هل أنت مستعد لحزم حقائبك للسفر، إذا كانت الإجابة بنعم، فكن على استعداد حينها أن الرحلة قد تدوم فترة طويلة بعض الشيء، من الممكن أن تستمر لسنوات، لم تظهر لنا إجابات نهائية من وكالة ناسا حتى الآن، ولكن ما نحن على علم وثيق به حاليًا، بأنه لم يعد سؤالنا يتلخص في هل توجد حياة خارج كوكب الأرض بالفعل؟ بل أصبح متى يمكننا حزم حقائبنا للقيام برحلة في مجرة درب التبانة إلى كوكب آخر؟
يعود السؤال الأخير لتوماس زيربوكن الرئيس المساعد لمديرية المهام العلمية بناسا، بعد إعلانه أحدث اكتشافات ناسا التي ستغير من مفهومنا للحياة على كوكب الأرض كليًا، حيث لم تكتشف ناسا كوكبًا له إمكانية محتملة ليكون بديلًا لكوكب الأرض فحسب، بل اكتشفت سبعة بدائل عن كوكب الأرض، من الممكن جدًا أن تكون جاهزة لاستقبال البشر في المستقبل القريب، فهل أنت مستعد لخوض رحلة سريعة من المعلومات لمعرفة تلك البدائل السبعة؟
أنت الآن في كوكبة الدلو، أمامك النجم “ترابيست1” (TRAPPIST-1)، وهو قزم أحمر اللون، ولا يخدعك لونه الأحمر في كونه شديد الارتفاع في درجة الحرارة، بل على العكس، “ترابيست1” نجم شديد البرودة، حيث تبلغ درجة حرارة سطحه 2700 درجة مئوية بينما تكون على سطح الشمس 5800 درجة مئوية، أنت الآن تبعد عن كوكب الأرض نحو 39 سنة ضوئية، وتقترب من النجم “ترابيست1″ (TRAPPIST-1)” بنحو 6 مليون كيلومتر فقط، وذلك لأنك على أحد الكواكب الثلاثة الأقرب للنجم.
وكالة ناسا تكتشف سبعة كواكب جديدة تحتوي على مياه
إذا أجرينا مقارنة بسيطة بين الشمس والأرض والنجم “ترابيست1” والكواكب الجديدة، سنجد أن:
“ترابيست” يمثل 8% فقط من كتلة الشمس
وتبعد أقرب الكواكب منه في كوكبة الدلو نحو 2 مليون كيلومتر فقط ويعد الأبعد منها عن النجم هو ذلك الذي يبعد مسافة 112 مليون كيلومتر فقط، بينما تبعد الأرض عن الشمس نحو 150 مليون كيلومترًا، لذلك لا يرى من على الأرض بقية أعضاء المجموعة الشمسية من كواكب في سماء كوكب الأرض بشكل واضح، ولكن بالنسبة لـ “ترابيست1″، فالوضع مختلف، حيث سيرى من على النجم السبعة كواكب الموجودة في المجموعة بشكل واضح وذلك لصغر نطاق مجموعة “ترابيست1” الجديدة.
