الطريق إلى ترشيحات حفل الأوسكار لم يكن أبدًا طريقًا سهلاً أو ممهدًا بالورود خصوصًا لصناع السينما في الشرق الأوسط وتحديدًا المنطقة العربية ربما لاختلاف المعايير الثقافية والحضارية بين الوطن العربي – مهما وصل من انفتاح – والولايات المتحدة أو الغرب، ولكن الحقيقة المؤكدة فيما يتعلق بجوائز الأوسكار أن جودة الأفلام ليست المعيار الرئيسي للترشح للجوائز.
فهناك الكثير من العوامل التي تؤخذ بعين الاعتبار في اختيار وترشيح الأعمال الفنية منها على سبيل المثال لا الحصر وجود شركة توزيع ودعاية قوية داخل الولايات المتحدة تستطيع جذب الجماهير لتعطي الفيلم ظهيرًا شعبيًا من المعجبين يستطيع التأثير على اختيارات لجنة التحكيم التي غالبًا ما تكون متوقعة وتأتي بما يشتهيه المعجبون ومدمنو السينما، وقد حاولت الدول العربية التي لها باع في الحقل السينمائي خوض تجربة الترشح للجائزة ولكن لم يحالف أي منهم الحظ بالفوز.
حتى مصر التي تعتبر أقدم دولة عربية تمتلك إنتاجًا فنيًا وسينمائيًا ضخمًا منذ عقود كثيرة، تقدمت للجائزة 28 مرة في سنوات مختلفة ولكنها لم تصل للترشح ولو لمرة واحدة! ويأتي لبنان بعدها في المركز الثاني بتقديم 9 أفلام لم يصل منها أي فيلم للترشح النهائي وبعدهم تونس بـ8 أفلام لقوا نفس المصير.
لكن ذلك لم يمنع العرب من ترك بصمتهم بحفلات الأوسكار في بعض المواقف التي تم رصد جزء منها من قبل موقع ستيب فيد، بعض هذه المواقف كانت موفقة وبعضها لم يكن كذلك على الإطلاق وكان نصيبه من السخرية العالمية نصيب الأسد وخلد اسم صاحبته إلى الأبد كأسوأ مراسلة صحفية مرت على تاريخ المؤتمرات الصحفية الخاصة بالفائزين بالأوسكار.
فلنتفق إذًا أن حفلات جوائز الأوسكار ربما تكون مبهرة للغرب فهي تتوافق مع معاييرهم الثقافية والحضارية ولكنها بالطبع لا تتفق معنا كعرب وشرقيين وربما يفوز فيلم بجائزة أوسكار أحسن فيلم عندهم ولكن عندنا لن نسمح بعرض قصته المتنافية مع عاداتنا وتقاليدنا من الأساس، وهذا ليس حجرًا على الفنون أو الإبداع ولكن كل منا لا بد أن يتمسك ويفخر بمعاييره وعاداته وتقاليده وحدوده في تقبل ما يسمح به عقله ومعتقداته.
1- ترشيح فيلم ليوسف شاهين كأول فيلم عربي على الإطلاق بالمسابقة – “محطة مصر” عام 1959
كان فيلم “محطة مصر” هو الفيلم الأول عربيًا وإفريقيًا للمخرج المصري المشهور يوسف شاهين الذي يرشح للأوسكار في عام 1959 ولكنه لم يفز بالجائزة، تدور قصة فيلم شاهين عن علاقة حب معقدة بين ثلاث شخصيات يعملون بمحطة مصر للقطارات يمثل الشخصيات هند رستم وفريد شوقي ويوسف شاهين بنفسه!
2- فوز فيلم (Z) الجزائري الفرنسي بجائزة الأوسكار، الفيلم العربي الأول الذي يفوز بالأوسكار عام 1970
على الرغم من أن هذا الفيلم لم يحك قصة عربية ولم يمثل به أي ممثلين عرب، ولكن إنتاجه كان بشراكة الجزائري أحمد رشيدي، الفيلم الذي تم إنتاجه عام 1969 كان يحكي رواية “1966” عن فترة الاغتيالات باليونان التي بدأت عام 1963، تم ترشيح الفيلم أيضًا كأول فيلم لغة أجنبية عن جائزة أحسن فيلم وأحسن تصوير.
