في بادرة هي الثانية من نوعها خلال أربعة وعشرين ساعة، تلقى الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا، يوم الأربعاء، اتصالًا من ثالث نائب أمريكي.
قال جو ويلسون، رئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط و شمال إفريقيا في مجلس النواب الأمريكي، إنه يشعر بالفخر لأنه تحدّث بشكل مباشر مع الشيخ الهجري، مؤكدًا بأن الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، يدعمان موقفه ويتابعان عن كثب قيادته الشجاعة للحراك السلمي في السويداء.
ويوم الثلاثاء، أجرى النائب الأمريكي عن الحزب الديمقراطي، برندن بويل، اتصالًا هاتفيًا مع الشيخ الهجري، للحديث عن آخر التطورات في محافظة السويداء.
الكاتب والسياسي السوري المعارض ماهر شرف الدين، كشف أن بويل أشاد خلال الاتصال “بسلمية التظاهرات في السويداء”، ونقل عنه القول خلال الاتصال إنه “غير مستغرب من هذه السلمية، لأنه سبق أن اطلع على تعاليم الدروز الروحية التي تدعو إلى السلام والمحبة”.
اتصال بويل هو الثاني من نوعه الذي يتلقاه الشيخ الهجري، منذ اندلاع الاحتجاجات في جبل العرب جنوب سوريا، الذي يضم غالبية ساحقة من الدروز، ضد نظام بشار الأسد، فقد سبق أن أجرى السيناتور الجمهوري فريش هيل اتصالًا مماثلًا قبل ذلك بعشرة أيام.
يعد النائب بويل والسيناتور هيل من أشد المناهضين لنظام الأسد في الكونغرس الأمريكي، كما أنهما عرَّابا “قانون مكافحة الكبتاغون” الذي صدر بحق النظام ودخل حيز التنفيذ، بالإضافة إلى ترؤسهما مجموعة الكونغرس “Free Democratic and secure Syria caucus”.
#شاهد: كلمات هامة قالها الرئيس الروحي سماحة الشيخ حكمت الهجري، خلال استقباله وفوداً من المحتجين في دارته ببلدة قنوات، بعد نهاية مظاهرة ساحة الكرامة في مدينة السويداء الجمعة.#مظاهرات_السويداء pic.twitter.com/4pxXk8puP7
— السويداء 24 (@suwayda24) September 22, 2023
العلاقة بثورة 2011
هذه الاتصالات عززت البعد السياسي لحراك السويداء الذي دخل أسبوعه الخامس، وسط تزايد المنضمين إليه من أبناء الطائفة الدرزية التي وقف أغلبها على الحياد من الصراع المحتدم في سوريا، بين النظام والمعارضة على مدار السنوات الـ12 الماضية.
لكن إعلان اثنين من أبرز المرجعيات الدينية للطائفة، وهما الشيخ حكمت الهجري والشيخ يوسف الحناوي، دعمهما للنسخة الحاليّة من الحراك، حفز الغالبية من أبناء جبل العرب على الانضمام إليه.
ورغم أنها بدأت احتجاجًا على رفع أسعار الوقود وبسبب التضخم والغلاء، فإن البعد السياسي لهذه الانتفاضة كان واضحًا إلى حد كبير منذ اليوم الأول لانطلاقتها، فقد رفع المشاركون فيها لافتات تطالب بسقوط النظام، ورددوا هتافات مناوئة لبشار الأسد وحلفائه، إيران وحزب الله، وكذلك روسيا.
لكن إلى أي حد استقر هذا البعد مع تجاوز الحراك شهره الأول؟ وإلى أي مدى يمكن القول إن انتفاضة السويداء تجذرت بالفعل وقطعت بشكل نهائي مع النظام؟ وما الأهداف أو التطلعات النهائية لهذه الانتفاضة؟ وماذا عن الموقف من إيران وموقف إيران منها؟ وهل هناك حامل تنظيمي لها أم أن الحوامل والدوافع والأهداف شعبية محضة ولم تنتقل إلى مستوى التنظيم السياسي؟
يؤكد الكثير من ناشطي وسياسيي السويداء المعارضين للنظام أن ما يجري في المحافظة اليوم هو امتداد للثورة السورية التي انطلقت عام 2011، وأن مطالبها سياسية، حتى إن فجر شرارتها الهم الاقتصادي، مشددين على أنها مختلفة هذه المرة وقطعت مع النظام إلى غير رجعة.
