تقف الجمهورية التركية اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، بعد قرب اعتماد دستور جديد لها، ما زال مثيرًا للجدل عند بعض الأطراف فيها، ومطلبًا قويًا عند أطراف أخرى فيها. حيث من المتوقع أن يتم الاستفتاء على الدستور الجديد في الـ16 من نسيان / إبريل المقبل، وذلك بعد أن صادق البرلمان التركي على التعديلات الدستورية بأغلبية 339 صوتًا ومعارضة 142، حيث انتهت الجولة الأخيرة بإقرار التعديلات برلمانيًا عقب تصويت البرلمان على جميع البنود الـ18 من التعديلات، التي من شأنها تغيير نظام الحكم في البلاد من برلماني إلى رئاسي.
ليوقع بعدها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على القانون المتعلق بالتعديلات الدستورية الخاصة بالتحوّل إلى النظام الرئاسي في الـ10 من فبراير الماضي، وإحالته إلى رئاسة الوزراء لطرحه للاستفتاء الشعبي.
في هذا التقرير، سنتطرق لتاريخ الدساتير التركية وتعديلاتها في خط زمني بدأ من قبل قيام الجمهورية التركية الحديثة التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك، والذي ألغى خلافتها وأعلنها دولة علمانية، وحتى يومنا هذا، الذي يقود فيها أردوغان وحزب العدالة والتنمية -الذي أسسه- البلاد.
أول وثيقة دستورية في تاريخ الأتراك
يذكر لنا التاريخ أن العملية الدستورية في تركيا بدأت بما عرف “سند الاتفاق” الصادرِ عام 1808 ، حيث أُعد سند الاتفاق من قبل علمدار مصطفى باشا في عهد السلطان محمود الثاني لبسط سيادة الدولة العثمانية في الريف، بين أعيان الروملي والأناضول والدولة العثمانية في 29 سبتمبر 1808.
وبسندِ الاتفاقِ هذا، تم تقليص سلطةِ الدولةِ لأول مرة في تاريخ الدولة العثمانية، ولذا فهذه الوثيقة هي بمثابة أول وثيقة دستورية في تاريخ الأتراك.
وفي فترة السلطان عبد المجيد، أُصدر فرمان التنظيمات الذي أعده مصطفى رشيد باشا في 3 نوفمبر عام 1839، وأصدر عبد المجيد فرمان الإصلاحات المُكمِل والمُؤكد لفرمان التنظيمات في عام 1856. ليبدأ المثقفون والكُتَّاب العثمانيون الشباب، والناشئون في فترة التنظيمات، بالمطالبة بالإدارة الشرعية متأثرين بأوروبا، فقاموا بعزلِ عبد العزيز لإعلان الشرعية وعيَنوا عبد الحميد الثاني خلفاً له.
تحقق لهم ذلك عندما أًصدر القانون الأساسي -الذي أعده مدحت باشا في 23 ديسمبر عام 1876 – متضمنًا الشرعية، والذي يعد دستورًا طبقًا للمعايير الشكلية. كان يُمكن للسلطان تعليقُ الدستورِ في الأوضاع الطارئة، وذلك بمقتضي المادة رقم 113 من القانون الأساسي الذي يُعد بمثابة أول دستور في تاريخ الأتراك والمُكوَن من 119 مادةً و12 قسمًا، وقد عَلَّق عبد الحميد الثاني الدستورَ بسبب (حرب 93) أو الحرب العثمانية الروسية عام 1877، إلا أنه أعاد تفعيله عام 1908، وبهذا بدأت فترة الشرعية الثانية.
بعد عزل عبد الحميد الثاني بسبب عصيان 31 مارس 1909، أُجريت تعديلات مهمة علي الدستور من نفس العام، وبهذه التعديلات أصبح دستور 1876 دستورَ ملكية برلمانية.
