هل قمت بتجربة الدخول إلى عالم الواقعية الافتراضية من قبل؟ إن لم تفعل، فستجد البعض يصفها بأنها تجربة تشبه تلك التي يقوم بها الأطباء لاختبار آثار الأدوية علينا، ولكنها تجربة خاضعة للسيطرة، محسوبة الزمن، معلومة التأثير، لذلك لا ضرر منها أبدًا، بل على العكس تمامًا، إنها التجربة التي ينفق العالم ثروته عليها في 2017!
من المبكر جدًا أن نقرّ بالسيطرة لأي من الشركات المنافسة في مجال الواقعية الافتراضية (Virtual Reality) أو مجال الواقع المعزز (Augmented Reality)، فلا يمكننا القول بأن جوجل أو ميكروسوفت أو سوني أو غيرها من الشركات قد حسمت اللعبة لصالحها في ذلك السوق، خصوصًا بعد دخول فيسبوك للمنافسة أيضًا، مع الذكر أن شركة “آبل” تتعمد الدخول إلى المنافسة متأخرة بكل ما هو مبدع وجديد على الساحة، ولكن هذا لا ينفي أنه على الرغم من احتدام المنافسة بين الشركات المختلفة، وصلت مبيعات نظارات الواقع الافتراضي أو الواقع المعزز إلى مراتب عالمية.
من المتوقع أن نشهد قفزة في عالم مبيعات نظارات الواقع الافتراضي ستصل إلى 13.9 بليون دولار في نهاية عام 2017
بحسب تقارير شركة البيانات الدولية (IDC)، فإننا من المتوقع أن نشهد قفزة في عالم مبيعات نظارات الواقع الافتراضي ستصل إلى 13.9 بليون دولار في نهاية عام 2017، وهو ما يقرب ثلاثة أضعاف المبيعات التي حققتها بالفعل تلك النظارات في عام 2016، وذلك بمعدل نمو متزايد قد يصل إلى 143.3 بليون دولار بحلول عام 2020.
بداية دعنا باختصار نشرح الفرق بين الواقع المعزز والواقع الافتراضي (VR/AV)، فالواقع المعزز على سبيل المثال هو ما تراه في سناب شات، حيث يتم تعريفه ببساطة بأنه إسقاط المعلومات الرقمية على الحقيقة، أي إسقاط الأجسام الافتراضية في بيئة المستخدم الحقيقة، هذا بالفعل ما يفعله سناب شات، حيث يقوم بتعريف لوجه الشخص الموجود في الصورة، وبعدها يسقط عليه أجسام افتراضية تظهر وكأنها في بيئته الحقيقية، كما هو الحال بالضبط في لعبة “بويكمون جو”.
أما في حالة الواقع الافتراضي (VR)، تأخذك التكنولوجيا إلى كل ما هو افتراضي بالفعل لتكون بيئتك المحيطة بك بدلًا من إسقاط كل ما هو افتراضي على بيئتك، فهي تعتمد في نسختها المتطورة الأخيرة على استغلال المعلومات البصرية والحسية والسمعية، لتعتمد على ردود الفعل وتبني مواقف وبيئات حولها استعدادًا لردود الفعل تلك، نرى ذلك في الألعاب الإلكترونية مثلًا التي تطبق تقنية الواقعية الافتراضية، حيث لا يشاهد اللاعب اللعبة تتحرك أمامه فحسب، بل يتفاعل معها ويشعر أنه بداخلها بالفعل لأنها تستجيب لكل حركة من حركاته.
على الرغم من أن سماعات الـ(VR) هي المهيمنة على تلك الصناعة وتستحوذ على اهتمام السوق، لا سيما بعد مشاركة “فيسبوك” بشراسة في المنافسة، ولكن تتنبأ شركة البيانات الدولية (IDC) بأن السوق ستتجه لتبني كل المعدات والبرمجيات والخدمات التي تتوفر فيها تقنية الواقع الافتراضي وكذلك الواقع المعزز لتصل المبيعات إلى أرقام خيالية وعالمية، وتلك الافتراضية ليست على المدى البعيد، بل خلال بضعة سنوات من الآن فحسب.
أعلن مارك زوكربيرغ أنه سيخصص 3 بليون دولار للاستثمار فقط في مشاريع فيسبوك القادمة والخاصة بـ(VR/AR)
لا يبدو أن هذا الكم الهائل من الإنفاق يعود إلى الزبائن المتشوقين للتجارب الجديدة في عالم التكنولوجيا فحسب، بل يكون جزء كبير منه هو أصحاب الشركات المستثمرة في الواقع المعزز والافتراضي أنفسهم، فعلى سبيل المثال، أعلن مارك زوكربيرغ المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، أنه سيخصص 3 بليون دولار للاستثمار فقط في مشاريع فيسبوك القادمة والخاصة بـ(VR/AR)، حيث لا يعتقد زوكربيرغ بأن الواقع الافتراضي قد بلغ من النجاح ما يجب أن يبلغه بعد، ولم يجد أي من المنافسين قد وصل إلى تلك المرحلة من الجودة أيضًا.
استطاعت بالفعل شركة سامسونج بيع 2.3 مليون نسخة من سماعات “Gear VR headsets” في عام 2016 فحسب
سترتفع قيمة سوق تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز 20 مرة ضعفًا لقيمتها الحالية بحلول عام 2020، حيث استطاعت بالفعل شركة سامسونج بيع 2.3 مليون نسخة من سماعات “Gear VR headsets” في عام 2016 فحسب، كما وعد مارك زوكربيرغ أنه لن يستثمر وحده في تلك المنافسة، بل على استعداد أن يتحالف مع منافسيه في مشاريع كاملة من أجل تطوير البرمجيات التي تعمل على توفير خدمات كاملة بتقنية الواقع الافتراضي والواقع المعزز.
تكون الولايات المتحدة على رأس قائمة أكثر الدول التي تنفق على شراء سماعات ونظارات وأيضًا برمجيات الواقع الافتراضي والمعزز، وذلك بمقدار 4.3 بليون دولار سنويًا، إلا أن تقارير البيانات السابقة تشير إلى معدلات نمو هائلة في السوق الأمريكية وكذلك الآسيوية وبالأخص اليابان ومعهما أوروبا الغربية أيضًا.
مارك زوكربيرغ يشرح جهاز الواقع الافتراضي “أوكيلوس كونكت”
لماذا تستثمر الشركات تلك الأموال الهائلة في سبيل تطوير تقنيات (VR/AR)؟ سؤال ربما يطرحه العديد منا، إلا أن إجابته تعود بنا إلى أصل الحكاية، وهو ما يتمثل في كلمة “المعلومات”، حيث كان الهدف من كل ما سبق هو إتاحة نشر المعلومات وجعلها شيء “كوني”، ولهذا تنافست الشركات على من يؤدي تلك الخدمة بشكل أسرع وأفضل ودائم وذي جودة عالية كذلك.
القراءة عن شيء هي إحدى التجارب الناجحة، ولكن الأكثر تأثيرًا منها، هو المرور بالتجربة نفسها، فالقراءة عن باريس لا تتشابه مع السفر إلى باريس بالفعل، لذا كان مبدأ التفاعل المباشر مع المعلومات هدفًا رئيسيًا وراء تطوير تقنية الواقع الافتراضي والمعزز من قبل الشركات المتنافسة المختلفة، فهل برأيك سينفق العالم ثرواته القادمة على تلك التقنيات بالفعل، وهل ستكون من بين أكثر المستخدمين لها؟