الناشط السياسي وليد النبواني، وهو من أبناء محافظة السويداء، قال إن “الانتفاضة الحاليّة في السويداء جاءت استكمالًا لمسيرة الثورة السورية التي انطلقت قبل أكثر من 12 عامًا، حيث شارك الكثير من أبناء المحافظة فيها، وهو ما تجلى في حراك نقابات المحامين والمهندسين، وكذلك في انشقاق بعض الضباط الدروز وتشكيلهم كتائب في الجيش الحر، وعلى الصعيد الفني من ينسى أغاني سميح شقير الداعمة للثورة منذ يومها الأول؟”.
لكن أبناء المحافظة ووجهاءها أعادوا حساباتهم مع صعود الإسلام السياسي واتساع نفوذ التنظيمات السلفية المتشددة، كما يقول النبواني في حديثه لـ”نون بوست”، مضيفًا “جرى التوافق بين الفاعلين من أبناء ووجهاء الطائفة على تحييد السويداء خلال السنوات الماضية بسبب ذلك، حيث امتنع الشباب عن الالتحاق بالجيش كي لا يقاتلوا ضد أخوتهم بالوطن، بينما فضل الكثير منهم الهجرة، مع استمرار احتضان النازحين من المحافظات الأخرى، الهاربين من بطش النظام ومن الإرهاب”.
الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين سماحة الشيخ حكمت الهجري، والتأكيد على التمسك بسلمية الحراك الشعبي، وساحة الكرامة.#مظاهرات_السويداء pic.twitter.com/f54PQElZpW
— السويداء 24 (@suwayda24) September 18, 2023
ويتابع النبواني: “حاول أهالي السويداء جاهدين مجاراة الوضع الصعب الذين يعيشونه مثل كل أبناء سوريا، لكن سياسة التفقير وتفشي الفساد والتضييق السياسي والاجتماعي الذي مارسه النظام جعل النار قابلة للاشتعال بأي لحظة، خاصة أن السويداء تم استهدافها على نحو خاص بسلاح المخدرات وعصابات الخطف والسلب وغيرها من الأعمال القذرة التي كانت تشرف عليها إيران وعصابة حزب الله، لتأتي القرارت المجحفة برفع أسعار الوقود بنسبة 150% وتكون بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير”.
“فانتقض الشباب الذين لم يبق لديهم ما يخسروه من أجل المطالبة بحقوقهم، وهي حقوق كل الشعب السوري التي يكمن حلها الوحيد برحيل النظام وتطبيق القرارات الأممية، وهنا ساهم الدعم من الشيخ حكمت الهجري بتوسع الانتفاضة وتجذرها الذي تعزز بانضمام الشيخ حمود الحناوي لداعميها أيضًا”.
الموقف من إيران
تبدو الإشارة إلى إيران في حديث النبواني مهمة جدًا، إذ بدا لافتًا العداء الشديد في أوساط الحراك وشعاراته وهتافاته ضد نظام الملالي ودوره في سوريا.
وبينما يؤكد بعض ناشطي السويداء أن هذا الموقف سببه إيديولوجي ونابع من سياسات طهران التبشيرية، التي فاقمت المخاوف من نشر المذهب الشيعي الإثنى عشري في السويداء، يقول آخرون إن جوهر الأمر سلوك إيران في سوريا بشكل عام، وتركيزها على صنع عصابات الجريمة ونشر المخدرات في جنوب البلاد على وجه الخصوص.
يعتقد أهالي السويداء، أنه وبينما قصف النظام وحلفاؤه المناطق السنية المنتفضة في سوريا بالبراميل والأسلحة التقليدية، فقد قصفهم بـ”العصابات والمخدرات”، في إشارة إلى تشكيل ميليشيات محلية تابعة للحرس الثوري وحزب الله اللبناني، امتهنت الخطف والجريمة المنظمة وتجارة وتعاطي المخدرات التي انتشرت على يد هذه الميليشيات بشكل واسع في جنوب سوريا، ما استدعى تحركًا جمعيًا عام 2020 للقضاء على أغلبها بغطاء من المرجعية الدينية.
ن ساحة الكرامة، وأغنية تراثية: "ارحل يا بشار مع إيران وروسيا.. ما بدنا تجار يا صانع الكبتاغون". من مدينة #السويداء اليوم الخميس.#إضراب_السويداء pic.twitter.com/JqXVMFqT62
— السويداء 24 (@suwayda24) August 31, 2023
لكن بكل الأحوال، فإن الموقف السلبي من إيران هو إحدى السمات الغالبة على حراك السويداء، الأمر الذي يجعل أي تحرك إيراني ضد هذا الحراك متوقعًا.
