يبدو أن الوقفات والمظاهرات الاحتجاجية التي نظمها الشعب الأردني ضد اتفاقية الغاز مع الكيان الإسرائيلي خلال الأشهر الماضية، لم تأت أكلها ولم تؤد هدفها، فالعلاقات بين الاحتلال الإسرائيلي والحكومة ماضية دون توقف وتحديدًا في المجال التجاري.
حيث تظهر التقارير أن التطبيع الأردني الرسمي مع “إسرائيل” في تحسن مستمر، في الوقت الذي تقوم فيه العديد من الدول الغربيّة بمعاقبتها عبر مقاطعة بضائعها ومحاربتها، فهل أصبحت بعض الدول العربية -المصنفة إسرائيليا بالمعتدلة- طوق النجاة من اتساع رقعة المقاطعة؟
#نحن أولى بذلك ‼️
? نشطاء إيرلنديون يفرغون الرفوف من البضائع الإسرائيلية ‼️ #المقاطعة_واجب pic.twitter.com/qkRxHKgt8O
— د. باسم نعيم نعيم (@naim_basem) February 8, 2017
تقارير إسرائيلية تؤكد والحكومة تنفي
مناسبة هذا الحديث، هو ما نشر على موقع “المصدر” الإخباري الإسرائيلي، حول المنطقة الاقتصادية الحرة بين الأردن والكيان الإسرائيلي تحت عنوان لافت للغاية يقول “شبه سري.. انطلاق تشييد منطقة تجارة حرة إسرائيلية-أردنية مشتركة”.
وبحسب تقرير في صحيفة “غلوبوس” الاقتصادية الإسرائيلية، فقد بدأت أعمال لإقامة منطقة إسرائيلية ـ أردنيّة حرة مشتركة قرب نهر الأردن، مع إقامة جسر كبير من المتوقع أن يصل طوله إلى 352 مترا، يربط بين كلا البلدين.
وقال معد التقرير الصحافي الإسرائيلي الذي قام بزيارة موقع الإنشاء إن “الأعمال ما زالت في بدايتها، وهناك القليل من الشاحنات التي تنقل الرمال من الجانب الإسرائيلي إلى الأردني، ومن المتوقع أن يزداد العمل في المنطقة في شهر آذار/مارس المقبل مع بدء بناء الجسر، الذي سيبنى في شمال غور الأردن”.
المنطقة التي سيتم تشييد المنطقة الحرة فيها على نهر الأردن
لكن بينما تؤكد الصحف الإسرائيلية أن المنطقة الحرة بدأ التجهيز لها، تنفي الحكومة الأردنية وجود منطقة تجارة حرة مشتركة جديدة مع الجانب الإسرائيلي، لافتة إلى أن “ما يجري مجرد عملية توسعة وتحديث للمنطقة القديمة القائمة منذ ما يزيد على عقدين“.
في هذا الإطار، أوضح الناطق الإعلامي باسم وزارة النقل علي عضيبات، بأن منطقة التجارة الحرة المشتركة مع الجانب الإسرائيلي هي قائمة منذ توقيع اتفاقية وادي عربة.
وقال عضيبات لـ”أردن الإخبارية” إن “ما يتم حاليا ليس بناء للمنطقة، وإنما تطوير وتوسعة لتسهيل حركة العبور ونقل البضائع، واستثمار الأراضي الواقعة ضمن حدود المنطقة الحرة”.
في السياق، نفى رئيس هيئة الاستثمار ثابت الور، في تصريحات صحفية وجود اتفاق على منطقة تجارية حرة جديدة مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، مشيرا إلى أن “مجلس الاستثمار بصفته المسؤول عن إقرار المناطق الحرة، لم يناقش على الإطلاق إنشاء منطقة تجارية حرة مع الجانب الإسرائيلي”.
Israel, Jordan begin building free trade zone https://t.co/OjSUWViEsR pic.twitter.com/VANMvP9YGc
— The Jerusalem Post (@Jerusalem_Post) January 16, 2017
تقارير: أعمال النباء ستبدأ الشهر المقبل
بالعودة إلى تقرير صحيفة “غلوبوس” الاقتصادية، فإن التقرير يؤكد على أنه “بدأت في الأيام الأخيرة، عملية تجهيز الأرض لبناء منطقة تجارة مشتركة أردنية إسرائيلية، عند جسر الحسين”.
وذكر التقرير بأن “أعمال البناء الفعلية بالمنطقة ستبدأ في شهر آذار/مارس المقبل”، مبينا أن “القرار الإسرائيلي الفعلي بخصوص المنطقة صدر في نهاية العام 2013، وأن المنطقة الصناعية ستستوعب 10 آلاف عامل أردني”.
وأوضح التقرير بأنه سيقام إلى جانبي الجسر “بوابة أردنيّة”، منطقة تجارة حرة مشتركة للصناعة والأعمال على مساحة 700 دونم في الجانب الأردني، كما ستُقام مصانع على مساحة 245 دونما في الجانب الإسرائيلي، وستُقام مكاتب الدعم اللوجستي لنقل البضائع وجباية الضرائب.
