أعلنت الخارجية الإيرانية، أمس، تأجيل زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى الجزائر المقررة في الثاني عشر من الشهر الحاليّ، ولئن ربطت الوزارة التأجيل باحتفالات رأس السنة الفارسية، عيد النيروز، فإن عديد من المراقبين، أرجعوا السبب الحقيقي للتأجيل إلى تردي صحة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي احتفل الخميس الماضي بعيد ميلاده الثمانين وإلى الضغوط والانتقادات الكبيرة التي وجهتها الطبقة السياسية والشارع الجزائري لهذه الزيارة.
كما حصل مع ميركل
كما حصل مع الزيارة التي كانت مقررة للمستشارة الألمانية آنجيلا ميركل، أعلن تأجيل زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى الجزائر المقررة في الثاني عشر من الشهر الحالي، وفي فبراير الماضي، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية (أرنا) تصريحات للسفير الإيراني في الجزائر، رضا عامري، خلال احتفالات الذكرى الـ38 لانتصار الثورة الإسلامية، بالعاصمة الجزائر، وقال إن سفارته تعمل على تنظيم برنامج لزيارة الرئيس حسن روحاني إلى الجزائر في أقرب الآجال، فضلاً عن زيارة وفد كبير لعقد اتفاقيات في مجالات الطاقة والتجارة والثقافة.
المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل
وقال قاسمي في مؤتمر صحفي إن الجولة المرتقبة لروحاني إلى ثلاث دول إفريقية، هي الجزائر وأوغندا وجنوب إفريقيا، لن تمرّ في موعدها المقرّر بسبب “عدم توّفر التمهيدات اللازمة”، مشيرًا إلى أن الرئاسة ستعلن موعد الزيارة في موعد قريب.
قبل تأجيل زيارة روحاني إلى الجزائر، انتشر في عديد من المواقع والمؤسسات الإعلامية خبر يفيد وفاة الرئيس بوتفليقة، سرعان ما تم نفيه ووضعه في خانة الإشاعات التي ما فتئت تلاحق الرئيس منذ انتشار خبر مرضه منذ سنوات.
قضى بوتفليقة في نوفمبر الماضي 2016 أسبوعًا بعيادة في غرونوبل (جنوب شرق فرنسا) حيث يعمل طبيبه المختص في أمراض القلب جاك مونسيغيو
ولئن عزت الرئاسة الجزائرية في بيان لها سبب إرجاء زيارة ميركل لما وصفته بالتعذر المؤقت لرئيس الجمهورية بسبب التهاب حاد بالشعب الهوائية، فإن السلطات الجزائرية لم تقدّم في هذه المرة أسباب التأجيل، وكان بوتفليقة قضى في نوفمبر الماضي 2016 أسبوعًا بعيادة في غرونوبل (جنوب شرق فرنسا) حيث يعمل طبيبه المختص في أمراض القلب جاك مونسيغيو.
صحة بوتفليقة مصدر قلق للجزائريين
في كل مرة تسوء فيها صحة الرئيس بوتفليقة الذي يحكم البلاد منذ عام 1999 يعود الحديث عن قدرته على تسيير البلاد، ولم يخاطب بوتفليقة شعبه منذ مايو 2012 عندما تعهد بمغادرة الحكم في 2014، ومنذ ذلك الحين، كان ظهوره نادرًا جدًا، في المناسبات الوطنية أو عند استقبال مسؤولين أجانب، وإن كان التليفزيون الحكومي يذكره يوميًا في نشراته الرئيسية، من خلال الرسائل التي يتلقاها والكلمات المنسوبة إليه والتي يتلوها مستشاره محمد علي بوغازي.
