شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن في 14 فبراير/شباط انعقاد مؤتمر صحفي هام للمعارضة الإيرانية (مجاهدي خلق) كشفت فيه الكثير من الاسرار المتعلقة بأنشطة ما يسمى بالحرس الثوري الإيراني، داخل إيران وخارجها.
ومدى تأثير هذه المنظمة، في تأجيج الفتن الطائفية في بلدان المنطقة، ونشر الارهاب في دولها، للوصول إلى غايات قد وضعتها قيادات النظام الإيراني الحالي. واثبت “جعفر “زاده”” معاون ممثلية المجلس الوطني للمقاومة الايرانية وبالأدلة القاطعة، ما يحاول أن يخفيه النظام الإيراني عن المجتمع الدولي من حقيقة هذه المنظمة الارهابية.
نشاطات الحرس الثوري تتم تحت رعاية شخص خامنئي
أكد “زاده” أن نشاطات الحرس الثوري الإيراني وما يسمى بفيلق القدس وحسب المعلومات التي حصلوا عليها من الشبكة الاجتماعية لمنظمة مجاهدي خلق الايرانية داخل البلاد، وبشكل موثق، تتم تحت رعاية شخص خامنئي المرشد الأعلى للثورة الإيرانية من خلال مديرية واسعة في قوات الحرس، تلك المديرية التي لها عشرات المراكز وفي نقاط مختلفة داخل إيران. ووصل “زاده” إلى حقيقة مفادها إنَّ النظام الإيراني هو قلب التطرف والمحور الأساسي له، وأن السياسات الإرهابية التي يتبعها النظام هي سياسات ممنهجة ومشرعنة من قبله.
وأردف قائلاً، أن المادة (151) من الدستور الحالي لإيران حددت مهمة الحرس بحماية الثورة ومنجزاتها وهي بذلك تعتبر العمود الفقري للحفاظ على النظام الدكتاتوري الحالي، والذي يقوم على ثلاث ركائز أسست لحفظ هذه الديكتاتورية. فهي قائمة على ثلاث ركائز: 1- القمع في الداخل، 2- تصدير الارهاب والتطرف الى خارج الحدود الايرانية، 3- صناعة القنبلة النووية والصواريخ القابلة لحملها لإخافة سائر الدول.
بعد ذلك عرَّج على موضوع المشروع النووي الإيراني، فقال إن قوات الحرس كانت تعمل للحصول على السلاح النووي منذ عام 1984 عبر مركز أبحاث في قوات الحرس، والذي تحول فيما بعد الى منظمة (سبند) وقائدها عميد الحرس “محسن فخري زاده”. كما وسعت قوات الحرس لإنتاج صاروخ شهاب (3) القادر على حمل الرأس النووي وأن الاختبارات ما زالت مستمرة لقوات الحرس في هذا الإطار.
أما في مجال تصدير الارهاب وتأجيج الحروب في المنطقة، ذكر “زاده”، أن قوات الحرس تعمل على التدخل العسكري والارهابي في دول المنطقة. وأسست لذلك شبكات ارهابية عديدة للقيام بأعمال إرهابية في عدة دول. وأن نظام الملالي ومن خلال ذراعه الرئيسية قوات الحرس، يشكل العامل الرئيسي لتأسيس مكونات متطرفة أو على الاقل تناميها سواء من الشيعة أو السنة. وأوضح “زاده” إنَّ مكافحة (الارهاب تحت اسم الاسلام) تتحقق فقط، عبر مواجهة النظام الايراني وقوات الحرس التابعة له، ذلك لأن داعش والنظام الايراني وقوات الحرس هما وجهان لعملة واحدة. مع فارق أن قوات الحرس تستحوذ على بلد مترامي الاطراف وموارد استراتيجية.
