ترجمة حفصة جودة
من المُعتقد أن نحو 20 ألف شخص قُتلوا عند هطول أمطار إعصار دانيال على شرق ليبيا الذي تسبب في انهيار سديّن رئيسييّن خارج مدينة درنة الأسبوع الماضي، وفقًا للمسؤولين والكثير من التقارير فإن البناء كان متداعيًا ولم يخضع للتجديد والصيانة منذ سنوات.
بنت شركة يوغسلافية سدي أبو منصور ودرنة في السبعينيات باستخدام الصخور والطين، كان السدان يحتجزان مياه الفيضانات في الوادي الذي يقطع درنة حتى عام 1998 عندما ظهر أول صدع في السد.
قيّمت شركة استشارات إيطالية الشقوق وقالت إن الضرر كبير ولا بد من بناء سد ثالث لحماية المدينة في حالة وقوع أي فيضانات مفاجئة.
في عام 2007، وظّف معمر القذافي – رئيس البلاد آنذاك – شركة المقاولات التركية “Arsel Construction Company” لتنفيذ الإصلاحات وبناء سد ثالث.
وفقًا للموقع الإلكتروني للشركة فإن العمل بدأ في سدي درنة وأبو منصور عام 2007 وانتهى في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، أي بعد عام من الثورة الليبية التي أطاحت بالقذافي، كان الموقع قد توقف عن العمل بعد أيام قليلة من الكارثة.
وفقًا للمدعي العام الليبي السقيد السور فإن الشركة بدأت العمل فقط في أكتوبر/تشرين الأول 2010 بسبب نقص التمويل وتوقفت بعد أقل من 5 أشهر بسبب الثورة، وأكد أن العمل لم ينته أبدًا، فماذا حدث؟
حاولت الشركة استئناف العمل في المدينة بشرط استعادة المركبات المنهوبة، وهو ما رفضته الجماعات المسلحة
هناك الكثير من التبريرات التي قيلت عن سبب عدم اكتمال العمل – رغم تأكيد موقع الشركة انتهائه – فأحد التبريرات يقول إن الشركة لم تتمكن من إنهاء الإصلاحات بسبب نقص التمويل.
يقول عبد الحميد الدبيبة رئيس وزراء الحكومة الليبية في طرابلس – التي تنافس إدارة شرق ليبيا حيث تقع درنة – إن مشروع الشركة التركية توقف سريعًا لأنها لم تقدم الميزانية المُتعاقد عليها للمشروع.
يقول تبرير آخر إن السبب الفوضى التي تلت الثورة، فقد زعم القذافي أن القاعدة اتخذت مقرًا لها في درنة، ورغم أن ذلك قد يكون غير صحيح، فإن الجماعات المسلحة استولت فعلًا على المدينة.
قال تقرير صحيفة “العرب” العربية ومقرها لندن: “الميليشيات استولت على مركبات البناء بما في ذلك الشاحنات والسيارات والرافعات، بينما أُجبر المهندسون والعمال الأتراك على العودة إلى بلادهم”.
هجوم في أثناء الثورة
قال تقرير لصحيفة خبرترك التركية عام 2011 إن مواقع إنشاءات الشركة تعرضت لهجوم في أثناء الثورة، وقد صرّح ميندوست ديرليك – أحد الشركاء في “Arsel” – للصحيفة في ذلك الوقت قائلًا: “لدينا 6 مواقع إنشاءات في البلاد، 4 منهم في المرج وواحد في درنة وواحد في بنغازي، وقد أغاروا عليهم في الساعة الثانية صباحًا ودمروهم، لكن لم يتضرر أحد جراء ذلك”.
“لدينا 1700 موظف، بينهم 300 أتراك، وقد جمعناهم في مكان آمن في بنغازي وسننقلهم إلى تركيا على عدة مجموعات، لكننا خسرنا 5 ملايين دولار وستعوضنا الدولة عن تلك الأضرار، الخبر السار أن جميع العاملين في أمان ولم يصب أحدهم حتى ولو بخدش”.
وفقًا لصحيفة العرب فإن الشركة حاولت استئناف العمل في المدينة بشرط استعادة المركبات المنهوبة، وهو ما رفضته الجماعات المسلحة، وقد قالت الصحيفة إن الجماعات المسلحة أخبرت الشركة إنهم مستعدون للتعاون إذا وافقت إدارة الشركة فقط على تأجير المركبات لمن نهبوها واعتبارها غنائم الحرب.
في 2014، وقعت المدينة في يد تابعين للدولة الإسلامية “داعش”، ما أعاق أي فرصة لاستمرار العمل، أما بالنسبة للمال، فقد خُصص صندوقا تمويل قيمتهما مليوني دولار للمشروع وكانا متاحين في 2012 و2013 من خلال الائتمان المصرفي.
ومع ذلك، في تقرير صدر عام 2021، انتقد ديوان المحاسبات الليبي وزارة الموارد المائية لفشلها في إغلاق صندوق المخصصات بعد انتهاء صلاحيته، فماذا حدث للشركة؟
بدأت شركة “Arsel” – التي تأسست عام 1989 – في إجراءات الإفلاس في شهر فبراير/شباط 2017، ورغم أن الشركة أعلنت إفلاسها، فإن اثنين من المساهمين رفعا قضية ضد ليبيا عام 2020 لتحصيل أكثر من عشرة عقود غير مدفوعة حسب زعمهما لأعمال قالا إنهما قاما بها في البلاد.
قال مصدر مطلع على القضية إن سد درنة لم يكن من بين العقود التي قُدمت للمحكمة، لكن لم يكن واضحًا إذا كان ذلك بسبب أنهم حصلوا على أموال عقد السديّن أم لا، وقد حاولت ميدل إيست آي الوصول إلى ممثلي الشركة لكنها فشلت في ذلك.
تشير السجلات التجارية وسجلات المحكمة إلى أن دائني الشركة ما زالوا يحاولون الحصول على أموالهم من الشركة حتى هذا العام، وقد أضاف المصدر أن هناك تساؤلًا قانونيًا بشأن إمكانية حصول المساهمين على الأموال من ليبيا رغم أن الشركة أعلنت إفلاسها ولم تعد موجودة.
المصدر: ميدل إيست آي