فيسبوك يساهم في بناء مجتمعات عالمية، هل سمعت تلك العبارة من قبل؟ فإن لم تفعل، ربما يجب عليك أن تذهب وتسأل مارك زوكربيرغ نفسه عن تعريفه لما هو مجتمع عالمي، ولماذا سيساهم فيسبوك في بناء ذلك المجتمع من الأساس، ولكنه أجاب عليك بالفعل، في تدوينة مؤسس فيسبوك زوكيربيرغ الأخيرة عن كيفية بناء مجتمع عالمي، موضحًا أن العلاقات الافتراضية لها القدرة بالفعل على بناء مجتمعات كاملة، ليست فقط عالمية، بل أيضًا مجتمعات آمنة.
وضح زوكيربيرغ في مدونته بعنوان “بناء مجتمعات عالمية” أن لفيسبوك القدرة على بناء مجتمعات داعمة “supportive communities” تعمل على تقوية المؤسسات التقليدية، كما أوضح رؤيته في الخطة المستقبلية لشركة فيسبوك في بناء مجتمعات آمنة “safe community”، أي المجتمعات التي تساهم بالفعل في منع وقع الكوارث والتبليغ السريع عن الضرر فور الاشتباه أو توقع حدوثه، كما ركز في تدوينته على بناء فيسبوك لمجتمع مُطلع “informed community” يكون لكل فرد فيه صوتًا مسموعًا، وتكون مشاركة المعلومات وسهولة الوصول إليها حقًا من قبل جميع أفراد ذلك المجتمع.
قام مارك زوكيربيرغ بذكر تأثير الواقع الافتراضي الفعال على الحياة الواقعية، لتتحول الشبكات الاجتماعية المتصلة على الواقع الافتراضي، لحركات نشطة على أرض الواقع، فرأينا ذلك في ثورة الربيع العربي، باستطاعة النشطاء والثوريين الاتصال عن طريق الفيسبوك وتويتر ليكونوا في النهاية حركات ثورية، ولذا ذكر زوكيربيرغ مصطلح “مجتمعات الحراك المدني” أو civically-engaged community، وكيف سيساعد فيسبوك تكوين تلك المجتمعات، باعتباراها نواة لمجتمعات تصلح فيما بعد لبناء بنية تحتية للمجتمعات العالمية التي يخطط لبنائها فيسبوك.
هل هناك فرصة لتكوين بنية تحتية تصلح لبناء مجتمع آمن؟
“Safety Check” على فيسبوك
في خضم الأزمات التي تعرض لها العالم مؤخرًا نتيجة للعمليات الإرهابية في مختلف أنحاء العالم، كان عدد تفعيل خدمة “Safety Check” من قبل فيسبوك خلال العامين الماضيين يبلغ 500 مرة، ليتم استخدامها من قبل أكثر من مليون شخص، ليس فقط لطمأنة أصدقائهم أنهم بخير وبأمان، ولكن أيضًا ليقوم فيسبوك بإيصالهم بأقرب مراكز الخدمة التي قد تساعدهم في تخطي أزماتهم، مثل مراكز الرعاية الصحية أو النفسية أو مراكز خدمات الطعام والشراب أو المراكز التي تقدم الملاجئ لكل من تعرض لكارثة طبيعية على سبيل المثال.
استطاعت شركة فيسبوك بهذا خلق حلقات وصل بين المتضررين ومن باستطاعتهم تقديم الخدمة إليهم، لكي لا يضيعوا بين الصفحات الكثيرة الحقيقي منها والمزيفة الموجودة لتلك المراكز على فيسبوك، فبزر محادثة صغير، يستطيع المتضرر البحث عن كل من يستطيع تقديم المساعدة له وقت الحادثة باستخدام موقعه وكلمات تساعده على إيجادهم في محرك البحث على فيسبوك.
فيسبوك يسمح للمستخدمين بالتبليغ الفوري في حالة اشتباه حسابات لأشخاص لهم علاقة بجماعات إرهابية
فيسبوك محرض للإرهاب!
تأتي خطة مارك زوكربيرغ برؤية جديدة لتعقب حسابات الإرهابيين على فيسبوك، وذلك عن طريق سماحه للمستخدمين بالتبليغ الفوري عن اشتباههم بوجود مستخدمين إرهابيين على نفس المنصة، وذلك بافتتاحه صفحة للتبليغ عن أي منشورات أو مدونات إرهابية، حيث يدعو فيسبوك المستخدمين على تقديم معلومات واضحة عن البلاغ بطريقة سلسلة كما هو موضح في الصورة التالية.
