لماذا تُعتبر مواقع التواصل الاجتماعي “تقليدية”؟

ترجمة وتحرير نون بوست
في العصر الحالي، من النادر أن تغيب علامة تجارية ما عن منصّات التواصل الاجتماعي. في المقابل، تعجز العديد من الشركات عن توظيف هذه المواقع بشكل فعال. وفي هذا السياق، أشارت دراسة قامت بها شركة “سنسيس”، التي تُعنى بخدمات التسويق للشركات الأسترالية، إلى أن حوالي 69 بالمائة من الأستراليين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، في حين أن ما يقارب 49 بالمائة فقط من الشركات الصغرى والمتوسطة تسعى لفرض وجودها على هذه المنصات مقارنة بنحو 79 بالمائة من الشركات الكبرى الحاضرة بقوة. في الأثناء، يبقى السؤال المطروح؛ “لماذا يعجز عدد لا بأس به من الشركات عن توظيف مواقع التواصل الاجتماعي بنجاعة على الرغم من أهميتها كأداة تجارية؟”.
يتوق جميع العملاء والزبائن إلى المحتويات العاطفية والتي تترك أثرا في أنفسهم، وهو ما يمكن الشركات من اتخاذ قرارات ذكية
في الماضي القريب، كان هناك تباين كبير بين وجهات النظر عند المقارنة بين مواقع الإعلام التقليدية ومواقع التواصل الاجتماعي الجديدة. وفي هذا الإطار، لا تأخذ العلامات التجارية، التي تفضل الوسائل التقليدية، مواقع التواصل الاجتماعي على محمل الجد، متغافلة بذلك عن قيمتها كأداة تجارية مهمة، وذلك وفقا اما صرح به الكاتب، أندرس سورمان نيلسون، لموقع هافينغتون بوست في نسخته الأسترالية.
علاوة على ذلك، بيّن سورمان نيلسون، أنه “لا بد أن تدرك الشركات، أكثر من أي وقت مضى، أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت بمثابة مواقع تقليدية. في الحقيقة، تم اختصار جزء كبير من علاقة الزبون بالممثل التجاري للشركة بفضل العنصر الرقمي. بالتالي، أصبحت مواقع التواصل مع الزبائن ضرورية للغاية، مما يجعل الشركات مطالبة بتصميم مواقع مميزة على الإنترنت للاستفادة منها وتسهيل عملها”.
أندرس سورمان نيلسون، “يجب أن تدرك الشركات أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت بمثابة مواقع تقليدية، أكثر من أي وقت مضى”
في السياق ذاته، بيّنت خبيرة التسويق، فلور فيلمر، أنه “من الخطأ تخصيص ميزانيات متفاوتة للأسواق الرقمية والتقليدية. في هذه الحالة، لا يجب خلق انقسام في سياسة الشركة من خلال إرساء جبهتين متضادتين بين ما هو رقمي وما هو تقليدي، إذ أن على الاثنين العمل جنبا إلى جنب بسلاسة. وبالتالي، فإن مدير التسويق مطالب بالإشراف على جميع قنوات التسويق والحرص على تكاملها مع الأخذ بعين الاعتبار جميع الجوانب المتعلقة بذلك”.
لا بد أن تدرك الشركات، أكثر من أي وقت مضى، أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت بمثابة مواقع تقليدية
وأضافت فيلمر أنه “قبل عقدين من الزمن، لم تكن الشركات توزع ميزانية التسويق بين مواقع الإعلام المطبوعة، والمرئية، والمسموعة، إذ لطالما كانت هذه المواقع متكاملة مكوّنة بذلك مزيجا تسويقيا بأكمله. ونظرا إلى أن التكنولوجيا الرقمية جزء لا يتجزأ من حياتنا، فقد أصبح التسويق الرقمي يمثل عنصرا إضافيا لا يمكن فصله أو اعتباره قناة تسويق مستقلة”.
فضلا عن ذلك، ترى فيلمر أن”الميزانية المخصصة للتسويق يجب أن تشمل جميع عناصر المزيج التسويقي التي لها صلة وثيقة بالعمل. وفي حال كانت الشركة تأخذ التسويق على محمل الجد، فستقوم بتوظيف كل الأدوات المتاحة التي لها علاقة بالسوق المُستهدف”. في المقابل، يعمل خبراء التسويق، في أغلب الأحيان، إلى إقناع الشركات بأخذ مواقع التواصل الاجتماعي على محمل الجد، حتى لا يتخلفوا عن الركب.
