تسبب قرار الحكومة الفلسطينية التي يترأسها الدكتور رامي الحمد الله، بإجراء الانتخابات المحلية (البلدية) في الضفة الغربية فقط واستثناء قطاع غزة، بإضافة ملف جديد لسجل الانقسام الداخلي القائم بين الفلسطينيين، وساهم في تعميق الأزمة بين حركتي فتح وحماس.
الجميع كان ينظر إلى ملف الانتخابات البلدية، بأنه سيكون الخطوة الأولى لذوبان جليد الثقة المتراكم بين فتح وحماس ودفعة جديدة لتحريك ملف المصالحة المعطل منذ سنوات طويلة، إلا أن قرار الحكومة الأخير زاد وضع الانقسام سوءًا، وكشف الوجه الحقيقي للمؤامرة التي تحاك ضد قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ منتصف العام 2007.
وقررت الحكومة خلال اجتماعها في بيت لحم الثلاثاء 28 من فبراير/ شباط، إجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية وتأجيلها في قطاع غزة، وسيكون 13 من مايو العام الحالي موعدًا لإجراء انتخابات البلديات في الضفة الغربية في يوم واحد وتأجيل إجرائها في قطاع غزة نظرًا لرفض حركة حماس السابق القبول بذلك القرار.
قرار لترسيخ الانقسام الداخلي
حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بدورها وصفت القرار بأنه مفصل على مقاس حركة فتح ويرسخ الانقسام الفلسطيني، وقال فوزي برهوم المتحدث باسم الحركة: “هذا القرار بإجراء انتخابات في الضفة الغربية دون قطاع غزة هو وصفة لترسيخ الانقسام وتدمير العملية الديموقراطية، وترسيخ لسياسة الأمر الواقع”.
واعتبر برهوم أن القرار يؤكد على عدم أهلية هذه الحكومة لرعاية مصالح الشعب، لأن هذا القرار مفصل على مقاس حركة فتح.
فوزي برهوم، المتحدث باسم الحركة: “نحن مع الانتخابات وترسيخ الديموقراطية ولكن على أسس سليمة وواضحة”
وأضاف “نحن مع الانتخابات وترسيخ الديموقراطية ولكن على أسس سليمة وواضحة”، مشيرًا إلى أن بيئة القبضة الأمنية الحديدية في الضفة والتصفية السياسية التي تجري لحركة حماس وغيرها، وقرارات الرئيس محمود عباس ومراسيمه الرئاسية الأخيرة بخصوص تشكيل محكمة قضايا الانتخابات حرفت المسار القانوني السليم للعملية الانتخابية.
ولفت برهوم إلى أنه لا يوجد توافق وطني على مثل هذه القرارات، مبينًا أن المطلوب احترام ما تم التوافق عليه بخصوص كل ما هو متعلق بالعملية الانتخابية التي أجريت بموجبها الانتخابات المحلية الأخيرة.
واشترطت حماس رفع القبضة الأمنية عن الحركة وقيادتها في الضفة الغربية، وخلق بيئة سليمة مريحة تضمن النزاهة والشفافية واحترام حرية الانتخاب والترشح والنتائج، حتى يتسنى الاطمئنان على سير أي عملية انتخابية ديمقراطية.
وقاطعت حركة حماس آخر انتخابات بلدية في عام 2012، وكان من المفترض أن تشارك فيها العام الماضي قبل أن يتم إرجاؤها، حيث مقررًا أن تجرى انتخابات البلديات في 8 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على 391 مجلسًا بلديًا في الضفة الغربية (من ضمنها بلدات ضواحي القدس)، و25 مجلسًا في قطاع غزة، إلا أنها تأجلت بسبب دعوى قضائية طعنت بمشروعية المحاكم في القطاع الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ عام 2007.
مخططات خطيرة ضد غزة
من جانبه حذر كايد الغول عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، من استغلال ملف الانتخابات البلدية (المحلية) لإطالة عمر الانقسام القائم في الساحة الداخلية، وتفاقم الخلافات بين حركتي فتح وحماس.
وأكد الغول أن إتمام الانتخابات البلدية في موعدها المحدد هو مصلحة وطنية مهمة لكل الفلسطينيين، ولكن إن تم هذا الأمر بصورة توافقية بين جميع الفصائل والقوى الوطنية سيساهم بشكل كبير في تحريك ملفات المصالحة العالقة.
وأوضح أن حركته تدعم كل جهد فلسطيني يؤدي في نهاية الطريق إلى تحقيق الوحدة الوطنية الداخلية، مؤكداً أن الانتخابات البلدية قد تكون الخطوة الأولى نحو تحقيق المصالحة لذا يجب على الجميع أن يدعم هذا التوجه.
وأشار عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، إلى أن إجراء الانتخابات في الضفة الغربية دون غزة أمر خاطئ وسيعزز من الانقسام القائم في الساحة الفلسطينية الداخلية، مطالبًا بمزيد من الحوار والمشاورات لتجاوز تلك العقبة.
في ذات السياق، طالب حسن خريشة النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، رئيس الحكومة الدكتور رامي الحمد الله بالتراجع عن قراره باستثناء قطاع غزة من إجراء الانتخابات البلدية (المحلية).
وأكد خريشة أن الحمد الله مطالب بإجراء المزيد من المباحثات والاتصالات مع باقي الفصائل الفلسطينية للوصول لحل توافقي لإجراء الانتخابات في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
وحذر خريشة من تأثير قرار الحكومة على ملف المصالحة الداخلية العالق بين حركتي فتح وحماس، مؤكدًا أن هذا القرار من شأنه أن يطيل عمر الانقسام ويغذي الخلافات الداخلية.
أكد الشيخ خضر عدنان القيادي بحركة الجهاد الإسلامي، أن قرار حكومة الحمد الله بإجراء الانتخابات بالضفة المحتلة دون قطاع غزة، يعمق حالة التشرذم الفلسطيني والانقسام
كما أكد الشيخ خضر عدنان القيادي بحركة الجهاد الإسلامي، أن قرار حكومة الحمد الله بإجراء الانتخابات بالضفة المحتلة دون قطاع غزة، يعمق حالة التشرذم الفلسطيني والانقسام.
وقال عدنان، إن محاولة إقصاء قطاع غزة يفتح شهية الاحتلال أكثر للعدوان عليه، بفعل حالة الإقصاء السياسي والتفرد، موضحًا أنه على الرغم من موقف حركته تجاه الانتخابات، إلا أنه كان الأولى التريث لحين الوصول إلى توافق وطني بخصوص المشاركة بالانتخابات.
وكان مجلس الوزراء صادق في 3 من يناير الماضي على مشروع قرار بقانون لإنشاء محكمة قضايا الانتخابات التي تختص بالنظر بجميع الطعون، بعدما كان النظر بالطعون من مهام محاكم البداية في كل محافظة.
ورفضت حركة حماس مشروع قرار مجلس الوزراء المتعلق بإنشاء محكمة قضايا الانتخابات، مؤكدةً أن ذلك من مهام محاكم البداية في كل محافظة.
وألغت لجنة الانتخابات المركزية عملية انتخابات هيئات المجالس المحلية للبلديات التي كان من المزمع إجراؤها في العاشر من أكتوبر الماضي بعد قرار من مجلس الوزراء بتأجيل تلك الانتخابات لأربعة أشهر، لـ “يتسنّى اتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية لإجرائها دفعة واحدة”.