حصل رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة على ثقة المجلس الوطني التأسيسي بنسبة أصوات تفوق الثلثين رغم أن نسبة 50 بالمائة زائد واحد كانت تكفيه لاجتياز “امتحان” منح الثقة وليمر لقيادة البلاد في مرحلة انتقالية جديدة يفترض أن تكون الأخيرة وأن تنتهي إلى انتخابات برلمانية يجب أن تقام إلزاما حسب القانون قبل نهاية سنة 2014.
نتائج التصويت على منح الثقة لحكومة مهدي جمعة
حكومة مهدي جمعة التي تمثل أحد المسارات التي أقرتها خارطة الطريق التي تبنتها كل الأحزاب التونسية المشاركة في الحوار الوطني، ورغم وجود أصوات معارضة لها بشكل تام أو جزئي، فإنها حصلت على إجماع بأن كل حاملي حقائبها الوزارية هم أكفاء حاصلون على أعلى الشهادات العلمية في مجالاتهم وناجحون على المستوى التطبيقي كل في اختصاصه.
وأما الاعتراضات والانتقادات فقد جاءت كالتالي:
وزيرة السياحة:
آمال كربول، درست في جامعة كارلسروه الألمانية في تخصص الهندسة الميكانيكية، وبالإضافة إلى عملها كأستاذة جامعية زائرة في سويسرا، تدير آمال مؤسسات مجتمع مدني وأعمالا خاصة من مدينة كولونيا الألمانية. وهي واحدة من أبرز الشخصيات التونسية الشابة الناشطة في المجتمع المدني بألمانيا، وتشرف على مؤسسة متخصصة في مجال استراتيجيات الإدارة والقيادة والاستشارات في مشاريع الأعمال والمجتمع، وعينت منذ سنة 2013 سفيرة “المصلحة العامة” لدى مؤسسة بي أم دبليو الألمانية.
ووجهت انتقادات حادة إلى آمال كربول خلال جلسات منح الثقة من عدد من نواب المعارضة وصلت إلى حد مطالبتها بالرحيل بسبب ثبوت زيارتها لإسرائيل في سنة 2006، وهو الأمر الذي أشار إليه مهدي جمعة بالقول بأن زيارتها تلك كانت في “إطار برنامج مع الأمم المتحدة لتكوين شباب فلسطينيين”، مضيفا أنها تعرضت في المطار الإسرائيلي إلى مضايقات استمرت 6 ساعات كاملة لأنها “عربية مسلمة تونسية” وأنها بقيت يوما واحدا في إسرائيل و”رجعت إلى ألمانيا رافضة إكمال هذه المهمة، حتى ولو كان فيها تكوين لفلسطينيين”.
وزير الداخلية:
لطفي بن جدو، وهو نفس الوزير الذي شغل نفس الحقيبة في حكومة رئيس الوزراء السابق علي العريض، وتوجه له بعض القوى المعارضة اتهامات بالتقصير في الملف الأمني وبالتسبب يطريقة غير مباشرة في حدوث الاغتيال السياسي الذي راح ضحيته النائب محمد البراهمي. مع العلم بأن بن جدو عين في حكومة العريض بصفته مستقلا في إطار تعهد حركة النهضة آن ذاك بتحييد الوزارات السيادية.
ورغم المعارضة القوية التي واجهها مهدي جمعة بسبب اختياره لبن جدو إلا أنه تمسك به وزيرا للداخلية بحجة أن الوضع الأمني في البلاد لا يحتمل حصول تغيير جديد على رأس الوزارة. في حين ردت حركة النهضة على معارضي بن جدو بحجة عمله في حكومة العريض بالإشارة إلى أن مهدي جمعة نفسه شغل منصب وزير الصناعة في حكومة علي العريض.
وزير الشؤون الدينية:
منير التليلي، أستاذ جامعي بالمعهد العالي لأصول الدين التابع لجامعة الزيتونة وعضو لدى بعض هيآت الرقابة الشرعية لدى بعض البنوك والمؤسسات المالية وصناديق الاستثمار ومؤسسات التأمين الإسلامي. له مواقف سابقة داعية إلى تعديل مجلة الأحوال الشخصية التي أقرها الرئيس التونسي الأسبق حبيب بورقيبة، كما عرف عنه دعمه لإعادة تفعيل نظام الأوقاف الذي ألغاه بورقيبة.
وقالت أصوات معارضة داخل المجلس الوطني التأسيسي التونسي أن التليلي “منتمي لحركة النهضة”، في حين ذهب آخرون إلى القول بأنه يحمل “فكرا وهبيا”، وهو ما رد عليه مهدي جمعة بالإشارة إلى أنه اختار تشكيلة حكومته على أساس “ثلاثة معايير هي الاستقلالية والكفاءة ونظافة اليد”، وبأنه مستعد للتخلي عن أي وزير يثبت عليه عكس ذلك.
حل روابط حماية الثورة:
خلال مداخلاتهم، طالب عدد من النواب المعارضين لحكم حركة النهضة، حكومة مهدي جمعة بالقيام بحل “روابط حماية الثورة” التي وصفوها ب”روابط العنف”. وهي جمعيات مدنية تشكلت أيام الثورة في شكل لجان شعبية لحماية الأحياء من الفوضى التي وقعت في الأيام الأولى لهروب بن علي، وتحولت في ما بعد إلى جمعيات مرخصة بصفة قانونية. وتتهمها المعارضة بإفساد بعض المهرجانات الشعبية لعدد من الأحزاب السياسية المحسوبة على النظام السابق وعلى رأسها حزب حركة نداء تونس.
وأما رد مهدي جمعة على هذا المطلب الذي يعتبر مطلبا أساسيا لعدد من التيارات السياسية في البلاد، فقد جاء بالتعهد بمنع أي تحرك غير قانون لأي كيان وبتطبيق القانون على الجميع، مع الإشارة إلى أنه غير مستعد لإعادة سياسات العهد السابق الاستبدادية وإلى أن التحقيق والقانون والقضاء سيكونان الفيصل الوحيد في التعامل مع روابط حماية الثورة وغيرها من الكيانات.
تاريخ الانتخابات:
ومن بين أكثر الملفات طرحا خلال جلسات يوم أمس التي استمرت إلى ما بعد منتصف الليل، تساءل برلمانيون عن الانتخابات القادمة وتاريخ إقامتها والظروف التي ستوفرها الحكومة الجديدة لضمان نجاحها وشفافيتها ونزاهتها.
وهو الأمر الذي رد عليه مهدي جمعة بالقول بأن أولى أولويات حكومته هو السير بالبلاد نحو انتخابات عامة حرة نزيهة شفافة لا يرتقي إليها أي تشكيك”، مشيرا إلى أن “ذلك يستدعي توفير دعامتين، تتمثلان في تهيئة الوضع الأمني وإنعاش الاقتصاد الوطني”.