أفلام وروايات جسدت تاريخ مدن قديمة غيرت تاريخ العالم، لكنها للأسف لم يتمكن أحد من رؤيتها مرة أخرى، فلم يتبقى منها هو مجرد “أطلال”، ومدن أخرى ليست بالقديمة هجرها سكنها بمرور الوقت بسبب انهيار الاقتصاد وتعرضها لكوارث طبيعية دمرتها وتحولت إلى “مدن أشباح”.
في السطور القادمة نسرد قصص تاريخية غامضة عن “المدن الضائعة” ذات الشهرة العالمية، وما هي عليه الآن بعد مرور السنين وهي كالتالي:-
مدينة “قرطاج”
آثار قرطاجية
في عام 814 ق.م تأسست مدينة “قرطاج” في شبه جزيرة تونس، وكانت هذه المدينة مستعمرة فينيقية، واختيرت لتصبح مركز التمرد ضد الحكم الروماني.
بعدها سقطت الدولة ومدينة “قرطاج” معاً في الحصار الروماني 149-146 ق.م، وانتهت بالقضاء التام على المدينة بشكل لا تستطيع النهوض بعده مرة أخرى.
تعد “قرطاج” من أقدم المدن التّاريخية التي تطل على حوض البحر الأبيض المتوسط، وتقع في تونس على بعد خمسة عشرة كيلو متر من العاصمة التّونسية تونس، فهي تشرف على مياه البحر الأبيض المتوسط من الشّرق، ويحيط بها من الغرب بلدية المرسى، ومن الشّمال بلدية سيدي أبي سعيد، ومن الجنوب بلدية الكرم، فمدينة قرطاج مدينة سياحية تاريخية تزخر بموقع جغرافي متميز ومناخ معتدل وبالآثار التّاريخية التي تعود إلى الحضارات البيزنطية والرّومانية والفنيقية التي تعاقبت عليها.
مدينة “بابل”
بدأ ازدهار هذه المدينة في عصر الملك “حمورابي”، ويعد هذا العصر هو الأكثر شهرة في تاريخ بابل، فقد أنشأ “حمورابي” مدينة “بابل” وحقق نجاحات كبيرة في المجالات القانونية والثقافية والفنية، ولا يوجد أحد لا يعرف “برج بابل” و”حديقة بابل المعلقة”، وبالعودة إلى هذه المدينة اليوم، سنجد أنه لم يعد يتبقى فيها الكثير.
مدينة “برسبوليس“
حافظت مدينة “برسبوليس” على شهرتها لفترة طويلة، إلى أن انهارت عام 330 قبل الميلاد على يد الإسكندر الأكبر، وتسمى هذه المدينة في اللغة الفارسية “تخت جمشيد” أي “عرش جمشيد” ، وفي عام 1979م صُنفت المدينة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
وكانت برسبوليس من أروع وأجمل المدن آنذاك، لدرجة أن البعض قال إن الإغريق لن يتمكنوا من رؤية مثل هذا الجمال مرة أخرى، ولا حتى في أحلامهم، لكنها أصبحت في طي النسيان لعدة قرون، بعد أن قام الإسكندر الأكبر بحرقها.
وعند الرجوع إلى التاريخ نجد أن “تخت جمشيد” هي عاصمة الإمبراطورية الأخمينية (550-330ق.م)، ويبعد موقعها مسافة 70كم شمال شرق مدينة شيراز في محافظة فارس في إيران، ويدعى هذا الموقع عند الفرس القدامى باسم پارسه، والتي تعني “مدينة الفرس”، وترجمة اسم برسبوليس في اليونانية تعني “المدينة الفارسية”.
وتثبت الأدلة الآثارية بأن أولى بقايا هذا الموقع قد تم إنشائها في عام 515ق.م، وأفترض عالم الآثار الفرنسي ،رينيه غودار ، الذي قام لتنقيب في الموقع في بداية العقد الرابع من القرن السابق، أن قورش الكبير قام باختبار موقع تخت جمشيد، لكن “دارا الأول” هو من قام ببناء المصطبة والقصور العظيمة.
وقد أمر “دارا الأول” ببناء “قصر آبادانا” وقاعة المجلس (القاعة ذات الأبواب الثلاث)، وخزانة الدولة وما حولها، وقد تم إنهائها في عهد إبنه، الملك “خشایار الأول”، والعديد من المنشآت تم بنائها على نفس المصطبة إلى حين سقوط السلالة الأخمينية.
و تمثل عمارة “برسبوليس” نوعين من المباني السكنية والإدارية وتوجد وحدات متماثلة من كلا النوعين تمثلهما والتصميم الأساسي للمبنى يتكون من إيوان ذي عمد يؤدي إلى قاعة فسيحة ويسند السقف الخشبي أعمدة مضلعة ومقعرة الأوجه ويتكون تاج العمود من صور حيوانات وضعت ظهرا لظهر وهذا الطراز من العمارة فريد في هذا العصر ويزيد ارتفاع بعض هذه الأعمدة عن عشرين مترا.
