بعد سنة ونصف على هجوم سوسة الإرهابي الذي راح ضحيته عشرات القتلى والجرحى الأجانب، خلصت التحقيقات البريطانية إلى وجود “تخاذل وجبن” من قبل قوات الأمن التونسية للتصدي لهذا الهجوم الإرهابي.
تخاذل وجبن
التحقيق البريطاني، الذي تم الكشف عنه أمس، أظهر أن قوات الأمن التونسية خذلت “بشكل جبان” ضحايا هجوم سوسة وذلك بتأخرها “المتعمد وغير المبرر” في الوصول إلى الموقع، وفق رويترز، وانتقد القاضي نيكولاس لورين سميث قوات الأمن بحدة قائلاً إن استجابتهم كانت على أفضل تقدير مخزية وعلى أسوأ تقدير تتسم بالجبن.
وشهدت مدينة سوسة التونسية، في صائفة 2015، هجومًا مسلحًا، حيث هجم شخص يدعى سيف الدين الرزقي، يحمل كلاشينكوف على منتجع سياحي، فقتل 38 أجنبيًا وجرح 39 شخصا، وفق وزارة الصحة التونسية، بعد أن تمكن من السير لنحو ثلاثة كيلومترات خلال إطلاقه النار عشوائيًا قبل أن تقتله قوات الأمن بالرصاص، وكان السياح البريطانيين أكثر المتضررين، إذ سقط منهم 30 قتيلاً.
سجل شهود عيان بطء وخوف في تدخل رجال الأمن في البداية
سميث انتقد أيضًا الترتيبات الأمنية في الفندق، لكنه قال إن القضية لا تنطبق عليها شروط وجود “إهمال”، إذ إن السياح كانوا في رحلة حرة، وعقب هذا الهجوم الإرهابي، دفعت تونس بقوات الأمن إلى تكثيف العمليات النوعية قصد تطويق الجماعات المسلحة والقضاء عليها، وتمكنت القوات الأمنية من القضاء على أبرز قادة هذه الجماعات.
خلاصة التحقيقات البريطانية، تتطابق مع ما قاله شهود عيان في وسائل إعلام تونسية وأجنبية، الذين سجلوا بطء وخوف في تدخل رجال الأمن في البداية، رغم أن المنطقة محاطة بمراكز الشرطة وعادة ما تكون هناك دوريات منتظمة، لأنها تجهل عدد المهاجمين، ولم تتدخل إلا بعدما هدأ إطلاق النار داخل الفندق، حسب شهود عيان.
[[{“attributes”:{},”fields”:{}}]]
المسلح سيف الدين الرزقي يتجول بسلاحه على الشاطئ
وسبق لكاتب الدولة المكلف بالشؤون الأمنية، في تلك الفترة، أن نفى تخاذل قوات الأمن في ذلك الهجوم، رغم إقراره وجود خلل أمني تمثل في تأخر وصول أعوان الأمن لمكان العملية الإرهابية، حيث وصلوا إلى مكان حادثة سوسة بعد 23 دقيقة من تاريخ الإعلام، حسب قوله.
الامتناع عن إغاثة شخص في حالة خطر
في ذات السياق، قال الناطق الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس، سفيان السليطي، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية في تونس، إن قاضي التحقيق وجه للعناصر الأمنية التي كانت حاضرة بنزل أمبريال سوسة، ساعة وقوع العملية الإرهابية التي استهدفته في صائفة 2015، تهمة عدم إغاثة شخص في حالة خطر والامتناع عن ذلك خلافًا لما توجبه عليه القوانين، ونجم عن عدم الإغاثة هلاك شخص.
السليتي، أشار أيضًا، إلى أنه تم توجيه التهم إلى 33 شخصًا، 14 منهم في حالة إيقاف، و12 في حالة سراح (من بينهم اثنين من أمن النزل)، و7 أشخاص آخرين فارين.
[[{“attributes”:{},”fields”:{}}]]إجلاء ضحايا الهجوم
وإلى الآن لم تحدد تونس جلسة لمحاكمة المتورطين في هذا الهجوم الإرهابي الذي تبناه تنظيم الدولة الإسلامية، وكان قاضي التحقيق قد ختم البحث في هذه القضية في 4 من يوليو 2016، وأحاله إلى محكمة الاستئناف التي أحالته بدورها إلى الدائرة الجنائية، وعقب هذا الهجوم أصدرت السلطات التونسية بطاقة إيداع بالسجن في حق رئيس فرقة الأمن السياحي بسوسة، بتهمة التخاذل والتقصير.
وتجاوزت قضايا الإرهاب المعروضة على أنظار القطب القضائي لمكافحة الإرهاب 2100 قضية إلى غاية شهر أبريل 2016، فيما بلغ عدد الموقوفين على ذمة هذه القضايا 1673 موقوفًا تمت محاكمة 145 منهم، حسب شبكة الملاحظة للعدالة التونسية.
تتبعات قضائية ضد الشركة المنظمة للرحلة
الاتهامات لم تطل الأمنيين التونسيين فقط، بل طالت أيضًا شركة طومسون هوليدايز المملوكة لمجموعة توي البريطانية المنظمة للرحلة، إذ انتقدت أسر الضحايا مجموعة توي، حسب تقارير إعلامية، لعدم تسليط الضوء على تحذيرات الحكومة البريطانية المتعلقة بالسفر لتونس في إعلاناتها للرحلات وعدم تسهيلها إلغاء الرحلة بعد هجوم سابق في تونس.
[[{“attributes”:{},”fields”:{}}]]
هجوم سوسة جاء بعد هجوم مماثل في متحف باردو
المجموعة البريطانية، تُتَهم أنها لم تُحذر السياح البريطانيين من وجود خطر إرهابي في تونس، ولم تظهر تحذيرات الحكومة البريطانية المتعلقة بالسفر هناك في إعلاناتها للرحلات وعدم تسهيلها إلغاء الرحلة، في تلك الفترة، خاصة أنها عرفت قبل 3 أشهر من تلك الحادثة، حدوث هجوم مسلح في متحف باردو، سقط بسببه 22 قتيلاً.
بعد الهجوم اتخذت مجموعة توي خطوات لرفع مستوى الوعي لتحذيرات السفر التي تصدرها الحكومة البريطانية
وقال القاضي البريطاني لورين سميث، إن مجموعة توي لم تحدث موقعها الإلكتروني بعد الهجوم في تونس وعمال الاتصالات في الشركة لم يطلعوا العملاء القلقين على نصائح السفر الحكومية بشأن تونس في أعقاب الهجوم على المتحف، فيما قالت المجموعة إنه تم فيما بعد اتخاذ خطوات لرفع مستوى الوعي لتحذيرات السفر التي تصدرها الحكومة.
من جانبه، قال محامٍ لعائلات الضحايا إنهم سيشرعون في اتخاذ إجراءات دعوى مدنية ضد مجموعة توي للحصول على تعويضات، وجاء في بيان أصدره كليف جارنر من مؤسسة أروين ميتشيل للمحاماة والتي تمثل 22 من العائلات “من المهم الآن أن يستوعب قطاع السفر بأكمله الدرس مما حدث في سوسة للحد من خطر حوادث كارثية مماثلة في المستقبل” وفق رويترز.