ما بعد الدولة العثمانية و”الحكم الكمالي”
بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، واحتلال اسطنبول في 16 مارس عام 1920، عقد مجلسُ النوابِ العثماني اجتماعًا أخيرًا، وتعطلت مهامُه. وبعد حل مجلس النواب في 11 إبريل عام 1920 بأمر من داماد فريد باشا، اجتمع أول مجلس أمة في 23 إبريل عام 1920 في أنقرة. حيث قَبِل المجلسُ الدستورَ في 20 يناير عام 1921، وبالتعديلات التي أُجريت على هذا الدستور -الذي يُعد بمثابة الدستور المرن الوحيد للجمهورية التركية- ظهرت عناصر مثل نظام الدولة، ودينها، ولغتها، وعاصمتها، ورئيسها.
على أثر ذلك صدر هذا القانون برقم 85 في 20 كانون الثاني/ يناير 1921 بعد أن عرضته اللجنة المؤلفة لكتابته على أعضاء المجلس الوطني في 18 أيلول/ سبتمبر عام 1920 وتضمن 23 مادة ومادة مؤقتة واحدة، وكان من الواضح أن هذا الدستور الذي لبى رغبة القيادة والمجلس التركي كان انعكاسا واضحا للظروف التي تمر بها تركيا وحرب التحرير قائمة.
وسّع أتاتورك قبضة السلطة العسكرية من خلال قوانين دستورية
واحتوى الدستور على مادة متعلقة بتوحيد السلطات في جهاز واحد، هو المجلس الوطني الكبير، وذلك لرغبة مصطفى كمال أتاتورك في ذلك حتى نهاية حرب الاستقلال. وقد أعطى للمجلس صلاحيات واسعة وكبيرة بالمقارنة مع دستور 1876 العثماني، كما أنّ صلاحيات واسعة نالها رئيس المجلي الوطني مصطفى كمال أتاتورك بالإضافة إلى صلاحياته كرئيس لمجلس الوزراء في حكومة المجلس الوطني وقائداً عاماً للقوات المسلحة.
عني مجلس الأمة التركي في فترته الثانية بوضع دستور جديد بسبب عدم إلغاء القانون الأساسي لعام 1876 بشكل رسمي، وعدم كون دستور 1921 كاملًا للدرجة التي تلبي احتياجاتُ الدولةِ الجديدة. بحيث تمت الموافقة على الدستور الجديد دستور عام 1924 في 20 إبريل من العام نفسه.
لم تكن هناك أية عقبة أمام أتاتورك في سنّ ما يراه مناسبا من القوانين والقرارات في الميدانين العسكري والسياسي
وبذلك كان دستورَ 1924 من جهة وحدة السلطات الثلاث (التشريعية، والتنفيذية، والقضائية) خطوة مهمة لنظام برلماني أفضل مما تضمنه دستور 1921 وظل دستورُ 1924 مفعلًا حتى عام 1961، مع بعض التعديلات التي كان يحدثها مصطفى كمال أتاتورك وورثته بين فترة وأخرى.
حيث استمر العمل بهذا الدستور حتى عام 1961، ومنذ نشأته وحتى وفاة مصطفى أتاتورك عام 1938 الذي كان مهيمنا على السلطة التشريعية الممثلة بالبرلمان والسلطة التنفيذية المتمثلة بمجلس الوزراء، لم تكن هناك أية عقبة أمام أتاتورك في سَنِّ ما يراه مناسبا من القوانين والقرارات في الميدانين العسكري والسياسي.
إلا أنّه بعد وفاته أصبحت المؤسسة العسكرية سلطة ثالثة في البلاد، وخصوصا أنّ رتبة قائد العسكر فوزي شاقماق كانت أعلى من رتبة رئيس الدولة عصمت إينونو.
