ترجمة حفصة جودة
وُصف الوضع في مدينة درنة الساحلية بليبيا حيث انهار سدان قبل يومين بـ”الكارثة التي تتجاوز الإدارك”، فقد قالت جمعية الصليب الأحمر ومسؤولون محليون إن هناك 10 آلاف مفقود على الأقل في تلك الفيضانات المدمرة.
قال المتحدث الرسمي باسم إدارة شرق ليبيا محمد أبو لموشة إن عدد الوفيات المؤكدة يتجاوز 5300 قتيل، بينما قال طارق الخراز – ممثل آخر لحكومة شرق ليبيا – إن أحياءً كاملةً في درنة جرفها الفيضان، بينما ابتلع البحر الكثير من الجثث.
تكدست مئات الجثث في المقابر مع قلة أعداد الناجين الذين يستطيعون التعرف عليهم وفقًا لخراز، الذي قال إنه يتوقع أن تتجاوز أعداد الوفيات 10 آلاف شخص، هذا الرقم ذكره أيضًا الاتحاد الدولي للصليب الأحمر وجمعيات الهلال الأحمر.
كان مسؤول الاتصال الوطني الليبي بمنظمة الصحة العالمية رامي الشهيبي، قد وصف الوضع في درنة بأنه يفوق التخيلات، بينما قال وزير الطيران المدني الليبي هشام شكيوات إن الكثير من الجثث ما زالت حيث ألقى بها التيار، فالجثث تملأ جميع الأماكن، في البحر والوادي وتحت المباني.
أضاف شكيوات بعد زيارته للمدينة إنه لا يبالغ عندما يقول إن 25% من المدينة اختفى، كما انهارت الكثير من المنازل.
كشفت لقطات الفيديو المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي توسل الناس للحصول على المساعدة وصراخهم بينما تبتلع المياه الموحلة منازلهم، كما أظهرت لقطات أخرى السيول وهي تجتاح السيارات في الشوارع التي تحولت إلى أنهار.
قالت المدونة الليبية سندس شويب إنها كانت في منزلها عندما وجدت مياه الفيضان تسحبها فجأة، وقد أضافت في شهادتها المروعة أنها رأت أطفال ورضع يبتلعهم الطيار، وكانت الجثث بجوارها وفوقها وتحتها.
توقفت شويب أخيرًا في المياه الضحلة ونُقلت إلى المستشفى، وهناك تقول: “لا أستطيع إدراك ما حدث، في بعض الأحيان أشكر الله على نجاتي، لكن عندما أتذكر أن عائلتي مفقودة، أتمنى لو أنني مت معهم”.
قال المجلس النرويجي للاجئين إن هناك عشرات آلاف النازحين دون أي أمل في عودتهم إلى منازلهم، ويضيف “فريقنا في ليبيا يتحدث عن وضع كارثي بين أكثر المجتمعات فقرًا على طول الساحل الشمالي، فهناك قرى بأكملها جرفها الفيضان وما زال عدد الوفيات في تزايد”.
أما المواطنون اليائسون فيكتبون على وسائل التواصل الاجتماعي بحثًا عن أقاربهم المفقودين، والكثيرون غاضبون من بطء وتيرة جهود الإغاثة، ومن فشل السلطات المحلية في تحذيرهم من خطر انهيار السدود.
كان المهندسون قد أطلقوا تحذيرات عامة سابقًا بشأن تعرض السدود لخطر الانهيار والحاجة العاجلة لتعزيز دفاعاتهم.
قال أنس القماطي، مؤسس مؤسسة “معهد صادق” الفكرية في ليبيا، إنه لا بد من إجراء تحقيق سياسي، وأضاف “شمال إفريقيا ليس بمنأى عن التغيرات المناخية، لكن الكارثة تتعلق بالفساد والعجز أيضًا، في المغرب لم يكن متاحًا أن نعرف بشأن تحرك الصفائح التكتونية إلا قبلها بدقائق أو ثوان، لكن الوضع في ليبيا مختلف، كانت هناك الكثير من التحذيرات بشأن الإعصار، ومع ذلك لم يتم إجلاء سكان درنة، والآن أكثر من ربع سكان المدينة أصبحوا تحت الماء”.
صدر تقرير عام 2022 بإحدى المجلات الأكاديمية، قال إنه إذا وقع فيضان مشابه لفيضان عام 1959، فمن المرجح أن ينهار أحد السدين، ما يعرض سكان الوادي وسكان مدينة درنة لخطر الفيضان”.
مُزقت ليبيا الغنية بالنفط بسبب الاقتتال السياسي والفساد والتدخلات الخارجية منذ ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق والراحل معمر القذافي، وعلى مدى عقد فشلت محاولات تشكيل حكومة موحدة، وبدلًا من ذلك أصبح هناك حكومتان متنافستان تدعم كل منهما مليشيات خاصة، إحداهما في طرابلس بالغرب والأخرى في طبرق بالشرق.
تراجعت الاستثمارات في الطرق والخدمات العامة، ولم يكن هناك أي تنظيم للمباني الخاصة، وكانت درنة واقعة لسنوات عديدة تحت حكم الميلشيات الإسلامية حتى استولى عليها الجنرال خليفة حفتر المسؤول عن الجيش في الشرق.
قال جلال حرشاوي الزميل المشارك بمعهد الخدمات المتحدة الملكية لدراسات الدفاع والأمن، إنه منذ ذلك الحين، شككت الحكومة الشرقية في المدينة وهمّشت سكانها.
بينما قال عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، إن طائرة مزودة بإمدادات طبية عاجلة تحمل 14 طنًا من الأدوية والمعدات وحقائب الجثث و87 طبيبًا ومسعفًا توجهت من بنغازي لدعم المناطق المنكوبة من الفيضان.
تسببت الفيضانات الناتجة عن عاصفة دانيال في انقطاع كامل للاتصالات وخدمات الإنترنت في درنة، أما الأحياء الواقعة على ضفاف النهر الفائض فقد دُمرت بالكامل وابتلعها التيار.
يقول حذيفة الحصادي أحد سكان درنة “عمق بعض الوديان التي تجمعت فيها المياه وصل إلى 40 مترًا، وهكذا، عندما انهار السد انطلقت المياه كالقنبلة الذرية وانهارت 8 جسور ومبان سكنية بالكامل”.
قال أسامة علي المتحدث باسم هيئة الطوارئ الليبية: “توجهت جميع المياه إلى منطقة قرب درنة – وهي منطقة ساحلية جبلية -، أما منازل الوديان التي كانت في طريق الفيضان فقد جُرفت بالكامل نتيجة الاندفاع الشديد للمياه الموحلة التي تحمل مركبات وحطام”.
وأضاف “لم تُدرس ظروف الطقس جيدًا مثل مستويات مياه البحر وتساقط الأمطار وسرعة الرياح، ولم يتم إجلاء السكان الذين يعيشون في طريق العاصفة وفي الوديان”، هناك تقارير متضاربة بشأن تقديم طلبات لإخلاء المدينة الأسبوع الماضي، لكن إذا كانت قد قُدمت بالفعل فلماذا لم تُنفذ هذه الخطة؟!
المصدر: الغارديان