في أعلى الصورة مجموعة ترابيست1 وعدد الأيام التي يحتاجها كل كوكب لإكمال رحلته حول النجم
ماذا إذًا عن الكواكب السبعة الموجودة حول النجم المكتشف الجديد؟ اكتشف علماء الفضاء والمجموعة البحثية بقيادة دكتور ميكل جيلون من جامعة لوج البلجيكية مستخدمين “سبيتزر” التلسكوب التابع لناسا سبعة كواكب تدور حول النجم، تقترب في أحجامها وأقطارها من كوكب الأرض، فإما تزيد عن حجم الأرض بنسبة 20-%، أو تقل عن حجم الأرض بنسبة 10%، والمفاجأة هنا أن:
ثلاثة من بين تلك الكواكب قد تكون صالحة للحياة فيها كما هو الوضع تمامًا على كوكب الأرض وذلك لاحتوائها على المياه
بل ومن المتوقع بعد إجراء مزيد من الأبحاث أن تكون الكواكب الأربعة الأخرى صالحة أيضًا للحياة، فهل نحن أمام مجموعة شمسية تصلح كواكبها كلها للحياة؟
هل تعرف ما الذي يحدد وجود السائل على الكواكب أم لا، تكون الإجابة الأكثر شرحًا للموضوع هي في المسافة بين الكوكب ونجمه الذي يدور حوله، وبإسقاط ذلك على كوكب الأرض ونجم الشمس، نجد أنه أتاح بُعد كوكب الأرض المناسب عن الشمس (وهو 150 مليون كيلومتر) أن يحتوي الكوكب على سوائل، كما أتاح درجة حرارته التي يتكيف معها البشر من مكان لآخر سواء كانت شديد الحرارة أو شديدة البرودة نسبيًا.
كيف تم اكتشاف النجم “ترابيست1″؟
مقارنة بين النجم ترابيست1 والشمس
صرّحت المجموعة البحثية بأنه لا يتم تصوير الكوكب نفسه من خلال التلسكوب، وذلك لأن الكواكب تظهر على هيئة دبابيس دقيقة الرؤوس من خلال التلسكوبات، فبشكل دقيق للغاية، تحسب التلسكوبات قطر الكواكب وكتلتها وتصويرها لنا بطرق غير مباشرة، منها عن طريق حساب كمية الضوء الضئيلة الواصلة من النجم إلى الأرض، فتقوم المجموعة البحثية بتركيز التلسكوب على النجم مدة طويلة للغاية، وبين فترات محددة، يقل الإشعاع الضوئي الصادر من النجم، ليعاود الارتفاع مرة أخرى.
في تلك اللحظات القليلة، يمر الكوكب من أمام النجم خلال دورته حوله، ومنها يمكن للعلماء حساب نصف قطر الكوكب المار أمام النجم، بل وعن طريق قياس كمية الضوء المنخفضة الناتجة من مروره أمام النجم، تسمح للعلماء كذلك بفرصة التعرف على حجم الكوكب بأكمله، ومن هذا الكم الإشعاعي الضئيل أيضًا، سيحدد العلماء مناخ الكوكب أيضًا، وذلك للتعرف على العناصر التي تكوّن غلافه الجوي.
إذا عدنا للمقارنة بين المجموعة الشمسية التي فيها كوكب الأرض، ومجموعة “ترابيست1” حديثة الاكتشاف، سنجد بأن كوكب الأرض وحده يحتاج 365 يومًا لإنهاء رحلته بنجاح في الدوران حول الشمس، ولكن الوضع مختلف في مجموعة “ترابيست1″، حيث تعد أقل الرحلات زمنًا من بين الكواكب السبعة هي 1.5 يوم، بينما أطولها يصل إلى 20 يومًا فحسب.
ربما لن يهمك ذلك الآن، ولكن “ترابيست1” يمثل لنا الحل المثالي والأقرب نسبيًا لنا في حالة الهروب من كوكب الأرض، فربما تحتوي كوكبة هذا النجم على المجموعة الأمثل للبدائل التي يمكن للناس اتخاذها كمقر بديل عن كوكب الأرض، فهل أنت مستعد لخوض تلك الرحلة؟
تعد “فويجر” أسرع مركبة فضائية تم اختراعها إلى الآن، والتي تصل سرعتها نحو 65 ألف كم/ الساعة، هذا يعني أننا سوف نقطع المسافة إلى مجموعة ترابيست1 في 750 ألف عام تقريًبا، أي بعمر مائة حضارة بشرية كاملة! فهل لو جاءت لك ناسا بالحل في أن نصل إلى تلك الكواكب في وقت أقصر، هل سيكون اسمك على قائمة المسافرين؟