وكانت بعض قاعات المباني الإدارية تحتوي على عدد كبير من هذه الأعمدة قد يبلغ 121 عمودا ورغم الفتحات والشبابيك التي استعملت أحيانا فإن مباني “برسبوليس” كانت دائما مظلمة بسبب القاعات المليئة بالأعمدة وأهم مواد البناء كانت الحجر الجيري المستخرج محليا والكتل الضخمة كانت تثبت بواسطة اللصق الناشف ورغم كثرة استعمال الألوان من الداخل إلا أن الزخرفة الرئيسية كانت على الواجهات.
مدينة “آني”
يعود الاكتشاف الأول لمدينة “آني” إلى عام 1880م، التي هُجرت منذ ما يقرب من 500 عام، إذ لقبت بأسماء عديدة منها مدينة “الألف كنيسة وكنيسة”، ومدينة “الأربعين بوابة”.
مرت مدينة “آني” بفترات حكم مختلفة، ابتداءً من منتصف عام 1000م، كما دُمرت نتيجة لزلزال استمر تأثيره حتى القرن 18 ، كما يوجد في مدينة “آني” منشآت هامة جداً تتعلق بالتراث الثقافي الأرمني؛ ويقول علماء الآثار إنه يوجد حوالي 23 منشأة يمكن رؤيتها في مدينة آني، ولكن القسم الأكبر من المدينة تحت الأرض على انخفاض 50-60 سم.
وصُنفت مدينة “آني” التاريخية ضمن قائمة التراث العالمي، في الاجتماع الأربعين للجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو المُنعقد في إسطنبول.
وجدير بالذكر أن “آني” مدينة أرمينية تقع على الحدود بين أرمينيا وتركيا وكانت مركزًا في العصور الوسطى لمملكة أرمينية تغطي أرمينيا وشرق تركيا، إلى جانب ذلك، كانت “آني” أيضًا ملتقى طرق تجارية عدة وكانت أبنيتها تمثل تقدمًا حضاريًا كبيرًا على مستوى العالم. بالرغم من أن تلك المدينة كانت تضم بين مائة ألف ومائتي ألف نسمة، فإنه قد تم هجرها ونسيانها منذ قرون.
مدينة “تروي”
هي مدينة تقع داخل حدود تركيا، كما أنها مدينة أسطورية كشفت عن ملحمة بطولية كبيرة للشاعر “هوميروس”، وفي الوقت الحالي يوجد في داخل حدودها بلدة تشانكالي، وتعتبر “تروي”، واحدة من أقوى المدن في ذلك الوقت، كما حدثت فيها “حرب طروادة”.
ويُقال إن الزراعة في هذه المدينة متطورة للغاية، ويرجع ذلك إلى نقاط القوة التي تتمتع بها المدينة، من موقع جغرافي، وإطلالتها على الشواطئ الساحلية كما هو معروف.
اكتُشفت هذه المدينة على يد “هنريك شيلمان”، كما تم عمل أبحاث ودراسات كثيرة حوله’ وكانت قد قلت أهمية هذه المدينة، واندثرت بمرور الوقت، ولكن معروف أن هذه المدينة الكبيرة تنتشر على مساحة واسعة من الأراضي التركية.
مدينة “ماتشو بيتشو”
كشفت الدراسات التي أجريت، أن “ماتشو بيتشو” أو “القلعة الضائعة” هي المدينة الأكثر غموضاً من بين المدن الضائعة، في عام 1400م، بُنيت هذه المدينة على يد شعب “الإنكا”، ولكن اضطر السكان إلى الهجرة بسبب انتشار مرض الجدري، الذي أتى من خارج المدينة.
تقع هذه المدينة في كوزكو في البيرو بين جبلين من سلسلة جبال الأنديز على ارتفاع 2340 متر فوق سطح البحر، وعلى كلا جانبيها هاوية سحيقة يبلغ ارتفاعها حوالي 600 متر، قامت منظمة اليونسكو بتصنيف هذه المدينة في قائمة التراث العالمي عام 1983. وهي إحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة.
وفقاً لبعض الآراء فإن أبنية المدينة كانت عبارة عن معابد، ووفقا لآراء أخرى كانت عبارة عن “سجو”، وبالرغم من ذلك لا تزال هذه المدينة لغزاً كبيراً، مما اضطر العلماء بعد ذلك لعمل دراسات وأبحاث واسعة النطاق عنها.
مدينة “سوخوثاي”
نالت مدينة سوخوثاي استقلالها في القرن 13 التي عاشت فترة طويلة من الازدهار. وفي عام 1378م، احتُلت من قبل مملكة أيوثايا، التي كانت دولة مدنية منافسة ظهرت على الساحة في فترات لاحقة.
وُضعت الآثار الباقية منذ أيام ازدهار هذه المدينة العتيقة، تحت الحماية باسم منتزه سوخوثاي التاريخي.
بعد ذلك تم تصنيفها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، حيث تعد هذه المدينة واحدة من أهم الأماكن السياحية في تايلاند.
