديدا وجوديا بالنسبة للديمقراطية الأمريكية. وحول هذا الأمر، يقول الخبير البنكي بيل ماير إن “هذا السيناريو سيكون مضرا جدا بالاقتصاد، حيث أن الولايات المتحدة قد تتدحرج بسرعة نحو الانكماش، وتنفصل عن الاقتصاد العالمي”.
السيناريو الثاني عشر: أمريكا تنزلق نحو أزمة دستورية
على غرار ما فعلته المدعية العامة سالي ياتس، التي قام دونالد ترامب بعزلها في شهر كانون الثاني/يناير، بعد أن رفضت التعاون في شأن قرار حظر سفر المسلمين الذي أصدره ترامب، فإن العديد من المسؤولين الآخرين في عدة مواقع حساسة في الإدارة الأمريكية قد ينسجون على منوالها؛ فالعديد من الموظفين في السلطة التنفيذية والوزارات والجيش قد يتمردون على ترامب، ويعارضون -بشكل علني- قراراته أو يتعمدون التشويش عليها.
وبشكل أكثر تحديدا، فإن اليساريين في الإدارة الأمريكية يبدون متحمسين لهذا السيناريو، حيث يحذر نايت سيلفر من حدوث إجراءات استثنائية، تمس من صلاحيات هذا الرئيس المنتخب، وهو ما سيؤدي لتقويض أسس الديمقراطية الأمريكية.
ويعتبر رئيس الخبراء الاقتصاديين لدى داتس بنك، أولريخ كاتر أن هذا سيكون عكس روح الدستور والديمقراطية الأمريكية، إذ أن ترامب في هذه الحالة سيمثل المؤسسات الرسمية التي يجب أن تدافع عن نفسها ضد التمرد، والنتيجة المتنظرة لذلك تتمثل في أن النظام السياسي الأمريكي سيتعرض لأضرار دائمة لا يمكن تجاوزها.
ملاحظة: المجموعة الخامسة من السيناريوهات، التي تشمل السيناريو الثالث عشر والرابع عشر، تفترض أن ترامب سيحقق هدفه النهائي، وهو “جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”.
السيناريو الثالث عشر: ترامب الفتاك
يسعى ترامب للظهور مثل ممثل أفلام الحركة الشهير أرنولد شوارزنيجر، الذي أصبح لاحقا حاكما لولاية كاليفورنيا خاصة وأنه يسعى في كل مرة للظهور على أنه شخص قوي وصلب، قادر على حسم الأمور. ولكن على غرار انتقال شوارزنيجر من أفلام العنف إلى السياسة، فإن ترامب قد ينتقل أيضا من أقصى اليمين إلى الوسط، ويعتمد على سياسات أكثر اعتدالا، من شأنها أن تحظى بشعبية أكثر في الحزبين الجمهوري والديمقراطي. كما يتوقع هولغر شميدلنغ أيضا تبعات هامة لهذا التوجه؛ حيث أنه سيؤدي لصعود سريع في التبادلات التجارية مع دول ذات وزن مثل ألمانيا.
السيناريو الرابع عشر: ترامب الثوري
في هذا السيناريو، قد لا يمتلك ترامب الوصفة الملائمة لإصلاح الأوضاع، ولكنه يمتلك الحدس الصحيح إذ ربما تكون النخب الحاكمة في الدول الغربية مخطئة، ولا تكون العولمة الاقتصادية على تلك الدرجة من الفائدة. كما أنه من الممكن أن يكون النظام الاقتصادي الحالي سيئا وفاسدا، كما يحب ترامب أن يصفه في كل مناسبة. في الواقع، هذه الفرضية تفندها العديد من الحجج، ولكن عددا كبيرا من الأمريكيين الذين صوتوا لترامب، اختاروه لأنهم غير راضين عن الوضع الحالي، ويريدون التغيير.
وفي هولغر شميدلنغ “إذا حدث ما هو غير متوقع، وأصبح ترامب رئيسا ناجحا، وكسب رضى الأمريكيين رغم سياساته الحمائية ونزعته القومية، فإن هذا سيؤدي لتقوية شوكة الحركات القومية في أوروبا. وبالتالي، سيكون لهذا الأمر تبعات وخيمة جدا، ستؤدي لنشر الفرقة والعزلة في القارة الأوروبية، فضلا عن انكفاء كل دولة على نفسها، وتشتت المنطقة إلى دول صغيرة، وهو ما سيكون له تأثير خطير على اقتصادات هذه الدول، أكثر من تأثيره على الاقتصاد الداخلي الأمريكي، الذي يتمتع بالضخامة والقدرة على تحمل الانغلاق.
المصدر: فيلت