ما رأيك إن عرضت عليك شركة “ديزني”، أكبر شركات إنتاج أفلام الرسوم المتحركة، جولة داخل الاستوديوهات الخاصة بها، لتسمح لك لأول مرة أن تشاهد الأفلام قبل خروجها لعالم الشاشة البيضاء، أو كما يقول فريق العمل “حيثما يحدث السحر”، فما رأيك بجولة سريعة في استوديوهات ديزني وبيكسار الآن؟
قبل أن ندخل شركة “بيكسار” وهي أحدث ما جد على ديزني من شركات فرعية، دعنا في البداية نتجول في الشركة الأم، حيث ستجد العمارة الفريدة من نوعها في كل مبنى من مباني الاستوديو، لا تتعجب إن وجدت أحدهم على شكل “ميكي ماوس”، ولا تتفاجأ إن وجدت تماثيل لأميرات ديزني الجميلات يقمن بالترحيب بك داخل الاستوديو، فأنت الآن في برونباك، كاليفورنيا، حيث المركز الرئيسي لاستوديوهات شركة ديزني.
ربما عندما تدور بين الأروقة والغرف ستفهم كم يكون هذا العمل شديد الأهمية لصانعيه، ذلك لأنك تقترب أكثر وأكثر من الشخصيات الكرتونية، التي تبدو لك عملًا ترفيهيًا فحسب، ولكنه لهم يعد تاريخًا، فهنا تجد الشخصيات الكرتونية تغلف جدران مدخل الاستوديو الرئيسي بخاصية الـ 3D، لكل فيلم رسمة أو منحوتة على الجدار، حيث التصميمات والرسومات الأولية لكل أفلام ديزني المشهورة الآن مثل “روبونزل” أو “إلسا” أميرة الثلج من فيلم “Frozen”، ولكن ماذا عن التصميمات الأولية التي صنعت ديزني من الأساس؟
“وودي” من فيلم “توي ستوري” يرحب بكم في المدخل الرئيسي
عندما ترى التصميمات الأولية المرسومة باليد لأفلام مثل ميكي ماوس أو فيلم “سنووايت”، فهذا ما يجعل استوديوهات ديزني معرضًا فنيًا بحق، فهنا ترى بداية تاريخ الشركة منذ 90 عامًا قبل أن تكون الشركة على قمة شركات إنتاج أفلام الرسوم المتحركة.
يبدو مكتب المدير على الأغلب مكانًا غير مريح ولا يسهل عليك الوصول إليه قبل أن تمر على عدة مكاتب أخرى، إلا أن فريق ديزني لا يؤمن بذلك، فمن أسهل المكاتب التي ستصل إليها في ديزني مكاتب المدراء المختلفين، فسنجد مكاتبهم مليئة بالشخصيات الكرتونية المفضلة لديهم، وسنجدهم يتحدثون إليهم وهم يعدون القهوة لأنفسهم، ففي الصورة مثلًا المدير الإبداعي لاستوديوهات ديزني وبيكسار جون لاستير وهو يستمتع بمحادثته مع صديقه الهامستر!
“يمكننا أن نصمم أجمل مباني العالم، ولكن كل ما يحتاجه الأمر ليصبح الحلم حقيقة، هم الأشخاص الماهرون”
قالها والت ديزني في بداية تأسيسه لاستوديوهات الشركة، فهو يعلم أن بإمكانه إبهار العالم بروعة الاستوديوهات واختلافها عن أي شركة إنتاج أخرى، إلا أنه يركز أيضًا على العمل مع كل من كان ماهرًا، هذا أيضًا ما يقوله الرسام بيترا عندما أخد جمهور ديزني في جولة حديثة في استوديوهات “بيكسار” هذه المرة، حيث يقول في جولته إنه يعمل في الشركة منذ مدة، إلا أنها لم تفقد سحرها بالنسبة إليه أبدًا، فواحدة من أعظم النعم التي ينعم المرء بها حينما يعمل في “بيكسار”، إنه يعمل مع موهوبين للغاية.
يحتاج الأمر من أولئك الموهبين العمل لمدة 4 سنوات في المتوسط لصنع واحد من الأفلام التي تشاهدها أنت في ساعة ونصف الساعة، حيث تعمل أقسام الشركة المختلفة جميعًا في عمل متكامل يشترك فيه مئات من الرسامين والمصممين والمهندسين والموهوبين والمبدعين كذلك.
يأخدنا بيترا بين استوديوهات “بيكسار” هذه المرة، وبناءً على رغبة الجمهور المشاهد، يبدأ بيترا وهو أحد مصممي الشركة الذي يعمل في تصاميم كل شيء يدور حول الشخصية في الفيلم، جولته باستوديوهات التسجيل، حينها نشاهد على جدار أحمر ضخم توقيع كل ممثل قد دخل تلك الاستوديوهات ليسجل صوته لإحدى شخصيات أفلام ديزني وبيكسار.
يأخدنا بيترا فيما بعد لمحلات “بيكسار” الخاصة، حيث ستجد كل شخصيات ديزني على كل شيء تريد شراءه، على كوب القهوة، غلاف لكتابك، أو رسمة على القميص الذي ستشتريه، فهو أحد المحلات الخاصة بشركة بيكسار ويتم إنتاج كل محتوياته داخل الشركة نفسها.
يبدو أكثر الأماكن إثارة وجمالًا في استوديوهات ديزني وبيكسار غرف الرسامين “animators”، هنا يبدأ كل واحد منهم في نسج الخيوط الأولى للشخصيات المختلفة، لذلك يتطلب الأمر منهم مجهودًا ضخمًا من الإبداع والموهبة، لذلك نجد أن أكثر الغرف اختلافًا وجنونًا هي غرف الرسامين، حيث لا تصممها الشركة بنفسها لهم، لكل مكتب من مكاتب الرسامين طرازه الخاص، فعلى سبيل المثال، يدخل بيترا في جولته إلى أحد المكاتب المصمم على هيئة غابة، وذلك باختيار العاملين بتشكيل مكتبهم بهذا الشكل في أوقات فراغهم.
“ما يجعل بيكسار عظيمة، هم الموهوبون العاملون فيها، وليس الخشب والجدران والألوان التي تكوّن الاستوديوهات الخاصة بنا”
في أثناء الجولة تمر بنا الكاميرا على مكتب ستيف جوبز أيضًا، حيث كان له أحد أهم المكاتب في الشركة كذلك، أو كما يقول عنه جون لاستير في جولته بنفسه التي صوّرها من قبل لجمهوره، بأنه أحد أنظف المكاتب الموجودة في بيكسار، وذلك لخلوه من الشخصيات الكرتونية التي تحتل مكاتبهم في الأغلب!
ستيف جوبز مع جون لاستير في أحد استوديوهات بيكسار
“نحن نعمل لساعات طويلة، لأن عملنا هو الشغف الأكبر في حياتنا، ومهمتنا الرئيسية هي صنع أفلام يستمتع بها ملايين الناس حول العالم”
يحظى العاملون خلف الكواليس بالكثير من المرح، فهم يستمتعون بوقتهم في أثناء العمل لإظهار تلك السعادة في الأفلام كذلك، فتجدهم يستمتعون باللعب سويًا بين أروقة المكاتب، يتحركون بالعجلات داخل الاستوديو، يمرحون في أثناء تناول الطعام بالمشاركة مع جميع الأقسام من مختلف الاستوديوهات، لا ليقوموا بإنهاء عملهم فحسب، بل ليصنعوا ما نصفه بالعمل الفني الذي يستحق المشاهدة.