من المتوقع أن ينطلق في شهر مايو/أيار القادم أول مفاعل نووي في دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد أن قامت وكالة الطاقة الذرية الدولية بالتفتيش عليه، لضمان استخدامه لأغراض سلمية، وهي توليد الطاقة الكهربائية.
وكانت الإمارات قد أعلنت في نهاية عام 2009 تدشينها لبرنامج نووي سلمي، من خلال تشكيلها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، حيث أطلقت مشروع برنامجها بمنح عقد بقيمة 40 مليار دولار لكونسورتيوم كوري جنوبي، لبناء مفاعلات نووية وتشغيلها بصورة مشتركة لمدة 60 عامًا.
وتقول السلطات الإماراتية إن البرنامج يهدف لإنتاج الكهرباء لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، حيث تُظهر تقارير لديها أن الطلب على الكهرباء في الإمارات سيتضاعف بحلول عام 2020. كما تقول السلطات إن الهدف الآخر من هذا البرنامج هو “دعم التنمية الاقتصادية وتوفير العديد من فرص العمل لمواطني الدولة”. وتؤكد الإمارات أن المشروع يسير وفق الميزانية المرسومة، وفي الموعد المحدد له.
سباق مشاريع نووية خليجية؟
مجلة فورين أفيرز الأمريكية، تناولت في تقرير لها نشر مؤخرًا هذا المشروع، قائلة: جنبًا إلى جنب مع هذا التقدم قد تأتي المخاوف بشأن الدول العربية باستخدام القدرات النووية المقبلة لبناء سلاح في وقت ما في المستقبل. ففي العام الماضي، قال وزير الدفاع الاسرائيلي السابق موشيه يعلون: “نرى مؤشرات على استعداد دول في العالم العربي لامتلاك أسلحة نووية، وهم ليسوا على استعداد للجلوس بهدوء مع إيران، التي على شفا أن تمتلك قنبلة نووية أو ذرية”.
كلينتون: السعوديون لن يقفوا موقف المتفرج، إنهم يحاولون بالفعل معرفة كيفية الحصول على أسلحة نووية خاصة بهم
وقبل ذلك سنة، قال وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس إن “صفقة إيران ستثير بلدان أخرى في المنطقة لمتابعة قدرات نووية ما يعادلها، من المؤكد المملكة العربية السعودية أحدها”.
وبحسب وثيقة مسربة من موقع ويكيليكس، قالت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون أن “السعوديون لن يقفوا موقف المتفرج، إنهم يحاولون بالفعل معرفة كيفية الحصول على أسلحة نووية خاصة بهم، ثم عند ذلك، لن تقف الإمارات موقف المتفرج، وستدخل مع السعودية بسباق تسلح خليجي”.
لكن دولة الإمارات العربية المتحدة، كانت قد قدمت حجة مقنعة سابقًا، حيث أنها تحتاج للطاقة النووية لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، والحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتحرير المزيد من صادرات النفط.
تطمينات إماراتية
ولتهدئة المخاوف بشأن نواياها، قدمت أبو ظبي “وثيقة السياسة العامة في تقييم إمكانية تطوير برنامج للطاقة النووية السلمية”، والتي تقضي بأن “أي برنامج نووي في الدولة سيرتكز على أساس عنصري السلامة وحظر الانتشار النووي، وكذلك الامتناع عن التخصيب وإعادة معالجة الوقود النووي محلياً”.
وفي أكتوبر 2009، أصدرت الإمارات قانونًا يحظر تطوير أو إنشاء أو تشغيل أي منشأة لإعادة معالجة الوقود المستهلك أو تخصيب اليورانيوم ضمن حدودها. ويقضي القانون بإنشاء “الهيئة الاتحادية للرقابة النووية”، وهي هيئة رقابية وتنظيمية مستقلة تماماً تعمل على تنظيم القطاع النووي في الإمارات للأغراض السلمية فقط، وتحقيق الأمان النووي والوقاية من الإشعاعات.
وينص القانون أيضًا على “تجريم وفرض عقوبات قاسية مدنية وجزائية على مخالفة أحكام القانون، بما في ذلك سرقة المواد النووية أو المتاجرة بها أو النقل أو الاستخدام غير المصرح به لتلك المواد”.
الانتاج سيبدأ هذا العام
أجنيتا رايزنج، المديرة العامة للرابطة النووية العالمية، وفي حديث سابق لها مع صحيفة “خليج تايمز”، أشارت إلى أن “البرنامج النووي الإماراتي يحظى بدعم دولي كبير، والقائمون على البرنامج ينفذون كل شيء حسب المعايير الدولية”.
وقالت رايزينغ إن “أول مفاعل نووي من ضمن الأربعة التابعات للإمارات، سيبدأ العمل خلال العام الحالي، بينما سيبدأ آخر في العام الذي يليه”. وأضافت مديرة الرابطة النووية، أنه “بالرغم من أن المفاعلات النووية الأربعة لا تزال قيد الإنشاء إلا أن الأول سيتم تحميله بالوقود قريباً وسيكون من الممكن إجراء اختبارات عليه”.
ويقول مسؤولون إماراتيون أن الحكومة ستبدأ بإنتاج الطاقة النووية بحلول نهاية عام 2017، وأن البلاد ستمضي في برنامج الطاقة النووي عبر تشاور وثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويقول خبراء طاقة دوليين أن “الإمارات وافقت على توقيع عقد مع الشركة الكورية الجنوبية للطاقة الكهربائية (كيبكو) بقيمة 20 مليار دولار، وذلك بهدف بناء أربعة مفاعلات نووية بمجموع 5.6 جيجاواط بحلول عام 2020 في براكا”.
ويقول خبراء إن “النفايات النووية التي يتم العناية بها لا تشكل أي تهديد”، لافتة إلى “أننا لسنا على عجلة من أمرنا وهذه ليست مشكلة تقنية ولا اقتصادية، بل هي مشكلة في السياسات والحاجة لوضع القواعد والأنظمة الصحيحة”.
وقّعت الإمارات في العام 2000 على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية التي اعتمدتها الأمم المتحدة
ووفقاً لملف الإمارات العربية المتحدة في الرابطة النووية العالمية، فإن الإمارات ملتزمة باستراتيجية المسار المزدوج لإدارة النفايات المشعة الذي يتضمن تطوير مخزن وطني بالتوازي مع استكشاف خيارات تعاون إقليمي.
إلى ذلك، وبحسب صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية”، زارات وكالة الطاقة الدولية دولة الإمارات في نوفمبر الماضي لمراجعة الإطار الأمني النووي، وخلال العام الحالي، ستقيّم أيضًا ممارسات السلامة في المحطة النووية، ومن المخطط القيام بثلاثة زيارات أخرى خلال العامين القادمين.
وتعود بداية البرنامج النووي إلى العام 1995 حين انضمت الإمارات إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي تهدف إلى الحد من انتشار الأسلحة النووية حول العالم. كما وقّعت الإمارات في العام 2000 على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية التي اعتمدتها الأمم المتحدة لحظر إجراء التجارب النووية بكافة أشكالها.