لطالما كانت الجزائر قطعة أساسية ونقطة ارتكاز مهمة في استحقاق الانتخابات الرئاسية الفرنسية، ولطالما أخذت الجزائر وملفاتها حيزًا مهمًا في الحملة الانتخابية لأي مرشح، سواء بالسلبٍ أو الإيجاب، إيجاب استغله المرشح الحر بشعار “إلى الأمام” إيمانويل ماكرون بزيارة إلى الجزائر واستقبال رسمي على أعلى مستوى وعد من خلالها المرشح الشاب ببناء علاقات متينة مع الجارة كما أسماها، أسسها الشراكة الاستراتيجية، تكون بوابة للتعاطي مع مختلف الدول الإفريقية، خاصة مع مناطق الأزمات والنزاعات في القارة السمراء وفي مقدمتها الأزمة الليبية، بالنظر إلى الموقع السياسي والإقليمي الذي تحتله الجزائر، والعلاقات التي تملكها مع أطراف النزاع في ليبيا.
موقف ماكرون هذا قد يساعده في جلب أصوات الناخبين الفرنسيين ذوي الأصول الجزائرية الذين قاربوا مع استحقاق 2017 المليون ناخب.
يبقى إيمانويل ماكرون أبرز المرشحين الفرنسيين الذين وجهوا رسائل واضحة للجزائر بخصوص مستقبل مشرق للتعاون بين البلدين، حيث أكد أنه في حال وصوله إلى قصر الإليزيه سيعمل على بناء شراكة استراتيجية بين البلدين يتم من خلالها التعامل مع مختلف الأزمات والنزاعات في القارة الإفريقية
المليون صوت ذاك لم يملأ عيني ماري لوبان زعيمة اليمين المتطرف ومتصدرة لحزب الجبهة الوطنية الفرنسية، بحيث هاجمت كعادتها الجزائر والجزائريين، سواء مهاجرين على الأراضي الفرنسية أو شعب ساكن لأرضه الجزائرية.
ووصفت الجزائر حكومة وشعبًا وجاليةً بأنهم السبب في مشاكل فرنسا، موقف ناله الصمت الرسمي بين البلدين، في إشارة إلى النأي بالنفس عن تعكير الجو الرومانسي بين الإدارة الحالية للبلدين، وما بين الشعب الجزائري وفرنسا وأقدامها السوداء ملفات ثقيلة لطالما عكرت جو العلاقات خصوصًا في أي استحقاق أبرزها:
الذاكرة
تعتبر الذاكرة من النقاط المهمة التي ستظل تعكر صفو العلاقات الجزائرية الفرنسية نظرًا لعدم نسيان الجزائريين للجرائم الاستعمارية المقترفة في الجزائر خلال حقبة قرن ونصف من الاستعمار، كما أن فرنسا تخشى توجه السلطات الجزائرية بضغط من المجتمع المدني إلى تجريم الاستعمار الفرنسي وما ينجر عنه من تبعات قانونية على فرنسا، لكنه هذا يبقى غير مطروح عند صناع القرار في الجزائر حاليًا.
أما في فرنسا فيظل موضوع الذاكرة عند اليمين المتطرف محل ابتزاز واستغلال سياسي داخلي وخارجي، في المقابل اختار المرشح إيمانويل ماكرون لغة دبلوماسية عندما خاطب الذاكرة المشتركة، معبرًا عن أمله في أن ينظر البلدان إلى المستقبل، وألا تبقى العلاقات حبيسة ماضٍ لا يريد أن يرحل، مشيرًا في نفس الوقت إلى أن قضايا الذاكرة الأليمة التي تجمع البلدين تبقى قائمة، ولكن ذلك لا يعني ألا ننظر معًا إلى المستقبل وإلى ما يجمعنا، وتابع ماكرون بقوله “أنا أنتمي إلى جيل لم يشهد حرب الجزائر (1954-1962)، لكن لا يمكنه أن يعيش دونها، إنها جزء منا”.