لذلك تعتبر حادثة إطلاق النار من مبنى فرع حزب البعث في مدينة السويداء، التي استهدفت المتظاهرين في 13 سبتمبر/أيلول الحاليّ، نقطة تحول أخرى في حراك جبل العرب، برأي الكثيرين، توازي بأهميتها نقطة إعلان الشيخ الهجري دعمه للانتفاضة، بدليل إعلان الشيخ حمود الحناوي موقفًا متقدمًا في تأييده للمحتجين بعد التحفظ الذي أظهره قبل ذلك، ما ضاعف من أعداد المحتجين وزاد من حيوية المظاهرات.
الشيخ الحناوي والشيخ الهجري اتهما إيران و”حزب الله” اللبناني بالمسؤولية عن هذه الحادثة، وكان الهجري أكثر حدة في تهجمه على إيران التي وصفها بأنها “هي وميليشياتها قوة احتلال تعبث في سوريا”، مهددًا بإعلان الجهاد ضدها.
استهداف الوجود الإيراني في سوريا
هذا الموقف القوي من إيران الذي عبر عنه حراك السويداء ولا يزال، اعتبره الكثيرون دليلًا على صحة المعلومات التي تحدثت عن تنسيق بين القائمين على هذا الحراك وجهات محلية مرتبطة بالتحالف الدولي، والهدف هو الوجود الإيراني في سوريا.
ومنذ اليوم الأول لانتفاضة السويداء الحاليّة، ربط العديد من المحللين والمتابعين هذه الانتفاضة بالمشروع الأمريكي المفترض الذي يستهدف قطع طريق طهران بيروت عند نقطة البوكمال الحدودية بين سوريا والعراق.
ورغم نفي الولايات المتحدة المتكرر وجود مثل هذا المشروع، فإن مسؤولين إيرانيين وعراقيين، وكذلك قائد حزب الله حسن نصر الله، تحدثوا بشكل صريح عن تخوفهم من مثل هذا التوجه.
ومنذ ذلك الوقت يجري الحديث عن خطة أمريكية للتعاون بين ثلاثة أطراف محلية من أجل تنفيذ هذه الفكرة، وهذه الأطراف هي قوات سوريا الديمقراطية “قسد” و”جيش سوريا الحرة” الموجود في قاعدة التنف ومنطقة الـ”55 كيلومترًا” في البادية السورية، بالإضافة إلى قوات محلية من السويداء.
لم يسجل أي نفي رسمي من قيادة ومنظمي الحراك لهذه المعلومات والتحليلات، وهذا التجاهل الذي مارسته حتى المرجعيات الدينية المؤيدة للمحتجين بدا لافتًا أيضًا، إذ رأى فيه البعض موقفًا سياسيًا ذكيًا يترك الأمر غامضًا عن عمد، بهدف الإبقاء على حالة القلق لدى النظام وحلفائه، دون تبنٍ رسمي للأمر الذي قد لا يكون جديًا بالفعل، هذا من جهة.
كما أن هناك من لا يثق بالولايات المتحدة، ويفضل عدم التورط في أي من مشاريعها أو خططها التي قد تتخلى عنها بأي لحظة، ما يترك شركاءها عرضة للانتقام، وهي نقطة جديرة بالاهتمام من جهة أخرى.
الصحفي نورس عزيز، وهو من السويداء، معارض للنظام ومقيم في فرنسا، يؤكد أنه فيما يتعلق بالحديث عن خطة أمريكية لضرب طرق إمدادات إيران في سوريا، وتنسيق بين قسد والدروز من أجل ذلك، مجرد حديث مرسل حتى الآن، ويقول في حديثه لـ”نون بوست”: “بشكل رسمي ليس هناك أي شيء على أرض الواقع، وأعتقد أن المشروع قد يكون من بنات أفكار حزب اللواء السوري”.
وحزب اللواء تأسس في فرنسا أيضًا على يد مجموعة من الدروز السوريين المعارضين للنظام، وأبرزهم الإعلامي مالك أبو الخير، حيث شكل الحزب جناحًا عسكريًا له يعمل قي ريف السويداء الشرقي، ويقول إنه يتلقى دعمًا من قوات التحالف المتمركزة في قاعدة التنف، من أجل مواجهة الاحتلال الإيراني وعصابات المخدرات في جبل العرب.
