أدى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان زيارة رسمية لدولة إيران هي الأولى من نوعها منذ توتر العلاقات بين البلدين بسبب انحياز تركيا إلى صف المعارضة السورية ودعم إيران لنظام بشار الأسد، حيث التقى أردوغان لأول مرة بالرئيس الإيراني حسن روحاني وبالمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي.
وقال التلفزيون الرسمي الإيراني أن الزيارة عملت على تعزيز العلاقات في مجالي التجارة والطاقة، كما أدت إلى تأسيس “المجلس الأعلی للتعاون السیاسي” بين البلدين، والذي سینعقد بالتناوب سنویاً في طهران وأنقرة، ویضم وزراء في الشؤون الاقتصادیة والسیاسیة والثقافیة في حكومتي البلدين.
أردوغان قال في تصريحات أذاعها التلفزيون الإيراني مترجمة إلى الفارسية: “اليوم أتيحت لنا فرصة جيدة لمراجعة علاقاتنا الثنائية”، مضيفا: “أود أن أذكر بصفة خاصة الاتفاق الذي وقعناه في مجال التجارة التفضيلية وأن أعبر عن ارتياحي له… معروف أننا نستورد من إيران النفط الخام والغاز وهما مصدران استراتيجيان للطاقة وسيكون بمقدورنا زيادة حجم هذه الواردات”.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم للصحفيين في طهران “دخلت علاقتنا مع تركيا مرحلة جديدة ونأمل أن يستمر هذا الاتجاه. فبجانب خدمة مصالح البلدين نأمل أن يخدم حوارنا مع تركيا المصالح الإقليمية أيضا”، مضيفة: “تتمتع إيران وتركيا باعتبارهما دولتين إسلاميتين جارتين بالكثير من القواسم المشتركة وفرص التعاون”.
وإذ تعتمد تركيا على الاستيراد لسد كل حاجتها تقريبا من الغاز الطبيعي، كما تبلغ تكاليف الطاقة حواليا 60 مليار دولار سنويا، قال مسؤول تركي كبير لوكالة رويترز أن وفد أردوغان طالب إيران بتقديم خصم على سعر الغاز الطبيعي، وهو ما أكده مسؤول إيراني كبير بقوله بأن المسألة “نوقشت لكن ستجرى مزيد من المحادثات بشأن موضوع الخصم. ولم يتخذ قرار في شأنها إلى الآن”.
وتتطلع تركيا إلى زيادة واردات النفط والغاز من طهران، خاصة بعد تخفيف العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة الإيراني الضخم عقب التوصل لاتفاق 24 نوفمبر تشرين الثاني بين إيران والقوى العالمية الكبرى الست في جنيف.
وقُدر حجم التبادل التجاري بين البلدين ب22 مليار دولار في عام 2012 عندما كانت إيران ثالث أكبر أسواق التصدير لدى تركيا، ثم تراجع إلى 20 مليار دولار في 2013 ومن المتوقع أن يصل إلى 30 مليار دولار في عام 2015، وحسب وسائل إعلام إيرانية فإن تركيا تصدر ما يزيد على 20 ألف منتج إلى إيران من بينها الذهب والفضة.
وبدوره، قال علي خامنئي أن “الأخوة والمحبة والصداقة الراهنة بین البلدی منقطعة النظیر خلال القرون الأخیرة”، مؤكداً خلال استقباله لأردوغان، في طهران أمس الأربعاء، أن: “الطاقات الواسعة لدی الجانبین تمثّل أرضیة مناسبة للمزید من تطویر العلاقات الثنائیة وتعمیقها”، مشيرا إلى “ضرورة جدیة طهران وأنقرة في تفعیل الاتفاقیات الموقّعة”، وإلى ضرورة “استثمار الفرص والامكانیات المتاحة بصورة صحیحة”.
وأما الرئیس الإیراني حسن روحاني فقد قال أن “العلاقات والصداقة بین الشعبین المسلمین الایراني والتركي تضمن العلاقات بین البلدین”، مشددا علی ضرورة “تقویة القطاع الخاص في مسار تنمیة التعاون الاقتصادي بین البلدین”، وعلى أن “إیران وتركیا یمكنهما تطویر العلاقات بینهما في جمیع القطاعات الاقتصادیة، ومن ضمنها بناء محطات الطاقة ومصافي النفط والتعاون الصناعي والنفطي والغازي”.
وكانت الولايات المتحدة قد عبرت قبل فترة عن استيائها لاستمرار التبادل التجاري بين إيران وحليفتها تركيا وتجاوزه لنظام العقوبات المسلطة على إيران، وقامت في هذا السياق بإدراج بعض الشركات التركية المشاركة في هذه التجارة على القائمة السوداء، كما قالت وسائل إعلام تركية أن وكيل وزارة الخزانة الأمريكية ديفيد كوهين زار تركيا قبيل زيارة أردوغان لإيران وحذر الحكومة التركية من التسرع في تحسين العلاقات التجارية والاقتصادية مع الجمهورية الإسلامية قبل إبرام اتفاق نووي نهائي.