ولهذا نرى أنّ الدستور الذي أُعد بعناية لغرض تركيز السلطة الحقيقية في المجلس الوطني التركي كان على مقاسات فترة “الحكم الكمالي”، وبالتالي كان غير ملائماً للفترة التي تلته، لأن انتهاء القبضة الحديدية لمصطفى كمال أتاتورك والذي كان قد كفل له الدستور ذلك الأمر، أدى إلى تعارض صلاحيات السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وبرزت أولى حالات الاستعانة بالمؤسسة العسكرية كظهير لبعض أعضاء المؤسسة السياسية، في تجاوز واضح للنصوص الدستورية الذي كان قد منع تدخل الجيش في كافة الأمور السياسية.
كما أنّ المادة 102 الخاصة بالتعديلات الدستورية قد أعطت لأعضاء البرلمان حق الطلب على تعديل المواد الدستورية بصورة مباشرة. وهذه الطريقة في التعديل لازمت الدساتير التركية اللاحقة بينما طريقة نشوء الدساتير التركية كانت تتم بواسطة خبراء قانونين مختصين ثم يتم مناقشتها، وبالتالي يتم التصويت عليها داخل المجلس الوطني وتعرض على الاستفتاء ثم التصديق عليها من قبل رئيس الجمهورية.
دستور 1961 والانقلاب على مندريس
في يوم 27 مايو عام 1960، تولت مجموعة من الضباط ُتعرف بلجنة الوحدة الوطنية إدارة البلاد، حيث تشكل مجلس تأسيسي لوضع دستور جديد، وبعد أن أعد هذا المجلسُ الدستورَ الجديدَ دستورَ 1961، أَجري تصويت شعبي عليه في 9 يونيو عام 1961، وتمت الموافقة عليه بنسبة 61.5%.
وجاء هذا الدستور بعد أحداث ساخنة مرت بها البلاد، ظهر على إثرها ما يعرف بـ”لجنة الوحدة القومية”، حيث اجتمع في مساء 22 أيار 1960 عدد من الضباط المنتمين إلى جمعية الأتاتوركيين وقاموا بتشكيل هذه اللجنة، والتي كانت تهدف في النهاية للإطاحة بحكومة عدنان مندريس.
وتم ذلك بالفعل في مساء يوم 26 أيار/ مايو، من خلال القيام القيام بانقلاب عسكري في الساعة الثالثة فجرًا من اليوم التالي أي يوم 27 أيار 1960. وفي الساعة الثالثة تم الانقلاب وتم اعتقال رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس المجلس الوطني ورئيس أركان الجيش المتعاطف مع الديمقراطيين.
مقر الحاكم في اسطنبول بعد الإطاحة بالحزب الديمقراطي، وإحاطته بدبابات الجيش التركي في 30 مايو 1960
انعكس الانقلاب العسكري على دستور عام 1961، فقد تم إعداد هذا الدستور من قبل مجلس الوحدة القومي بالاشتراك مع مجلس شبه تمثيلي يتسم بطبيعة نخبوية لم ينتخب أعضاؤها عن طريق الاقتراع العام وإنما تم اختيارهم من قبل مجالس علمية وثقافية، وأيضًا من قبل جمعيات حقوقية وسياسية أكاديمية. وتم تكليف الدكتور صادق سامي أونر رئيس جامعة إسطنبول لترأس لجنة كتابة مسودة الدستور الذي جرى الاستفتاء عليه في 9 تموز/ يوليو 1961، وحاز على موافقة بنسبة 61.7 بالمئة.
وهذا الدستور الجديد عد من أطول من الدساتير التي سبقته، بحيث كان حجمه مُتناسب مع دساتير العالم، حيث يتكون من 157 مادة أساسية و11 مادة مؤقتة، ويتضمن جزءًا خاصًا بالمقدمة. وهو ضمن الدستور، ويوجز التوجه الديمقراطي والاجتماعي لعموم مواد الدستور. أما الاختلاف الآخر بينه وبين الدساتير الأخرى فهو وجود هوامش توضح موضوع المواد والارتباط بينها.
