شكل مجموع ما تستورده دولتا الجزائر والمغرب من الأسلحة 56% من إجمالي واردات إفريقيا بين سنتي 2011 و2015، حسب أحدث تقرير عن تجارة السلاح في العالم لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام العالمية، رغم ما تعانيه الدولتان من مشاكل اقتصادية كبيرة دفعتها للتوجه إلى السوق المالية العالمية للتداين.
تفوق جزائري
رغم حالة الركود الاقتصادي الذي تشهده الجزائر في السنوات الأخيرة نتيجة تراجع سعر برميل النفط في السوق العالمي، فإن ذلك لم يمنعها من استيراد مزيد من الأسلحة لتتصدر بذلك أكبر مستوردي السلاح في القارة الإفريقية، خلال الخماسي (2011- 2015)، حيث حازت الجزائر على نسبة 46% من واردات السلاح القادمة إلى القارة السمراء، حسب تقرير عن تجارة السلاح في العالم لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام العالمية (سيبري) صادر أول أمس الأحد.
وسيبري معهد دولي مستقل متخصص بأبحاث الصراع والتسلح وتحديد الأسلحة، تأسس عام 1966، ويعتمد على المصادر المفتوحة لتقديم البيانات وتحليلها وتوصيلها إلى صناع السياسة والباحثين ووسائل الإعلام.
من أهم التجهيزات العسكرية الروسية المصدرة للجزائر، نجد الدبابة القتالية الشهيرة “تي. 90 أس أي”
وتظل روسيا المصدر الأول للجزائر بشأن المعدات الحربية منذ 24 سنة (بلغت قيمة مشتريات الجزائر العسكرية من روسيا في الفترة الممتدة بين عامي 2008 – 2011، 4.7 مليار دولار)، ففي العام 2015 بلغت واردات الجزائر من العتاد العسكري الروسي نصف مليار دولار، وكانت موسكو قد عرضت على الجزائر مؤخرًا، منحها الأولوية في تصدير منظمات الدفاع الجوي الأكثر تطورًا من نوع بانستير سي 1 القادرة على التصدي للصواريخ (نسخة مشابهة لمنظومة الدفاع الجوي ضد الصواريخ الأمريكية)، بالإضافة إلى نقل تكنولوجيا تصنيع القذائف الصاروخية الذكية للجزائر والمشاركة التقنية في المشروع الجزائري لتطوير العربات القتالية.
ومن أهم التجهيزات العسكرية الروسية المصدرة للجزائر، نجد الدبابة القتالية الشهيرة “تي. 90 إس إي”، التي تسلم الجيش الشعبي الوطني 67 نسخة منها شهر يوليو 2016، في إطار صفقة أبرمت عام 2014 وتتضمن تصدير 200 دبابة من هذا النوع، حسب تقرير نشرته وكالة “تاس” الروسية“، على أن تتسلم الجزائر طائرات عمودية هجومية من نوع “إم آي – 28 إن إي”، ومروحيات للنقل التكتيكي الثقيل صنف “إم آي 26 تي2” روسية الصنع.
مقاتلات سوخوي 34 روسية الصنع
وتسعى موسكو إلى إقناع الجزائر باقتناء منظومات سلاح حديثة في إطار عقود جديدة للتسليح تتضمن صواريخ بحرية وطائرات تجسس مأهولة حديثة ومقاتلات سوخوي 34 وصواريخ بانستير وإس 300 المضادة للطائرات وصواريخ كورفيت المضاد للدبابات وصواريخ فيربا، حسب تقارير إعلامية، وكانت الجزائر قد اشترت، مؤخرًا، نظام رادار خاص بالحدود و8 طائرات نقل من نوع لوكهيد ونظام رصد جوي واتصال من الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى فرقاطتان بنظام بحري و6 مروحيات عسكرية ضد الغواصات و54 مركبة عسكرية من ألمانيا.
10 مليار دولار للجيش
تبلغ ميزانية وزارة الدفاع الجزائرية للسنة الحالية أكثر من 10 مليار دولار، لتتفوق بذلك ميزانية الجيش على جميع الوزارات، وترجع أوساط جزائرية هذا الارتفاع في ميزانية الدفاع إلى الدور القوي للجيش في مراكز القرار وتأثيره في السياسة الخارجية والدبلوماسية، والحرب الباردة مع المغرب التي طال أمدها، بالإضافة إلى الوضع غير المستقر بليبيا وتونس، واستيقاظ جيوب إرهابية بالمناطق الحدودية والصحراوية للبلاد.
وكان تقرير أمريكي أصدره مركز “ماركت للأبحاث”، قد أشار إلى ارتفاع حجم الإنفاق العسكري في الجزائر، خلال السنوات المقبلة، في ظل تزايد التحديات الأمنية بدول الجوار الاستراتيجي، ليبلغ 16 مليار دولار عام 2020، مقابل 13 مليار دولار سنة 2015، وقال التقرير إن تنامي حجم التهديدات الإرهابية في المنطقة وتردي الأوضاع في تونس وليبيا ومالي، ورهان ضمان التوازن العسكري مع المغرب الأقصى، والحاجة الماسة لتطوير قدرات الجيش الجزائري ستدفع إلى رفع الإنفاق على المعدات والأسلحة من 4.5 مليار دولار سنويًا إلى 6.8 مليار دولار سنويًا بحلول العشرية المقبلة، وقبل ذلك قدر المعهد الدولي لأبحاث السلام والأمن في بروكسل في شهر فبراير 2012، حاجات الجيش الجزائري في السنوات الخمس القادمة بما لا يقل عن 10 مليار دولار من أنظمة الأسلحة المختلفة.
