جدد هجوم تنظيم “داعش” على معبر طريبيل العراقي الجمعة، الذي أسفر عن مقتل 15 جنديًا عراقيًا، المخاوف الأردنية بشأن استمرار إغلاق المعبر الحدودي الوحيد التجاري بين الأردن والعراق، إضافة إلى كونه ضربة استباقية ستعمل على وقف أو على الأقل تأخير كل الإجراءات التي اتخذت مؤخرًا لإعادة فتح المعبر.
فقد جاء الهجوم المباغت الذي شنه التنظيم على مقر الفوج الثاني لقوات حرس الحدود العراقي، مستخدمًا انتحاريين وسيارات مفخخة في توقيت غير متوقع، وبعيد كل البعد عن الحسابات بين البلدين، خاصة في ضوء إعلان القوات العراقية مؤخرا السيطرة على المعبر والمناطق المحيطة به.
كما مثل الهجوم ضربة استباقية من المتوقع أن تعمل على تأخير افتتاح المعبر لمدة غير محددة، بالرغم من تصريحات السلطات العراقية والأردنية على حد سواء، المتمثلة باقتراب إعادة فتح المعبر لإستئناف حركة التجارة بين البلدين، في ضوء التطمينات من كلا الجانبين على استتباب الأمن على المعبر ومحيطه وانتهاء الخطر الداعشي.
#الان
محاصرة مقر لقوات حرس الحدود العراقية بين منفذي طريبيل وعرعر .#صفحة_المنافذ_والمخافر_الحدودية pic.twitter.com/UAeQ56QgkK— عميد ركن خليل الطائي (@shvm_90) February 26, 2017
لكن فيما يبدو أن التصريحات الرسمية في واد والواقع على المعبر ومحيطه في واد آخر، فخطر “داعش” كم ظهر ما زال قائمًا وكبيرًا، وزواله ليس بالأمر السهل كما صورت التصريحات الرسمية العراقية أو الأردنية.
فمعبر طريبيل التي استعادت القوات العراقية السيطرة على أغلب المناطق المحيطة به، ما زال تنظيم “داعش” يسيطر على ثلاث بلدات قريبة منه إضافة إلى مساحات من الصحراء التي تربط العراق وسوريا، الأمر الذي يعرض المقرات الامنية لقوات حرس الحدود العراقي بين الحين والآخر، إلى هجمات من قبل التنظيم.
لم يكن هذا الهجوم من قبل تنظيم داعش هو الأول، فقد تعرض المعبر لأكثر من هجوم وقصف واعتداء، كان أبرزها هجوما بواسطة طائرة دون طيار أوقع خسائر مادية دون وقوع خسائر بشرية.
يعد طريبيل المعبر الحدودي الوحيد بين الأردن والعراق المخصص للتبادل التجاري
كما تبنى تنظيم داعش في 25 نيسان/إبريل من العام2015، الهجمات الانتحارية الثلاث التي نفذها ثلاثة أبو بكر الفرنسي وأبو عبد الله البلجيكي وأبو جعفر السنغالي، وأسفرت إلى مقتل 5 جنود وإصابة 9 من عناصر حرس الحدود العراقي.
ويعد طريبيل المعبر الحدودي الوحيد بين الأردن والعراق، المخصص للتبادل التجاري، ويقع بين بلدة طريبيل العراقية في محافظة الأنبار وبلدة الرويشد الأردنية في محافظة المفرق، وهو خاضع لسيطرة القوات العراقية.
خسائر بملايين الدولارات يتعرض لها الأردن
وحول آثار الهجوم الاقتصادية وتأثيرها السلبي على الأردن في ظل الترقب والتطلع لإعادة افتتاح المعبر، رأى الخبير الاقتصادي خالد الزبيدي أن أهمية المعبر بالنسبة للأردن تتمثل في الاتصال الهاتفي الذي أجراه رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي مع الملك عبد الله الثاني، وأكد من خلاله على اهتمام العراق البالغ بتأمين الطريق الإستراتيجي لما فيه مصلحة البلدين.
وقال الزبيدي لـ”أردن الإخبارية” إن المعبر يعتبر أحد أهم المعابر بالنسبة للأردن، لما له من تأثير مباشر على حركة التجارة والاقتصاد التي توقفت بسبب سيطرة تنظيم داعش عليه”، منوها إلى أن “خسائر الأردن جراء إغلاق المعبر تقدر بملايين الدولارات”.
وأشار الزبيدي إلى أن “من الآثار السلبية المتواصلة لإغلاق المعبر، هي ارتفاع تكاليف نقل البضائع بواسطة الشاحنات من الأردن إلى العراق، إذ كانت الكلفة قبل الإغلاق تصل إلى 2000 دولار كحد أعلى للشاحنة الواحدة، أما الآن فهي قد تصل إلى 5000 آلاف دولار”.
يضع الخبراء ما يقوم به تنظيم “داعش” من تفجيرات وهجمات على المعبر في سياقه الطبيعي، بالرغم من ترقب الأردن لما يجري على الجانب العراقي
وكان وزير النقل حسين الصعوب، صرح بأن معبر طريبيل يحتاج لمدة تتراوح بين ثلاثة وخمسة أشهر قبل تموز/يوليو المقبل، لإعادة افتتاحه وانسياب حركة البضائع من خلاله.
وقال في تصريحات محلية إن “الجانب الأردني مستعد لإعادة انسياب حركة النقل بين الأردن والعراق في حال تم إعادة فتح معبر طريبيل”، موضحا أن “الجانب العراقي يعمل على إعادة جاهزية المعبر من جانبه”.
