يتجه البرلمان الموريتاني إلى المصادقة على التعديلات الدستورية التي أفرزها الحوار الوطني الأخير، رغم معارضة العديد من الأحزاب لها وتوعدهم بالتصدي لهذه التعديلات إن تم إقرارها، مما يمكن أن يدخل البلاد في أزمة.
انطلاق جلسة البرلمان
نواب البرلمان بدأوا، أمس الثلاثاء، أول جلسة لمناقشة التعديل الدستوري الذي أسفر عنه الحوار الوطني الذي نُظِم العام الماضي وقاطعته المعارضة التقليدية، وكان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز قد استدعى يوم الأربعاء الماضي دورة برلمانية استثنائية لمناقشة التعديلات الدستورية والمصادقة عليها، قبل استدعاء مؤتمر برلماني للتصويت عليها.
تقول الأغلبية الحاكمة إن مشروع التعديلات الدستورية يهدف إلى تقريب الإدارة من المواطن ودعم التنمية المحلية
وشهدت موريتانيا في شهر أكتوبر 2016، تنظيم حوار وطني شارك فيه نحو 600 شخص ممثلين عن عدد من الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية وبعض هيئات المجتمع المدني، فيما قاطعه منتدى المعارضة الذي يضم 14 حزبًا سياسيًا وهيئات نقابية ومنظمات مجتمع مدني، بالإضافة إلى حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يقوده زعيم المعارضة السابق أحمد ولد داداه، وانسحب منه في منتصف الطريق التحالف الشعبي بقيادة مسعود ولد بلخير.
أفرز الحوار الوطني تعديلات رفضتها العديد من الأحزاب
وأفرز الحوار عدة مقترحات لتعديل الدستور منها إلغاء مجلس الشيوخ واستبداله بمجالس محلية (مجالس جهوية منتخبة)، بالإضافة إلى الاتفاق على تنظيم انتخابات برلمانية وبلدية مبكرة وتغيير علم البلاد ونشيده وإجراء استفتاء دستوري بشأن تعديلات دستورية قبل نهاية العام الحالي، تقول الأغلبية الحاكمة إن مشروع التعديلات الدستورية يهدف إلى تقريب الإدارة من المواطن ودعم التنمية المحلية وتكريس الحياة الديمقراطية وتكريس قيم المواطنة.
المعارضة تتعهد بالتصدي لتمرير التعديلات
انطلاق جلسة البرلمان، تزامن مع تجمهر العشرات من أنصار المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة (أكبر ائتلاف معارض في البلاد)، في ساحة قريبة من الجمعية الوطنية، منددين بما أسموه العبث بهوية الدولة الموريتانية ورموزها، وطالبوا النواب برفضها، ورفع المحتجون لافتات ترفض التعديلات الدستورية، ورددوا شعارات تؤكد رفضهم القوي لتغيير العلم والنشيد الوطنيين، مشككين في شرعية البرلمان الذي يناقش هذه التعديلات، حسب تقارير إعلامية.
ما فتئت المعارضة تقول إن تعديل الدستور لا يمكن أن يتم إلا في ظرف سياسي طبيعي
ويصف قادة المعارضة الموريتانية مخرجات الحوار بأنها هزيلة، وتتجاهل مطالب الشعب الذي يعاني من الغلاء وسوء الأوضاع الاقتصادية، وتشن أحزاب المعارضة منذ أيام حملة في الأسواق والأحياء الشعبية وصلت حد طرق أبواب البيوت من أجل التعبئة ضد التعديلات التي يتم بمقتضاها تغيير كلمات النشيد الوطني، وألوان علم البلاد، وإلغاء مجلس الشيوخ وهو إحدى غرف البرلمان، ويريد الرئيس الموريتاني مكان مجلس الشيوخ إنشاء مجالس إقليمية يقول البعض إنها تشكل خطرًا على وحدة البلاد.
تعتبر المعارضة الموريتانية التعديلات الدستورية مساسًا بالدولة
ويسعى نظام الرئيس الموريتاني إلى ضمان تمرير التعديلات دون استفتاء شعبي، ويسمح القانون للرئيس بالاختيار بين الاستفتاء والمؤتمر البرلماني الذي يضم أعضاء الغرفتين مجتمعيتين، وتتجه الأوضاع في موريتانيا إلى مزيد من التأزم بين النظام الحاكم والمعارضة، بعد تجديد الأخيرة، أمس الثلاثاء، رفضها لتعديل الدستور الذي ينوي النظام إجراءه مطلع العام المقبل، وقالت المعارضة إن تعديل الدستور لا يمكن أن يتم إلا في ظرف سياسي طبيعي.