ترجمة وتحرير نون بوست
في الواقع، يمكن أن تشهد إيران لأول مرة، في انتخابات أيار/ مايو هذه السنة، صعود أول امرأة من شأنها أن تشغل منصب رئيسة الجمهورية. فبعد فترة من الصمت، تصدرت الوزيرة الوحيدة في إيران، مرضية وحيد دستجردي، في الأسابيع الأخيرة عناوين الصحف للمرة الثانية.
عموما، ترأست دستجردي وزارة الصحة والتعليم الطبي بين عامي 2009 و2013. ومن بين ثلاث نساء اللاتي أردن الظفر بحقائب وزارية في نفس تلك الفترة وهن؛ سوزان كيشافارز لمنصب وزيرة التعليم، وفاطمة آجرلو لمنصب وزيرة الضمان الاجتماعي، كانت دستجردي المرشحة الوحيدة التي نالت ثقة البرلمان الإيراني في الثالث من أيلول/ سبتمبر سنة 2009.
يعلم كل شخص مطّلع على السياسة الإيرانية أنه من الشائع بالنسبة للسياسيين التكتم عن ترشحهم حتى الساعات أو الأيام الأخيرة قبل الموعد النهائي للتسجيل
على الرغم من أن دستجردي كانت أول وزيرة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلا أنها صرحت أنها ليست أول امرأة تشغل هذا المنصب. ففي فترة حكم الرئيس، محمد رضا شاه بهلوي (1941-1979)، شغلت كل من فرخرو بارسا منصب وزيرة التعليم ومهناز أفخمي منصب وزيرة المرأة. وبالتالي، تعدّ دستجردي ثالث وزيرة في تاريخ البلاد.
وكما هو الحال مع أغلب الأشخاص الذين عملوا في فترة حكم أحمدي نجاد، لم تشغل دستجردي هذا المنصب حتى نهاية فترة رئاسته. ففي 27 أيلول/سبتمبر سنة 2012 أقيلت دستجردي على أعقاب الخلاف الذي نشب بينها وبين نجاد. وعموما، يوعز قرار إقالتها لإصرارها على الإبقاء على باقر لاريجاني، نائبها في وزارة الصحة على رأس منصبه.
وتجدر الإشارة إلى أن باقر لاريجاني هو أحد أكثر الإخوة لاريجاني نفوذا، بما في ذلك أخوه علي الذي يرأس مجلس الشورى الإيراني، وصادق الذي يشغل منصب رئيس السلطة القضائية الإيرانية. من هذا المنطلق، كانت للصراعات الطائفية بين الإخوة لاريجاني، الذين كانوا من ألد المعارضين لأحمدي نجاد يد في إقالة دستجردي.
وبعد إقالتها من منصبها الوزاري، عادت دستجردي لمهنة الطب. وفي أبريل/ نيسان سنة 2013 عيّنها المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي عضوة في مجلس إدارة مؤسسة الإغاثة الخميني إمام الأمناء.
وفي الآونة الأخيرة، عادت دستجردي للظهور على الساحة السياسية في الانتخابات البرلمانية في شباط/فبراير سنة 2016 كعضوة في تحالف “المحافظين الإيرانيين”.
على الرغم من أنه ليس هناك أي شك في صلاحيات دستجردي، إلا أنه يبدو كما لو أن هذه الشائعات ليست إلا مخططا قد أحكم إعداده مسبقا من قبل الإصلاحيين للتشويش على معسكر الأصوليين
عندما تم الإعلان عن نتائج الانتخابات، قالت دستجردي إنها وجدت اسمها من بين 29 مرشحا شاركوا من طهران واللذين لم تكن الفرص سانحة لهم للفوز خاصة في ظل قائمة المتنافسين من تحالف “ليست أميد”.
وبالظفر بما يربو عن 86 ألف صوت، احتلت دستجردي المرتبة 35. وعلى سبيل المقارنة، حصل آخر 30 عضوا في البرلمان من طهران على 1.7 مليون صوت.
ولكن في الأيام والأسابيع الأخيرة، زادت التكهنات التي تفيد باحتمال ترشحها للانتخابات الرئاسية المقبلة. في المقابل، عليها أولا أن تحصل على موافقة مجلس صيانة الدستور، وهو المجلس المسؤول عن التدقيق في ملفات المرشحين. والجدير بالذكر، أنه إلى الوقت الراهن لم يوافق المجلس على أي ملف ترشح قدمته امرأة.
في الحقيقة، تنصّ المادة 155 من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية على ضرورة أن يكون المرشح للرئاسة “أحد رجال الدين وسياسيا [رجل دولة] وأن يكون إيرانيا، ومفكرا ومديرا”. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المادة محل خلاف خاصة فيما يتعلق كيفية تفسير مصطلح “رجال” هل تعني هذه الكلمة العربية “الرجال” و”الشخصيات”، أم تترجم حرفيا على أنها تخص الذكور فقط.