ويعاني بوتفليقة منذ عشر سنوات من نكسات صحية متتالية اضطرته للبقاء فترات طويلة في المستشفى، ففي سنة 2005، أصيب بقرحة معدية استدعت عملية جراحية في مستشفى فال دوغراس، ثم تردد مرارًا على مستشفيات فرنسية وسويسرية، وأحيانًا عند اشتداد المرض، يُنقل إلى مؤسسة “زانفاليد الوطنية” المتخصصة في الاهتمام بالحالات الصعبة، وكان يتم إعلان بعض هذه الزيارات القصيرة، فيما بقي بعضها الآخر سريًا، قبل أن يصاب في 2013 بجلطة دماغيّة أثّرت على بعض وظائفه وأقعدته على الكرسي المتنقل، وغيّبته عن مخاطبة شعبه وممارسة مهامه أمام كاميرات الإعلام إلا في الضرورة القصوى، ولا تشاهده الجماهير عادة إلا في مقاطع فيديو قصيرة يبثها التليفزيون الرسمي خلال استقباله مسؤولين أجانب يزورون البلاد في مقره الرئاسي.
كثيرًا ما تطالب المعارضة الجزائرية بتفعيل المادة 88 من الدستور الجزائري التي تُلزم المجلس الدستوري الجزائري بإعلان “شغور منصب الرئيس”
ويسافر بوتفليقة دوريًا إلى مستشفيات فرنسية، خاصة مجمع غرونوبل الصحّي لمتابعة فحوصاته الطبية، حتّى إن طبيبه المباشر جاك مونسيغو المتخصص في القلب والذي كان يعمل سابقًا في المستشفى العسكري في فال دو غراس بباريس بات يعمل في مجمع غرونوبل الذي أقام فيه بوتفليقة في عديد من المرات.
وكثيرًا ما تطالب المعارضة الجزائرية بتفعيل المادة 88 من الدستور الجزائري التي تُلزم المجلس الدستوري الجزائري بإعلان “شغور منصب الرئيس” بفعل وفاة أو مرض رئيس الجمهورية الجزائرية، وهو المطلب الذي يعتبره أنصار عبد العزيز بوتفليقة تعدّيًا على إرادة الشعب الجزائري الذي انتخبه لعهدة رابعة شهر أبريل 2014 رغم علمه بحالته الصحية.
الحملة الشعبية تعطي أكلها
إلى جانب ذلك، أرجع مراقبون، أن سبب تأجيل زيارة روحاني إلى الجزائر يكمن في الرفض الشعبي له، وفي هذا الشأن كتب الإعلامي أنور مالك، تغريدة على موقعه الشخصي في تويتر جاء فيها، كان هدف حملة #لا_لروحاني_في_الجزائر واضحًا وقد تم #الغاء_زياره_روحاني_للجزاير بفضل الله فلا تهم أسباب #إيران المهم أن رئيسها لن يزور الجزائر“.
كان هدف حملة #لا_لروحاني_في_الجزاير واضحا وقد تم #الغاء_زياره_روحاني_للجزاير بفضل الله فلا تهم أسباب #إيران المهم أن رئيسها لن يزور الجزائر
— أنور مالك (@anwarmalek) March 6, 2017
وكان مالك قد قاد في الـ9 من فبراير الماضي، صحبة نشطاء حملة على مواقع التواصل الاجتماعي – تويتر وفيسبوك – رفضًا لزيارة روحاني إلى الجزائر من خلال هاشتاغ #لا_لروحاني_في_الجزائر، الذي لاقى انتشارًا كبيرًا في صفوف الجزائريين والعرب.
وأرجع الجزائريون سبب رفضهم زيارة روحاني لبلادهم، إلى الدور المشبوه لإيران في المنطقة العربية والإسلامية والذي زادت خطورته مع تدخلها في سوريا والعراق واليمن، كما لا يخفي الجزائريون خشيتهم من التحركات الإيرانية في بلادهم بغية نشر “المذهب الشيعي” فيه، في وقت تزايد الحديث فيه عن حركة مشبوهة تقوم بها بعض الجهات المرتبطة بإيران في نشر التشيع بشكل سري في الجزائر.
وسبق لرئيس الجزائر، عبد العزيز بوتفليقة، أن زار العاصمة الإيرانية طهران مرتين منذ انتخابه رئيسًا للجزائر عام 1999، كما زار 3 رؤساء إيرانيين الجزائر فيما مضى، فضلاً عن زيارات متبادلة بين وزراء البلدين.