أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الإثنين 20 من فبراير/ شباط تعيين الجنرال هربت ريموند مكماستر مستشارًا للأمن القومي خلفًا لمايكل فلين بعد الفضيحة التي لحقته بعلاقته مع روسيا وأدت إلى استقالته، فمن هذا الرجل الذي اختاره ترامب في هذا المنصب المهم؟
مكماستر ينضم لفريق الأمن القومي
قبل الخوض في فكر مستشار الأمن الجديد وخلفيته وجب القول إن المستشار الجديد موصوف بنقده للسلطات الأمريكية السابقة بينما لم تتحمل إدارة ترامب النقد في الشهر الأول من توليها للسلطة وقد أدت في بعض الأحيان إلى إقالة بعض الموظفين وإلى اتهام بعض شبكات الإعلام المحلية بأنها تعادي الشعب الأمريكي، فهل يُكتب للمستشار الجديد طول البقاء مع هذه الإدارة أم أن الفريق الأمني سيرى وجهًا آخر؟!
انتهى تقرير سابق على نون بوست أن استقالة مايكل فلين قد تقود ترامب إلى التخفيف من حدة سياساته التي يتبناها اتجاه العديد من القضايا، وستعيد خلط الأوراق في البيت الأبيض من جديد، بحيث يتم تعيين شخصيات تحظى بقبول واسع من قبل المؤسسات الأمريكية والحزبين الجمهوري والديمقراطي لإبعاد أزمة الثقة التي حدثت في أول أيام إدارته.
ويبدو أن ترامب باختياره مكماستر اختار رجلًا حياديًا كي لا يثير المشاكل مع المعارضين وله انتقادات حادة لإدارات أمريكية سابقة، ليُظهر للمؤسسات الأمريكية أنه شخص ليس متعصب لقراره ورأيه، ومكماستر شخص له باع في العمل العسكري ومحل ثقة لدى المؤسسة الأمنية الأمريكية ومعروف لدى حلفاء أمريكا التقليديين، وهو كما قال ترامب عنه بعد إعلان توليه المنصب “يتمتع باحترام كبير من الجميع في الجيش، ويتمتع بموهبة فذة وخبرة هائلة”.
مكماستر معروف باستقلاليته في اتخاذ القرارات ولا يخشى من إبداء رأي مخالف لمرؤوسيه
سبق وأن انتقد مكماستر حرب فيتنام وسبق له أن ألف كتابًا “إهمال الواجب” وجه فيه انتقادات لأداء الجنرالات إبان حرب فيتنام، وانتقد استراتيجية إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش في حربه على العراق رغم أنه شارك فيها بالإضافة إلى حرب أفغانستان ويُعرف عنه دائمًا اقتراحه الدائم لاستراتيجيات جديدة لمحاربة الإرهاب، كما أن مكماستر معروف باستقلاليته في اتخاذ القرارات ولا يخشى من إبداء رأي مخالف لمرؤوسيه.
مع محافظة ترامب على اختيار شخصية عسكرية وليست مدنية كما درج عند الرؤساء الـ45 السابقين، وبهذا يصر ترامب على أن تلعب المؤسسة العسكرية دورًا محوريًا في فريقه للسياسة الخارجية لدعم قراراته بشأن الملفات الخارجية.
ولعل ترجيح ترامب لاختيار الرجل أنه اشتهر في مجال محاربة الإرهاب ويُنسب إليه نجاح استراتيجية مختلفة لمحاربة الإرهاب في العراق أسهم في حسم الأمور لصالح الولايات المتحدة، حيث يتناغم هذا مع سياسة ترامب الخارجية التي ينوي من خلالها التركيز للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في سوريا والعراق، والتعاون مع روسيا في هذا الشأن.
إذ يدرك ترامب أن القضاء على داعش في المنطقة سيرفع من رصيده في الرئاسة خصوصًا أنه ينوي الترشح في الفترة الرئاسية المقبلة، وربما يتحمل ترامب انتقادات الجنرال مقابل تحقيقه نصر على الأرض ضد “داعش”، خصوصًا أن الرجل يرجح عنصر النصر على أي شيء آخر حتى لو كان ذلك على حساب المدنيين، ففي عملية “مكافحة التمرد” التي قادها في مدينة تلعفر شمال العراق في العام 2005 – حيث كانت القاعدة تتمركز في تلعفر – تم قصف المدينة بأسلحة محرمة دوليًا تسببت في مقتل مئات المدنيين وتدمير 9 مساجد و5 مدارس وهدم عشرات المنازل.
مكماستر مصنف في مجلة الـ”تايم” عام 2014 من أكثر مائة شخص تأثيرًا في العالم
ولأن الرجل لديه ماضٍ كبير في الخدمة العسكرية يُنظر إليه بأنه أحد مفكري المؤسسة الأمنية الأمريكية، ومن المتوقع أن يكون له تدخل كبير في وضع الاستراتيجية الأمنية خارج الولايات المتحدة وشبكة تحالفاتها مع دول العالم، فمعروف عنه ركوب المخاطر، لكن هذا لا يعني القول بأنه سيعطي ترامب صك قبول عن كل سياساته، فالرجل مختلف تمامًا عن مايكل فلين، الذي كان يردد كل ما يقوله ترامب ويدافع عن سياساته.
وباختيار مكماستر يكون ترامب أحاط نفسه بمجموعة من المستشارين الإيديولوجيين بقيادة ستيفين بانون الذي وظفه ترامب في منصب كبير المستشارين وكبير المخططين الاستراتيجيين في إدارته وهو سياسي عقائدي يملك أفكارًا صلبة لا وجود لأنصاف الحلول فيها، ويوصف باليميني المتطرف.