أصبحت المؤسسة العسكرية التركية بعد الانقلاب مؤسسة مستقلة تمامًا عن أي مؤسسة أخرى في البلاد، بل وأصبحت القيادة العامة جزءًا لا يتجزأ من النظام السياسي التركي
وتميز هذا الدستور عن دستور 1924 الأصلي والمعدل لاحقا في عام 1945، بحذف مبدأي “الدولية والانقلابية من المادة الثانية من الدستور فأصبحت فقط أربع مبادئ هي الجمهورية والقومية والعلمانية والشعبية. كما سمح الدستور بتشكيل أحزاب سياسية وكذلك السماح بالإضراب وإعطاء الحرية للصحافة وحرية استقلال الجامعات. إضافة إلى ذلك، أقر الدستور إنشاء ما عرف بالمحكمة الدستورية، وهذا ما تميز به دستور 1961 عن دستور 1924، من خمسة عشر عضوًا وخمسة أعضاء احتياط.
وبذلك الدستور، أصبحت المؤسسة العسكرية التركية بعد الانقلاب مؤسسة مستقلة تمامًا عن أي مؤسسة أخرى في البلاد، بل وأصبحت القيادة العامة جزءًا لا يتجزأ من النظام السياسي التركي، فبحكم الدستور أصبحت المؤسسة العسكرية تدار من قبل مجلس الأمن القومي، والذي يضم بالإضافة إلى رئيس الأركان العامة للجيش قادة القوات البرية والبحرية والجوية وقائد الجندرمة ورئيس جهاز المخابرات العامة والمخابرات العسكرية، ويترأس المجلس رئيس الجمهورية وينوب عنه رئيس الوزراء.
هذا التشكيل وبالإضافة إلى المادة الدستورية والقانونية الملحقة بعمل مجلس الأمن القومي، قد حوله إلى مجلس مهيمن ومراقب للمؤسسة الحكومية والسياسية وليس العكس كما هو معمول به في البلدان الأخرى. وعدت هذه الصلاحيات التي مُنحت له جعلته حرًا في التدخل الفوري المباشر في الشؤون السياسية إذا ما قدر قادة المجلس أن الحكومة أو زعماء الأحزاب قد سلكوا طريقا غير طريق الأتاتوركية وفلسفتها.
دستور 1982 الأسود
استيقظ الشعب التركي صبيحة 12 أيلول/ سبتمبر 1980 انقلاب عسكري، أُعلن فيه عن حالة الطوارئ القصوى في البلاد. وفي بادئ الأمر استبشر المواطنون في تركيا خيرًا بهذا الانقلاب، إذ اعتقدوا بأنه تدخل عسكري للجيش بهدف القضاء على حالة الفوضى التي كانت عارمة ومنتشرة ما بين 1971 و1980 بين اليمينيين واليساريين في تركيا، واعتقدوا بأن هذا الانقلاب سينهي على الفوضى من خلال اعتقال مفتعلي الفوضى فقط ومحاكماتهم، دون اعتقالات تعسفية لجميع من يقول رأيه، والحكم عليه بأحكام قضائية قاسية تصل بعضها إلى الإعدام.
كنعان أورن قائد الانقلاب العسكري في 1982
لم يمضي الكثير على الانقلاب العسكري القاسي، حتى تيقن المواطنون في تركيا أنهم أمام انقلاب عسكري بمثابة الكابوس المُزعج الذي سيقض مضاجعهم إلى سنوات طويلة، إذ علق قائد الانقلاب العسكري “كنعان إيفرين” العمل بالدستور وأعلن نيته عن إعداد دستور جديد.
والذي شمل على توسيع رقعة الصلاحيات للمجلس العسكري الأعلى الذي أصبحت مهامه تشمل مراقبة أعمال الحكومات المُنتخبة، ونقد وإلغاء قرارتها المُعارضة لقواعد “الكمالية” أو “الأتاتوركية” العلمانية التي أسست على دعائمها تركيا، أو التدخل العسكري المباشر في قلب الحكومات التي يُرى فيها خطر شديد على نظام الحكم العلماني في تركيا.