أن تصدير التطرف والارهاب للدول المجاورة لإيران، هي أخطر من مساعيه للحصول على القنبلة النووية كما يتوهم العالم
لقد فتحت إيران طريقها عبر التطاول على العراق، والتوغل فيه، وانطلقت من الى التدخل في العالمين العربي والاسلامي. ان من الحقائق التي يجب أن يعرفها العالم، أن تصدير التطرف والارهاب للدول المجاورة لإيران، هي أخطر من مساعيه للحصول على القنبلة النووية كما يتوهم العالم. وفي الوقت الذي تصرف أمريكا مليارات الدولارات لمحاربة داعش في العراق، تحظى قوات الحرس ومرتزقتها في العراق بالحرية الكاملة بالعمل. هذه الفرصة يجب انهاؤها ووضع حد لها.
ومن هذا كله نتبين ان قوات الحرس تلعب دور العمود الفقري لبقاء الديكتاتورية الإيرانية، فنشاطات الحرس داخل البلاد لها دور رئيسي في اربعة مجالات:
اولا. قوة مشاة تابعة للحرس مقسمة حسب المحافظات، للحيلولة دون اندلاع انتفاضة ضد النظام بإحداها.
ثانياً. فرض سيطرة الحرس على اقتصاد البلاد عن طريق منظمة “خاتم الأنبياء”.
ثالثاً. سيطرة الحرس على الشبكات الاجتماعية وجيش السايبري والباسيج، عن طريق دائرة الاستخبارات التابعة له.
رابعاً. فرض رقابة وسيطرة الحرس، على المسؤولين الحكوميين والكوادر الداخلية للنظام، عن طريق مؤسسة حماية المعلومات للحرس واستخبارات الحرس، ولها صلاحية اعتقال عناصر النظام أنفسهم.
واضاف “زاده”، حسب تقارير موثقة من داخل نظام الملالي، فان لقوات الحرس مديرية كبيرة للتدريب في فيلق القدس، وهو ذراع الحرس الثوري العامل خارج الحدود الايرانية لتوسيع تدخلاته خارج ايران، لاسيما في دول مثل سوريا والعراق واليمن والبحرين وافغانستان.
وتعتبر هذه المديرية في فيلق القدس احدى أهم أقسام الفيلق، وتحظى برعاية خامنئي الشخصية حسب اعتراف العميد “خسرو عروج” القائد الأسبق لهذه المديرية والمستشار الأعلى لقائد الحرس. وحسب هذه التقارير التي تم الحصول عليها من داخل قوات الحرس، وبالذات من فيلق القدس طيلة عدة أشهر، فان لهذه المديرية عشرات المراكز في مختلف نقاط إيران. وتتوزع مراكز التدريب حسب جنسيات الأفراد المتدربين، ونوع التدريب. وفي هذه المراكز يتم تدريب الميلشيات على الأعمال الارهابية والفنون العسكرية، لتهيئتهم وأرسالهم بعد ذلك لخوض معارك النظام خارج إيران. وكل شهر يتلقى في هذه القواعد التدريبات العسكرية مئات الأفراد من جنسيات مختلفة. عراقية وسورية ويمنية وافغانية ولبنانية.
كما وأن هناك مجاميع أصغر حجما يتلقون التدريبات على أعمال ارهابية خاصة، لتنفيذها في سائر بلدان العالم التي لا توجد فيها حرب جبهوية، مثل دول الخليج. وبعد سنة 2012 زادت برامج التدريب للعملاء الاجانب في معسكرات فيلق القدس وبوتيرة متسارعة. وقد رصدت المقاومة الايرانية لحد الآن 14 مركزا للتدريب في هذه المديرية منتشرة بأنحاء مختلفة داخل إيران.
بعد ذلك سلط “زاده” الضوء على ما تسمى (ثكنة امام علي)، والتي هي أحد اهم مراكز التدريب عند الحرس، وشرح كيف يتم التدريب فيها والمراحل التي يمر بها المتدرب، ومن ثم توظيفهم بالأعمال الارهابية، وذكر انه خلال السنوات القليلة الماضية كان معظم المتدربين في ثكنة (امام علي) هم من سوريا، ويتلقون التدريبات في مجموعات تصل أعدادها الى 230 فرد.