لكن رغم هذه الأهداف المعلنة، فإن الحزب ورئيسه ظلا مثار جدل، ولم يتمكنا حتى اليوم من إقناع الكثيرين ببرنامج الحزب المعلن، إذ يتخوف أبناء المحافظة من ارتباطه بـ”إسرائيل”، كما يأخذون عليه استقطاب مقاتلين سابقين في الأمن العسكري ليكونوا عماد جناحه المسلح.
أسباب العداء لإيران
ما سبب هذا العداء القوي والمعلن إذًا بين أهالي السويداء وإيران؟
يرجع الصحفي عزيز هذا الموقف إلى ثلاثة أسباب رئيسية، إحدها إيدولوجي والثاني يتعلق بسلوك إيران والثالث سياسي.
فيما يخص السبب الإيديولوجي، يذكّر عزيز بأن الشيعة بشكل عام يعتبرون أن انشقاق الموحدين الدروز عن الدولة الفاطمية، بعد وفاة الخليفة الحاكم بأمر الله، أضعف الدولة الشيعية، ومنذ ذلك اليوم والشيعة يحملون موقفًا شديد العداء ضد الدروز، إلى حد أنه لا يمكن أن تجدهم متجاورين حتى على صعيد التجمعات السكنية، وعليه فمن الطبيعي أن الموقف مشحون على هذا النحو اليوم.
أما عن السبب الذي يتعلق بسلوك إيران فيقول: “عملت طهران على نشر التشيع في جبل العرب، من خلال مجموعات محلية تمكنت من استتباعها، وبدأت العمل على ذلك تحت شعار التقارب الشيعي الدرزي، الأمر الذي أثار ردة فعل قوية من أبناء الطائفة، ورغم فشل هذا المشروع التبشيري، ترك ندوبًا لا يمكن محوها في العلاقة بينهم وبين كل ما يتعلق بإيران، وقد ضاعف من ذلك قيام الحرس الثوري وحزب الله بنشر المخدرات وتشكيل ميليشيات ارتكبت جرائم كبيرة في الجبل، الأمر الذي جعل الكل يرى في إيران قوة فساد”.
أما السبب الثالث، فهو سياسي بالتأكيد، كما يقول عزيز، الذي يضيف بهذا الصدد “إلى جانب الموقف المبدأي من إيران باعتبارها قوة إفساد، كما أسماها الشيخ الهجري، بسبب ما ارتكبته في عموم الأراضي السورية منذ عام 2011، فإن الغالبية العظمى كانت وما زالت ترى في الوجود الإيراني بسوريا احتلالًا يجب خروجه، لذلك تنظر طهران إلى حراك المحافظة ومنظميه ومرجعياته الدينية والاجتماعية باعتبارهم أعداءً”.
الحامل السياسي للحراك
واقع بالمجمل يقود إلى نقطة في غاية الأهمية، وهي عدم وجود عنوان سياسي يمثل حراك السويداء، رغم بعض الطروحات التي سبق أن ظهرت لكنها لم تكن محل توافق حتى الآن كما يبدو.
فقد سبق أن تعرض إعلان حزب اللواء، وشركاء آخرين له في السويداء، نيتهم الدعوة لتشكيل هيئة سياسية ومدنية في المحافظة، لانتقادات واسعة، بل وهجوم عنيف أيضًا، الأمر الذي دفع آخرين يؤمنون بضرورة القيام بهذه الخطوة باعتبارها “حتمية” إلى التريث بمناقشتها أو التمهيد لها قبل طرحها مجددًا، بينما كشفت مصادر خاصة لـ”نون بوست” عن منح المرجعية الدينية في المحافظة الضوء الأخضر لتشكيل جسم سياسي يمثل الحراك.
استمرار الانتفاضة ورفعها شعارات حاسمة ضد هذا النظام ورئيسه، والدعم القوي الذي حظيت به من أهم المرجعيات الدينية لطائفة الموحدين الدروز، جعل حتى أكثر المتحفظين يعبر عن تفاؤله بها وتأييده الكامل للتعامل معها كامتداد لثورة عام 2011
وبالفعل يؤكد الصحفي نورس عزيز أهمية أن يكون لحراك السويداء معبر سياسي يتحدث باسمه ويطرح أفكاره ويكون جاهزًا لأي تطورات، مشيرًا إلى أنه “منذ البداية كان هناك توجه نحو ذلك، وتم وضع أفكار وتصورات لتأسيس عنوان سياسي يمثل أهالي السويداء بعد انطلاقة انتفاضتهم الحاليّة، لكن دخول بعض الجهات التي حاولت ركوب موجة الحراك واستغلاله على الخط، أربك القائمين على الفكرة ودفعهم لتأجيلها”.
