منهم من ينعتها بركلات الحظ! ومنهم من يعتبرها عنوانًا للمعاناة وحرق الأعصاب، ولكنّ الجميع يتّفق على أنّها مصدرٌ إضافيٌّ للإثارة والتشويق في عالم السّاحرة المستديرة، إنّها ركلات الجزاء، التي تزايدت أهمّيتها بتطوّر كرة القدم، بحيث لم تعد مجرّد تسديداتٍ يمكن أن تصيب أو تخيب، بل أصبح لها حساباتها وأسرارها التي تعدّ جزءًا لا يتجزّأ من اللعبة.
وهو ما سنتعرّف عليه من خلال عددٍ من الأسئلة والإجابات، التي تشرح قوانين وماهيّة تلك الركلات، وتستعرض أبرز نجومها وأخصّائييها في الماضي والحاضر، كما تتطرّق إلى أهمّ البطولات والألقاب، التي لعبت ركلات الجزاء دورًا حاسمًا في تحديد وجهتها:
ما تعريف ركلة الجزاء في قانون كرة القدم؟
نقطة ضربة الجزاء تبعد عن المرمى 36 قدمًا أي حوالي 11 مترًا
هي إحدى الركلات الحرّة المباشرة، التي يعلن عنها حكم المباراة كعقوبةٍ للفريق الذي يرتكب أحد لاعبيه مخالفةً داخل منطقة جزاء فريقه، وتُنفّذ الركلة من نقطة الجزاء التي تبعد عن المرمى مسافة 36 قدمًا، أي ما يعادل 11 مترًا تقريبًا، ويشترط أثناء تنفيذ الركلة عدم وجود أي لاعبٍ من الفريقين داخل منطقة الجزاء – باستثناء مسدّد الركلة وحارس المرمى، كما يشترط تنفيذ الركلة بلمسةٍ واحدةٍ نحو الأمام من قبل اللاعب المسدّد، الذي يمكنه التمرير لزميله أيضًا.
أمّا حارس المرمى فيشترط عدم تقدّمه عن خطّ مرماه قبل تنفيذ الركلة، مع جواز تحرّكه عرضًا في حدود مرماه، ويحقّ للحكم إعادة تنفيذ الركلة عند ضياعها، إذا خالف حارس المرمى أو أحد زملائه الشروط، أمّا عند مخالفة الشروط من قبل اللاعب المسدّد أو أحد زملائه، فتعاد الركلة فقط في حال دخولها المرمى، ويمكن للاعب المسدّد أو أحد زملائه متابعة الكرة، في حال ارتدادها من الحارس أو أخشاب المرمى.
ما هي الأخطاء ال10؟
لمسة اليد المتعمّدة من الأخطاء ال10 التي تستوجب الإعلان عن ركلة جزاء
وهي مجموعة المخالفات التي يرتكبها لاعبو الفريق الأوّل داخل منطقة جزائهم، والتي تستدعي إعلان الحكم عن ركلة جزاءٍ للفريق الثاني، وعددها 10:
1-ركل أو محاولة ركل لاعبي الخصم
2-إعاقة الخصم عن الوصول للكرة عن طريق الجسم
3-القفز بالاعتماد على جسم الخصم
4-الانقضاض العنيف نحو جسم الخصم
5-ضرب أو محاولة ضرب الخصم بكرةٍ أو بدون كرة
6-دفع الخصم لإفقاده توازنه
7-إصابة قدم الخصم قبل الكرة في حال ممارسة الضغط عليه
8-مسك الخصم أو سحبه من قميصه
9-ملامسة قدم الخصم قبل الكرة أثناء الانزلاق
10-اللمس المتعمّد للكرة باليدّ لغير حارس المرمى
لماذا وُجدت ركلات الجزاء الترجيحيّة، وما الفريق بينها وبين ركلات الجزاء العاديّة؟
طريقة وقوف اللاعبين أثناء ركلات الجزاء الترجيحيّة
هي طريقةٌ وُجدت لحسم التعادل بين الفريقين في الأدوار الإقصائيّة، بعد نهاية الوقتين الأصلي والإضافي للمباراة، وذلك بمنح 5 ركلات جزاءٍ لكلّ فريق، يتم تنفيذها بالتناوب، على أن تُحدّد القرعة التي يجريها الحكم بالعملة المعدنيّة، ماهية الفريق الذي سيبدأ بالتنفيذ أوّلًا، وفي حال استمرار التعادل بعد نهاية الركلات ال10، يتمّ التمديد ركلةً بركلة حتّى يفوز أحد الفريقين.
