تسعى بلدان كثيرة حول العالم لاجتذاب رؤوس الأموال أو المليونيرات (أصحاب الملايين) الذين لا يبحثون عن مكان يستثمرون فيه أموالهم فحسب، بل يبحثون عن جودة التعليم والأمن الشخصي والخدمات المالية والصحية المقدمة داخل تلك البلدان بالإضافة للمناخ والنظافة وأمور أخرى، والأهم من كل ذلك هو الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وإن أي خلل في هذه العوامل سيؤدي لخروج صاحب المال من تلك البلد هو وأمواله باحثًا عن بلد آخر.
بلدان خرجت منها المليونيرات
لا يعد الانتقال من بلد لآخر بالنسبة لكثير من أصحاب الأموال حول العالم صعبًا، فما يملكونه من أموال يتيح لهم الانتقال بحرية كبيرة حتى ولو من بلدهم الأم إلى بلد آخر لأسباب يرونها تدعو لذلك، فمنافسة البلدان حول العالم على اجتذاب أولئك الناس تسهم في تسهيل انتقالهم بشكل يسير، فما عليهم سوى حزم أمتعتهم والانتقال مع عوائلهم إلى البلد الذي قرروا الهجرة إليه، وبحسب موقع “فيجوال كابيتاليست” فإن عدد المليونيرات المهاجرة ارتفع في العام الماضي إلى 82 ألف شخص من 64 ألف شخص في 2015.
ومن البلدان التي نزحت منها المليونيرات حسب الأرقام الراصدة لتلك الأموال في 2016، جاءت فرنسا على رأس القائمة حيث خرج منها 12 ألف مليونير بنسبة 20% عن العام الذي سبقه 2015 وخسرت الصين 9 آلاف شخص.
ارتفع عدد المليونيرات المهاجرة في 2016 إلى 82 ألف شخص من 64 ألف شخص في 2015
حيث سبب الصراع بين ترامب والصين من جهة وتباطؤ النمو الاقتصادي في الصين في العام الماضي من جهة أخرى في خلق حالة من عدم الاستقرار لأصحاب الملايين هناك، إذ قدرت إحصائيات مالية، إلى أن 725 مليار دولار هربت من الصين خلال العام الماضي وهو أكبر معدل لهروب الأموال في الصين خلال العام الماضي، من بينها 95 مليارًا في شهر ديسمبر/ كانون الأول وحده، وهو ما أثر سلبًا على الاقتصاد الصيني ويتوقع خبراء في مجال التمويل أن تدخل الإجراءات التجارية والمالية التي ينوي تنفيذها الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، الصين في أزمة مالية خلال العام الحالي 2017.
في حين خرج من كل من البرازيل وتركيا 6 آلاف شخص في 2016 واحتلت تركيا البلد الأكثر خسارة للمليونيرات حيث قدرت نسبة من خرجوا في العام الماضي عن العام الذي سبقه 500%.
ففي البرازيل تواجه أزمة اقتصادية عانى منها الاقتصاد من ركود للربع الثامن على التوالي، وسجل أسوأ أداء له في الربع الرابع من العام الماضي 2016 كما واجهت البلاد أزمة سياسية بعدما تم عزل الرئيسة ديلما روسيف في أغسطس/ آب 2016، وهذه الأسباب كافية لخروج الأموال للبحث عن أماكن آمنة أخرى بالنسبة لأصحاب الملايين.
يوجد 18.5 مليون مليونير حول العالم يملكون 47% من الثروات الموزعة بين مداخيل وحسابات في المصارف وأسهم في البورصة
أما في تركيا فقد واجهت العام الماضي محاولة انقلاب فاشلة في منتصف يوليو/ تموز 2016 وأزمة اقتصادية تمثلت بانخفاض في قيمة الليرة التركية بشكل كبير، بالإضافة إلى أزمة سياسية مع روسيا بسبب إسقاط القوات الجوية التركية طائرة سوخوي الروسية نهاية العام 2015.
البلدان التي هاجرت إليها المليونيرات
من بين البلدان التي هاجر المليونيرات إليها في العام الماضي كانت أستراليا حيث تمكنت من جذب حوالي 11 ألف مليونيرًا خلال العام الماضي وبحسب التقرير أيضًا، فقد تمكنت الولايات المتحدة من حصد المركز الثاني حيث استقبلت 10 آلاف مليونير، رغم صعود ترامب وفوزه في الرئاسة إلا أن الاقتصاد الأمريكي قدم أداءً جيدًا في الفترة الماضية ارتفعت فيه مؤشرات عديدة ورفعت تفاؤل البنك الفيدرالي الأمريكي لرفع نسبة الفائدة، وهو سبب رئيسي أدى إلى استقبال الولايات المتحدة رؤوس أموال من بلدان العالم وبالأخص من دول الاقتصادات الناشئة، فيما احتلت كندا المركز الثالث عالميًا حيث تمكنت من جذب 8 آلاف مليونير وجاءت الإمارات في المرتبة الرابعة بجذبها 5 آلاف مليونير ونيوزيلندا 4 آلاف.
لا يمثل المليونيرات سوى 1% من سكان العالم بحسب تقارير سابقة، إلا أنهم يتقاسمون نحو نصف الثروات الخاصة في العالم إذ يوجد 18.5 مليون مليونير يملكون 47% من الثروات الموزعة بين مداخيل وحسابات في المصارف وأسهم في البورصة.
تركيا البلد الأكثر خسارة للمليونيرات حيث خرج منها بنسبة 500% في 2016 نسبة عن الذين هاجروا في العام 2015
تضم الولايات المتحدة أكبر عدد من أصحاب الملايين بما يعادل 8 ملايين، ومن ثم الصين بنحو مليوني مليونير، فيما تضم فرنسا 445 ألف مليونير، ويوجد أكبر تجمع للثروات في أمريكا الشمالية، حيث يملك المليونيرات 63% من الثروات الخاصة البالغة في هذه المنطقة 60400 مليار دولار.
هناك أمر مهم تجدر الإشارة له أن هذه الأموال لا تعد من الأموال الساخنة التي تسعى إلى الدخول إلى الأسواق وتحقيق أرباح سريعة ومن ثم الخروج منها بعد التسبب بأزمة فيها قد تودي بانهيار السوق في بعض الأحيان، فهذه الأموال مهمة جدًا لاقتصاد أي بلد وتتنافس الدول على اجتذابها لأنها توصف باستقرارها في الأماكن التي تحط فيها، فهذه الطبقة من الأشخاص الذين يملكون أموالًا على الأقل مليون دولار يعمدون لشراء عقارات وسيارات…إلخ وربما يستثمر أمواله في مشروع ما ويوظف موظفين، لذا فانتقالها من بلد لآخر يحظى بأهمية كبيرة لدى أي بلد.