تم إعداد دستور عام 1982 وعُرض للاستفتاء الشعبي بتاريخ 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 1982، وكانت نتيجة الاستفتاء 91,37% نعم، 8,63% لا. واعتبر هذا الدستور دستورًا أسودًا لدى الأتراك الذين ظلوا ينقمون على الانقلاب الذي جاء به، حيث أصبح الدستور مُعطلا لمبدأ الديمقراطية والحكم الجمهوري. ومن الجدير بالذكر أن الدستور العسكري هذا ظل ساريًا مفعوله حتى الآن.
تعديلات عام 2001
في عام 2001، تشكَّلت لجنة مصالحة حزبية بها ممثلَان عن كل حزب من الأحزاب التركية الستة الممثلة بأعضائها بمجلس الشعب التركي. حيث أُعلن عن استطلاع للتعديل الدستوري للأوساط العامة في يوم 14 يونيو عام 2001. وكان هذا الاستطلاع الذي أعدته لجنة المصالحة يُعد بمثابة اقتراح تعديلي أقرته هذه اللجنة الخاصة المُشكَّلة، وعُرِض على رئاسة مجلس الشعب التركي في يوم 6 سبتمبر عام 2001. فعقد المجلس جلسة في 17 سبتمبر لبحث التعديل الدستوري. وبمقتضى المادة رقم 37 من دستور 1982 بدأت مباحثات حول الاقتراح الخاص بتعديل 37 مادة من الدستور في 24 سبتمبر عام 2001.
وافق على هذه التعديلات الدستورية التي شملت 45 مادة، 428 نائب، في حين تم رفضه من قبل 17 آخرين، وامتنع 27 شخصًا عن التصويت، وكان وهناك أربعة أصوات فارغة.
البرلمان التركي 2001
إلى ذلك، فقد جرت أولى مباحثات التعديلات في 25 و 28 من شهر سبتمبر من العام نفسه، وفي الاستطلاع الخاص بالتعديل الدستوري رقم 4709 لعام 2001، و الذي تمت الموافقة عليه في 3 أكتوبر عام 2001، وفُعِّلَت هذه التعديلات بعد أن نُشِر في الصحيفة الرسمية في 17 أكتوبر عام 2001، وأُجري وفقًا (للقانون المُتعلِق بتغيير بعض مواد دستور الجمهورية التركية).
تعديلات الدستور في عام 2007
ولان الدستور العسكري بوضعه القديم لم يعد يواكب الوضع التي تطمح الجمهورية التركية الوصول إليه، أُجريت مجموعة من التعديلات الدستورية وعلي رأسها انتخاب الشعب لرئيس الجمهورية في تركيا، وعُرِضَت للاستفتاء الشعبي في يوم 12 أكتوبر عام 2007.
ومن التعديلات التي تم التصويت عليها (انتخاب الشعب لرئيس الجمهورية، وتمكين انتخاب نفس الشخص رئيسًا للجمهورية مرتين أي عشر سنوات فقط، وتقليل فترة العمل من سبعة أعوام إلى ستة، وإتمام انتخابات رئاسة الجمهورية في غضون ستين يومًا قبل انتهاء فترة العمل، وإجراء الانتخابات العامة كل أربع سنوات بدلًا من خمس، وانعقاد كافة جلسات مجلس الشعب بحضور 184 عضو أثناء فترة الانتخابات).
وفي النتائج، كانت نسبة رفض التعديلات 31.05% من الشعب أي رفضه 8744947 شخص بينما كانت نسبة الموافقة عليه 68.95% أي وافق عليها 19422714 شخص.