كان فيسبوك متهمًا من قبل 20000 عضو من مجموعة من المدعين بتحريضه على الإرهاب عن طريق سماحه “للإرهابين” باستخدام منصة فيسبوك لترتيب عملياتهم “الإرهابية” وسهولة الوصول إلى ضحاياهم عن طريقه أيضًا بحسب ما جاء في الدعوة، في إشارة منهم إلى قتلى عمليات الطعن من قبل فلسطيني الضفة الغربية في الانتفاضة الفلسطينية الثالثة منذ عام 2015، حيث اتهم مقدمي الدعوة أن فيسبوك ساعد الفلسطينيين على تنظيم تلك العمليات، وطالبوا الشركة بمزيد من الاهتمام بتعقب حسابات كتلك، مشيرين أن المنصة تساعدهم بشدة على النشر والاتصال ببعضهم البعض.
استطاع فيسبوك بعد ذلك النفاذ من الدعوة المرفوعة ضده في محكمة بروكلين بدفاعه أن القوانين الأمريكية الخاصة بآداب الاتصالات تحظر أي مطالبات قانونية من قبل أطراف ثالثة بخصوص منشورات نُشرت على المنصة، إلا أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فحسب، لتأتي خطة “مارك زوكربيرغ” الخاصة بالـ “مجتمعات الآمنة” في العام التالي!
فقام فيسبوك الآن بتعزيز تقنيات الذكاء الاصطناعي على منصته، والتي ستسهل اكتشاف حسابات “الإرهابيين” وتعقب حركاتهم وحركة حساباتهم الفعالة على فيسبوك، كما قام بإنشاء صفحة للتبليغ عن أي اشتباه لمستخدم في كونه ينوي على القيام بفعل “انتحاري” أو أي مستخدم قد يكون منتميًا لأي جماعة من “الجماعات الإرهابية” أو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
فيسبوك بدأ في خطة المجتمعات الآمنة بالفعل بإطلاقه أداة جديدة تساعد كل من ينوي على الانتحار بالتواصل مع من يهتمون لأجله
كتب مارك زوكربيرغ على صفحته الرسمية على فيسبوك بأن الشركة قد أطلقت أداة جديدة تساعد كل من ينون على الانتحار على تخطي تلك الأزمة عن طريق تواصلهم مع كل من يهتمون بهم لمساعدتهم على التراجع عن فعل ذلك، مؤكدًا على أن تلك الأداة هي خطوة من ضمن خطوات فيسبوك لتعزيز فكرة “المجتمع العالمي الآمن”، حيث ستساعد تلك الأداة الجديدة على تعزيز التواصل مع كل من ينوي الانتحار عن طريق التواصل بالفيديو المباشر “Live Video”، ستعتمد الشركة على الفيديو المذاع، وستقوم بمساعدة الشخص بالوصول إلي كل من يستطيع مساعدته على مختلف الأصعدة، مثل “Lifeline” أو National Eating Disorder Association”.
ذكر زوكربيرغ أن فيسبوك طورت تقنيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بتعقب المنشورات، وتنبؤ حالات الانتحار قبل وقوعها، وذلك عن طريق إنشاء قاعدة بيانات لمنشورات مستخدمين قاموا بالانتحار سابقًا، لتقوم التقنية بتتبع نماذج مشابهة والتبليغ عنها بدلًا من انتظار التبيلغ من مستخدم آخر.
يقول مارك في مدونته “إننا قد تعلمنا من خلال التاريخ كيف يمكننا العمل سويًا مع أعداد ضخمة، فتطورنا من مفهوم القبائل ثم المدن ومن ثم الدول، كل خطوة من تلك كانت نواة لبناء بنية تحتية مجتمعية كاملة، مثل الإعلام والاتصالات والحكومات، كل هذا سهل علينا تحقيق أهداف لن نستطيع تحقيقها اعتمادًا على أنفسنا فحسب، نحن على قرب خطوة أخرى ستحقق لنا الرخاء والرفاهية وتعزز السلام فيما بيننا، ألا وهي العالمية، ولأن التحدي أمامنا صعب، يحتاج الأمر منا إلى استجابة عالمية كذلك، مثل محاربة الإرهاب والحد من انتشار الأوبئة ومكافحة تغيير المناخ، وهذا لن يتطلب قبائل أو مدن أو دول، بل سيتطلب مجتمعًا عالميًا”.