ارتفعت أسعار النفط العالمية في آخر يوم تداول للأسواق الجمعة 17 شباط/فبراير بدعم من الأخبار الواردة من منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك” أنها قد تمدد اتفاق خفض الإنتاج الذي يهدف إلى كبح تخمة المعروض العالمي، حيث قالت أوبك أنه للمساهمة في إعادة التوازن للسوق، إن اتفاق خفض الإمدادات قد يتم تمديده إذا أظهر جميع كبار المنتجين “تعاونًا فاعلاً”.
اتفاق تخفيض الإنتاج صامد
أغلق خام مزيج برنت للعقود الآجلة يوم الجمعة على سعر 55.77 دولار للبرميل كما ارتفع خام غرب تكساس الأمريكي في العقود الآجلة إلى 53.43 دولار للبرميل. ويعد صمود أسعار النفط فوق مستوى 50 دولار للبرميل، بعدما عكفت منظمة “أوبك” ومنتجون آخرون خارج المنظمة من بينهم روسيا على خفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميًا خلال النصف الأول من 2017 بهدف كبح تخمة المعروض التي تضغط على الأسواق منذ 2014 وتشير التقديرات إلى أن نسبة التزام “أوبك” بالاتفاق تقارب 90%.
وتواجه أسواق النفط الخام تحديات عديدة للحفاظ على مستوى الأسعار الذي صعدت إليه في الأشهر الماضية التي أعقبت الاتفاق، حيث لا تزال تلك التحديات تسبب استمرار التقلبات السعرية.
نسبة التزام “أوبك” باتفاق خفض الإنتاج تقارب 90%
وتتمثل أبرز تلك التحديات في استمرار زيادة الحفارات النفطية الأمريكية أسبوعًا تلو الآخر مستفيدة من انخفاض تكاليف الإنتاج، حيث زادت الحفارات النفطية الأمريكية للأسبوع الخامس في مؤشر على انتعاش جيد في المعروض من النفط الصخري الأمريكي، وتواكب ذلك مع تسجيل المخزونات النفطية ارتفاعات غير متوقعة كتحدي آخر يفرض نفسه على أسعار النفط العالمية.
زادت شركات الطاقة الأمريكية عدد منصات الحفر النفطية للأسبوع الخامس على التوالي لتواصل التعافي المستمر منذ تسعة أشهر مع استفادة شركات الحفر من اتفاق أوبك الذي أبقى أسعار الخام فوق 50 دولارا للبرميل.
ومن المتوقع ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأمريكي في آذار/مارس المقبل بنحو 79 ألف برميل يوميًا، وهي أعلى وتيرة في خمسة أشهر إلى 4.87 مليون برميل يوميًا، وهو أعلى مستوى منذ أيار/مايو العام الماضي، وهو ما سيزيد من التقلبات السعرية ويضغط على أوبك والمنتجين خارجها للمزيد من خفض الإنتاج بغرض إبقاء الأسعار فوق 50 دولار.
ويتوقع محللون أن تزيد شركات الطاقة الأمريكية إنفاقها على أنشطة الحفر وتضخ مزيدًا من النفط والغاز الطبيعي الصخري في السنوات المقبلة، وسط توقعات باستمرار صعود أسعار الطاقة.
ازدياد عدد منصات الحفر النفطية في الولايات المتحدة للأسبوع الخامس على التوالي
إذ من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط بمعدل صحي بنحو 1.2 مليون برميل يوميصا في العام الجاري بحسب تقرير لمنظمة أوبك، في ظل توقع أن تسجل معدلات النمو في العام الجاري 3.1%.
من المتوقع أن تزيد شركات الطاقة الأمريكية إنفاقها على أنشطة الحفر لضح المزيد من النفط والغاز الطبيعي الصخري
وترى أوبك في تقريرها أن التراكم الكبير في المخزونات النفطية هو مصدر القلق الأول لها، على الرغم من حقيقة أن مستويات المخزونات النفطية التجارية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية شهدت العام الماضي تغيرات طفيفة إلا أنها تبقى أعلى من المتوسط في خمس سنوات بنحو 300 مليون برميل. كما لا يمكن إغفال ارتفاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الذي يعد المستفيد الأبرز من صعود أسعار النفط.
خسارة في صناعة النفط
سبب انهيار أسعار النفط منتصف العام 2014 بنسبة فاقت 80% إلى خسائر كبيرة في العامين الماضيين في قطاع صناعة النفط حيث أكد الأمين العام لمنظمة “أوبك” محمد باركيندو أن الإنفاق العالمي على التنقيب والإنتاج تراجع بنسبة نحو 26% في عام 2015، وانخفض بنسبة إضافية 22% في عام 2016، وأوضح أن خسائر الاستثمارات بلغت أكثر من 300 مليار دولار خلال ثلاث سنوات، فعملية استمرار انكماش الاستثمارات في صناعة النفط لم يسبق لها مثيل من قبل.
كما أن تراجع الأسعار في السنوات الماضية أدى إلى اضطراب وصدمة واسعة في السوق ليس في جميع أنحاء صناعة النفط والغاز فحسب، بل وفي الاقتصاد العالمي بشكل عام، ما أدى إلى فقد آلاف من فرص العمل وخفض الميزانيات، وإلغاء مشاريع أو تأجيلها، ثم تجميد الاستثمارات وذهبت بعض الشركات إلى الإفلاس.
وأشار باركيندو في تقرير عن مشاركته في الرياض في الدورة السابعة لاجتماعات منتدى الطاقة الدولي ووكالة الطاقة الدولية ومنظمة “أوبك” التي ركزت على توقعات سوق الطاقة، إلى وجود سيناريو مقلق يواجه صناعة النفط في الأعوام المقبلة، فهناك حاجة إلى استثمارات جديدة متعلقة بالنفط تبلغ عشرة تريليونات دولار حتى عام 2040 من أجل تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة في المستقبل، وسوق النفط اليوم تواجه صعوبة في تلبية هذا المستوى من الاستثمار.
خسائر الاستثمارات في صناعة النفط بلغت أكثر من 300 مليار دولار خلال ثلاث سنوات
لذا جاء اتفاق أوبك والمنتجين المستقلين ليؤكد على حجم المسؤولية في السوق النفطية العالمية، فارتفاع الأسعار ساهم في عودة ضخ دماء جديدة في استثمارات النفط من تنقيب واستكشاف واستخراج وغيرها، وهذا بحد ذاته يعد بشارة أمل للصناعة النفطية تؤكد للمنتجين أنهم يسيرون في الطريق الصحيح كما يشير لذلك باريكندو.
حيث ارتفعت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام بشكل حاد إلى أعلى مستوياتها في 18 شهرًا ووصلت رهانات مديري الأعمال إلى تسجيل الأسعار مستويات قياسية جديدة، إلى جانب توقعات تحقيق مكاسب مستمرة في الأسعار، وإضافة إلى ذلك شهدت ارتفاع الناتج الاقتصادي وتحسنًا في أسواق العمل على الرغم من زيادة التضخم في بعض الاقتصادات المتقدمة الرئيسية.