ويضيف: “المعبّر السياسي يجب أن يخرج من الحراك نفسه، فنحن لدينا إدارة تنظيمية لهذا الحراك على درجة كافية من الوعي وتستطيع أن تختار من يمثل الناس في ساحة الكرامة، وهذا ما يتم العمل عليه بالتنسيق مع المرجعية الدينية وشخصيات سياسية من أبناء المحافظة”.
السويداء تعتبر كل من نظام الأسد وحزب البعث قد سقطا بالفعل، وما تريده اليوم هو تطبيق القرار 2254، وهو ما يعني التغيير السياسي الكامل
عزيز يرى أن مثل هذه الخطوة مهمة جدًا “لأنه بعد ما يقارب الأربعين يومًا على انطلاقة الانتفاضة، بات من الواجب أن تكون هناك هوية واضحة للحراك وأهداف سياسية معلنة، بالتنسيق بين الناشطين السياسيين والمرجعية الدينية والقوى المدنية والاجتماعية في جبل العرب” كما يقول.
الموقف من النظام: قطع نهائي أم انتظار؟
إلى جانب الأسباب التي ذكرها الصحفي نورس عزيز، وأدت إلى التأخر في تشكيل واجهة سياسية لحراك السويداء حتى الآن، تعتبر الرغبة في الحفاظ على تماسك هذا الحراك والمشاركة الواسعة والشاملة فيه، سببًا آخر مهمًا في ذلك.
وعلى غرار السبب الذي دفع الحراك لتبني راية الطائفة الدرزية، تجنبًا لأي انقسامات في حال رفع العلم الرسمي أو علم الثورة، يفضل البعض تجنب الانتقال إلى المعبّر السياسي، بسبب عدم اتفاق كل المنخرطين في هذا الحراك على مواقف موحدة، خصوصًا تجاه النظام وقوى المعارضة.
وبينما يؤكد عزيز أن تجربة الائتلاف الوطني المعارض كانت سببًا في تخوف أبناء السويداء من تشكيل جهة سياسية تمثلهم، خشية تكرار التجربة نفسها، حيث سيطرت الانقسامات والصراعات والمصالح الضيقة على هذه المؤسسة، فإنه يؤكد في الوقت نفسه وضوح وصلابة الموقف من النظام ومستقبل سوريا السياسي بالنسبة للحراك.
شدد عزيز على أن “السويداء تعتبر كل من نظام الأسد وحزب البعث قد سقطا بالفعل، وما تريده اليوم هو تطبيق القرار 2254، وهو ما يعني التغيير السياسي الكامل بما يلبي تطلعات الثورة والشعب السوري”.
عاجل: إزالة صورة كبيرة عمرها عشرات السنين لحافظ الأسد من مدخل بلدة قنوات في ريف #السويداء، وسيتم تعليق صورة لطائر حمام يرمز إلى السلام مكانها، وصورة ثانية لقائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش، يوم غد الجمعة، قبيل انطلاق أهالي قنوات إلى مظاهرة ساحة الكرامة في السويداء.… pic.twitter.com/xmCCpoMJld
— السويداء 24 (@suwayda24) September 21, 2023
ويختم “من المهم أن نلاحظ الإصرار على إزالة صور الأسدين الأب والابن من كل مكان في المحافظة التي باتت في طريقها لإلغاء أي دور لحزب البعث وشبيبته ومنظماته الأخرى، وإلغاء كل رموزه، وهو دليل قطع صريح وكامل مع هذا النظام”.
رغم التردد الذي قوبل به حراك السويداء الحاليّ من فئة من المعارضة السورية لحظة انطلاقه، بسبب التخوف من توقفه بعد أيام قليلة كما حدث في المرات السابقة، أو نتيجة انخراط مجموعات من الدروز في ميليشيات الشبيحة والدفاع الوطني التي أنشأها النظام لمواجهة الثورة ضده، فإن استمرار الانتفاضة ورفعها شعارات حاسمة ضد هذا النظام ورئيسه، والدعم القوي الذي حظيت به من أهم المرجعيات الدينية لطائفة الموحدين الدروز، جعل حتى أكثر المتحفظين يعبر عن تفاؤله بها وتأييده الكامل للتعامل معها كامتداد لثورة عام 2011، على أمل أن تكون بمثابة الضربة القاضية التي تسقط النظام وتضع حدًا للكارثة السورية التي تسبب بها.