تأهب عسكري على الحدود مع المغرب
ويحتل الجيش الجزائري المركز الـ27 عالميًا والثاني عربيًا بعد مصر ضمن التصنيف العالمي لأقوى الجيوش الذي تعده المؤسسة الأمريكية غلوبال فاير باور المتخصصة في لسنة 2016، فيما احتل الجيش الجزائري المرتبة الأولى عربيًا من حيث التعداد وبلغ عدد أفراده 512 ألف جندي، حسب تصنيف لنفس المؤسسة لسنة 2015.
المغرب ثانيًا
تقرير المؤسسة الدولية للأبحاث بشأن السلام في ستوكهولم، قال إن المغرب احتل المرتبة الثانية إفريقيًا ضمن كبار مشتري السلاح بين عامي 2012 و2016، خلف الجزائر بنسبة 15% من إجمالي مشتريات إفريقيا، وجاء المغرب، حسب التقرير، في المرتبة الـ24 ضمن لائحة أكبر الدول من حيث مشتريات السلاح في العالم بين عامي 2012 و2016، إذ بلغت نسبة مشترياته من إجمالي أكبر أربعين دولة 1.2%، وتصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قائمة الدول المزودة للرباط بالأسلحة (اعتمد المغرب عليها أساسًا في تجديد أسطوله الجوي) تليها فرنسا ثم هولندا.
يحتل الجيش المغربي المركز الخامس إفريقيًا والـ39 عالميًا في قائمة أقوى الجيوش العالمية والإفريقية
ودفع ضعف صناعة الدفاع المحلية في المغرب وافتقارها إلى قدرات التصنيع الحديثة، إلى استيراد الأسلحة الحديثة والذخائر مثل الطائرات المقاتلة وطائرات التدريب والصورايخ والدبابات والسفن الحربية لتلبية المتطلبات العسكرية في البلاد، وبوأ التصنيف الأخير لموقع “جلوبال فاير باور” المتخصص في الإحصائيات العسكرية على مستوى العالم، الجيش المغربي المركز الخامس إفريقيًا والـ39 عالميًا في قائمة أقوى الجيوش العالمية والإفريقية.
الإنفاق العسكري المغربي
صنف التقرير المغرب ضمن أكثر الدول الإفريقية إنفاقًا على التسليح، حيث ناهز إنفاق الرباط على التسليح 18.5 مليار دولار بين عامي 2011 و2015، وفي العام 2015 أنفقت الرباط 3.7 مليارات على شراء أسلحة من كبرى الدول المصنعة، وهو ما يمثل 3.5% من ناتجه المحلي الإجمالي.
تخطط المملكة المغربية لشراء المزيد من الطائرات المقاتلة ومروحيات نقل الجنود والتدريب والغواصات والزوارق
لا تخضع ميزانية المؤسسة العسكرية في المغرب التي تفوق السنة الحالية 3 مليار دولار (تقارب نسبة 8% من الميزانية العامة للمملكة) للنقاش في البرلمان، إذ تتم المصادقة عليها بالإجماع كل سنة، ويغيب الحديث عنها في الدوائر السياسية أو الصحافة نظرًا لحساسية الموضوع وارتباطه بالأمن القومي المغربي، وترجع المملكة إنفاقها العسكري الضخم، إلى التهديدات الخارجية التي تمس وحدتها الترابية، سواء تعلق الأمر بالجزائر أو البوليساريو، بالإضافة إلى تنامي عصابات المخدرات ومافيا الإتجار بالبشر.
وتخطط المملكة المغربية لشراء المزيد من الطائرات المقاتلة ومروحيات نقل الجنود والتدريب والغواصات والزوارق والسفن الحربية وأنظمة الرادار والدبابات لتحديث قواتها المسلحة، بالإضافة إلى طائرات دون طيار ومعدات مراقبة ورصد الغواصات والسفن البرمائية ومعدات لتعزيز البنية التحتية لترسانة بناء البوارج الحربية والطائرات وكل الأنظمة الداعمة المتعلقة بها، إذ ينتظر أن يصل مجموع قيمة مشتريات الأسلحة بالفترة بين عامي 2018 و2022 إلى 18.6 مليار دولار.
المقاتلة الأمريكية إف 16
ويمتلك المغرب أفضل أسطول جوي في منطقة شمال إفريقيا، بالنظر للتدابير التي اتخذتها القوات الجوية المغربية لتطوير أسطولها، لا سيما بعد اقتناء 24 طائرة مقاتلة من طراز (إف 16) بقيمة 2.4 مليار دولار من الولايات المتحدة الأمريكية وتجهيزها بأنظمة استهداف حربية متطورة بقيمة 30 مليون دولار، وهي الصفقة التي تم من خلالها تزويد القوات المسلحة الملكية بالدعم اللوجيستي وقطع الغيار، علاوة على كل ما يتطلبه تأهيل الأنظمة التي تعتمدها القوات المغربية لتتماشى والأنظمة الجديدة المتطورة.
سباق تسلّح رغم الفقر
ارتفاع الانفاق العسكري في الجزائر والمغرب، لا يعكس طبيعة اقتصاد البلدين الذي يشكو تدهورا منذ سنوات انعكس سلبا على نسبة الفقر والبطالة، ففي الجزائر يعيش أكثر من عشر ملايين جزائري بأقل من 1.25 دولارا في اليوم، حسب تقرير للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، فيما تجاوز نسبة البطالة لدى الشباب الجزائري 25 %.
وفي المغرب رغم تراجع نسبة الفقر إلى مستويات متدنية ونسبة البطالة إلى 8.6% في الربع الثاني من العام السابق، فإن القدرة الشرائية للمواطنين تشهد تدهورا متواصلا نتيجة التراجع الاقتصادي الذي تشهده البلاد في السنوات الأخيرة.