واشار الوزير إلى أن “هنالك بعض الإجراءات الأمنية التي يقوم بها المعنيون بالجانب العراقي لضمان أمن المنطقة وسلامتها، إضافة إلى التأكد من أنه لا يوجد أي خطر على أرواح السائقين الذين سيعبرون من خلال هذا المنفذ سواء من الجانب الأردني أو العراقي”.
أما على المستوى الأمني، فيضع الخبراء ما يقوم به تنظيم “داعش” من تفجيرات وهجمات على المعبر في سياقه الطبيعي، بالرغم من ترقب الأردن لما يجري على الجانب العراقي.
هل تهدد هذه الهجمات الأردن؟
لكن يتساءل الكثير عن السبب الذي دفع تنظيم “داعش” الى استهداف معبر طريبيل في هذا الوقت تحديداً، وهل الظروف مهيئة لتفجيرات أخرى؟ وماهي التداعيات الأمنية جراء ذلك على الأردن، وهل هي رسالة من داعش إلى النظامين الأردني والعراقي تفيد بعدم محاولة فتح المعبر؟
في هذا توقع الخبير الأمني العقيد المتقاعد فواز الهواوشة أن تكون هذه التفجيرات والهجمات من باب التخريب على الجهود الرامية لافتتاح المعبر من جديد، في الوقت الذي نوه فيه إلى إمكانية أن يكون هذا الهجوم بداية لسلسلة جديدة من الهجمات على المعبر من قبل التنظيم المتشدد.
“الأجهزة الأمنية والعسكرية تضع نصب عينيها الخطر الذي يحدق بالأردن من كل الجهات”
واستبعد الهواوشة في حديث لـ”أردن الإخبارية” أن يكون الهجوم الداعشي على المعبر “بداية تهديدات ضد الأردن”، مشددا على أن “الأجهزة الأمنية والعسكرية تضع نصب عينيها الخطر الذي يحدق بالأردن من كل الجهات، خاصة بعد تولي القوات المسلحة مهمة حراسة الحدود بدلاً من قوات البادية”.
وفيما إن كان بإمكان تنظيم داعش بسط وإحكام سيطرته على المعبر من جديد، لفت الهواوشة إلى أن “داعش قادر على السيطرة على المعبر وعلى المناطق المحيطة به، لكنه لا يرغب في ذلك، فهو كما يبدو يكتفي لتكون مصلحته في نقطة الجمارك التي يجبي منه أمولاً لتسيير شؤونه وتوفير مصاريف أفراده فقط”.
فتح المعبر لا يعني توقف الهجمات
في السياق، اعتبر الخبير في شؤون الحركات الإسلامية المسلحة مروان شحادة، أن إعادة فتح معبر طريبيل لا تعني توقف الهجمات والتفجيرات من قبل تنظيم داعش.
وقال شحادة لـ”أردن الإخبارية إن “قرار فتح المعبر أو إغلاقه سيبقى رهن الواقع الذي سيفرضه تنظيم داعش”، مشيرا إلى أن “من سيقرر فتح المعبر أو إغلاقه هو أداء الجيش العراقي عبر مواجهة التنظيم، فضلا عن قدرته على إبعاد خطر التنظيم عن المعبر وتوفير الحماية للحركة التجارية المتبادلة بين الأردن والعراق”.
ولم يستبعد شحادة أن “يقوم تنظيم داعش بتنفيذ هجمات وتفجيرات جديدة على المعبر، ليثبت قدرته على التحكم بالمنطقة وقدرته على الحفاظ على مكتسباته ومصالحه، لضمان أمن عناصره وأنصاره في المنطقة”.
تفاصيل الهجوم من شهود العيان
إلى ذلك، نشر موقع صحيفة قريش التي تصدر في لندن، رواية أحد الجنود العراقيين الناجين من الهجوم، حيث قال “إنه في تمام الساعة السابعة صباحا من يوم الجمعة، تعرضت السرية الاولى من الفوج الثالث المغاوير، التابعة للواء المغاوير ضمن قاطع عمليات حدود المنطقة الثانية التي تبعد 30كم عن منفذ طريبيل الحدودي لهجوم كبير من ثلاثة محاور وبمختلف الأسلحة والعجلات المفخخة والطائرات المسير”.
وأضاف الجندي بقوله: “ألقت الطائرات قنابلها على القوات المتواجدة هناك، وأكثر من 30 عجلة بين ناقلة جند ومدرعة ودبابة، وبالرغم من قلة الامكانيات لقوات المغاوير إلا أنهم صمدوا أمام هذا الهجوم الشرس، بالرغم من فقدانهم معاون آمر الفوج جبار عبد الحسن الذي قاتل حتى قضى واستلم الراية من بعده النقيب وسام فرهود”.
وأردف شاهد العيان بأن “الدواعش طلبوا منا الاستسلام عبر مكبرات الصوت، لكننا رفضنا جميعاً وقلنا إما أن نموت بكرامة أو ننتصر، ولا نسلم أنفسنا، قتلنا من المهاجمين الكثير لكن أيضا بدأت أشاهد أصدقائي يسقطون واحدًا تلو الآخر، ولم يبق إلا عدد قليل من الجنود وفي هذه الاثناء قتل النقيب وسام داود، ولم يبقَ لنا قائد”.
وأنهى الجندي روايته بقوله “جاء أخيرًا التعزيز وتم فك الحصار عنا، لكن بعد أن فقدنا 16 جنديًا و6 جرحى، لا أعرف كيف نجونا من هذه المذبحة”.
المصدر: أردن الإخبارية