فلور فيلمر، “يجب أن تشمل الميزانية المخصصة للتسويق جميع عناصر المزيج التسويقي التي لها صلة وثيقة بالعمل”
من ناحية أخرى، تحذر فيلمر من الخطورة التي تشكلها بعض المفاهيم الخاطئة، حيث تعتمد العديد من الشركات على أفكار خاطئة على غرار “الجميع متواجد على مواقع التواصل الاجتماعي، إذا لا بد لنا من استخدامها أيضا”، أو “هذه المواقع مجانية، لهذا السبب فهي تمثل طريقة سهلة لجذب المزيد من الزبائن والعملاء بأقل تكلفة”.
وتعليقا على هذه المفاهيم تقول فيلمر، أن “الأمر لن يطول قبل أن تصطدم هذه الشركات بالواقع لأن مكانتها على مواقع التواصل الاجتماعي سرعان ما ستصل إلى مراتب متدنية. في الواقع، يكمن السبب وراء فشل الشركات أساسا في سوء فهمها لاستراتيجية التسويق الخاصة بها. وفي ظل غياب الاستراتيجية التي تتضمن الأدوات الضرورية “لمخاطبة” السوق المُستهدفة، ستكتشف هذه الشركات أن تواجدها على منصات التواصل الاجتماعي قد ألحق بها ضررا جسيما بدل أن يعود عليها بالنفع”.
من الخطأ تخصيص ميزانيات متفاوتة للأسواق الرقمية والتقليدية. في هذه الحالة، لا يجب خلق انقسام في سياسة الشركة من خلال إرساء جبهتين متضادتين بين ما هو رقمي وما هو تقليدي، إذ أن على الاثنين العمل جنبا إلى جنب بسلاسة
من جهة أخرى، تُنصح الشركات بإيلاء مواقع التواصل الاجتماعي نفس القدر من الأهمية الذي توليه للمواقع التقليدية بطريقة منظمة. ويشدّد أندرس سورمان نيلسون على ضرورة عدم التغافل عن العنصر البشري في استجابة الشركات لمتطلبات السوق. وأضاف سورمان نيلسون، أن “الأمر لا يخلو من إتباع نظام معين بالإضافة إلى الانضباط والتحلي بالقليل من الجرأة، إذ أن الشركات تستطيع الاعتماد على تطبيقات عديدة مثل “هابسبوت”، و”هوتسوت”، و”بافر” بهدف جدولة التغريدات وتحديث المستجدات، فضلا عن ترويج المدونات بصفة دورية”.
لتحقيق النجاح على مواقع التواصل الاجتماعي لا بد من اتباع نظام معين بالإضافة إلى الانضباط والتحلي بالقليل من الجرأة
ومن هذا المنطلق، يقدّم سورمان نيلسون مجموعة من النصائح، لعل أبرزها هو أن مفتاح النجاح يتمثل في توظيف العنصر الإنساني مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية المحتوى، فضلا عن أن الصورة تعادل ألف كلمة.
علاوة على ذلك، تتربع مقاطع الفيديو على عرش آليات التسويق، نظرا لأن توزيعها يشهد انتشارا واسعا، خاصة وأنها تعادل1000 صورة. من جهة أخرى، يُعد اندثار الراديو أمرا مستبعدا، حيث تلجأ العديد من الشركات إلى البث الصوتي الحي لمن هم في حركة دائمة. في الحقيقة، يعجز هذا النوع من الأشخاص عن متابعة كل ما هو مرئي بشكل دائم، فيميلون إلى تفضيل الاستماع لكل ما هو ملهم من مناقشات ومقابلات.
بالإضافة إلى ذلك، يتوق جميع العملاء والزبائن إلى المحتويات العاطفية والتي تترك أثرا في أنفسهم، وهو ما يمكن الشركات من اتخاذ قرارات ذكية. وبناء على هذه المعطيات، من الضروري أن تترسخ مبادئ مواقع التواصل الاجتماعي في وعي العملاء لتجعلهم أكثر التزاما وحكمة في اتخاذ القرارات. كنتيجة لذلك، لابد من توظيف جميع مواقع التسويق التقليدية والرقمية المكملة لبعضها البعض لمزيد كسب ولاء الحرفاء.