في المقابل، رفض العديد من خبراء القانون وأعضاء مجلس صيانة الدستور التفسير الثاني وأعربوا عن أنه ليس هناك أي مشكل في ترشح امرأة. في 31 كانون الأول/ديسمبر، قال المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور الإيراني، عباس علي كدخدايي، إنه “لا مانع من تقدم النساء للترشح لمنصب رئاسة الجمهورية”.
من هذا المنطلق، لا يحرم القانون الإيراني المرأة من الترشح للرئاسة وبالتالي السؤال الذي يطرح الآن هو هل سيكون بمقدور دستجردي خوض غمار هذا السباق الرئاسي؟ من جانب آخر، صرح محمد رضا باهنر، أحد المنظرين الثوريين، في المؤتمر الصحفي الذي عقده في أوائل كانون الثاني/ يناير أن المعايير التي وضعها مجلس صيانة الدستور إلى الآن لا تشمل النساء كما أنه يشك في إمكانية إجراء تعديل على هذا القانون.
عادت دستجردي للظهور على الساحة السياسية في الانتخابات البرلمانية في شباط/فبراير سنة 2016 كعضوة في تحالف “المحافظين الإيرانيين”
وقبل ذلك بأسبوع، بالتحديد في 25 من كانون الأول/ديسمبر، أنشأت دستجردي رفقة 10 شخصيات ثورية، الجبهة الشعبية لقوى الثورة الإسلامية وذلك في محاولة منها لتوحيد المحافظين وحثهم على اختيار مرشح واحد لدعمه من أجل منافسة الرئيس الحالي، حسن روحاني.
من جانب آخر، زادت التصريحات التي أدلى بها المحافظ الذي يعمل في البرلمان، مصطفی آجرلو، خلال المقابلة التي أجراها مع صحيفة “خبر أنلاین” في 15 من كانون الثاني/ يناير” من التكهنات حول إمكانية ترشح دستجردي للرئاسة إذ قال إنه “مع الضوء الأخضر الذي منحه مجلس صيانة الدستور، يمكن أن يصبح ترشح دستجردي للانتخابات الرئاسية القادمة أمرا حقيقيا”.
والجدير بالذكر، أن الإصلاحيين قد رحبوا بفكرة ترشح دستجردي للرئاسة أكثر من أي عضو آخر في المعسكر السياسي. وفي 16 كانون الثاني/يناير، رحبت العضوة في البرلمان الإصلاحي من طهران ورئيسة الحركة النسائية في البرلمان، بروانه سلحشوری، باحتمال ترشح دستجردي قائلة إن “وجودها في السباق الرئاسي يعدّ أنسب طريقة لخلق انقسامات في صفوف المصوتين لروحاني. وعلى الرغم من ذلك، تفتقر دستجردي للكاريزما اللازمة لهزيمته”.
وفي هذا السياق، أطنبت وسائل الإعلام المقربة من إدارة روحاني في الحديث عن الأسباب التي تقف وراء احتمال ترشح دستجردي للانتخابات الرئاسية والفوائد التي ستترتب عن ذلك.
في الواقع، لا يمكن إنكار أن الإصلاحيين لا يرغبون في ترشح دستجردي ليس فقط لكونها المنافس الرئيسي لروحاني، بل أيضا لتحسين صورة إيران دوليا. بالإضافة إلى أن ترشحها لن يشكل في كل الأحوال خطرا على روحاني.
في الأثناء، كانت ردود أفعال الثوريين مختلفة، مع بعض وسائل الإعلام الذين يناهضون فكرة ترشح دستجردي. ففي 19 كانون الثاني/يناير، نشر موقع تابناك المحافظ، والمقرب من محسن رضائي وثائقي تحت عنوان “ماهي الأهداف من وراء نشر شائعات عن ترشح دستجردي؟
لا يحرم القانون الإيراني المرأة من الترشح للرئاسة وبالتالي السؤال الذي يطرح الآن هو هل سيكون بمقدور دستجردي خوض غمار هذا السباق الرئاسي؟
وعلى الرغم من أنه ليس هناك أي شك في صلاحيات دستجردي، إلا أنه يبدو كما لو أن هذه الشائعات ليست إلا مخططا قد أحكم إعداده مسبقا من قبل الإصلاحيين للتشويش على معسكر الأصوليين.
وفي المؤتمر الذي عقد في 19 كانون الثاني/يناير، نُقل عن دستجردي أنها قولها إنها لا تخطط لخوض غمار الانتخابات التي ستعقد في 19 من أيار/مايو. مع ذلك، يعلم كل شخص مطّلع على السياسة الإيرانية أنه من الشائع بالنسبة للسياسيين التكتم عن ترشحهم حتى الساعات أو الأيام الأخيرة قبل الموعد النهائي للتسجيل. وبالتالي، فإن المرة الوحيدة التي سأجزم فيها حول ما إذا كانت إيران ستشهد ترشح أول امرأة للرئاسة سيكون خلال أيار/مايو.
المصدر: المونيتور