بدأ قطار الخصخصة في السعودية يتحرك على أكثر من صعيد وفي أكثر من قطاع حسب رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني الصادر في العام الماضي، حيث سيتم طرح 16 مؤسسة من القطاع العام أمام مستثمرين محليين وعبر البورصة السعودية أو من خلال الاكتتاب العام أو بيعها لمستثمرين أجانب بشكل مباشر في خطة لجذب 800 مليار دولار.
16 جهة حكومية سيتم خصخصتها في المرحلة الأولى
تتوزع الشركات والمؤسسات التي تسعى الحكومة السعودية لخصخصتها على قطاعات حيوية منها؛ الطاقة والنفط والمطارات والمطاحن والإعلام والأغذية وحتى الأندية الرياضية المعروفة في السعودية، وتشمل الجهات المستهدفة في المرحلة الأولى من برنامج الخصخصة عددًا من الوزارات في نشاطات معينة منها التعليم والشؤون البلدية والقروية والصحة والعمل والنقل والمواصلات.
ومن أكبر الشركات التي تسعى الحكومة لخصخصتها هي شركة أرامكو، حيث تعتزم السعودية خصخصة جزء من أسهم شركة أرامكو الوطنية عبر طرح حصة منها بمقدار 5% من أسهمها في أسواق المال العالمية، وتقدر مؤسسات قيمة الطرح بنحو 125 مليار دولار في حين تقدره مؤسسات أخرى بأقل من ذلك بكثير.
وكان محللون اختلفوا حول القيمة السوقية للشركة التي قدرتها مصادر محلية بترليوني دولار، بينما قدرت مؤسسة “ماكنزي” القيمة العادلة للأعمال الأساسية لأرامكو بـ400 مليار دولار أما قيمة الشركة ككل فتقدر بأقل من ترليون دولار.
سيتم طرح 16 مؤسسة من القطاع العام أمام مستثمرين محليين وعبر البورصة السعودية أو من خلال الاكتتاب العام أو بيعها لمستثمرين أجانب بشكل مباشر في خطة لجذب 800 مليار دولار.
وأشار محللون أن تقدير الحكومة للشركة بـ2 ترليون دولار بني على افتراض أن القيمة السوقية للشركة تعادل 8 لكل برميل نفط احتياطي، في الوقت الذي تبلغ احتياطيات أرامكو من النفط 261 مليار برميل. في حين عملت ماكنزي مثلا لتقدير قيمة الشركة على طريقة خصم التدفقات النقدية مع الأخذ في الاعتبار الضريبة العالية المفروضة على الشركة من قبل الحكومة على تدفقاتها النقدية والبالغة قرابة 85%، وتكلفة رأس المال البالغة 10% وتقديراتها لأسعار الخام المستقبلية. والجدير ذكره أن طرح جزء من أسهم الشركة للبيع لا يعني أن تصبح الشركة مملوكة للمشترين لأن الدولة ستبقى مالكة لنحو 95% من أسهمها.
ومن بين الأمور التي ستخصخصها المملكة الأندية الرياضية الكبرى آملة أن تضخ على الخزينة ما يقرب من 30 مليار ريال ومن بين الأندية الكبيرة التي تخطط الحكومة لبيعها خلال الفترة المقبلة؛ النصر والهلال السعودي والاتحاد والأهلي.
تضمنت خطة التحول الوطني تفعيل دور القطاع الخاص في الاستثمار في قطاع التعليم بما في ذلك رياض الأطفال وتطوير تموذج جديد لتشغيل المدراس الحكومية باسم المدارس المستقلة وتحويل 2000 مدرسة حكومية لتشغيلها من قبل مؤسسات اقتصادية صغيرة الحجم.
سيتم تحويل 2000 مدرسة حكومية لتشغيلها من قبل مؤسسات اقتصادية صغيرة الحجم في السعودية
وتسعى الحكومة أيضًا لخصخصة قطاعي التلفزيون والإذاعة لتوفير فرص عمل، بالإضافة إلى المطارات وشركات خطوط الطيران إذ أعلنت اعتزامها خصخصة 3 مطارات رئيسية في البلاد هي: مطار الملك خالد الدولي، ومطار الملك عبد العزيز الدولي، ومطار الملك فهد الدولي.
وبالإضافة لذلك سيتم خصخصة المؤسسة العامة للخطوط الحديدية وهي المؤسسة الحكومية المسؤولة عن خط النقل بالسكك الحديدية بين الرياض والدمام، والشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار) المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة وتشغل قطار الشمال – الجنوب، كما ستطال الخصخصة أيضًا قطاع توليد الطاقة وبالأخص شركة الكهرباء.
أهداف الحكومة السعودية من الخصخصة
تستهدف خطة التحول الوطني لتوفير أكثر من تريليون ريال (267 مليار دولار) سنويًا للدولة من خلال عمليات البيع المباشر والتخصيص التي ستتم على مدى ثلاث سنوات، كما ستوفر نحو 100 مليار ريال من النفقات السنوية 26.7 مليار دولار التي كانت الحكومة تدفعها على تلك المؤسسات.
وتهدف الخصخصة أيضًا إلى توفير المال لدعم الصندوق السيادي السعودي، الذي تسعى الحكومة إلى أن يكون الصندوق الأكبر في العالم على حد زعمها، كما أنها أيضًا ستستفيد من تقليص النفقات التشغيلية للقطاعات المطروحة للخصخصة، والتي تستزف ما لا يقل عن 20 % من الموازنة العامة للدولة. فضلاً أن الخصخصة ستؤدي إلى رفع مستوى الخدمات، مع التأكيد أن خطة الحكومة لا تعني بيع ملكية الـ16 مؤسسة بشكل كامل وإنما تحويلها إلى نظام شركة خاص، وتبقى الدولة هي الشريك الأكبر فيها.
تهدف الخصخصة لتوفير المال لدعم الصندوق السيادي السعودي الذي تسعى الحكومة إلى أن يكون الصندوق الأكبر في العالم
وقبل تسمية الجهات التي سيتم خصخصتها صدرت قرارات سابقة ضمن خطة تعزيز الإيرادات شملت رفع التأشيرات والمخالفات المرورية حيث رفع رسم تأشيرة الدخول للسعودية لتصبح نحو 2133 دولارًا لتأشيرة الدخول المتعدد و1326 دولارًا للتأشيرة التي مدتها سنة و796 دولارًا لتأشيرة الستة أشهر، أما الدخول لمرة واحدة فتم رفع تكلفتها إلى 530 دولارًا فيما تتحمل الدولة هذا الرسم عن القادم للمرة الأولى لأداء الحج والعمرة، فالسعودية تصدر سنويًا أكثرمن 14 مليون تأشيرة منها مليوني تأشيرة عمل جديدة ونفس الرقم للعمالة المنزلية التي تقدر رسومها نحو ملياري دولار سنويًا، بينما تتوزع التأشيرات الأخرى على زيارات الخروج والعودة والحج والعمرة وتأشيرة المستثمر الأجنبي.
وفي النهاية فإن السعودية تعيش مرحلة جديدة منذ هبوط أسعار النفط في منتصف العام 2014 حيث تضرر اقتصادها بشكل كبير وتكبدت عجز مالي وصل إلى حدود 98 مليار دولار، ومنذ صدور رؤية المملكة 2030 بدأت السعودية تحاول شيء من إعادة التوازن لاقتصادها من خلال القيام بإجراءات عديدة مختلفة، وكان منها الخصخصة.