وتنطبق على ركلات الترجيح نفس الشروط التي تنطبق على ركلات الجزاء العاديّة، باستثناء وقوف جميع لاعبي الفريقين في خط المنتصف، وعدم جواز متابعة الكرة بعد ارتدادها، كما تُحتسب ركلات الجزاء العاديّة ضمن النتيجة النهائيّة للمباراة، فيما يُشار إلى نتيجة ركلات الترجيح بجانب نتيجة المباراة الأصليّة، دون احتساب أهدافها وهدّافيها.
متى ظهرت ركلات الجزاء والركلات الترجيحيّة؟؟
ركلة الجزاء الشهيرة للتشيكي بانينكا في نهائي يورو 1976
بالنسبة لركلات الجزاء العاديّة، فهي موجودةٌ منذ ظهور كرة القدم بقوانينها الحاليّة في نهاية القرن ال19، حيث قام البريطانيّون بنقلها عن لعبة الرجبيّ، وجرى اعتمادها رسميًّا في الدّوري الإنجليزيّ اعتبارًا من عام 1891، أمّا ركلات الترجيح، فلم تكن معروفةً قبل سبعينيّات القرن الماضي، حيث كان يُلجأ للقرعة أو إعادة المباريات عند انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل.
ولكنّ أحد الحكام الماليزيين قام بطرح الفكرة أمام لجنة الحكام الدّوليّة عام 1970، حيث تمّت تجربتها في بعض بطولات الفئات السّنيّة، قبل أن يتم اعتمادها رسميًّا في جميع بطولات الاتّحاد الدّولي والاتّحادات القارّية بدءًا من عام 1976، حيث شهدت مباراة نهائي بطولة أمم أوروبّا، لجوء منتخبي ألمانيا وتشيكوسلوفاكيا لركلات الترجيح لحسم التعادل، وحينها تفوّق التشيكوسلوفاكيّون بقيادة نجمهم أنتونين بانينكا، الذي سدّد الركلة الأخيرة بطريقةٍ مذهلةٍ حقّقت اللقب لبلاده.
ما الدّور الذي لعبته ركلات الترجيح في كأس العالم؟
ركلات الجزاء الترجيحيّة أهدت إيطاليا لقب كأس العالم عام 2006
رغم أنّها اعتُمدت في مونديال عام 1978، إلّا أن أوّل لجوءٍ إليها كان خلال مباراة نصف نهائيّ مونديال إسبانيا عام 1982، حيث فازت بموجبها ألمانيا على فرنسا وصعدت إلى المباراة النهائيّة، وعمومًا ظهرت الركلات الترجيحيّة في نهائيّات كأس العالم 26 مرّةً منذ ذلك التاريخ، وحُسمت من خلالها مباراتان نهائيّتان، فازت في أولهما البرازيل على إيطاليا وحققت لقب كأس العالم عام 1994، فيما ردّت إيطاليا اعتبارها بعد 12 عامًا، بالفوز على فرنسا بنفس الطريقة، وتحقيق لقب كأس العالم عام 2006.
6- كيف غيّرت ضربات الترجيح تاريخ الشامبيونز ليغ؟
ركلات الترجيح أهدت ريال مدريد لقبه الأخير في الشامبيونز ليغ عام 2016
11 مرّةً، هو عدد النهائيّات التي حسمت من خلال ركلات الجزاء الترجيحيّة، عبر تاريخ البطولة العالميّة الأقوى على صعيد الأندية، دوري أبطال أوروبّا، حيث أهدت اللقب لليفربول على حساب روما في نهائيّ عام 1984، وتكرّر الأمر مع شتيوا بخارست عام 1986، وآيندهوفن عام 1988، وريد ستار عام 1991، ويوفنتوس عام 1996، وبايرن ميونيخ عام 2001، وأس ميلان عام 2003، وليفربول مجدّدًا عام 2005، ومانشستر يونايتد عام 2008، وتشيلسي عام 2012، وأخيرًا ريال مدريد الذي حقّق لقب الموسم الماضي على حساب جاره أتليتكو مدريد.
