لا تزال أزمة الديون اليونانية تشكل هاجسًا للاتحاد الأوروبي نظرًا لاستمرار الأزمة الاقتصادية هناك بالشكل الذي قد يؤدي إلى إفلاس البلاد في حال عدم وصول أموال المساعدات المقررة من الدول المانحة وبالأخص بعد امتناع صندوق النقد الدولي اتخاذ قرار بشأن مشاركته في تقديم المزيد من المساعدات المالية لأثينا.
منطقة اليورو تجتمع لحسم أزمة الديون
اجتمع وزراء دول منطقة اليورو المؤلفة من 22 دولة أمس الإثنين 20 فبراير/شباط لبحث مسألة الديون اليونانية والإفراج عن الدفعة المالية الجديدة المقدرة بـ7.2 مليارات يورو من حزمة المساعدات المالية الثالثة المقررة لليونان منذ أغسطس/آب العام الماضي والتي تبلغ 86 مليار يورو.
وكانت الدول طلبت من اليونان تحقيق فائض في الميزانية قبل تسديد ديونها بواقع 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في حين يرى صندوق النقد الدولي أن نسبة 1.5% تعد كافية، بالرغم أن الصندوق له نظرة مغايرة حول الأزمة إذ يطالب بإعفاء اليونان من جزء كبير من ديونها، لإنها لا تحتمل، داعيًا أثينا لتطبيق المزيد من الإصلاحات تتضمن رفع الضرائب لزيادة العائدات وتخفيض رواتب التقاعد. وقد أكدت بعثت الصندوق في اليونان، أنه لا يزال من المبكر التنبؤ بإمكانية التوصل إلى اتفاق، ومن المقرر أن يساهم الصندوق بـ5 مليارات يورو ضمن حزمة المساعدات التي سيتم الإفراج عنها.
إلا أن هذا الأمر بالنسبة لدول اليورو يعد بمثابة التخلي عن اليونان وبالتالي الخروج من الاتحاد الأوروبي ورؤية “غريكسيت” مشابه لما حصل مع “بريكسيت” في بريطانيا وهو ما لا تريده ألمانيا بالذات وبقية دول الاتحاد، على الأقل في ظل حكومات الدول الحالية، حيث يطالب المقرضون الأوروبين بفرض المزيد من الإجراءات التقشفية من خلال تخفيض توسيع القاعدة الضريبية وتخفيض المعاشات.
قرر وزراء مالية اليورو إرسال المزيد من الخبراء مجددًا إلى أثينا للتفاوض على اتفاق مع السلطات اليونانية للإفراج عن حزمة المساعدات المالية
ومن المتوقع أن تلتقي أنجيلا ميركل غدًا الأربعاء في برلين مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، على أمل إحراز المزيد من التقدم في ملف الديون اليونانية واستمرار صندوق النقد في تقديم حزمة مساعداته المالية.
وقرر وزراء مالية دول منطقة اليورو في اجتماعهم أمس الإثنين إرسال المزيد من الخبراء مجددًا إلى أثينا للتفاوض على اتفاق مع السلطات اليونانية، بشأن الإصلاحات المطلوبة في الضرائب وسوق العمل ومعاشات التقاعد لصرف أموال جديدة ضمن برنامج إنقاذ البلاد.
وحسب رئيس مجموعة اليورو يروين ديسلبلوم، أنه من الضروري إبرام اتفاق فيما يتعلق بالضرائب ومعاشات التقاعد والقواعد المنظمة لسوق العمل، وأفاد أنه في ظل تعقد المحادثات بين أثينا والمقرضين فإن صرف المساعدات المالية القادمة لن يكون وشيكًا. وقال “أريد أن أكبح جماح التوقعات، لا حاجة إلى صرف أموال في الأشهر الثلاثة المقبلة”، ويذكر أن وضع اليونان ليس جيدًا في الوقت الحالي ظل حاجتها لأموال لسداد ديونها بحلول يوليو/تموز المقبل.
موقف أثينا الضعيف!
وفي محاولة للخروج من الأزمة وافقت أثينا على تسوية بقيامها بإصلاحات جديدة في ظل مخاوف من إمكانية انسحابها من اليورو، حيث أشار وزير المالية اليوناني اقليدس تساكالوتوس إلى موافقته لتطبيق خطوات مباشرة، في حال فشلت حكومته في تحقيق أهداف الميزانية التي حددها لها الأوروبيون.
كما وافق الجانب اليوناني أيضًا على الإصلاحات التي سيتم تطبيقها اعتبارًا من العام 2019 ولكن هذا الاتفاق يحتاج إلى موافقة البرلمان اليوناني الذي سبق له وعرقل العديد من التسويات السابقة التي توصلت لها الحكومة مع دائنيها.
أما الموقف الرسمي للحكومة حول المبحاثات فقد حذر رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس صندوق النقد الدولي ووزير المالية الألماني “فولفغانغ شويبله” من “اللعب بالنار” في إشارة إلى أن ألمانيا تمرر طلبات خفية عبر صندوق النقد الدولي، من خلال عرقلة المفاوضات بين بلاده ودائنيها، حيث تتمسك الحكومة برفض خفص معاشات التقاعد وزيادة الضرائب، وتقول عن هذه الإجراءات بأنها غير عادلة.
في الوقت الذي يخشى مسؤولون على مستقبل اليونان في ظل تقدم المرشحين المناهضين للاتحاد الأوروبي في استطلاعات الرأي في الانتخابات الرئاسية القادمة التي من بينها هولندا وألمانيا وفرنسا.
ويذكر أن الديون اليونانية وصلت إلى 315 مليار يورو خلال العام الماضي 2016 وشكلت نحو 180% من إجمالي الناتج المحلي، وكان الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي وافق على منح اليونان قروض مالية بمجموع 110 مليارات يورو على مدى 3 سنوات في حزمة الانقاذ الأولى في العام 2010 وفي فبراير 2012 تم تخصيص 130 مليار يورو أما الحزمة الثالثة فكانت في العام 2015 بحجم 86 مليار يورو صرفت منها منطقة اليورو 31.7 مليار يورو حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2016 وبانتظار استكمال حزمة المساعدات المالية من الخطة الثالثة، التي لم يقرر الإفراج عنها بعد بانتظار التوصل لاتفاق.