المنطقة التي سيتم تشييد المنطقة الحرة فيها على نهر الأردن
خطوط إنتاج بتكلفة رخيصة
وبحسب التقرير الإسرائيلي، فإنه سيكون بإمكان مستثمرين إسرائيليين إقامة خطوط إنتاج تكلفتها رخيصة في الجانب الأردني، بفضل الراتب المتدني نسبيا الذي يدفع بالأردن، في المقابل ستقام بالجانب الاسرائيلي مخازن لوجستية ومكاتب، وسيكون بإمكان الإسرائيليين أن يدخلوا إلى ويخرجوا من الجانب الأردني مواد خام ومنتوجات جاهزة.
وطبقا للتقرير، فإن “إسرائيل” ستمول تكاليف الانشاءات المشتركة، مثل الجسر الجديد فوق نهر الأردن بكلفة تعادل 17 مليون دولار، إضافة إلى تخصيص 52 مليون دولار للمنشآت في الجانب الإسرائيلي.
مدير المنطقة الصناعية الأردنية، مع رجال أعمال إسرائيليين في منطقة تجارة حرة على جانبي الحدود بين “إسرائيل” – (رويترز)
وفي تعليق منه على الموضوع، رأى الخبير الاقتصادي مازن مرجي أنه “بالرغم من الترويج بأن الأفضلية الاقتصادية مشتركة بين الأردن وإسرائيل فيما يخص المنطقة الحرة، فإن المؤشرات تشير إلى أن الأفضلية لمصلحة الكيان الصهيوني، إذ بإمكان المصانع الإسرائيلية الاستفادة من التكلفة المنخفضة لأجور العمالة الأردنية، مقارنة بالأجور المرتفعة للعمال الإسرائيليين”.
وقال مرجي لـ”أردن الإخبارية” إنه “تتمثل الأفضلية الإسرائيلية أيضا بمكان المنطقة ووقوعها بالقرب من الطريق المؤدي إلى ميناء حيفا، التي تربط إسرائيل بأوروبا، إضافة إلى قربها من عمان الأمر الذي يساعد على نقل البضائع إلى خليج العقبة ومنه إلى آسيا”.
وأشار مرجي إلى أن “هناك فائدة أخرى لإسرائيل، وهي أنه سيتاح لها تصدير البضائع إلى دول لا تستورد منها لمواجهة المقاطعة الأوروبية للمنتجات الصهيونية”.
وجدد مرجي تحذيره من “الآثار السلبية التي ستنجم عن المنطقة الحرة، حيث ستؤثر على الشركات والمصانع الأردنية لعدم القدرة على التنافسية مع المنتجات الإسرائيلية”.
تبادل تجاري بمئات الملايين خلال عقدين
إلى ذلك، يرتبط الأردن مع إسرائيل باتفاقية للتعاون التجاري والاقتصادي بين الجانبين موقعة في العام 1995، وأخرى متعلقة بالمناطق الصناعية المؤهلة “QIZ” في العام 1997.
وبحسب أرقام الإحصاءات العامة، فإن قيمة مستوردات المملكة من البضائع الإسرائيلية انخفضت من 71.3 مليون دينار، أي حوالي 100 مليون دولار عام 2012، إلى 40.6 مليون دينار، أي نحو 56 مليون دولار عام2014.
تظهر الأرقام أن الأردن استورد خلال العشرين سنة الماضية ألبسة وأنسجة ومستلزماتهما من دولة الاحتلال بقيمة 657 مليون دينار
لكن قيمة صادرات الأردن إلى دولة الاحتلال شهدت خلال الفترة نفسها زيادة طفيفة؛ إذ ارتفعت قيمتها من 53.4 مليون دينار، أي حوالي 75.4 مليون دولار عام 2012 إلى 58.6 مليون دينار أي ما يساوي 82.6 مليون دولار عام 2014.
في حين تتصدرالألبسة والأنسجة قائمة أكثر من مئة صنف من السلع يتبادلها الأردن ودولة الاحتلال، حسب ما تظهره الأرقام الرسمية، إضافة إلى المنتجات الزراعية كفواكه الكاكا والمانجا، إلى جانب الحلي والأحجار الكريمة والزيوت النباتية.
وتظهر الأرقام أن الأردن استورد خلال العشرين سنة الماضية ألبسة وأنسجة ومستلزماتهما من دولة الاحتلال بقيمة 657 مليون دينار، أي حوالي 926.4 مليون دولار، حيث تشكل نصف إجمالي قيمة مستوردات المملكة من البضائع الإسرائيلية.
ووفقا لمعاهدة السلام الموقعة بين الأردن وإسرائيل بتاريخ 26 تشرين الأول تشرين الأول/أكتوبر من العام 1994، تم التوقيع على اتفاقية للتعاون التجاري الاقتصادي بين الجانبين العام 1995. واتفق الطرفان بحسب ما جاء في الاتفاقية على “إزالة حواجز التمييز التي تعتبر معيقة لتحقيق علاقات اقتصادية طبيعية، وإنهاء المقاطعات الاقتصادية الموجهة ضد الطرف الآخر”.
المصدر: أردن الإخبارية