واضافة الى السوريين كان هناك عناصر من العراق وهم مرتزقة لفيلق القدس (الميلشيات الشيعية). مع أعداد أخرى من سائر الدول مثل اليمن ولبنان والبحرين أيضا، وهناك وحدات ارهابية تابعة لفيلق القدس يتلقون التدريبات في وحدات منفصلة وسرية، على أعمال ارهابية، ويتم عزلهم بشكل انفرادي وفي مواقع منعزلة ويوزعون على شكل مجاميع مكونة من شخصين ليس لهم ارتباط بسائر الافراد.
خلال السنوات القليلة الماضية أدخل فيلق القدس عددا من مرتزقته من أمريكا اللاتينية منها من فنزويلا واروغواي وبارغواي وبوليفيا، لتلقي هذه الدورات التدريبية في ثكنة (امام علي)
بعد ذلك يتم توزيعهم حسب الدول. شمال الخليج أو أسيا أو افريقيا أو أمريكا اللاتينية. وخلال السنوات القليلة الماضية أدخل فيلق القدس عددا من مرتزقته من أمريكا اللاتينية منها من فنزويلا واروغواي وبارغواي وبوليفيا، لتلقي هذه الدورات التدريبية في ثكنة (امام علي). وكانت تطبق على هؤلاء الأفراد السرية التامة في أقصى حدها وكان هؤلاء الأفراد معزولين عن الآخرين وكان حضورهم يتم بسرية تامة.
ومن الأمثلة على هذه المراكز، هو مركز (سمنان للتدريب العملي لأطلاق الصاروخ) الذي يتدرب فيه العملاء العراقيون، وهو المركز الرئيسي الصاروخي للنظام، ويتم فيه التدريب على إطلاق الصواريخ، مثل صواريخ كاتيوشا وصاروخ فلق وسائر الصواريخ لعملاء فيلق القدس. حيث انهم بعد ان يتلقوا التدريبات النظرية على السيميلاتور في ثكنة (امام علي) يدخلون هذا المركز. وفي عام 2014 دخل عدد من العملاء العراقيين لإيران لثكنة إمام علي لتلقي التدريب على مختلف الصواريخ بما فيها الكاتيوشا، وبعد تلقيهم التدريبات النظرية، دخلوا مركز سمنان للتطبيق العملي.
أما ثكنة بازوكي، فهي الثكنة الخاصة بتدريب العناصر الأفغانية، بهدف ارسالهم إلى سوريا، وتقع هذه الثكنة في منطقة ورامين (جنوب شرقي طهران). وتشتمل التدريبات على الكلاشينكوف والرشاش والهاونات واسلحة القناصة وغيرها. ويتم تنظيم المقاتلين في وحدات لواء فاطميون، وبعد الانتهاء من التدريبات يتم ارسالهم إلى سوريا اسبوعيا بمجموعات تتراوح أعدادها بين 200 إلى 300 مقاتل.
ولدى فيلق القدس عشرات من المواقع المماثلة والمذكورة أنفاً، بهدف التدخل في العراق خاصة تلك المراكز الموجودة في المحافظات المجاورة مع هذا البلد. والتي وضعت جميعا تحت تصرف فيلق القدس بهدف تدريب القوات العميلة القادمة من البلدان الخارجية. ان أعداد قتلى قوات الحرس في حربي سوريا والعراق يثبت حقيقة تورطها بالحرب في هذين البلدين بكل وضوح.