7- مَن أبرز اللاعبين المختصّين في تسديد ركلات الجزاء؟ وما هيّ ميّزاتهم؟
الإنجليزي ألان شيرر.. أحد أبرز أخصائيي ركلات الجزاء
تتطلّب ركلات الجزاء عدّة عوامل نفسيّةً وفنّية، يجب أن تتوفّر في اللاعب حتّى يصبح من المختصّين بتنفيذها، أهمّها الهدوء والتركيز ودقّة التسديدات، وهو ما كان يتوفّر لدى العديد من نجوم الأمس، كالإنجليزيّ آلان شيرر، وموطنيه غاري لينيكر ومات لوتيسيه، والفرنسيّ زين الدّين زيدان، والإيطاليين روبيرتو باجيو وأليساندرو ديل بييرو، إضافةً للألمانيّ أندرياس بريمة الذي سجّل هدف منتخبه الوحيد من ركلة جزاء خلال نهائيّ مونديال 1990، والبرازيليّ كارلوس دونغا الذي سدّد ركلة الجزاء الحاسمة التي أهدت بلاده لقب مونديال 1994.
أمّا من نجوم اليوم، فيعتبر البرتغالي كريستيانو رونالدو، والسويديّ زلاتان إبراهيموفيتش، والإيطاليّان فرانشيسكو توتي وماريو بالوتيللي، أبرز المختصّين في تسديد ركلات الجزاء.
ما دور حرّاس المرمى؟ ومن أبرز المختصّين بالتصدّي لركلات الجزاء؟
تصدّيات الحارس الروماني هيلموت دوكادام خلال نهائي الشامبيونز ليغ 1986
رغم صعوبة مهمّة التصدّي لركلات الجزاء من قبل حرّاس المرمى، إلّا أن بعض العوامل يمكن أن تزيد من فرصتهم في ذلك، أهمّها التركيز والحدس السليم ودراسة طريقة تسديد لاعبي الخصم مسبقًا، فضلًا عن سرعة ردّ الفعل واتّخاذ القرار، وهي صفاتٌ توفّرت في عدّة حرّاسٍ على امتداد التاريخ الكروي، أشهرهم الأسطورة السوفييتيّ ليف ياشين، والآرجنتينيّ سيرجيو غويكوتشيا، والبولندي جيرزي دوديك، والإيطاليّ فرانشيسكو تولدو، والألمانيّ ينس ليمان، إضافةً إلى الحارس الرومانيّ المغمور هيلموت دودكام، الذي أبهر العالم بتصدّيه ل4 ركلاتٍ ترجيحيّةٍ من أصل 4، قاد من خلالها فريقه شتيوا بخارست لحمل لقب دوري أبطال أوروبّا على حساب برشلونة عام 1986.
ومن حرّاس اليوم، يعتبر الإسبانيّ إيكر كاسياس، إلى جانب البرازيليّ دييغو ألفيش، والسلوفينيّ سمير هاندانوفيتش، والهولندي ميشيل فوروم، أبرز المختصّين بالتصدّي لركلات الجزاء.
ما أبرز ركلات الجزاء الضائعة في تاريخ الكرة؟
ركلة جزاء روبيرتو باجيو الضائعة التي أهدت البرازيل لقب كأس العالم 1994
رغم أن فرصة تسجيل ركلة الجزاء تفوق بكثيرٍ فرصة إهدارها، إلّا أنّ بعض النجوم وقعوا ضحيّة الضغط النفسيّ المفرط أثناء تنفيذ الركلات الحاسمة، فأهدروها بغرابة، وأضاعوا على فرقهم فرصة الفوز، ولعلّ أشهر تلك الركلات الضائعة، تلك التي سدّدها النجم الإيطاليّ روبيرتو باجيو فوق المرمى خلال نهائيّ كأس العالم عام 1994، وأخرى تعثّر قائد تشيلسي الإنجليزيّ جون تيري قبل تنفيذها خلال نهائيّ دوري أبطال أوروبّا عام 2008، وقبله أضاع نجم ميلان الأوكرانيّ أندريه شيفشينكو ركلةً حاسمةً خلال نهائيّ عام 2005، كما أهدر النجم الآرجنتيني الأسطوريّ ليو ميسي عدّة ركلات جزاءٍ خلال مسيرته، أشهرها أمام تشيلي خلال نهائيّ كوبا أمريكا الماضي عام 2016.
ولكن يبقى مواطنه مارتن باليرمو صاحب السجلّ الأسوأ في هذا المجال، إذ يذكر التاريخ أنّه أهدر 3 ركلات جزاءٍ خلال مباراة واحدة! وذلك خلال مباراة منتخبه الآرجنتيني أمام كولومبيا في كوبا أمريكا عام 1999.