الاستفتاء الدستوري عام 2010
عبد الله غول وأردوغان
قدم رئيس الجمهورية التركية السابق عبد الله جول والقادم من حزب العدالة والتنمية الحاكم، مجموعة التعديلات الدستورية التي قبلها مجلس الشعب للتصويت الشعبي. وفي الاستطلاع كانت هناك تعديلات تنص على تضييق مهمة القضاء العسكري، وذلك من خلال الإشراف القضائي على القرارات النابعة من المجلس الأعلى للقضاة، ووكلاء النيابة ومجلس الشورى العسكري، وتأسيس هيئة إشراف عامة.
فكانت نتيجة التصويت الشعبي الذي أُجري في يوم 12 سبتمبر عام 2010، الموافقة على التعديلات بنسبة 57.93% ، بينما كانت نسبة الرفض 42.07%، وعندئذٍ تم تفعيلها.
استفتاء عام 2017
منذ وصول حزب العدالة والتنمية لسدة الحكم قبل نحو 13 عامًا، ظل قادته يؤكدون على ضرورة تغيير الدستور العسكري، والعمل على دستور تعديلات جذرية جديدة من خلال العملية السياسية على قدم وساق من أجل التوصل إلى التوافق مع الأحزاب السياسية البرلمانية لتغيير الدستور العسكري الذي أصبح لا يتوافق مع تركيا، التي أصبحت تنعم بمستوى جيد من المبادئ الديمقراطية والمدنية.
هناك إرادة واضحة لدى النظام التركي الحالي لتجاوز إرث دساتير الانقلابات العسكرية السابقة
وخلال العام الماضي، امتلك حزب العدالة والتنمية الحاكم (صاحب مشروع التعديلات) 316 صوتًا في البرلمان المكون من 550 عضوًا، وبمساعدة بعض أعضاء حزب الحركة القومية اليميني تم تمرير التعديلات الدستورية الجديدة على هذا النحو بعد جدل واسع في البرلمان.
حيث صوت حزب الشعب الجمهوري الكمالي ضد التعديلات المقترحة، رافضًا فكرة تغيير شكل نظام الحكم، في الوقت الذي قاطع فيه حزب الشعوب الديمقراطي الكردي التصويت بعد اعتقال عدد من نوابه في البرلمان على خلفية قضايا متعلقة بالإرهاب.
كان فشل انقلاب الـ15 من يوليو 2016 إيذانًا بإطلاق عملية التعديلات الدستورية الحالية التي كان يرتب لها حزب العدالة والتنمية منذ زمن، فهل يُمرر الدستور الجديد؟
وبعد هذه الخطوة من قبل البرلمان التركي، صادق الرئيس رجب طيب أردوغان على القانون المتعلق بالتعديلات الدستورية الخاصة بالتحوّل إلى النظام الرئاسي يوم الـ10 من فبراير الماضي، وأحاله إلى رئاسة الوزراء لطرحه للاستفتاء الذي من المنتظر أن يجري يوم 16 من أبريل المقبل.
إلى ذلك، فقد اعتمدت تركيا النظام الجمهوري سنة 1923، ووصفته بالنظام الديمقراطي العلماني، أما من وجهة نظر الحزب الحاكم الآن (العدالة والتنمية) فإن اقتراح التعديلات الدستورية الجديد يهدف إلى وضع نموذج جديد حيز التنفيذ من شأنه تعزيز الخصائص الأساسية للنظام الجمهوري بطريقة واضحة.
وعليه يقول متبنو التعديلات الجديدة إنها لا تهدف لتغيير السمات الأساسية للنظام الجمهوري، وإنما إعادة النظر في النظام الحكومي، وليس في النظام الجمهوري، كما أن هناك إرادة واضحة لدى النظام التركي الحالي لتجاوز إرث دساتير الانقلابات العسكرية السابقة، والتي يُعد الدستور بشكله الحالي أحد منتجاتها، حتى وإن طرأت عليه عدة تعديلات منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في العام 2002، لذا كان فشل انقلاب الـ15 من يوليو 2016 إيذانًا بإطلاق عملية التعديلات الدستورية الحالية التي كان يرتب لها حزب العدالة والتنمية منذ زمن، فهل يُمرر الدستور الجديد؟