فيلق القدس جزء حيوي من الحرس الثوري
وبين “”زاده”” في معرض حديثه، ان الفصل بين قوات الحرس وفيلق القدس أمراً ليس واقعيا. فالنظام الايراني هو الذي يثير هذا الفصل والمراد منه تبييض جرائم قوات الحرس ودورها في الارهاب بالمنطقة، وفي مناطق اخرى خارج هذه المنطقة. إنَّ فيلق القدس جزء من قوات الحرس. لم يكن لفيلق القدس لا في الدستور ولا في تخصيص الميزانيات السنوية قسماً منفصلاً عن الحرس، إنما كان ضمن منظومة الحرس وجزء منه.
تم تأسيس فيلق القدس عام 1990. بينما أُسست مجموعات مثل حزب الله اللبناني وفيلق بدر وبعض المجموعات العراقية المرتبطة بإيران
تم تأسيس فيلق القدس عام 1990. بينما أُسست مجموعات مثل حزب الله اللبناني وفيلق بدر وبعض المجموعات العراقية المرتبطة بإيران، قبل تكوين فيلق القدس. وقوات الحرس هي التي كونت هذه المجموعات وهي المسؤولة عن هذه المجموعات.
والجدير بالذكر ان منظمة بدر هي القسم العسكري الرسمي التابع للقوة البرية للحرس، وكانت هذه المنظمة قد شاركت في مختلف العمليات. وفيلق القدس بالدرجة الأساس، هو هيكل عسكري، وقواته تتكون من وحدات الحرس، والمجموعات العميلة التابعة للحرس. وهذا يعني ان فيلق القدس ليس له استقلالية، وليس لديه قوة قتالية مستقلة. وفي الوقت الحاضر قوات الحرس بكاملها ضالعة في الحرب بسوريا والعراق. وحتى القوة البحرية والقوة الصاروخية متورطتان في الحرب. ففي الحقيقة ان قوات الحرس بكاملها هي التي تمول وتسلح وتدرب المجموعات الارهابية مثل حزب الله وعصائب الحق والكتائب.
الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية بامتياز
بعد كل هذه المعلومات التي أوردها “زاده” في مؤتمره الصحفي، ألم يحن الوقت لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية؟ وما هو السر وراء سكوت القوى العالمية عن الارهاب الذي تقوم بهذه المنظمة على شعوب المنطقة وخارج المنطقة؟ فالحرس ضالع بعمليات إرهابية منذ نشوئه ولحد الأن.
نضمُّ صوتنا لصوت مجاهدي خلق الإيرانية ونطالب بما طالبت به المجتمع الدولي لاعتبار هذه المنظمة (الحرس الثوري الإيراني) كمنظمة إرهابية
كما وأن انه قد فرَّخ منظمات إرهابية أخرى هي الان ناشطة بشكل كبير في العراق وسوريا، مثل منظمة بدر وعصائب الحق وفاطميون، ناهيك عن عشرات المليشيات العاملة في العراق وفق أجندة ولاية الفقيه الإيرانية. إننا كشعوب عربية قد اكتوت من نار تلك المنظمات الإرهابية، نضمُّ صوتنا لصوت مجاهدي خلق الإيرانية ونطالب بما طالبت به المجتمع الدولي لاعتبار هذه المنظمة كمنظمة إرهابية.
ويجب أن يتم التعامل معها وفق النقاط التي أعلناه “”زاده”” في مؤتمره الصحفي: بتصنيف قوات الحرس كمنظمة ارهابية بسبب ما ارتكبته من جرائم داخل ايران وخارجها، وفرض عقوبات على قوات الحرس بكاملها، عقوبات شاملة وجدية وعلى كل من يتعامل معها من أطراف خارجية، ويجب اتخاذ جميع الاجراءات العملية الضرورية لاستئصال شأفة قوات الحرس وطردها من المنطقة، وبشكل خاص من سوريا والعراق واليمن. انه هذا العمل يشكل أول خطوة ضرورية لمعالجة الأزمة التي حلَّت بالمنطقة بكاملها.