مدينة “أطلال جدي”
وهي مدينة كبيرة تقع على ساحل كينيا، وتعتبر واحدة من أكبر الأسرار غموضاً، بالنسبة لعلم الآثار الإفريقي؛ انهارت في القرن 16، بعد أن قام الهنود الحمر بالهجوم عليها.
مدينة “أتلانتس”
تعتبر “أتلانتس” أيضاً مدينة ضائعة، وتوجد في المحيط الأطلسي، وذُكرت في كثير من أعمال الكتاب والمفكرين والفلاسفة من بينهم أفلاطون، ووفقاً للأسطورة، فإن حاكم “أتلانتس” في الأساطير اليونانية، اسمه “بوسيدون” إله البحر، وكان يدعى نبتون أيضاً؛ كان يعيش نبتون في “أتلانتس” مع زوجته “كليتو”، كان لديه 10 أبناء متقاربين في السن.
وكان الذي يحمل اسم “اتلانتس” من هؤلاء الأبناء العشرة، هو الذي يصبح ملك الجزيرة الموجودة في المنتصف، أما الأبناء التسعة الآخرون فيصبحون حكاماً على الجزر التسع التي على شكل دائرة حول الجزيرة الرئيسية، وكان ملوك “أتلانتس” وشعبها من سلالة هؤلاء الأبناء العشرة.
مدينة “أتلانتس” كانت دولة غنية جداً ورائعة، وبما أن لكل شيء جميل نهاية، جاءت نهاية العصر الذهبي لمدينة “أتلانتس”؛ إذ عاشت مرحلة من الانحدار الشديد، مما أدى إلى حدوث وقائع فساد ضخمة عانى منها الناس بعد نهاية العصر الذهبي.
وبسبب كثرة الفساد؛ فقدوا سيطرتهم بالكامل، فلم يستطيعوا إنقاذ المدينة من الأثينيين، الذين كان لديهم مطامع فيها، وخضعوا لهم في نهاية المطاف.
ولكن الكارثة لم تنته مع الأثينيين فحسب، فقد قررت آلهة مدينة “أتلانتس” معاقبتهم بكارثة أكبر، فابتلع المحيط مدينة أتلانتس، التي كانت عبارة عن تسع جزر على شكل دائرة، بالإضافة للجزيرة الرئيسية.
مدينة “بيلتشتي”
قبل عام 1930، كانت “بيلتشتي” من المدن المزدهرة ولكنها تدمرت تمامًا كنتيجة للحرب الأسبانية الأهلية، بدلا من إعادة بنائها، أصر الديكتاتور الأسباني “فرانكو”،على بقائها مدمرة كذكرى للحرب وتم هجرها تمامًا في 1964.
مدينة “كراكو”
هي عبارة عن قرية إيطالية مهجورة ترجع للعصور الوسطى وتقع على بعد 40 كيلومتر من ساحل خليج “ترانتو” في أسفل شبه الجزيرة الإيطالية، تم هجر هذه القرية عام 1963 بسبب تكرر حدوث الزلازل بها.
مدينة “كولمانسكوب”
هي مدينة أشباح في صحراء ناميبا في جنوب ناميبيا تم بناؤها في صحراء ناميبا بواسطة المنقبين الألمان في 1908 الذين استوطنوا في المنطقة من أجل التنقيب عن الماس، كانت المدينة على الطراز الألماني وتتضمن مشفى وكازينو وقاعة حفلات ومحطة طاقة ومدرسة ومسرح، تدهورت أحوال المدينة بعد الحرب العالمية الأولى عندما بدأت التنقيب عن الماس في التدهور وتم هجرها تمامًا في عام 1954.
جزيرة “هاشيما”
تسمى هذه الجزيرة “بجانكانجيما” وهي واحدة من 505 جزيرة مهجورة في إقليم “نجازاكي”، كانت هذه الجزيرة مأهولة بالسكان من عام 1887 وحتى عام 1974 حيث بدأت مناجم الفحم في المدينة بالإغلاق بسبب ازدهار الصناعات البترولية.
مدينة “فاروشا”
تعتبر “فاروشا” حيًا من أحياء مدينة “فاماغوستا” القبرصية وتقع في شمال قبرص، كانت تلك المدينة تعتبر المركز السياحي الحديث لـ”فاماغوستا” قبل أن تتعرض للغزو التركي في 1974 وظلت مهجورة منذ ذلك الحين.
مدينة “بريبيات“
هي مدينة مهجورة تمامًا في شمال أوكرانيا بالقرب من حدود أوكرانيا مع بيلاروسيا، هذه المدينة تم إنشاؤها في عام 1970 من أجل العمل في مفاعل تشرنوبيل الروسي وتم إخلاؤها بعد انفجار ذلك المفاعل في 1986 بثلاثة أيام، بسبب كمية الإشعاع في المكان، فإن تلك المدينة تظل مهجورة حتى اليوم حيث لا يمكن أعمارها.