يُنظر في الحملة الانتخابية الفرنسية إلى الهجرة وملف المهاجرين الجزائريين في فرنسا خصوصًا مزدوجي الجنسية كورقة يستغلها المترشحون الفرنسيون لصالحهم
الهجرة
كما يُنظر في الحملة الانتخابية الفرنسية إلى الهجرة وملف المهاجرين الجزائريين في فرنسا خصوصًا مزدوجي الجنسية كورقة يستغلها المترشحون الفرنسيون لصالحهم، وفي مرات كثيرة يتم استخدامها للضغط على الجزائر كما فعل نيكولا ساركوزي عند إخراجه لقانون الهجرة 1968، وتهديده بتغييره حتى لا يبقى في صالح المهاجرين الجزائريين.
في ذات السياق مثل حزب “الجبهة الوطنية” اليميني المناهض للمهاجرين في فرنسا، صورة قاتمة في تعامل القوى السياسية الفرنسية مع المهاجرين، حيث أكدت زعيمة الجبهة مارين لوبان في تصريحات استفزازية، على التعامل مع الجزائر كما يتعامل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع المكسيك، في إشارة إلى الجدار الذي يريد ترامب بناءه بين أمريكا والمكسيك للحد من الهجرة إلى بلاده، بحيث أعلنت صراحة أن من برنامجها إنشاء هذا المشروع، أما المرشح عن الجمهوريين فرنسوا فيون فيظل يغازل من حين لآخر الجالية المسلمة في فرنسا من بينها الجالية الجزائرية ويؤكد على دورها، ودعاها مؤخرًا إلى استنكار ما يقوم به المتشددون من جرائم باسم الإسلام.
التعاون بين البلدين
يبقى إيمانويل ماكرون أبرز المرشحين الفرنسيين الذين وجهوا رسائل واضحة للجزائر بخصوص مستقبل مشرق للتعاون بين البلدين، حيث أكد أنه في حال وصوله إلى قصر الإليزيه سيعمل على بناء شراكة استراتيجية بين البلدين يتم من خلالها التعامل مع مختلف الأزمات والنزاعات في القارة الإفريقية، وعلى رأسها الأزمة الليبية بالنظر إلى الموقع الذي تحتله الجزائر، والعلاقات التي تملكها مع أطراف النزاع في ليبيا، وقدرتها على المساهمة في حل الأزمة القائمة، وكذلك الأمر بالنسبة لمالي، التي لعبت الجزائر دورًا مهمًا في حلحلة الأزمة التي يعرفها الشمال المالي.
موضحًا أن العلاقات المتميزة التي تربط الجزائر وفرنسا هي التي مكنت من السماح للقوات الفرنسية بالتدخل في شمال مالي لضرب الجماعات الإرهابية قبل سنوات من خلال فتح الأجواء الجزائرية للطائرات الفرنسية، وفي الجانب الاقتصادي، كشف المرشح ماكرون عن نيته التعامل مع الجزائر وتطوير الشراكة إلى المجالات الطاقوية، بينما لم يأت الجديد من خطابات المرشحين الآخرين، غير وعيد بأيام سوداء للجزائريين المهاجرين.
تعتبر الذاكرة من النقاط المهمة التي ستظل تعكر صفو العلاقات الجزائرية الفرنسية نظرًا لعدم نسيان الجزائريين للجرائم الاستعمارية المقترفة في الجزائر خلال حقبة قرن ونصف من الاستعمار
ما بين المرحلتين الانتخابيتين للوصول إلى قصر الإليزيه، ستُجرى في الجزائر الانتخابات البرلمانية، وقتها لا يَغمُض للجزائري جفنٌ حتى يرى ممثليه في البرلمان، برلمان لطالما تعامل مع فرنسا بانسيابية لا مثل لها، برلمان رفض تجريم فرنسا، رغم تمجيد فرنسا بنفسها وبإيعاز من أقدام جزائرية سوداء لجرائمها اللا إنسانية في الجزائر، حتى يصعد الرئيس الجديد إلى قبة الإليزيه، والذي يتمناه الجزائريون أن يكون دوبل ترامب، وحتى يصعد ممثلو الفساد أو بعضه إلى قبة البرلمان الجزائري، ويكتمل المشهد، وللتذكير لا أكثر حتى، هذا النص للجنرال السفاح مونتانياك لعل وعسى يحيي ضميرًا قد قارب على الوفاة، هذه هي الانتخابات الفرنسية بعين الجزائر.