3- حصول الأردن على أول ترشيح لها في عام 2016
كانت هذه أول مرة يتم فيها ترشيح فيلم أردني لجائزة أوسكار أحسن فيلم لغة أجنبية، ورابع فيلم عربي يتم ترشيحه على الإطلاق. الفيلم إخراج ومشاركة في الكتابة للمخرج الأردني ناجي أبو نوارة، ويحكي الفيلم قصة فلكلورية عن طفل بدوي اسمه “ذيب” والذي يعيش رحلة مميزة ورائعة عبر الصحراء العربية في خلال الحرب العالمية الأولى ليرشد ضابط بريطاني للطريق.
4- تقديم السعودية فيلمها الأول للأوسكار في 2014
الفيلم السعودي الأول على الإطلاق في المشاركة بالأوسكار كان فيلم “ودجة” لهيفاء منصور، وعلى الرغم من عدم حصول الفيلم على أي ترشيح ولكنه يعتبر خطوة كبيرة جدًا بالنسبة للأعمال الفنية بالمملكة، وقد تتبع المخرج السعودي محمود صباغ خطوات هيفاء منصور وتقدم بفيلم بركة يقابل بركة كثاني فيلم للملكة بالأوسكار.
لم يحصل فيلم صباغ على أي ترشيح هو الآخر، ولكن لن يمنعه شيء بعد الآن من إعادة المحاولة، السينما في السعودية ممنوعة من ثمانينيات القرن الماضي، ومع ذلك يعمل حاملو الجنسية السعودية بالفن بكل الطرق حتى يتم سماع أصواتهم.
مؤخرًا أعلنت شركة إنتاج إماراتية أنها ستدعم الفنانين السعوديين في وضع خطط تساعدهم على صناعة سينما خاصة بهم بالتعاون مع المسؤولين بالمملكة بما يتماشى مع رؤية المملكة الجديدة 2030.
5- ترشيح عمر الشريف عن دوره الأسطوري في “لورانس العرب”
الممثل العالمي المصري عمر الشريف معروف عالميًا بدوره في فيلم “لورنس العرب” 1962، عندما لعب دور الأيقونة شريف علي والذي أهله للترشح لجائزة أحسن ممثل مساعد.
لم يحصل عمر الشريف على الأوسكار ولكنه فاز بأربع جوائز جولدن جلوب عن نفس الدور.
6- المراسلة المصرية وليوناردو دي كابريو !
في الحفل رقم 88 لتوزيع جوائز الأوسكار لعام 2016 كان الجميع يتحدثون عن فوز ليوناردو دي كابريو بالأوسكار، اللحظة التي طال انتظارها، ولكن في العالم العربي كان الجميع يتحدثون عن المراسلة المصرية شيماء عبد المنعم التي سرقت بعض الأضواء من دي كابريو.
فخلال المؤتمر الصحفي لفوز ليوناردو، سألته المراسلة “ماذا عن أول أوسكار؟” فطلب منها دي كابريو أن تعيد السؤال لأنه لم يفهم ماذا تقصد!
فأعادت نفس السؤال للمرة الثانية!
فأجابها “نعم.. أشعر بشعور رائع.. إنها الأولى، مثلما قلت، أنا ممتن للغاية”.
وانتشر الفيديو على جميع منصات السوشيال ميديا واستغلته جميع الصفحات الساخرة فيما اعتبره البعض فضيحة للصحافة المصرية، وهذه اللحظة تحديدًا لن يتم نسيانها أبدًا.
7- الوثائقي السوري “الخوذ البيضاء” يحصل على الأوسكار
وأخيرًا فوز الفيلم الوثائقي التسجيلي السوري بجائزة أوسكار أحسن فيلم تسجيلي قصير في حفل الأوسكار الأخير رقم 89. حيث يحكي الفيلم قصة منظمة “الخوذ البيضاء” التي تشكلت في حلب عام “2013” بعد أن قام الرئيس السوري بشار الأسد باستخدام البراميل المتفجرة وإسقاطها على المدنين من السماء بالطائرات.
يوثق الفيلم محاولات المتطوعين بالمنظمة لإنقاذ ما يقارب من 78 ألف شخص مصاب في سوريا، وعلى الرغم من حصول كل من مصور الفيلم “خالد الخطيب” ومدير المنظمة “رائد الصالح” على تأشيرات دخول الولايات المتحدة، إلا انهم فضلوا عدم السفر لاستلام جائزتهم والبقاء بسوريا نظرًا للقصف المستمر على المدنيين، وبحسب ما جاء عنهم فإن المصابين بسوريا يحتاجون لتواجدهم معهم بشكل مصيري.